أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سنان أحمد حقّي - من هو الشاعر ؟















المزيد.....

من هو الشاعر ؟


سنان أحمد حقّي

الحوار المتمدن-العدد: 3609 - 2012 / 1 / 16 - 13:07
المحور: الادب والفن
    


من هو الشاعر؟
لا أدري ولا أعرف من له الحق أو الصلاحيّة أن يطلق صفة شاعر على من يكتبون الشعر!
أحيانا كثيرة نقرأ شيئا من الشعر مما نستطيع أن نقول عنه أنه مما لا بأس به أو الذي نسمع بكاتبه أوّل مرّة ونقرأ توقيع قائله بصفتة الشاعر فلان ويقدّم أحدهم نفسه فيقول الشاعر فلان أو علاّن حتّى ولو لم نسمع به ولم نتعرّف على شعره وطبعا الشعر والشعراء ليسوا كالأطباء أو المهندسين أو الزراعيين أو المعلمين أو الصحفيين فهم لا يتخرّجون في جامعات متخصّصة بتخريج الشعراءليحوزوا فور تخرّجهم على لقب شاعر والحقيقة أنه قد يكتب أحدهم الشعر مدّة طويلة من حياته ولكنّه لا يبلغ صفة الشاعر ولا يتّفق الأدباء والنقاد على أنه شاعر، إذا من هو الشاعر؟
أجد من وجهة نظر شخصيّة أن الشاعر يجب أن يكون هو الشخص الذي يتعامل مع الحياة ومختلف شؤونها بأداة رئيسة واحدة هي الشعر ، قد تكون له أدوات أخرى ولكنها تكون ثانويّة فهو يتعامل مع أغراض الحياة المتعددة بالشعر أوّلا ًمع أنه ربما يكون كاتبا جيدا أو قاصّا أو طبيبا أو فنّانا أو سياسيا إلى جانب أداة صناعته الأساسيّة وهي الشعر ولكن أداته الرئيسة تبقى هي الأولى فالمتنبّي عالج مختلف شئون الحياة مثل الحبّ والسياسة والغربة والإمارة والقتال والفروسيّة بالشعر أوّلاً ولم يتكلّم( المقصود هنا الكتابة الفنيّة والأدبيّة) بغير الشعر إلاّ ما ندر وكذلك فعل البحتري وأبو نؤاس وابن الرومي وشعراء الجاهليّة بل استمرّ الأمر إلى يومنا هذا فنجد أن الجواهري نفسه رغم ممارسته الصحافة والسياسة وتقلّد المناصب المختلفة ألاّ أنه تعامل مع الحياة والسياسة والأمور العامّة والتفاعل مع المؤتمرات الأدبيّة والفكريّة والحزبيّة والنقابيّة والتعامل مع الملوك والأمراء والزعماء ومشاركة الناس أفراحهم وأتراحهم كل هذا بالشعر ، نعم له نثر جميل ومميّز جدا ولكنه لا يُعدّ أداته لممارسة الحياة بطولها وعرضها وكذلك فعل الرصافي فبالرغم من ممارسته السياسة وتقلّد المناصب العامّة حيث عمل محافظا( متصرّف) كما سبق له أن كان عضومجلس المبعوثان النيابي ومجلس الأعيان العراقي وغيره كثير ولكن قصائده هي التي يعوّل عليها في معرفة مواقفه المختلفة أكثر من الخطب والمقالات
ونفس الشئ ينطبق بحال أو أخرى على الشعراء المحدثين من أمثال بدر شاكر السياب ونازك الملائكة ومحمود البريكان وبلند الحيدري ونزار قباني وصلاح عبد الصبور وأحمد معطي حجازي والبياتي وغيرهم ولحد الساعة
ولا أجد أن من كتب بضعة أبيات أو قصائد مهما كانت جيدة ومبهرة من الشعراء للسبب نفسه حيث أن لبعضهم هؤلاء أدوات أكثر رئيسية لممارسة الحياة وتقديم فكرهم من خلالها .
وقد فعل المفكرون والأدباء الأوربيون نفس الأمر فقد قدّم جان بول سارتر آراءه الفلسفيّة من خلال الأدب أي الروايات والمسرحيات وليس عن طريق كتب البحث الفلسفي ولذلك يعتبره النقاد أديبا في حين لا نعتبر على نفس المستوى أن الفيلسوف نيتشة أديبا لأنه قدّم فكره الفلسفي بأسلوب البحث وليس الأدب وهكذا مع أبي العلاء المعرّي الذي قدّم أفكاره الفلسفيّة من خلال الشعر فكان شاعرا لأن أداته الرئيسة كانت هي الشعر رغم أنه فيلسوف لا يُشقّ له غبار ومن المؤكّد أن الجواهري سياسي قدّم نفسه كسياسي من خلال الشعر فكان شاعرا لأن أدواته كانت الشعر حتّى في السياسة
أمّا أولئك الذين تكون لهم أدوات رئيسة غالبة في أشكال أخرى من المباني الإبداعيّة أو الفكريّة أو العلميّة ولا تكون أدوات الشعر هي الأدوات الرئيسة كما قلنا فهم ليسوا شعراء حتّى لو كتبوا شعرا جميلا ورائعا، فقد كتب أو قال الشعر عدد من المفكرين أو الحكام أو الخلفاء أو أرباب الصناعات الأخرى ولكننا لا نستطيع أن نعدّهم شعراء حتّى لو ملؤوا الأرض شعرا فالعبرة كما أرى بالأداة الرئيسة كما ذكرنافالأستاذ علي الشوك أديبٌ بالتأكيد لأنه يقدّم علومه إلينا بأداة الأدب وليس بأدوات العلم وليس البحث ولكن الأستاذ محمود العبطة رجل قضاء لأنه وإن كتب عدد من النصوص الأدبيّة فإنه لم يقدّم لنا القانون والقضاء بأدوات الأدب بل ربما فعل العكس أحيانا فنراه قاضيا حتّى من خلال نصوصه الأدبيّة لأنها مكتوبه بأدوات القاضي وليس الأديب وهكذا الأمر بالنسبة لكثير من رجال الدين وعلماء الإجتماع فبالرغم مما قدّمه الأستاذ الدكتور علي الوردي من معلومات وتحليلات شغلت مختلف الأوساط الفكريّة ألاّ أنه ليس كاتبا بل هو عالم قدّم لنا معلومات علميّة بأدوات العالم والباحث وليس بأدوات الأدب كما يفعل سارتر أو سيمون ديبوفوار وهو لا يهمّه الأسلوب أو شكل النص المكتوب لأنه عالم وليس أديب أبداً وكذلك هي أطاريح الدرجات العلميّة فهي لا تمتّ للأدب بصلة ويسميها بعضهم بالأدبيات العلمية أو السياسية أو الإجتماعية وهكذا.
وبالرغم من أن نجيب حنكش وضع ألحان أغنية فيروز الشهيرة ( أعطني الناي وغنّي) وهي للأديب والشاعر الكبير جبران خليل جبران وألألحان التي وضعها غاية في الجمال بل أن كثيرين لا يصدّقون أن واضع تلك الألحان الرائعة هو نجيب حنكش الذي كان يواصل كتابة عموده القصير في بعض الصحف بعنوان حنكشيات وله مقالات ساخرة كثيرة وحكايات طريفة لا توحي أنه ذلك الموسيقي البارع ولكننا لا نستطيع أن نضعه مع الملحنين لأن أداته الرئيسة في الحياة هي الكتابة والصحافة وليست الموسيقى وكذلك الأمر مع الفنان المبدع المحبوب فيلمون وهبة الذي يشترك في عدد من المسرحيات بأدوار ساخرة وكوميديّة وله حركات رشيقة رغم ضخامته وله طرائف لا تُحصى وهي محبّبة للجمهور ولكن أحدا لا يصدّق أنه واضع ألحان الأغنية الوطنيّة ( يا عروس المجد سيري ) للشاعر عمر أبو ريشة والتي تغنّيها المطربة المعتزلة سلوى مدحت ، فيلمون وهبة يضع ألحان أغنية وطنيّة ؟ هذا شئ لا يصدّق طبعا والأغنية اشتهرت وذاعت في مختلف الأوساط ولكننا لا نقول أن فيلمون وهبة موسيقي وملحّن للأغاني الوطنيّة رغم أنه قدّم ألحانا أخرى للسيدة فيروز أيضا ولكن أدواته الأساسيّة تظلّ هي المسرح والمسرح الغنائي والألحان ذات طابع السهل الممتنع وقد أستطيع أن أضرب للقارئ الكريم عددا كبيرا من الأمثلة ولكنني أختمها بالإستشهاد بما لديّ عن نفسي فبالرغم من أنني أكتب كثيرا من المقالات في عدد متنوّع من الآداب والفنون والعلوم وأكتب أحيانا الشعر ولكنني لا أعدّ نفسي شاعرا لأن أداتي الأساسيّة في ممارسة الحياة بشكل عام هي الثقافة العامّة والشأن العام وليس بأدوات الشاعر فقط.
لا نخطئ حين نقول أو نقدّم محمد مهدي الجواهري شاعرا أو الرصافي أو بد شاكر السياب أو بلند الحيدري أو نازك الملائكة ولكن الأساتذة الذين نسمع بهم لأول مرّة أو لعاشر مرّة فليسمحوا لنا أن ننتظر لنرى بعد مشوار لهم آخرغير قصير كيف سيتعاملون مع الحياة ؟ وبأي أدوات ؟بصورة رئيسة؟ سواء في الأفراح أو الأحزان أو الحب أو السياسة أو الفن أو الغضب أو السأم أو غيرها، حينذاك سنكتشف من هو الذي كان شاعرا ومن هو الذي كان شيئا آخر! فالمسيرة الطويلة هي التي ستكشف ماذا ستخرج هذه البيضة؟ أدجاجة ً نقّاقةً أم ديكا صيّاحا؟







