|
على فلنكات السكه الحديد -1-
محمد مراجع العزومى
الحوار المتمدن-العدد: 3529 - 2011 / 10 / 28 - 16:59
المحور:
الادب والفن
أثناء سيره عائداً من مدرسته الثانويه ، فوق فلنكات السكه الحديد الغير مكتمله ، حاملاً على كتفه الأيسر شنطته المدرسيه ، رابطاً فوق رأسه قميصه الأزرق المدرسى ، كى يقيه من حرارة الشمس ، علي يساره ذلك الطريق الأسفلتى الذى لا يتسع لمرور أكثر من سيارتين ، يفصل بينه و بين قضبان السكه الحديد شجر ـ الأثل ـ ذى الأوراق الحرشفيه دائمة الخضره ، و على يساره تلك المبانى القديمه المبنيه بالطوب الأحمر و التى تغير لونها إلى الأبيض بفعل رطوبة الجو ، يفصل بينها و بين السكه الحديد مياه الأبار الطافحه ، و مخلفات مصانع النسيج من قصاقيص أقمشة لا تصلح لأى إستخدام فتكومت حتى أصبحت كالتلال يتصارع فوقها الأطفال . كل ذلك كان يُثير فى نفسه حنين غريب إلى الماضى ، خاصتاً كلما مر بتلك المنطقة ، التى عاش فيها أيام صباه ، فتذكر أصدقائه و مغامراته معهم لأجل الحصول على ـ كوز صبر ـ من نبتة الصبار الفقوعى الصحراويه ، حلوة المذاق ، غير مُبالين بذلك الشوك الناعم الذى ملئ أيديهم ، لينطلقوا فى النهاية عائدين إلى بيوتهم يحمل كل طفل منهم ـ لوح صبر ـ الغنى بالعصاره و التى تستخدمها نساء قريته كدهان للشعر ، إلى والدته كنوع من الرشوه للتتغاضى عن ذهابه إلى المكان الذى تنبت فيه أشجار الصبر الذى طالما نهرته عنه .أثناء سيره مر على منزل الحاج فتحى الرجل البخيل ، الذى كان فيما مضى مليئ بأشجار الفاكهة ، و كان من بخله يترك الفاكهة تتساقط من على الشجرة لتتعفن على الأرض دون أن يبيعها أو يعطف منها على جيرانه ، فكان يجتمع كل فترة هو و أصدقائه ، يقفزوا برشاقة من على سور منزل الحج فتحى ، ليجمعوا الفاكهة خصوصاً التفاح ، ليتقاسموها بينهم فيما بعد ، حتى علم هذا الرجل البخيل ، فتربص لهم ، و قبض على أحدهم و أذاقه من العذاب أنواع نكالاً له على ما فعله بفاكهته ، و نكالاً للحاج فتحى أعتزم هو و إصدقائه على الإنتقام ، فدخلوا إلى جنينة منزله ، و حتى يُثيروا غيظه و حنقه و غضبه ، كانوا يأكلوا ثمار التفاح و هى على الشجرة دون قطفها ، تاركين للحج فتحى بقاياها مُعلقة ، و الذى بدوره حين رأى منظر فاكهته أخذ فى الولولة كإمرأه ضاع أبنها فى السوق .رأى مصنعاً للكلور ، تصدر منه رائحة كريهة ، و إبتسم إبتسامه بها من الشفقه ما تجعل قلبه يتحول من موضعه ، فالأرض التى بُنى عليها مصنع الكلور كانت فيما مضى ، أرضاً تنبت فيها ـ الخُبيزه ـ التى طالما أرسلته والدته كى يجمعها لها ، لتصنع من منقوعها ترياق لأخيه الصغير المُصاب بالسعال . تذكر طلمبة رفع المياه اليدويه ، التى كانت ملاذهم الأول و الأخير عندما تشتد عليهم حرارة الشمس ، فيرفعوا بها المياه ، ليمرحوا بها ، ليجلس كل مُنهم بعد ذلك فى الشمس حتى تجف ملابسهم ، ليعود كل منهم إلى منزله سعيداً .أثناء سيره على فلنكات السكة الحديد تذكر ، أنه فات منزله ورائه ، مُتتبعاً ذكرياته التى أخذته إلى زمن كان لكل شئ فيه طعم ، حتى الحزن ، فولى ظهره لها و عاد إلى منزله .
#محمد_مراجع_العزومى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
على فلنكات السكه الحديد -2-
-
عام من العزله
-
إحنا موش طبقه ثالثه
-
لحظه بين عالمين
-
بأسم الشعب فى صحة الوطن
-
رفقاً بالدين يا مُتدينين
-
مجهول الهويه
-
ثورتنا العنقاء
-
القذافى روائى و أديب
-
رؤيه فى الفكر السلفى
المزيد.....
-
دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي
...
-
بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي
...
-
رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم
...
-
إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا
...
-
أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202
...
-
الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا
...
-
متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا
...
-
فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد
...
-
رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر
...
-
تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ
...
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|