أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - زكرياء الفاضل - الربيع العربي في معادلة الشواذ















المزيد.....

الربيع العربي في معادلة الشواذ


زكرياء الفاضل

الحوار المتمدن-العدد: 3483 - 2011 / 9 / 11 - 23:45
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


هناك من يروج فكرة مشوهة لحقيقة ما يحصل في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، حيث عن ربيع عربي من ابتكار خطة أجنبية تبنتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن لتصدير الديمقراطية، على الشاكلة الغربية. وقد عرفت هذه الخطة باسم "الشرق الأوسط الأكبر (أو الأوسع)"، وأنها ظهرت مع حرب العراق كأنها فشلت وتلاشت، إلا أنه بانطلاق الربيع العربي اتضح أن الخطة نجحت وتحقق الأهداف الواحد تلو الآخر.
حقيقة عندما ترى دعم أوروبا الغربية وأمريكا للربيع العربي سياسيا، بل وعسكريا، فإنك تكاد تعتقد أن الثورات العربية لها يد خفية تحركها من وراء المحيط الأطلسي. خصوصا وأنه قد سبق وحدث "ربيع" في بلدان رابطة الدول المستقلة كجورجيا وأوكرانيا وقرغيزيا بوحي يد خفية حركته من الغرب وأمريكا، وكان لموسكو نصيبها من هذا "الربيع"، حيث أطيح بالرئيس السابق القيرغيزي باكييف. لذلك ليس من الغريب أن يربط البعض بين هذه الأحداث والتحولات الحاصلة بالعالم العربي. هذه المعادلة تأتي كنتيجة لمنطق ظاهره صحيح وباطنه يحتوي على خلل نحو: السمك يعيش في البحر والحوت يعيش في البحر، إذا الحوت سمكة.
لكن من يفقه عمق معاناة الشعوب بهذا الجزء من العالم وما تعرضت، ولا تزال تتعرض، له من استبداد وظلم اجتماعي، وكان على علم بنضالات الجماهير المسحوقة اليومية ضد الأنظمة الشمولية والديكتاتورية بمجتمعاتنا، فإنه لن تخطر بباله مثل هذه الطروحات الشاذة. لأن الربيع العربي ما هو إلا تتويج لصراع طبقي من أجل البقاء طيلة عقود، ويحق جيدا الضريبة النضالية التي أدتها شعوبنا من اعتقالات واختطافات واغتيالات وإبادة الجماهير بالعشرات والمئات.. لن يخطر بباله مثل هذه الأفكار الشاذة والمنافية للحقيقة، إلا إذا كان من أنصار الاستبداد ويتوسط المعركة الإعلامية ضد ربيع صحوة الشعوب العربية المناضلة.
لنحاول بعيدا عن العاطفة والتحيز تحليل ما جرى ويجري في شمال إفريقيا والشرق الأوسط.
لقد انفجر بركان الانتفاضة الشعبية بتونس وفاجأ الجميع ولم يفقه أحد حقيقة ما يجري واعتبره مجرد انتفاضة شعبية ضد الغلاء، كما يحصل في دول عديدة، واعتبره مجرد انتفاضة خبز كسابقتها بالثمانينيات، رغم أن شباب تونس سارع إلى رفض هذه التسمية لانتفاضته وصرح للعالمين بأن ثورته ليست من أجل الخبز بل هي ثورة الكرامة. لكن الدول الغربية لم تقيّم ما كان يحصل بالشارع التونسي حق التقييم إلا عندما أطلق بن علي ساقيه للريح باتجاه السعودية. ساعتها انتبهت أوروبا الغربية وأمريكا لحقيقة ما يجري وأعلنتا دعمهما السياسي للثورة التونسية. فالغرب كان مطمئنا لسيطرة الطاغية على الوضع بأجهزته القمعية ولم يخطر له بالحسبان أن الشعب التونسي سيثور، في يوم ما، على الديكتاتورية والاستبداد. هذه النظرة الغربية للشعب التونسي لا تستثني باقي الشعوب بعالمنا الشرقي. لكن عندما تفجرت الثورة المصرية ضد النظام، تعامل معها الغرب وعلى رأسه أمريكا بالجدية المطلوبة سيما وأن هذه المرة الخطر قد أحدق بحليف استراتيجي بالشرق الأوسط وحامي سلام إسرائيل بالمنطقة. لذلك عندما فهم الأوروبيون والأمريكان أن حسني مبارك مخلوع لا محالة، نهجوا تكتيكا استراتيجيته تغيير الوجوه والحفاظ على النظام، فكانت مآمرتهم مع الجيش الحاكم بمصر. أريد إثارة