أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - مشعل التمُّو يرثي















المزيد.....

مشعل التمُّو يرثي


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3515 - 2011 / 10 / 13 - 07:23
المحور: الادب والفن
    




مشعل التمُّو يرثي


إبراهيم اليوسف

لن يمرروا.... وأناحي
مشعل التمو

من أين أبدأ، وأنا أتناول بعض ملامح شخصية صديقي المناضل مشعل التمو، كما عرفتها، من خلال علاقة مائزة معه، بدأت منذ أكثر من عقدين زمانيين، وحتى اللحظة الأخيرة، من حياة هذا الأديب الرقيق، والمفكروالسياسي ذي الحنكة والمراس، وبعد الرؤى، والقائد الميداني، "البسيط كالماء والواضح كطلقة مسدس"، وستمتد - من جهتي- إلى لحظة"الغرغرة" شأن موقفي من أسماء عظماء أهلي الكرد، وأبطال ثورتنا السورية..
المواقف التي عرفتها عن قرب مع صديقي، لهي كثيرة، فقد جمعتني به دروب الكلمة، منذ وقت طويل، وعملنا –سوية- في ميادين متعددة، لاسيما بعيد انتفاضة الثاني عشر من آذار، وسافرنا، معاً، سواء أكان إلى أوربا، في أول مؤتمر- ربما- جمع بين معارضة الداخل والخارج في باريس، بعيد هذه الانتفاضة، وأقمنا هناك العديد من الندوات واللقاءات المهمة ، لنكون بذلك امتداداً لصوت الانتفاضة المدوِّي، أو إلى أول ملتقى في "أربيل" دعت إليه جمعية الصداقة الكردية العربية، و كان ذلك أيضاً رداً على حالة القطيعة التي أسسها النظام الاستبدادي في سوريا، عندما أراد أن يرفع جدران العزلة، بين مكونات الشعب السوري، كجزء من مخططه الرهيب في بثِّ الفرقة، وروح التشكيك، لدرجة أن ذلك كاد ينال من كل فرد، وكل بيت، وكل حي، وكل شارع، إلا أن أمثال مشعل من مثقفينا السوريين، نبهوا إلى حقيقة ما يتم، وحاولوا أن يجمعوا شتى أطياف المعارضة الشريفة، في إطار لمِّ شتات الصف الوطني، بعد أن أمعن هذا النظام في بث سموم العزلة.
لقد نذر مشعل التمو نفسه، لأن يكون مشروعاً غيرياً، ومن هنا، فإن أحد أبنائه قال لي صباح هذا اليوم: "عمو أنتم من خسرتموه، لأنه كان معكم أكثر مما كان معنا"، وهو ما قاله نجله الكبير"فارس" بصيغة أُخرى، ولم تكتف دائرة أصدقائه ضمن محيطه الكردي بل كانت تشمل الطيف السوري كاملاً، ومن هنا، فإن مشعل وسع بهذه الرؤية الوطنية الشاملة دائرة الحقد عليه، بيد أنه كان يواجه كل ذلك بإرادة فولاذية صلبة، فلا تلين له قناة.
عرف أبو فارس ببسالته، وجرأته، قولاً وفعلاً، وهو صاحب الكاريزما المعروفة التي لا تتوافرإلا في القائد الاستثنائي، عميق الرؤيا، سديد الرأي، الذي لا يتورع عن قول كلمته، أياً كان ثمنها، وهل أغلى لدى المرء من حياته، يبذلها في سبيل رأيه، وهو ما قام به مشعلنا، فلم تخر له عزيمة البتة.
خلال صداقتي الطويلة معه، تغلغل اليأس مرات عديدة إلى نفسي، لاسيما عندما كنت أواجه ب"غدر" بعضهم من حولنا، بالتوازي مع غل دوائر الاستبداد، وأذياله، ضدنا، الاثنين، فكان يقول لي بروحه المتفائلة:" نحن من سننتصر، وهو ما كان يشذِّب روحي، ويشحنها بالقوة، والتفاؤل، والأمل، ولقد ازداد إعجابي بمشعل، وأنا أشهد مواقف بارزة قام بها، إلى جانبنا، فشكلنا بذلك، حالة واحدة، ليكلف مع قلة آخرين، يكادون يعدون على أصابع اليد، بمهمات شتى، في المجال الإعلامي، لينفذ تلك المهمات مغامراً بروحه وبحياته.