#سنان_أحمد_حقّي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مثقفون و مثقفون..!
- رسائل ..
- المنطق الجدلي والنظريّة الفلسفيّة..!
- تعقيبا على مقال لا أغلبيّة في العراق!
- حول بابل ومسار التاريخ ومقال الأستاذ وليد مهدي !
- النمو الحضري بين النظريات والدوافع..!
- عودة إلى الهزّات الأرضيّة !
- لمحات وتأملات مع مقال الأستاذ وليد مهدي في البحث عن ملكوت ال ...
- مهدي محمد علي..توأم روحي!
- هل تلعب الجامعة العربية دورا جديدا .. !؟
- تحكيم المباني ضد الزلازل من الجوانب التصميميّة !
- من سمات القيادة المقتدرة!
- تأملات تقدّميّة في ثورات الربيع العربي
- العيافة والقيافة والفراسة والطيرة...وغيرها من طبائع العرب
- أضواء على زوايا من علم الفلسفة الأساسي ( المنطق)!
- شنو؟.. لعد تردونها طول العمر؟
- من وراء الربيع العربي
- مسافرٌ زادهُ الخيالُ
- الذائقة العروضيّة وبحور بلا حدود!
- أفارسيٌّ أم عربيٌّ هو ؟ أم هو خليج البصرة!


المزيد.....




- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سنان أحمد حقّي - من هو الشاعر ؟