|
العراق ما بعد الأنسحاب الأمريكي ... ؟؟
حسن حاتم المذكور
الحوار المتمدن-العدد: 3486 - 2011 / 9 / 14 - 15:28
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بداية ’ لا نعلم يقيناً ’ اذا كانت امريكا ستنسحب من العراق ام لا ... واذا ما انسحبت بصيغة او اخرى ’ فكم سيكون عدد المتبقي لأغراض التدريب والتأهيل ’ وما هي المفاجئآت المحتملة التي قد تسبق موعد الأنسحاب ... ؟؟؟؟ الأمر متروكاً الى حينـه ’ لكن الأطراف التي تتشكل منها حكومة الشراكة ’ تتباين مواقفها ازاء الأنسحاب او عدمه ’ يشوبها الغموض وتتحكم فيها طبيعة علاقات بعضها مع الجانب الأمريكي ’ ومقدار تأثير اجندة الدول الأقليمية . 1 ــ التحالف الوطني : اغلب كتله حسمت موقفها مع الأنسحاب والأبقاء على ما هو ضروري يتناسب ومهمات التدريب والتأهيل ’ وقليل منها لازالت مواقفها متذبذبة تتحكم فيها اسباب وضغوطات اخرى . 2 ـــ ائتلاف العراقيـة : رغم الضبابية وازدواجية المواقف ’ فأغلب كتلها ترغب بقاء القوات ’ وسيماء المناورات الكيدية واضحة في تصريحات واتصالات رموز القائمة ’ وهي غير واضحة في التعامل مع قضية مصيرية بهذا الحجم ’ اقلية منها حسمت موقفها مع الأنسحاب ــ العراقية البيضاء ــ مثالاً . 3 ـــ التحالف الكوردستاني : كان صريحاً في مواقفه ودعوته لأبقاء القوات الأمريكية ’ وقد عبر عن ذلك رئيس الأقليم السيد مسعود البرزاني في اكثر من مناسبة . هذا على الصعيد الرسمي ’ اما على الصعيد الشعبي ’ فأكثر من 80 % تقريباً من الرأي العام العراقي مع انسحاب القوات القتالية الأمريكية ’ ويفضلون تعزيز العلاقات الأستراتيجية معها وكذل الدول المتقدمة الأخرى على الأصعدة الاقتصادية والثقافية والجوانب الحضارية . لنفترض ان القوات القتالية الأمريكية ستنسحب فعلاً نهاية هذا العام ’ فما هي الصورة التقريبيـة التي سيكون عليها الواقع العراقي ... ؟؟؟ بعد سقوط النظام البعثي البغيض ’ بادر المندوب السامي الأمريكي بول بريمر ـــ وهو الأعرف بنقاط ضعف المجتمع العراقي ـــ فوضع العراق سلطة وثروات وجغرافية وسكان ’ كعكـة على طاولة الفرقاء الممثلين للمكونات الثلاثة للمجتمع العراقي ( الشيعة والسنة والأكراد ) وفتح شهيتهم بأتجاه تحاصص تلك الكعكة الدسمة ليتوافقوا على توزيعها ’ وهنا دمرت روابط الأنتماء والولاء للوطن والناس في ضمائر اغلب الفرقاء ’ فكانت كارثة نظام التحاصص ــ الفرهود الشامل ــ عاهـة ولد عنها دستوراً حمالاً لأكثر من معنى وغرض وهدف وكان اشبه بمشجب لأمدادات فوضى الفتنة التي قيل عنها ( خلاقة ) ’ وقد رافقته دورات انتخابية كانت اقرب الى استقطابات طائفية عرقية منها الى ممارسات ديموقراطية . حصل هذا من اجل تفريخ المأزق بغية انهاك العراق واذلاله وابتزازه دولياً واقليمياً على امتداد اكثر من ثمانية اعوام عجاف . الأنسحاب سيكون سبباً مباشراً لتغيير الواقع العراقي ’ وستقف اطراف ثلاثي العملية السياسية امام الحقيقة ’ كون العراق وطن وليس كعكـة ’ وسيسقط جدار الخوف والحذر وتكون المواجهة بين الفرقاء اكثر شفافية ’ ويستطيع كل طرف ان يظهر كما هو عليه ويعبر عما يحلم بتحقيقه وهو حـر في تحديد علاقته مع الآخر دون ازدواجية وضبابية ’ وستصل لعبة الدسائس والكيد والوقيعة الى نهايتها ’ وتاخذ الحالة العراقية طريقها نحو الصدق مع ذاتها ’ وتنتهي خرافة التهديد بالفوضى والحرب الأهلية ’ ويصبح العراق قادراً على ( فرك ) لوي اذن من يحاول مواصلة المتاجرة ببضاعة تصعيد الكراهية والأحقاد والخوف من الآخر . 1 ـــ محافظات الجنوب والوسط : اصبحت الآن في مأمن من هجمات الغزو الطائفي العرقي ’ وتحررت نهائياً من مظاهر خوفها وعبوديتها التاريخية ’ فجميعها تملك محافظها وجيشها وشرطتها واجهزتها المخابراتية والأستخباراتية ومختلف مؤسساتها وكذلك مصادر ثرواتها ’ اما اوهام العودة الى الوراء ’ فأصبحت تفاهات راكدة في مخيلة المعوقين اجتماعياً وسياسياً وفكرياً واخلاقياً استهلكها المستحيل . 