أعترف، أنني كنت أرى في وجود مشعل إلى جانبي، عامل أمان، وطمأنينة، فكنا نواصل مواجهة الأكذوبة التي أطلقها "النظام" في 2004 ضد الكرد، وذلك من خلال المقالات الهائلة التي كتبناها، لنسهم مع غيرنا في كشف"عورات" هذا "النظام"، أمام العالم برمته، ولتهزم طوابير مبوقيه، في كل مكان، لاسيما وأننا بأدواتنا البسيطة-إلى جانب كل الخيرين- رددنا على"فريته"، من خلال وثائق قدمناها للعالم، أجمع، تبين مدى صدق إنساننا الكردي، وهو ما وثق علاقتنا مع رموز المعارضة، ولأعترف أن الفضل الأول، والأخير، في هذا ليعود إلى مشعل تحديداً.
لقد عرف مشعل ببسالته، حيث كان خطابه "بلاسقف"، فلا يتوانى عن قول كلمته، مهما كلفه ثمن قولها، ومن هنا فقد استهدف، أكثر من مرة، ولوحق أكثر من مرة، بل كان منزله مراقباً، لدرجة أن تمّ وضع" نقطة مراقبة" على داره، ذات مرة، ومن مواقفه الشجاعة أنه قال في يوم تشييع جنازات شهداء 12 آذار، عبر فضائية العربية: إن"محافظ الحسكة مجرم" وهذا ما كان كبيراً في عرف تلك المرحلة، بل كان يواجه محققه بالقول: بشار الأسد ليس رئيسي، فأنا لم أنتخبه" كما قال ذات مرة لضابط حاول منعه من التحدث في الزيارة الأولى، من قبل أسرته له، في سجن "عدرا" بشار أسدك لن يمنعني من التحدث بلغة، أنا الآن سجين من أجلها، ومن هنا، فقد كاد رصاص رجال الأمن يخترق جمجمته في يوم تشييع شهداء آذار، كما أنه هدد في يوم تأبين شيخ الشهداء معشوق الخزنوي ب"رأسه" و"رأس" شخص آخر، لمنع ذلك التأبين الذي تم بالرغم من تهديدات هؤلاء، ولقد شهدنا جميعاً، كيف كان خطابه منذ اندلاع الثورة المباركة، حيث أعلن من سجنه أنه مع الثورة، وحقاً، فقد انضم شباب تيار المستقبل إلى الثورة، وكانوا، ولايزالون، جزءاً من نواتها، وهذا ما جعله محبوباً من قبل أوساط جد واسعة من شباب الثورة، وهو الذي "ردَّد" الكلمة التي "رددها" معشوق الخزنوي من قبل: ابصقوا في وجوه جلاديكم!!، هل أتحدث –الآن- يا صديقي، عن كيفية اختطافك-وكنت آنذاك-مشروع شهيد- وذلك من قبل إحدى الجهات الأمنية، وقد قلت لي: كانوا سيقتلونني لولا الضغط الذي تم عليهم، ولتعلم، ياصديقي، أنه بالرغم من التعذيب الذي تعرضت له على أيدي جلاديك، فإن إفادتك التي أحيلت إلى المحكمة، تصلح لتكون وثيقة، بين يدي كل مناضل سوري، وبين أيدي شباب الثورة.
رؤية مشعل التمو، الوطني، كانت متبلورة، وهذا ما تجلى في لقاء باريس، بل إنه كان من بين الطروحات الأولى جعل" تيار المستقبل" سورياً صرفاً، وإن كان هذا لم يتضادَّ-لحظة- مع فهمه للمعادلة السورية، وموقع أهله، لأن القضية الكردية في سوريا، هي قضية" أرض وشعب"، من دون أية مساومة، على قضية إنسانه الكردي، في سوريا اليوم، ولعل هذا ما ألب عليه الضغينة من قبل قاتليه، ليستعجلوا من أمر اغتياله، بعد أن هددوه قبل أسابيع، واضطرَّ أن يتوارى عن العيون إلى لحظة استشهاده، في يوم"المجلس الوطني يمثلني" ولهذا الاغتيال دلالات جد واضحة.

