أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - دستور يحكم الثقافة ويحمى المثقفين















المزيد.....

دستور يحكم الثقافة ويحمى المثقفين


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 3533 - 2011 / 11 / 1 - 16:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


دساتيرالعالم تُكتبْ لضبط العلاقة بين نظام الحكم والجماهير، التى تكون حريتها الهدف الأسمى. فما هوسبب صدورمشروع (الدستورالثقافى المصرى) ؟ تنطق الإجابة فى مرآة التاريخ الثقافى لمصرمنذ يوليو52، إذْ انقسم المثقفون إلى ثلاثة فرق : فريق مؤيد ومُبررلأخطاء الحاكم الفرد ، وله الحظوة والانتشار، الثانى الناقد من منظورحضارى يرى الثقافة رافعة للنهضة. الثالث فريق الحياد السلبى الذى تنعكس سلبيته لصالح منظومة الحكم.
مشروع (الدستورالثقافى المصرى) اشترك فى كتابته أربعة مُبدعين : الفنان والناقد عزالدين نجيب ، الشاعررفعت سلام ، المخرج المسرحى أحمد إسماعيل ، الروائى حمدى الجزار.
يُخصّص المشروع بابًا ل (الحرية) إذْ لامعنى للوجود بلا حرية. والحرية لاتتحقق إلاّبتحرير العقل ، وبالتالى لابد أنْ يحمى الدستورالعام هذه الحرية ، بحيث لايتضمن ما يُناقضها أوينتقص منها ، وبما يتفق مع مواثيق حقوق الإنسان الدولية. وإنهاء سطوة المصادرة والوصاية. والإعتداء المادى والمعنوى على حرية الرأى جريمة يُعاقب عليها مُرتكبها. والرقابة على الثقافة أداة قمع (= نفى للحرية) وبالتالى لابد من إلغاء الرقابة. والحرية إذْ تهزم الخوف ترفض قهرالفكر. وفى باب (دورالمثقف) إنه الضميرالحى لشعبه. أى أنه- كما فى التعريفات العلمية- الطليعة الروحية لشعبه. فضميره النابض بحب شعبه يدفعه لفضح كل أشكال الزيف والخداع وتزويروتزويق الواقع. والطليعة الروحية لاتوجد إلاّعند المؤمنين ب (استقلال المثقف) الاستقلال سلاحه وهوينتقد ويُوجّه المؤسسات الثقافية المختلفة. ويعصمه من التبريرأوالصمت أوالتواطؤ. بهذا المدخل ينص المشروع على أهمية (تأسيس كيانات ثقافية مستقلة)هى السند والداعم للمثقف الحر. وينص الباب الرابع على أنّ الإبداع الثقافى حق أصيل للشعب كالخبزوالتعليم والماء والهواء. وقضية أمن وطنى لايجوزأنْ تُترك للبيروقراطيين. ولتفعيل الثقافة الرفيعة الجادة يجب أنْ يتواكب دورها مع دورمؤسسات التعليم والإعلام والبحث العلمى إلخ وبما أنّ المؤسسات الثقافية الرسمية ملكٌ للشعب ، لذا يجب أنْ تُداربآلية ديمقراطية ، سواء فى تقلد مناصبها أوفى محتوى توجهاتها. وليس لها حق الوصاية على المثقفين. ويطمح المشروع إلى إنهاء سياسة العصا والجزرة / المنع والمنح بهدف ترويض المثقفين واستمالتهم لصالح توجه مُعين.
التعريف العلمى للثقافة القومية: ورد فى باب (الهوية) أنّ الهوية المصرية مركبة. مُتعددة الأبعاد والطبقات المتداخلة وليست أحادية. الصياغة جيدة ولا أختلف معها ، ولكن البند (3) جاء متناقضًا معها إذْ نص على أنّ الحضارة العربية / الإسلامية تمتلك مكانة خاصة فى قلب الهوية المصرية كواقع موضوعى. فإذا كانت الهوية المصرية ضد الأحادية ، أى مع التعددية. فإنّ الثقافة (ولا أقول الحضارة) العربية تتأسس على الأحادية. ومع المطلق ضد النسبى ، ومع الانحيازللرجل ضد المرأة. ومع تحريم الكثيرمن الموروث الشعبى المصرى (الموالد ، سبوع الطفل ، خميس وأربعين المتوفى ، أسلوب الدفن إلخ) لقد اعتنق شعبنا المسيحية والإسلام ، ولكنه صبغهما بثقافته القومية التى هى وفق أدق تعريف علمى مجموعة أنساق القيم التى أبدعها شعبٌ ما عبرتاريخه الممتد. وهى السلوك الحياتى. وكما مصّرشعبنا المسيحية مصّرالإسلام. وفى علم (ثقافات الشعوب) تأكيد على الإسلام السعودى والإسلام الإيرانى والإسلام الباكستانى إلخ. ومؤدى ذلك فإنّ النص على أنّ (الحضارة العربية / الإسلامية تمتلك مكانة خاصة فى قلب الهوية المصرية كواقع موضوعى) ضد لغة العلم. كما جانب الصياغة التوفيق بنصها على (الحضارات المصرية القديمة والقبطية إلخ) لأنّ المرحلة القبطية إمتداد للحضارة المصرية.
