أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - زكرياء الفاضل - شعب أمس غير شعب اليوم















المزيد.....

شعب أمس غير شعب اليوم


زكرياء الفاضل

الحوار المتمدن-العدد: 3465 - 2011 / 8 / 23 - 02:08
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


جرت العادة في 20 غشت-آب من كل سنة أن يحتفل النظام بعيد "ثورة الملك والشعب" في ذكرى انتفاضة الشعب ضد نفي الملك الراحل محمد الخامس من طرف الاستعمار وتنصيب مكانه بن عرفة. وإذا كانت هذه المناسبة تذكر الشعب المغربي بنضاله ضد المستعمر بالأمس، فقد أصبحت اليوم، تحت وطأة غلاء المعيشة وانتشار الفقر، فرصة للتعبير عن سخط الجماهير الشعبية المقهورة على النهج السياسي المتبع ببلادنا ونظامه الأوليغارشي اللاشعبي. مما يعني أن الالتحام الذي كان في السابق بين الشعب والحاكم قد أدبر وولى، ولم يبقى منه إلا صفحات في سجل التاريخ المغربي يتغنى بها النظام ونسيها الشعب.
أول أمس، 20 غشت، خرجت الجماهير في مدن عديدة ليس احتفالا بثورة الملك والشعب، بل للاحتجاج على النظام والتعبير على رفضها للدستور الممنوح والتشكيك المباشر في نتائج الاستفتاء، حيث رفعت شعارات من بينها "أسبوع بعد الدستور زادوا في لسيور" (أي بعد أسبوع من التصويت على الدستور الجديد ارتفعت أسعار الزيت النباتي) و"نعم آش تتسوا=الفساد والرشوة" (بمعنى "نعم للدستور" حصل عليها النظام بشراء تجار الضمير). هذان الشعاران لهما دلالة كبيرة على عدم اعتراف الجماهير بنتائج الاستفتاء ورفضها للدستور الجديد وعزمها على فرض تغيير حقيقي يتماشى مع طموحاتها. كما رفعت شعارات أخرى لا تخلو من شدة وحدة في التعبير مثل "شاكيرا دات مليار وفاطمة ولدات فالكلوار" (شاكيرا أخذت مليار ورحلت والمرأة المغربية لم تجد مكانا لها بعيادة الولادة فوضعت بالدهليز). وهذا موقف صريح من تبذير أموال الشعب في السهرات والحفلات في الوقت الذي تعاني فيه غالبية الشعب من الفقر المذقع المزدادة رقعته توسعا من جراء ارتفاع الأسعار، حيث وصل سعر سمك السردين إلى 30 درهما (أكثر من 3$ حسب سعر العملة الحالي). وللتوضيح فإن المغرب أكبر مصدر في العالم لهذا النوع من السمك الذي بات غذاء مهما للفقراء بعدما عجزوا على شراء اللحوم الأخرى، وها هو اليوم أصبحت له أنياب يكشر عنها حسب التعبير المغربي الشعبي. ولم تتوقف الشعارات عند هذا الحد بل تجاوزته لتذكير النظام بعزيمة الشعب على تحقيق العيش الكريم، حيث رفع شعار "الفوسفاط و2 بحور والمغربي عايش مقهور" (الفسفاط وبحران -تلميحا للبحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي- والإنسان المغربي يعيش في القهر). وهو شعار يعبر عن ثروات المغرب التي توزع بشكل غير عادل إذ تستحوذ عليها أقلية وتستمتع بها في وقت تعيش غالبية الشعب المغربي تحت خط الفقر، الشيء الذي يبطل زعم النظام بأن الطبقة المتوسطة ازدادت رقعتها توسعا بالمجتمع.
إن خروج الجماهير في يوم ذكرى "ثورة الملك والشعب" في حد ذاته دلالة سياسية على رفض الشعب للاستمرار في ظل الأوضاع الراهنة وتحت النظام القائم في شكله الحالي. مما يعطي صورة واضحة أن الشعب المغربي بات مخالفا لما كان عليه بالأمس من الناحية الفكرية والوعي السياسي، ولم يعد يهب القمع والبطش به من طرف زبانية النظام، وأنه عازم على بناء مستقبله وتحقيق سعادته بنفسه مهما كلفه ذلك من ثمن. كما أن هذه الاحتجاجات الشعبية المنتشرة في جميع أنحاء البلاد دليل قاطع على وجود هوة عميقة في الفهم بين الحاكم، الذي يعيش على ذكريات الماضي، والمحكوم المتشبت بشمس الغد الساطعة في الأفق.
للأسف مستقبل المغرب القريب سحب سمائه قاتمة اللون بسبب الأزمة الاقتصادية الناتجة عن نهج سياسة التبعية وسوء التدبير وعدم قدرة النظام استيعاب بداية نهاية النظام العالمي الجديد. فبالأمس القريب خرج وزير الاتصال بتصريح، أقل ما يمكن القول فيه أنه ركيك ككلام الأعجمي، حيث قال بالحرف: "المغرب ليس فيه أزمة اقتصادية، بل ضائقة مالية". وكأن الوزير لم يدرس العربية ولم ينطق بها إلا في دقائق البروفة قبل الخطاب، فهو يفصل بين عالم المال ومجال الاقتصاد. إذا ليشرح لنا معالي الوزير كيف يمكن تفعيل المجالات الاقتصادية دون رأسمال؟ أم أن الوزير المحترم لا زال يعتقد أن المغاربة لا يفهمون في الخطاب السياسي والمجال الاقتصادي كما كان الشأن في الستينيات؟
ومن المؤشرات، غير المريحة، لهذا المستقبل القريب الطريقة التي تعامل بها النظام مع المجازين العاطلين بالعاصمة الرباط، حيث اعتقل وقدم للمحاكمة مجموعة منهم بعدما تدخل بعنف لتوقيف احتجاجهم على خيانة الدولة لوعودها بتشغيلهم في أقرب وقت. بالطبع هذه الوعود كان واضحا منذ البداية أنها كاذبة، إذ لا يعقل أن تحلّ أزمة البطالة بجرة قلم أو حتى عصاة سحرية في حياة الواقع. كل ما كان يتوخاه النظام هو ربح الوقت لتمرير دستوره الممنوح وتهدئة الوضع إلى حين. لكن العاطل عن الشغل، كالغارق في البحر، يتمسك حتى بالقش في محاولة لإنقاذ نفسه من الموت، إنها غريزة حب البقاء الطبيعية. ولا يمكننا أن نلوم العاطلين على تصديقهم لوعود الدولة الكاذبة لأنه كما يقول المثل الشعبي المغربي:"ما حاس بالمزود غير المضروب به" (لا يحس بقوة الكرباج إلا من ضرب به)، خصوصا وأن العاطل يعيش ظروفا نفسية جد صعبة بين سندان ضغوطات الأهل ومطرقة التهميش الاجتماعي.
مهما يكون من الأمر، ومهما تعنت النظام في غيه، فإن التغيير حاصل لا ريب فيه. كل ما نتمناه هو أن يكون النظام غير فاقد للتفكير السليم حتى لا نقع في هاوية ترجعنا إلى الخلف بعقود. خصوصا بعد انتصار الثوار بليبيا على الاستبداد بعدما راهنت الأنظمة العربية المستبدة على نهاية الربيع العربي مع الأحداث في ليبيا وسوريا. وقد كتب بعضهم مقال يتنبأ فيه بموت الربيع العربي في الخريف المقبل، لكن هذا الانتصار الذي حصل سيلهم الثوار بسوريا وسيعطي روحا جديدة للانتفاضات الشعبية بالمغرب وسيطلق أخرى بالجزائر بعدما سيكشف الثوار الليبيون عن الوثائق التي تثبت دعم النظام العسكري الجزائري للسفاح القذافي.
إذا الظروف الراهنة هي في صالح الربيع العربي وأجواء الأنظمة الاستبدادية مكهربة وذات غيوم قاتمة. فهل سيكون النظام المغربي حكيما وذو بعد نظر سياسي، كما يدعي، وسيلبي مطالب الجماهير الشعبية المحتجة أم أنه سيتمدى في تجاهله لمطالب الشعب ليعرف نهاية من سبقه إلى مزبلة التاريخ؟