2 ـــ محافظات الشمال الغربي : بالتأكيد ستصبح متحررة من اوهام الماضي ’ وتدرك ان الذي كان سوف لن يتكرر وستفكر جديا بمستقبل ومصير اجيالها ’ وليس امامها الا العيش مع الآخر داخل اطار العلاقات الوطنية الأنسانية المتوازنـة ’ وان الذي يأملون عودته فما هو الا خرافة اخرجوها من حفرتها ودفنوها في قبرها . 3 ــ المحافظات الكوردستانية : عندما يصبح موضوع الأنسحاب الأمريكي واقعاً ’ ستواجه حالة جديدة تختلف عما كانت عليه الفوضى الخلاقة لفترة الأحتلال ’ وتجد نفسها امام مفترق طريقين لا ثالث لهما ’ فأما التفاعل مع المتغيرات التي ستحصل من حولها وتتجاوب مع الرغبة الشعبية في العيش المشترك سلماً واخوة بين جميع مكونات المجتمع العراقي ’ واما ان تعلن استقلالها في دولة كوردستانية تتابع حقوقها الجغرافية ــ رسم حدودها ـــ المشروعة عبر المؤسسات الدولية المعنية . المجتمع العراقي ومنه الكوردستاني بشكل خاص ’ وبعد ان تتغير الأمور كما اشرنا ليس مستعداً لمواصلة دفع ضريبة الأزدواجية القائمة ’ والحالة القادمة سوف لن تتحمل مثل ما هو قائم الآن ’ وفي اسوأ الحالات سيضطر العراق الى الحلول التي ستكون اقل ايلاماً للمجتمع . ليس في الأمر طوبائية او مثالية ’ فاللعبة القائمة قد بلغت شيخوختها والواقع العراقي قد تجاوزها وبلغ مرحلة النضج لحسم الأمر مع المظاهر المرهقة لمخلفات الماضي . بعد مغادرة القوات القتالية الأمريكية ’ سيعلم الفرقاء ’ ان الذي توهموه كعكـة ’ كان وطن الناس وحلم الأجيال’ وهو الأكبر من طوائفهم وقومياتهم وائتلافاتهم وتحالفاتهم واحزابهم وعشائرهم وحتى حكومة شراكتهم ’ وسيرتفع صوت الخيرين ليصرخ كلمة العراق بوجه الوكلاء والدلالين والعلاسين ’ ويطلب من جواره ’ ان يعيدوا ما سرقوه من ثرواته وارضة ومياءه وسيادته وكرامته ’ ويعوضوا اهلـه عن دماء وارواح شهداء حروب اشعلوها وصبوا الزيت عليها ’ ثم يرمي الزاحفون منهم تدخلاً الى خلف حدودهم . خلاصـة الأمر بالنسبة لأهل العراق ’ ـــ فاما ــ واما ـــ وهذا سيحصل عاجلاً ام آجلاً ’ فأما العيش سلماً ومحبـة ووفاقاً وشراكة اخوية داخل خيمـة وطن للجميع ’ واما كل سيتحمل مسؤوليـة اعلان فدراليته او كونفدراليته او جمهوريـة محافظاتـه ’ فالعراق قد وصل مع الجميع الى نهايـة صبره . 14 / 09 / 2011
#حسن_حاتم_المذكور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حنان الفتلاوي : نقطة نزاهة في فساد مجلس ...
-
شباط لكم وتموز لأهله ...
-
عنق العراق ولا قطع الأرزاق ..
-
العراق : بدون تعليق
-
العقد لا تحل العقد ...
-
اي جيل سيبدأ الأصلاح والتغيير ...
-
طيور الفساد على اشكالها وقعت ..
-
يومها كنت نائباً ..
-
حنان الفتلاوي : تستبدل الشك في اليقين ...
-
المصارحة ثم المصالحة ...
-
14 / تموز : ثورة في الوعي العراقي ...
-
بين السلطان والقطيع ...
-
حصار يفرضه المثقف على المثقف ...
-
التيار الديموقراطي وجهة نظر
-
علاوي : اللاعب الملعوب ...
-
الوحدة الوطنية وخرافة المضمون ...
-
الأنسحاب الأمريكي بين الموقف والمزايدة ...
-
المالكي بعد مهلة المائة يوم ... ؟
-
الكورد الفيلية : قضية حق يعاتب الجميع ...
-
ديموقراطية الغالب والمغلوب ...
المزيد.....
-
ماذا قال الحوثيون عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجام
...
-
شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول
...
-
الجيش الأميركي بدأ المهمة.. حقائق عن الرصيف البحري بنظام -جل
...
-
فترة غريبة في السياسة الأميركية
-
مسؤول أميركي: واشنطن ستعلن عن شراء أسلحة بقيمة 6 مليارات دول
...
-
حرب غزة.. احتجاجات في عدد من الجامعات الأميركية
-
واشنطن تنتقد تراجع الحريات في العراق
-
ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في
...
-
جامعة جنوب كاليفورنيا تلغي حفل التخرج بعد احتجاجات مناهضة لح
...
-
إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|