أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جهاد علاونه - ربي كما خلقتني















المزيد.....

ربي كما خلقتني


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3460 - 2011 / 8 / 18 - 07:52
المحور: حقوق الانسان
    


ها أنا يا ربي ما زلتُ كما خلقتني في الجوع وفي العطش وفي البرد وتحت الشمس الحارقة أعاني من البرد شتاء ومن الحر صيفاً, وما زلتُ على حالي لم تغير أنت من طبيعتي شيئا ولم أغير أنا من طبيعتي شيئا ونحن في هذه النقطة متفقون على الثبات على المبادئ الفلسفية الراسخة علما أن غيرنا باعني واشترى بثمني باكيت سجائر وزجاجة عرق من صنع الأردن....وغالبية الناس يتراجعون عن أقوالهم بسرعة البرق والبعض الآخر ينكر أفعاله أو يضيف إلى تاريخه المجيد أفعالا مجيدة لم تكن في يوم من الأيام من صنع يده, أي أن هنالك تغيرات تطرأ على الإنسان والبيت والشارع والعمارة التي يقطن فيها, إلا أنا فلم أذكر أنني في أي يوم من الأيام قد تغير على حالتي أي شيء فما زلت أنا هو أنا منذ ربع قرن على الأقل أقف على باب البيت وأدخل البيت وأخرج منه ربي كما خلقتني على سجيتي وعلى بساطتي, أما بالنسبة لغيري من الناس فإنهم يبدلون ويغيرون في حياتهم كل يوم وكل شهر وكل سنة وليس من الضروري أن يكون التغيير للأفضل المهم والأهم من كل ذلك أن يطرأ عليهم التغيير, وغالبية الناس حين تناقشهم تجدهم يبدلون ويغيرون في أقوالهم بسرعة على حسب ما تقتضيه طبيعة المصلحة الشخصية واستحقاقات المرحلة التي يمرون منها أو نزولا عند المنعطفات الكبيرة والطويلة التي تظهر على حياة الإنسان , وبعض الناس مثلي أنا لا يتراجعون عن أقوالهم أو أفعالهم ولهم وجه واحد وليسوا بأربعة وجوه كما يحلو للبعض أن يكونوا...وبعض الناس الذين خلقهم الله ولم تعجبهم طبيعة خلقهم قاموا بثورة أسموها ثورة عمليات التجميل فبدئوا بتغيير جذري وشكلي على وجوههم وعيونهم فاستبدلوا العيون من خلال العدسات اللاصقة الملونة ونفخوا الشفتين عن طريق السليكون واستبدلوا تسريحة الشعر وقاموا أيضا بتغيير شكل الأنف من خلال العظمة الداخلية التي يتمدد فوقها الجلد, وشفطوا الدهون الزائدة من المواقع التي تتجمع فيها الدهون..إلخ ..وقاموا بتغيير مَحل سكناهم فهجروا مدنهم وقراهم وأصدقاءهم ومنهم من قام برفع قضية أمام المحاكم البدائية على أنفسهم ليستبدلوا اسمهم بإسم آخر أجمل من الاسم الأواني, إلا أنا لم أشفط الدهون ولم أقم بعمليات تجميل وكنت كما زلت(ربي كما خلقتني) لم أعترض على اسمي أو لوني أو شكلي وما زلتُ على مبادئي الراسخة في العقل وفي القلب لم أتغير ولم أغير أقوالي وما زلت أغيّر في الناس وأؤثر بهم أكثر من تأثيرهم بي ولم يتغير اسمي أو رسمي أو كسمي أو عنواني وما زلت منذ ربع قرنٍ وأنا أقف في نفس المكان ولي ما يقرب من ربع قرنٍ وأنا أقف على باب الدار تحت نفس السماء التي أقف يوميا تحتها وفوق الأرض , لم يتغير ولم يتبدل شكلي إلا اسمرارَ وجهي أحيانا بسبب الوقوف لساعات طويلة تحت أشعة الشمس , وقد مر من أمامي وأنا أقف على باب الدار أكثر من 1000رجل و1000امرأة كنت قد تعرفت عليهم من خلال الكُتب التاريخية وقد مروا من أمامي من خلال مخيلتي التي جلبتهم إلى ها هنا وكلهم أو جُلهم مروا من ها هنا من أمام عيوني وسلمت عليهم وودعتهم وداع الأبطال وعزف الصداحون لحن الرجوع الأخير...ومر من أمامي واقعيا وأنا أقف على باب الدار الألوف المؤلفة من الوجوه العادية وغير العادية كالمألوفة وغير المألوفة والغريبة الأطوار والعادية في شكلها وفي هيئتها الأمامية والخلفية, وأكثر الوجوه حفظت شكلها ولونها فمنها المستطيل الشكل ومنها الدائري ومنها المربع الشكل, وهنالك وجوه خبيثة ووجوه بريئة ووجوه طفولية تستبدل وتطور في شكلها إلا أنا ما زلت منذ ربع قرن على شكلي لم أتغير ولم أتبدل, وكل الذين مروا من أمامي ألقوا بالتحية وبالسلام وذهبوا حيث وجد كل وجه مصيره وحتفه , حتى السيارات التي مرت من أمامي تغير لونها وتغير شكلها وتغير موديلها إلا أنا ما زال شكلي على هيئته وما زال موديلي في السوق دارج وله معجبون وعشاق ومحبون ومطلوب إغراق السوق منه بعدة نُسخ, وأكثر من ربع قرن وأنا أجلس أمام البيت لوحدي أحاكي نفسي مثل المجنون علما أن كل الذين مروا من أمامي كان بيد كل واحد منهم معشوقته ومحبوبته إلا أنا لم أمسك يوما بيد محبوبتي.