#زكرياء_الفاضل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- Madamme Font Du Picard
- من ذكرياتي مع الاتحاد السوفياتي
- الفيزازي من السلفية إلى الاشتراكية أو ما دمت في المغرب فلا ت ...
- الدولة ليست فكرة مجردة ولا جهازا فوق المجتمع
- رسالة عاشق
- رسالة الشعب للقصر في يوم احتفاله
- الفيزازي والاحتيال السياسي
- البيعة في المغرب المعاصر تزوير لإرادة الشعب
- ليس العيب في أن نخطأ بل العيب في أن نتمادى في خطئنا
- إنما المنتصر من يفوز بالحرب لا من يربح معركة
- النادل
- لماذا نقاطع الاستفتاء أو يوم الجمعة يوم حاسم أم يوم انطلاقة ...
- الشعبوية
- شفق أم غروب؟
- عادة حليمة إلى عادتها القديمة
- اتحاد الملوك ضد الشعوب
- حرية الصحافة بين الكر والفر والبلطجية تنشد ثورية القصر
- قتل بن لادن
- الكلمة المتقاطعة أركان
- الزيارات الليبية للمغرب والسر الدفين


المزيد.....




- عاصفة رملية شديدة تحول سماء مدينة ليبية إلى اللون الأصفر
- واشنطن: سعي إسرائيل لشرعنة مستوطنات في الضفة الغربية -خطير و ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من استهدافه دبابة إسرائيلية في موقع ال ...
- هل أفشلت صواريخ ومسيرات الحوثيين التحالف البحري الأمريكي؟
- اليمن.. انفجار عبوة ناسفة جرفتها السيول يوقع إصابات (فيديو) ...
- أعراض غير اعتيادية للحساسية
- دراجات نارية رباعية الدفع في خدمة المظليين الروس (فيديو)
- مصر.. التحقيقات تكشف تفاصيل اتهام الـ-بلوغر- نادين طارق بنشر ...
- ابتكار -ذكاء اصطناعي سام- لوقف خطر روبوتات الدردشة
- الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة على جنوب لبنان


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - زكرياء الفاضل - شعب أمس غير شعب اليوم