أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - المثقفون والثورة














المزيد.....

المثقفون والثورة


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 3571 - 2011 / 12 / 9 - 19:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



لم تقم الثورات في التاريخ، من أجل إزالة الأنظمة الدكتاتورية الاستبدادية فقط، وإنما كان هدفها أن تحقق إقامة المجتمع المدني، أساس وقاعدة الديمقراطية الصحيحة والسليمة. ولنا من الثورة الإنجليزية (الثورة المجيدة) (1658-1689)، والثورة الفرنسية عام 1789، والثورة الأمريكية عام 1776 ، والثورة الروسية عام 1917 ، خير الأمثلة على ذلك.

دور المثقفين
ولم يكن الغوغاء، أو "ثوار الشارع" هم فقط من أشعلوا الثورات. فالثورة التي تبدأ من الشارع، تنتهي إلى الشارع. ولكن لعب المثقفون دوراً كبيراً في كشف مستور الدكتاتوريات، وفساد الأنظمة السياسية، وثمن الحكم الدكتاتوري الغالي، الذي يدفعه المواطن من نفسه، ومن وأولاده، وأحفاده، وأولاد أحفاده، وحاضره، ومستقبله، ولنا ما جرى في تونس، ومصر، وليبيا، والبحرين، وما يجري في اليمن، وسوريا، خير دليل على ذلك.
ومن هنا، كان المثقفون الأحرار الجبهة القوية المساندة للثورات، وخط الدفاع الأول والأطول عن الثورات. وعندما تخلّى المثقفون الأحرار عن الثورات، أصبحت الثورات مجرد انقلابات عسكرية، يستفيد منها من قام بالانقلاب. بينما ليس شرطاً أن يستفيد الثوار من الثورات. وكثير من الثورات استُغلت من قِبل غير الثوار كالثورة الفرنسية، التي قام بها الشارع الفرنسي، واعتلاها، وقطف ثمارها الضابط نابليون بونابرت، فيما بعد.

واجب المثقفين العرب
على المثقفين العرب، أن يكونوا شجعاناً مقدامين.
على المثقفين العرب، أن لا يركنوا إلى مدح القراء، فيما يقولون، وفيما يعلّقون.
على المثقفين العرب، أن لا يلتفتوا إلى شتائم الغوغاء، من الجهلة، والأغبياء، الذين لا يفكرون إلا بيومهم، وسلامتهم، ومعدتهم.
على المثقفين العرب، أن لا يمضغوا الكلام المعاد، والمعروف، والمعلوم.
على المثقفين العرب، أن لا يكون (كراكوزات) لتسلية القراء، وإضحاكهم، والترويح عنهم، بدل هذه المسلسلات التلفزيونية الغبية، المضجرة.
على المثقفين العرب، أن لا يخشوا الجوع والتشرد والطرد من الحلبة والسجن والتعذيب والمنع من الكتابة ، إذا تطلَّب الأمر أن يكشفوا المستور، ويفضحوا المُخبَّأ.

المثقفون والخيارات الصعبة
إن قيمة وأهمية المثقفين الأحرار، المدافعين عن الحرية والفاضحين للفساد والفاسدين، كأهمية الجنود في أرض المعركة، فإما أن ينتصروا، وينصروا أهلهم، ووطنهم، وإما أن يموتوا دفاعاً عن ذلك.
أما أن يتملقوا الأنظمة، ويداهنوا الحكام، ويرقصوا في الميادين كالقردة والثعابين، فهذا لا يليق لا بالثقافة الحرة ولا بالمثقفين الأحرار. وعليهم أن يكسروا أقلامهم، وينصرفوا إلى سوق الخضار، لبيع الفجل والبصل، فذلك بهم ألطف، ولهم أشرف.

لنكف عن الثرثرة الفارغة!
99% مما يُكتب، ويقال اليوم في الإعلام العربي عن الثورة العربية، كلام مُعاد، وممجوج، لأرض محروثة حتى القاع.
والشطارة أن نحرث في الأرض البكر لزراعة الثورة، وليس في الأرض التي قلبتها (تراكتورات) الثوار، مئات المرات.

مأزق المثقفين الأحرار
صحيح، أن الأرض الجديدة، ذات الثورة المحتملة مليئة بالصخور، والأشواك، والألغام، والأسلاك الشائكة، والحراسة الشديدة، المدججة بأفتك أنواع الأسلحة العصرية، إلا أن المثقفين في هذه الظروف الصعبة، مطالبون بأن يتحوّلوا إلى طيور مُحلِّقة، أسطورية، كطيور "الأبابيل" ترمي السلطة الدكتاتورية الفاسدة، والسارقة، والناهبة، بحجارة من سجيل، وتجعلها كعصف مأكول.
ولكن دور الأساطير انتهى – للأسف - في حضور العلم. ولم يبقَ من الأساطير غير ذكراها، وقصِّها للأطفال في ليالي الشتاء الباردة.