كل الناس تغيرت أشكالها وألوانها إلا أنا (ربي كما خلقتني) لم يتغير شكلي أو طولي فما زلت على نفس الوتيرة وما زلت أسكن بنفس القرية وبنفس الشارع علما أن غيري قد انتقلوا ليعيشوا في المدن الأوروبية والأمريكية إلا أنا ما زلتُ كما أنا لم يتغير على تصرفي أي شيء وكنت وما زلت أقول(ربي كما خلقتني) بمكاني لم أتقدم ولا أي خطوة للأمام ولم أتراجع ولا بأي خطوة للوراء, والمشكلة عندي أن الناس تغيرت وتبدلت وجوهها وعيونها وملابسها وأنا ما زلت أنا كما يقولون ما زلت على طبيعتي (ربي كما خلقتني), ولي أكثر من ربع قرن وأنا أجلس على نفس الكرسي وغيري من الناس قد استبدل مقعده بعشرات المقاعد إلا أنا ما زلت في نفس البيت الذي لم أغادره منذ أكثر من ربع قرن, فأنا أجلس في بيتي وعلى نفس الكرسي وأحيانا على البساط أو على الموكيت نفسه الذي دخل بيتي من ربع قرن علما أن أصحابي كلهم قاموا باستبدال الأثاث وقاموا باستبدال الحي السكني الذي يسكنون به إلا أنا ما زلت أسكن في بيتي منذُ ربع قرن لم أبعه ولم أشترِ غيره وبنفس الوقت لم أستأجر غيره, أنا ما زلتُ أنا منذ أكثر من ربع قرن لم أتغير ولم أتبدل ولم أنكر أقوالي لا ولم أنكر أفعالي, أنا ما زلتُ أنا لم تتغير لغتي ولم أستبدل قمصان النوم ولم أستبدل قلمي أو دفتري أو أوراقي أو مصادري العلمية, أنا ما زلت أنا أقف على باب الدار منذ سنين خلت والناس تمر من أمامي وكل ساعة لهم شكل جديد ..وكل ساعة يعودون ليمروا من أمامي بملابس جديدة فالجميع يغير ويتغير إلا أنا ما زلت ذلك الولد الشجاع الثابت على المبادئ الراسخة حتى أن أغلب الأصدقاء أجدهم في كل يوم مع صديقة أو عشيقة جديدة إلا أنا ليس لي إلا حبيبة واحدة لم تتغير على الإطلاق, واستغرب كيف بين يوم وليلة يستطيع هؤلاء أن يغيروا وأن يستبدلوا معشوقا تهم بمعشوقات جديدة وكأنهم في محل لتبديل الملابس, كيف مثلا يستطيعون أن يلبسوا هذه ويخلعوا تلك ويغيروا من حياتهم ومن وجوههم إلا أنا ما زلت على علاتي لم أتغير ولم أتبدل.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العاقل الوحيد
- إلى بنت الطيبه
- الله يميتني ونادين البدير تحييني
- المرأة المسلمة2
- المرأة المسلمة1
- عيد ميلاد لميس السادس
- كلمة شكرا
- دنيا ودين
- ذاكرتي تؤلمني
- يقتلون الرجل للدفاع عن الشرف
- المرأة تلعن والرجل يغضب
- لم يذكر القرآن المحامين والمحاكم
- أنا أسعد رجل في الحارة
- الدرس الخامس:مشاعري وأحاسيسي في رمضان
- لغة الحمير
- الدنيا تعاسه والموت سعاده
- الدرس الرابع:ثقيل الدم
- صديقي قاسم في ذمة ألله
- لله في خلقه شؤون
- الدرس الثالث:الكوميديا الاسلامية


المزيد.....




- أمين الأمم المتحدة: أي هجوم بري إسرائيلي برفح سيؤدي لكارثة إ ...
- -بحلول نهاية 2025-.. العراق يدعو إلى إنهاء المهمة السياسية ل ...
- اعتقال العشرات مع فض احتجاجات داعمة لغزة بالجامعات الأميركية ...
- مندوب مصر بالأمم المتحدة يطالب بالامتثال للقرارات الدولية بو ...
- مندوب مصر بالأمم المتحدة: نطالب بإدانة ورفض العمليات العسكري ...
- الأونروا- تغلق مكاتبها في القدس الشرقية بعدما حاول إسرائيليو ...
- اعتقال العشرات مع فض احتجاجات داعمة لغزة بالجامعات الأميركية ...
- تصويت لصالح عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- الأمم المتحدة تدين الأعمال العدائية ضد دخول المساعدات إلى غز ...
- الإمارات تدين اعتداءات مستوطنين إسرائيليين على قافلة مساعدات ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جهاد علاونه - ربي كما خلقتني