الانتباه هنا إلى أن الغرب لم يدعم الثوار في مصر، كما هو الشأن بليبيا، رغم أن نظام مبارك قاوم بعنف شديد ضد ميدان التحرير واستعمل الرصاص الحي وداس المنتفضين بسيارات مخابراته وبلطجيته. وبعد الإطاحة ببن علي ومبارك، أقول بن علي ومبارك لا النظامين، حاول، ويحاول، الغرب سرقة الثورة من الجماهير عن طريق الكومبرادورية المحلية التابعة لأسيادها من وراء البحار. وما يحصل اليوم مصر ما هو إلا تصد لمن سولت له نفسه محاولة سرقة الثورة من الشعب. إن مبارك خسارة فادحة للغرب وأمريكا يصعب عليهما تعويضها في المدى القريب. فالوثائق التي ظهرت بعد الثورة تبين بأن مبارك كان الرجل المطلوب في المكان اللازم بالنسبة لإسرائيل وأوروبا الغربية وأمريكا، فهل من المنطق السليم أن تفرط هذه الأطراف الثلاث فيه؟
إن التدخل العسكري بليبيا دعما للثوار منبعه ليس، كما يروج لذلك البعض، دليلا على سيناريو غربي لقلب النظام، بل هو محاولة لركوب الربيع وتوجيهه نحو الأفق الذي يضمن مصالح الشركات الاحتكارية العالمية الكبرى. ويدعم هذا الطرح دليل بات معروفا للعوام والخواص والمقصود الوثائق التي اكتشفها الثوار بعد اقتحامهم مقر المخابرات الليبية والتي تبين دعم إدارة أوباما والمخابرات الأمريكية للقذافي ومحاولتهما لمساعدته ضد الثوار ليبقى بالسلطة، وهذه الوثائق تزكيها أخرى نشرها موقع وكيلكس.
إن الغرب براغماتي العقلية ومصلحي ولا تهمه الشخصية إلا بالقدر الذي يستفاد منها، لذلك لم يعمل على دعم الثوار إلا بعدما ضمن أن مصالحه لن يلحقها ضرر مع وصولهم للسلطة، وبعد أن قيّموا ميزان القوى للثوار الليبيين وتبين لهم أن الاتجاه الأوصولي لا يشكل أكثر من 20% على أبعد حد، في حين أن من يسمون بالقوميين (ويتشكلون بالأساس من المنشقين على نظام القذافي البائد ولهم قدرة على التأثير في الشارع الليبي، حسب تقاريرهم، ويتمتعون باحترام عدد مهم من القبائل) يشكلون بحدود 50% من الثوار. وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن الليبراليين يشكلون بحدود 25% داخل الثوار والعلمانيين 5%، فإن خطر تحول ليبيا إلى نظام على الشاكلة الإيرانية يكون احتماله ضعيفا للغاية، إذ 80% بالمائة من الشعب الليبي يبقى خارج التيار الأصولي. هذه النسب لميزان القوى مأخوذة عن مؤسسة كويليام للبحث ومكافحة التطرف مقرها بلندن.
إن الثورة الليبية، كالتونسية والمصرية، مهددة بخطر سرقتها من طرف البرجوازية المحلية، بدعم من الدول الغربية، وتوجيهها في المسار الليبرالي، حيث تتفاقم فيه الهوة الاجتماعية مما قد يؤدي إلى إحباط لدى الجماهير الشعبية الثائرة، وبالتالي قلب كفة ميزان القوى لصالح الأنظمة الاستبدادية، التي لا تزال متربعة على كرسي الحكم. فالغرب مثلا يدعم النظام المغربي سياسيا ودعائيا رغم تنكيله بالمحتجين وفضائحه مع حقوق الإنسان وتزويره لإرادة الشعب بالاستفتاء واعتماده في هذا على التيارات الأصولية والزوايا الصوفية. لكن لنكن على يقين أنه عندما تدق ساعة النظام المغربي وينتفض الشعب فإن الغرب سيغير من موقفه بدون خجل وسيدعم المنتفضين في محاولة للركوب على التسونامي الشعبي وترويضه.
لذلك أقول لهؤلاء البعض أن الربيع العربي من وحي القهر والبطالة، ومن ابتكار اتساع الهوة بين طبقات المجتمع، ومن إبداع نفاذ الصبر للكادحين والمضطهدين، وحصيلة للنضالات الشعبية اليومية منذ عقود قد مضت. أما الغرب وحساباته السياسية فإنه يعيش في عالم فرضي من إنتاج مخيلته، لأن كل شيء قد يكون من الممكن حسابه وتسييره حسب دراسات معينة إلا الشعوب عندما تنتفض وتكسر قيود الرهبة، فإنها لا تخضع لأي تقديرات ولا تكهنات من أي كان.