أنظمة دكتاتورية لا مثيل لها
على المثقفين العرب، أن يدركوا أن الأنظمة الدكتاتورية، التي يلوكون الكلام بشأنها الآن، هي أفظع، وأقسى، وأحط أنظمة شهدها العصر الحديث في القرن الماضي، وفي هذا القرن.
صحيح، أن التاريخ العربي، شهد نماذج رهيبة، لطغاة، وقساة الخلافة الإسلامية (أنظر: كتاب "الطاغية"، لإمام عبد الفتاح إمام) ولكن ذلك كان من الماضي.
وصحيح، أن تاريخ الغرب، شهد نماذج فظيعة لطغاة وقساة من ملوك الحق الإلهي (أنظر: كتاب "المسألة الدينية في القرن الواحد والعشرين"، لجورج قرم)، ولكن ذلك كان في القرون الوسطى المظلمة.
أما بعد عصر الأنوار (القرن الثامن عشر) فقد رأي المواطن النور، وخشي الحكام نور ونيران المواطنين، فاستقاموا وعدلوا، ومن لم يستقم ويعدل، كان مصيره الثورة عليه، والاختباء في الحُفر، أو أنفاق مياه المجاري ، أو دهن يديه ووجهه بالزيت، للشفاء من حريق الثورة.

وعورة طريق المعارضة
أصبح طريق المعارضة صعباً جداً في العالم العربي.
والمعارض الحر، سوف تتلقفه ذئاب وضباع كثيرة، لتنهش لحمه، و(تقرقش) عظامه، لأن الأنظمة الدكتاتورية وصحبها، ينعمون بأموال، ومميزات، وصولجانات، لا قِبلَ لحكام التاريخ الآخرين، وصحبهم بها.
وبالتالي، فإن مهمة المثقف الحر، تكاد تكون انتحارية. فالمتربصون به من قراء وهميين، وحراس مقابر الأحياء من الممسكين بلجام الإعلام، وضباط المخابرات في المطارات العربية، والواقفون في حلق المثقفين، يعدون على المثقفين الأحرار أنفاسهم، ويعلمونهم ما يجب وما لا يجب، وما يقال وما لا يقال، وما الرذيلة والفضيلة السياسيتان، وحدود العيب في ذم الذات السياسية العليّة.
ومن هنا، راح 99% من المثقفين يكتبون كلاماً معاداً وممجوجاً، لملء الفراغ فقط، ولكنه لا يُفزع خمس دجاجات، ولا يهز ذنب كلب من الكلاب. وبات المثقف أمام الثورة التي اشتعلت إما مطبلاً، وإما راقصاً في زفة الشارع، وبات أمام الثورة التي لم تشتعل بعد، كـ (خيال المآته) لا يخيف حتى فراشات المساء!



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- امسك حرامي!
- عقلانية الخليجيين ورعونة الأردنيين
- النظام السوري في النزع الأخير!
- نعم: لا تنتخبوا العَلْمانيين في مصر!
- -سيّدنا-: لا فُضَّ فوك!
- تحديات الثورات العربية وعقباتها العظمى!
- -الأسد- ملك في غابة من الرمال اللاهبة!
- هل أصبحت حماس ورقة التوت الأردنية؟
- الخرافة: تحوُّل ذئاب دمشق الى حملان في لحظات!
- أهلاً بالإسلاميين المعتدلين فقط!
- اعدلوا.. حتى لا تلقوا النهاية الأليمة!
- أيها الثوار الأحرار الأبرار: احسنتم وإلى الأمام
- لن نسكت أبداً بعد اليوم
- من الزيتونة الى الأزهر ومن باب العزيزية الى درعا
- قوة الأنظمة العربية في قهر شعوبها!
- التعديلات الدستورية الأردنية بين الدولة والشارع
- من هي -المرجعيات العليا-.. في ليلة القبض على المليار دولار؟!
- الكبائر يرتكبها الكبار ويقع فيها الصغار!
- كيف استطاع الهاشميون حكم الأردن أكثر من 90 عاماً؟!
- البحث عن الضرورة وصفي التل


المزيد.....




- شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف ...
- احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا ...
- تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم ...
- الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا ...
- حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
- 3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز ...
- جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا ...
- الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم ...
- الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال ...
- مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - المثقفون والثورة