أعتقد أنّ صياغة باب (الهوية) حكمته رؤية الثقافة السائدة فى مصرمنذ يوليو52، وهى رؤية تتغافل عن أهم ما ركزعليه علماء الأنثروبولوجيا أى (الخصوصية الثقافية لكل شعب) وهذه الخصوصية لاتعنى الانعزال عن ثقافات الشعوب الأخرى أوالتعالى عليها ، وهى التى لخصها الأب الروحى للشعب الهندى (المهاتما غاندى) فى صياغة عبقرية عندما قال ((إننى أرغب أنْ تهب على بيتى جميع ثقافات العالم ، ولكننى أرفض أنْ تقتلعنى من جذورى احدى هذه الثقافات)) وكتب (ألفا أوماكونارى) رئيس جمهورية مالى عام 63 أنّ ((إنكارالخصائص الثقافية لشعب من الشعوب يُعدُ نفيًا لكرامته)) وكتب العالم (كونوركروزاوبريان) أنّ (تنوع الجنس البشرى هوالذى يضرب بجذوره فى هذه الإنسانية المشتركة) وكتب (كلود ليفى شتراوس) أنّ ((الحضارة تعنى تعايش الثقافات بكل تنوعها . وأية حضارة لايُمكن أنْ تُمثل إلاّتحالفا عالميًا بين الثقافات تحتفظ فيه كل منها بأصالتها)) (التنوع البشرى الخلاق- المشروع القومى للترجمة- عام 97أكثرمن صفحة) وكتبتْ د. سهيرالقلماوى ((أغانينا الشعبية وقصصنا الشعبية بل حياتنا الشعبية ، بكل ما فيها من مظاهرالفن ، مواد وفيرة يتجلى فيها الروح المصرى وتبرزفيها الشخصية المصرية الحية التى طاولتْ الزمن)) (رسالة الدكتوراه عن ألف ليلة وليلة- هيئة الكتاب المصرية- عام 97ص327) إنّ غياب مفهوم (الخصوصية الثقافية) عند مُحررى المشروع ، يتطابق مع الثقافة السائدة (التعليم / الإعلام / غالبية الكتاب) التى تحرص على نفى خصوصية شعبنا. وهذا الغياب فى المشروع تسبّب فى صياغة المواد 6، 7، 8 حيث التركيزعلى خطراختصارالهوية المصرية فى أحد مُكوّناتها. وأنّ التهميش تخريب للهوية والوحدة الوطنية المصرية. والاعتراف بمكوّنات الهوية المصرية وفى القلب منها (العربية/ الإسلامية) هومقدمة جوهرية للتعايش الآمن إلخ.
أعتقد أنّ السياسى أوالمفكرفى قرن السماوات المفتوحة الذى يُفكر(مجرد تفكير) فى تهميش البُعد العربى / الإسلامى أحمق لايصلح لا للسياسة ولا للفكر. وبالتالى فالخوف من (التهميش) لا أساس له ووهم يتجاهل أنّ من خصائص الثقافة القومية المصرية ، تبنيها ل (التعددية) التى هى احدى تجليات خصوصية (الذوبان) فالتاريخ القديم والوسيط والحديث يُحدّثنا عن تقبل ثقافتنا القومية لكل الثقافات الوافدة ، ولكن بعد استقبالها والترحيب بها ، تصطبغ بأصالتها المصرية.
كما أختلف مع مشروع الدستورالثقافى فى النظرإلى الأزهر(كمؤسسة ثقافية / دينية) بأمل تبنى (منهج تنويرى فى الرؤية الدينية) فالأزهر- حتى لواستقل عن سلطة الحكم - له مرجعيته الدينية التى عبّرعنها فى وثيقته الصادرة بتاريخ 19/6/2011واشترطتْ أنْ ((تكون المبادىء الكلية للشريعة الإسلامية هى المصدرالأساسى للتشريع إلخ)) وهوالمنصوص عليه فى دستور71 أى أنّ ثورة شعبنا فى طوبة / يناير2011ترجع إلى الخلف. كما أنّ (المنهج التنويرى) المأمول من الأزهرسيواجه بشراسة من الفريق المتمسك برؤى أخرى للإسلام . وأرى أنّ المطلب القابل للتحقق هوابتعاد الأزهروإدارة الفتوى عن السياسة وعن علوم الطب وكافة العلوم الطبيعية والإنسانية. وأنْ يكون الأزهرمنارة للبُعد الروحى ، فيتجنّبْ فتنة السياسة وغوايتها.
ورد فى الباب الرابع : لابد للدولة من تحمل مسئوليتها فى دعم الكيانات الثقافية المستقلة بلا مقايضة إلخ وأعتقد أنّ هذا مطلب يحكمه تصورمثالى لدولة لم تتحقق فيها الديمقراطية. فكيف لنظام حكم لايعترف بحرية النقد ، يُدعّم من يُعارضه ؟ ولأننى أتفق مع رؤية أنّ المرحلة الانتقالية ستطول ، لذا فإنّ الكيانات الثقافية المستقلة (ولكى تكون مستقلة) يجب أنْ تعتمد على قواها وامكاناتها الذاتية. وجاء فى التمهيد النص على ((السنوات الثلاثين الأخيرة إلخ)) وهذا ترديد لما تتغنى به الثقافة السائدة ، إذْ أنّ سيطرة الدولة على الثقافة وقهرالشرفاء من المعارضين بدأ منذ فجرالأربعاء 23يوليو52، فإذا قدّرللمشروع إعادة صياغته أرجومراعاة ملاحظاتى.
المشروع صدرفى 28/7/ 2011، ورغم أنّ مُحررى المشروع أنشأوا صفحة باسمه على الفيسبوك كما أنشأ الفنان عزالدين نجيب صفحة خاصة به. وتم نشرالمشروع على الموقعيْن ، فإنّ الثقافة السائدة تُصرعلى تجاهله رغم مرورأكثرمن شهريْن ، فلماذا هذا التجاهل ؟ لماذا لم يتناوله كبارالمتعلمين الذين يمتلكون أعمدة يومية ومقالات أسبوعية؟ ولماذا تجاهلته القنوات الأرضية والفضائية ؟ هل لأنّ الثقافة الرفيعة الجادة التى يُدافع المشروع عنها هى رافعة التقدم ؟ وهذا يتنافى مع الثقافة السائدة؟ أم لأنّ المشروع يتبنى استقلال المثقف فى مواجهة بطش السلطة ورقابة الرقيب ؟ أرجومن أصحاب الضمائرالحية والعقول الحرة الاهتمام بهذا المشروع والعمل على تفعيله ، كى لاينتهى جهد مُحرريه إلى صرخة دونكيشوتية حتى بعد أيام طوبة البديعة.
******