نم قرير العين، أيُّها الصديق الجميل، مشعل، واعلم يقيناً أنك من هؤلاء الذين لا يكررون البتة، فلقد كنت أصدقنا، طراً، لأنك ترجمت كلمتك من خلال استشهادك، فلم تهادن أعداء موقفك البتة، بل كانت لغة التحدي لديك في تصاعد دائم، وها هو بريدي الإلكتروني، يحتفظ بآخر رسالة منك تقول لي فيها:
يا صديقي
لن يحلموا ب"........." وانا حي ؟
مع تحياتي

آسف، صديقي أبا فارس، فإنني و لاعتباراتي الخاصة، حذفت أربع كلمات من رسالتك تلك، التي سيحتفظ بها بريدي الإلكتروني، وقلبي، وسأقولها يوماً ما.
أجل...!

لقد كنت أكثرنا وفاء، فقد ودعتني عبر "السكايبي"، في آخر ليلة من عمرك، وهذا ما بت أكتشفه للتو، وكأنك تضع وصيتك بين يدي، وأعاهد دمك الطاهر أن أكون وفياً لكل ذلك، وألا أتوانى عن ترجمة القاسم المشترك بين حلمينا الاثنين، من أجل سوريا، ديمقراطية، تعددية، حرة، يرد فيها الحق لإنسانك الكردي كما يخطط لذلك شباب الثورة.


طوبى لروحك صديقي مشعل، وأنت ترقد في قرية الجنازية، مسقط أحلامك وذكرياتك، ليكون مرقدك قبلة للمناضلين، مادام اسمك يعانق كلمة "آزادي " التي دخلت معجم الوطن أو العالم، فتكون واحداً من أعظم رموز الثورة فيطلق اسمك-وهو مشعل كروحك- على شوارع سوريا الجديدة، ومراكزها الثقافية ، كما أسماء حمزة الخطيب إبراهيم قاشوش وغياث مطر، وغيرهم، من أبطال الثورة الظافرة لا محالة.

نم هناك، يا صديقي.. "نم.. وأنت الذي لا تنام"... في قرية الجنازية، جنوب درباسيتك، حيث قبر والدك، على مقربة من البيت الذي ولدت فيه، وفتحت فيه كلتا عينيك الجميلتين على الحياة، ليكون مرقدك مزاراً للملايين من أبناء سوريا، كرداً، وعرباً، وآثوريين، وأرمن، وشاشان، وتركمان، وعرباً، مسلمين، ومسيحيين، وإيزيديين، فأنت شيخ ثوار سوريا، وأنت عميد شهداء الثورة، وسوف تسمى باسمك الشوارع، والمراكز الثقافية والمدن في سوريا" التشاركية" بحسب مصطلحك الذي طالما ركزت عليه.

كلمة إبراهيم اليوسف في الحفل التأبيني للشهيد مشعل التمو في الشارقة-دولة الإمارات، ولم يتمكن من إلقائها لضيق الوقت



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صديقي مشعل التمو فارساً للموقف
- : صورة فوتوغرافية لمدينة أحبها مشعل التمو
- سنة كاملة دون مشعل التمو
- مشعل التمو عقل كردي لا يتكرر
- سقوط مدو لشبيح إعلامي آخر
- إبراهيم اليوسف:علينا أن نعيد صياغات مصطلحي (النظام) و(الأمن)
- نوستالجيا2
- صناعة المستقبل:في ثنائية الطفولة والإبداع
- الشاعر بين حدي السطوع والسقوط
- خاصية التجاوز الإبداعي
- ثقافة ما بعد11 سبتمبر
- جوهر رسالة الإبداع في ضوء الثورات الشعبية
- عادل اليزيدي في ذكرى غيابه : يسمع وقع أقدام شباب الثورة
- كتابة اللحظة الحاسمة
- علي فرزات يهز عرش الاستبداد
- هنا دمشق-2-
- كيف يُكتب الشعر؟
- بين جمعتين: جامعة وجامع ودماء-6-
- هنا دمشق-1-
- متعدِّدو المواهب


المزيد.....




- مصر.. الفنان محمد عادل إمام يعلق على قرار إعادة عرض فيلم - ...
- أولاد رزق 3.. قائمة أفلام عيد الأضحى المبارك 2024 و نجاح فيل ...
- مصر.. ما حقيقة إصابة الفنان القدير لطفي لبيب بشلل نصفي؟
- دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي ...
- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - مشعل التمُّو يرثي