|
النص الدينى والتفسيرات المتعددة
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 3575 - 2011 / 12 / 13 - 17:41
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
فى كتابه (موقف القرآن من خصومه) تأليف د.عمرعبدالرحمن يرى أنّ التفسيرالصحيح للآيات الواردة فى سورة التوبة بشأن المشركين وأهل الكتاب ، هو الموقف النهائى للقرآن مـــن غيرالمسلمين ، وبالتالى يرى أنّ المسلمين مأمورون بأنْ يحاربوا العالم أجمع حتى يدين كــــــل الناس بالإسلام أو أنْ يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون . بينما يرى دعاة (تجديد الفكرالدينى) غيرذلك ومن بينهم أ. محمد شبل الذى كتب " نفهم سورة التوبة ونفهم الغرض منها ، وهـــــو ليس إكراه المشركين على الإسلام ، وإنما تأديب الناكثين منهم بالعهود وإجبارهم على الالتـــــزام بعقود الأمان . وتبقى آيات السلام والعفومحكمة لانسخ فيها . ودعا د. عمرعبدالرحمن فى كتابه المذكوربعاليه إلى قتال أهل الكتاب حتى يدفعوا الجزية ، بالتطبيق لنص الآية رقم 29 من ســــــــورة التوبة ، لكن أ. محمد شبل يرى أنّ ذلك مناقض لقوله تعالى " لا إكراه فى الدين " . إنّ اختلاف وجهات النظرفى تفسيرالقرآن ، يطرح مشكلة ( الاختلاف على أرضية واحدة ) فإذا كان د. عبدالرحمن أصوليًا يدعو إلى العنف وفرض الجزية على المسيحييــــــن أو قتالهم ، وإذا كان أ. محمد شبل يرى غيرذلك ، فإنّ المتأمل لحيثيات دفاع كل منهما ، يلاحـــــظ أنّ الإثنين يستندان إلى مرجعية واحدة ، هى المرجعية الدينية . وهنا يكون السؤال المشــــروع : أيهما أصدق فى دفاعه ؟ هل نغلق عيوننا ومداركنا عن الأول لمجرد أنه مفتى الإرهاب ؟ وهل نقتنع بكلام الثانى لمجرد أنه من فريق المجددين الآملين فى سلام اجتماعى بين أبناء الشعب الواحد ؟ يؤكد ما أذهب إليه أنّ كتاب د. عمرعبدالرحمن المشارإليه ، كان موضوع رسالته لنيــــل درجة الدكتوراة المجازة من جامعة الأزهر، أى أنّ المشرفين على رسالة الدكتــــــــــــــــــوراة متخصصون فى الإسلام ؟ فهل نصف الدكاترة الذين أجازوا الرسالة بالإرهابيين ، مثلهم فـــــــى ذلك مثل صاحب الرسالة ؟ وإذا كان تخصصهم هو الإسلام ( ديانة وتاريخًا ) فكيف غاب عنهـــم تأويل وتفسير واجتهاد أ. محمد شبل وأمثاله من تياريُطلق على نفسه (تجديد الفكرالدينى) ؟ ويؤكد ما أذهب إليه أيضًا أنّ مفكرًا كبيرًا مثل الراحل الجليل أ. خليل عبدالكريم كتب عـــــن بداية الدعوة الإسلامية أنه " كما تغيّّرتْ الأفعال ، تغيّرتْ النصوص المقدسة وتبدّلت لهجتهـــــا ، فبعد أنْ كانت تنص على " لكم دينكم ولى دين " أصبحتْ " إنّ الدين عند الله الإسلام " ، " ومــن يبتغ غيرالإسلام دينًا فلن يُقبل منه " ( وكذلك ) تحوّلتْ النصوص ، سواء بالنسبة إلــــــــــى العرب الذين لم يتابعوا محمدًا (ص) على دينه ( أى الكفار والمشركين ) أو إلى أهل الكتاب مـــن اليهود والنصارى إلى أفق آخرمباين تمامًا للأفق الأول : فبالنسبة للفئة الأولى : " واقتلوهم حيث ثقفتموهم " أى وجدتموهم ( البقرة / 191 ) و " فإذا انسلخ الأشهرالحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد " ( التوبة / 5 ) وهـــى الآية المعروفة ب ( آية السيف ) والتى يرى كثيرمن ثقاة مفسرى القرآن أنها جبّت آيات المسالمة والصفح والعفو . وأنّ القتل يتعين أنْ يلحق حتى بمن وقع أسيرًا فى أيدى المسلمين . والشــــــق الأخير طبّقه محمد بن عبدالوهاب إمام الحركة الوهابية فى الجزيرة العربية فى القرن الثامـــــــن عشر الميلادى . فكان يأمربقتل الأسرى حتى ولو كانوا مسلمين ، ماداموا لم يتابعوه على رأيه . وعمومًا فإنّ هذا التفسيرلآية السيف بأكمله هو الذى تتبناه الجماعات الأصولية الإسلاميــــــــــة المتطرفة فى مصر والجزائرعلى وجه الخصوص " . ويواصل أ. خليل عبدالكريم قائلا " أما بالنسبة لليهود والنصارى ( فإنّ الآيات القرآنيـــــــة ورد بها ) : " ولا تؤمنوا إلاّ لمن تبع دينكم " ( آل عمران / 73 ) ، " ولن ترضى عنك اليهــود ولا النصارى حتى تتبع ملّتهم " ( البقرة / 120 ) ولكن أبلغها فى الدلالة على ما نذهب إليـــــــه ( الكلام للأستاذ خليل ) فى هذه الخصوصية الآية المعروفة ب آية الجزية ( التوبة / 29 ) والذى يقرأ إصدارات الجماعات الأصولية الإسلامية المتشددة فى مصر يتأكّد أنها ترى أنّ قتال أهـــــل الكتاب الذى ورد بهذه الآية أمرإلهى ماض إلى يوم القيامة ، ولم يرد ما ينسخه ، ومن ثم فيتعيّن على المسلمين إنفاذه ولا يكفوا عنه إلاّ فى حالتين : أ – أنْ يعتنق اليهود والنصارى الإســـــــلام . ب – أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون . ويرفض الأصوليون بشدة التأويلات التى يعمد إليها بعض المستنيرين من الإسلاميين للتخفيف من صرامة الآية . ويعتبرون أنّ ذلـــــــك تخاذلا بل كفرًا لأنه حكم بغير ما أنزل الله " ( الإسلام بين الدولة الدينية والدولة المدنية – سينــــا للنشر – 1995 ص 51 ، 52) . واذا كنتُ أقدّرللأستاذ محمد شبل ولغيره من ( المجددين ) حُسن النوايا ، فإننى أرجوهـــــــم مراجعة التاريخ الإسلامى . والاستفادة من بعض دروسه ، مثلما حدث مع الرسول عندما كان يناقش جماعة يخالفونه فى الرأى ، وكان يحاول إقناعهم بنصوص من القرآن . وهنا تدخّــل على بن أبى طالب وقال للرسول قولته الشهيرة البليغة والبالغة الدلالة " لاتحاجهم بالقرآن فــــإنّ القرآن حمال أوجه " أى أنّ الإمام على ( كرّم الله وجهه ) ينصح الرسول الكريم بأنْ تكـــــــــون مرجعيته فى الحديث مع مخالفيه مرجعية أخرى غيرالقرآن . ولعل ذلك ما جعل الرسول ومن منطلق نظرته الواقعية الثاقبة ، أنْ ينصح ( بُريده) أحد قادته فى إحدى الغزوات قائلا " إذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أنْ تنزل على حكم الله فلا تُنزلهم على حكم الله ولكن أنزلهم علــى حكمك " ( المستشارمحمد سعيد العشماوى– الإسلام السياسى سينا للنشر1987ص117، 160 ) فهل يُعيد فريق ( المجددين ) النظرفى منهجهم ، وأنْ تكون المرجعية للعقل وليســــــــــــــت المرجعية الدينية ، خاصة وأنّ كل السجالات التى تمت على مدارالتاريخ ، أثبتتْ هزيمـــــــــــــة المجددين وانتصارالأصوليين ، وأنّ من يستشهد بآية يكون الرد عليه بآية نقيضة ؟ لماذا لاتكون مرجعيتنا للعقل وقبلتنا للوطن ( مصر ) وأنْ نتمسك بشعارأجدادنا ثوار 1919 " الدين للـــــــــه والوطن لكل المصريين " ولا نخشى إدعاءات الأصوليين الذين كفّروا أجدادنا واعتبروا أنّ التأكيد على أنّ الوطن لكل المصريين ( وثنية ) ؟ *******
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العالمانية والاستقرارالاجتماعى
-
هل يؤمن الأصوليون الإسلاميون بالديموقراطية
-
مأزق السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل
-
الأدب واتعبيرعن التغيرات الاجتماعية
-
لاتُصالح ودوائرالثأرالجهنمية
-
كفيل مصرى لأى خليجى فى مصر
-
رد بأن مقالى عن اللغة القبطية
-
المشروع الفكرى للراحل الجليل بيومى قنديل
-
سيناريو مُتخيّل عن استقالة شيخ الأزهر والمفتى
-
قوى التقدم وقانون التغير الكيفى
-
اذا كان المسيحيون مواطنين فلماذا الكتابة عن الجزية
-
إرهاصات العالمانية فى مصر
-
الحب والظلال للمبدعة إيزابيل اللندى
-
الحرام بين النظرة الأحادية وتعدد المنظور
-
الأدب التراثى وأنظمة الحكم وجهان لمنظومة واحدة
-
جدل العلاقة بين البؤس الاجتماعى والميتافيزيقا
-
دستور يحكم الثقافة ويحمى المثقفين
-
عقاب الطغاة بين دولة القانون وقانون الغابة
-
انعكاسات الحرب والدمار على أهل الهوى
-
الفلسطينيون بين العرب والإسرائيليين
المزيد.....
-
المقاومة الإسلامية بالعراق تستهدف ميناء عسقلان المحتل
-
المقاومة الإسلامية بالعراق تقصف قاعدة -نيفاتيم- الصهيونية+في
...
-
أبسطي صغارك بأغاني البيبي..ثبتها اليوم تردد قناة طيور الجنة
...
-
لولو صارت شرطيه ياولاد .. تردد قناة طيور الجنة 2024 الجديد ع
...
-
-المقاومة الإسلامية في العراق-: استهدفنا ميناء عسقلان النفطي
...
-
بن غفير يعلن تأسيس أول سرية من اليهود الحريديم في شرطة حرس ا
...
-
“ابسطي طفلك” تردد قناة طيور الجنة الجديد على نايل سات وعرب س
...
-
سوناك يدعو لحماية الطلاب اليهود بالجامعات ووقف معاداة السامي
...
-
هل يتسبّب -الإسلاميون- الأتراك في إنهاء حقبة أردوغان؟!
-
-المسلمون في أمريكا-.. كيف تتحدى هذه الصور المفاهيم الخاطئة
...
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|