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عقاب الطغاة بين دولة القانون وقانون الغابة
- انعكاسات الحرب والدمار على أهل الهوى
- الفلسطينيون بين العرب والإسرائيليين
- محمد البوعزيزى : الإبداع على أجنحة الحرية
- نجران تحت الصفر للكاتب الفلسطينى يحيى يخلف
- المبدعة الليبنانية هدى بركات وجدل العلاقة بين الحياة والموت
- عمارة يعقوبيان : الإبداع بين الأحادية والجدل الدرامى
- اللغة القبطية بين لغة العلم والأيديولوجيا السياسية والعواطف ...
- المبدعة البنانية رشا الأمير وروايتها البدية ( يوم الدين )
- الإيمان بحق الاختلاف هو الحل
- تحالف الديكتاتورية مع العداء للخصوصية الثقافية للشعوب
- أولاد حارتنا بين الكهنوت الدينى والإبداع
- أبو حصيرة : من الضرح إلى المستوطنة
- نبوءات الليبراليين المصريين حول المخطط الصهيونى
- رد على القراء بشأن مقالى عن هيباتيا
- اغتيال الفيلسوفة المصرية هيباتيا والعداء للمعرفة
- استشهاد فرج فوده والدروس المستفادة
- أجيال جديدة ومرجعية قديمة
- علمنة مؤسسات الدولة والسلام الاجتماعى والانتماء الوطنى
- الإسلام السياسى للمستشار العشماوى


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - دستور يحكم الثقافة ويحمى المثقفين