#زكرياء_الفاضل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشعب يطالب بالكرامة لا بصدقة
- انتصار الشعب الليبي سيعطي انطلاقة جديدة للربيع العربي
- حرب إعلامية فاشلة
- شعب أمس غير شعب اليوم
- Madamme Font Du Picard
- من ذكرياتي مع الاتحاد السوفياتي
- الفيزازي من السلفية إلى الاشتراكية أو ما دمت في المغرب فلا ت ...
- الدولة ليست فكرة مجردة ولا جهازا فوق المجتمع
- رسالة عاشق
- رسالة الشعب للقصر في يوم احتفاله
- الفيزازي والاحتيال السياسي
- البيعة في المغرب المعاصر تزوير لإرادة الشعب
- ليس العيب في أن نخطأ بل العيب في أن نتمادى في خطئنا
- إنما المنتصر من يفوز بالحرب لا من يربح معركة
- النادل
- لماذا نقاطع الاستفتاء أو يوم الجمعة يوم حاسم أم يوم انطلاقة ...
- الشعبوية
- شفق أم غروب؟
- عادة حليمة إلى عادتها القديمة
- اتحاد الملوك ضد الشعوب


المزيد.....




- الصليب الأحمر الدولي يؤكد استمرار وجوده في الميدان رغم رغم ا ...
- حذر وتوعد.. تركي الدخيل يقر بارتكابه مخالفات في -السوق المال ...
- إذا هوجمت رفح، لن يكون لدى نتنياهو ما يقدمه في إدارته للحرب ...
- لقطات -لم تُشاهد سابقا- لجسم غامض ظهر في سماء ولايات أمريكية ...
- هنغاريا تحذر دول الناتو وبريطانيا من الغرق في وهم هزيمة روسي ...
- إستونيا تستدعي القائم بالأعمال الروسي بسبب حالات تشويش على ن ...
- القوات الجوفضائية الروسية تتسلم دفعة جديدة من مقاتلات -سو- 3 ...
- تونس.. طعن محام أثناء خروجه من قاعة الجلسة
- كشف وثائق سرية وزواج غير قانوني.. نقل زوجة رئيس الوزراء البا ...
- أزمة أوكرانيا.. ضرب رأس النازية الجديدة


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - زكرياء الفاضل - الربيع العربي في معادلة الشواذ