أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ييلماز جاويد - مَآلُ المُظاهرات !!















المزيد.....

مَآلُ المُظاهرات !!


ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)


الحوار المتمدن-العدد: 3415 - 2011 / 7 / 3 - 23:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الرابع عشر من تموز يكون قد مرّ عشرون أسبوعاً على بدء ما سمّيت بالمظاهرات السلمية للشعب العراقي من أجل المطالبة بالإصلاحات ومكافحة الفساد وما إلى ذلك ، ولم يحصل ( التسونامي ) الذي توقعه بعضهم . اللهم لا شماتة ، بل هو تذكيرٌ لأولي الألباب . كان رأينا إبتداءً أن هذه المظاهرات ( فجّة ) ، بمعنى أن لم تنضج بعدُ ظروف إقامتها ، وبالتالي لا طعم لها ولن تشبع أو تغني من جوع . وقد هوجمنا من قبل بعض الأخوة الذين عوّلوا عليها كثيراً ، وها نحن نراها تتقلّص أسبوعاً بعد أسبوع حتى أصبح لا يشارك فيها مؤخراً غير بضعة مئات من أشخاص ، واضحٌ كونهم ينتمون إلى تنظيمات سياسية متفرقة وينفذون توجيهات أحزابهم في التواجد في الساحات الرئيسية في العاصمة أو المدن الكبيرة ، بالإضافة إلى غياب الإهتمام الإعلامي المحلي والعالمي بذلك .

لتنظيم المظاهرات ، كوسيلة لتحقيق غاية ، شروط موضوعية وذاتية ، لا يمكن الوصول إلى النتائج المرجوة بدون توفرها . والمظاهرات ، مهما أعلن عنها أنها مطلبية وغير سياسية ، فإنها تبقى عملاً سياسياً ، لأنها أولاً وآخراً تمثل تعاملاً مع السلطة السياسية ( الحكومة ) . ومهما قيل عن عفوية المظاهرات وعدم إنتسابها أو تأثرها بتيارٍ سياسي فإنها تحتاج إلى قيادة تلتزم توجهاً محدداً لحصر المطالب في إطار مرسوم وإتخاذ القرارات الآنية لتصحيح المسار أو معالجة أي خلل في التطبيق عن ذلك الإطار . إن وجود مثل هذه القيادة يسبغ على المظاهرات الصفة السياسية . ولو إفترضنا عدم الحاجة إلى مثل هذه القيادة ما دامت المظاهرات عفوية ، فعندها سنكون في حالة من الإعتباطية والفوضوية غير المؤطرة يسهل التلاعب بمسيرتها من أية جهة ذات مصلحة .

إنقسم جمهرة الكتاب والمثقفين والمحللين السياسيين المستقلين منهم أو المنحازين إلى هذا التيار السياسي أو ذاك ، ومن ورائهم التيارات السياسية من أحزاب وتجمعات وكتل ، إلى مؤيدين للمظاهرات أو مناوئين . لقد كان لكل جهة من هؤلاء أغراض لتحديد موقفها ، ومعطياتٌ تستند عليها في تبرير ما إرتأته ، مشفوعة بالإندفاعات الإنسانية التي تزن تلك المعطيات وترتبها حسب أولويات تتناسب مع تلك الأغراض . أعلن الكثير موقفه المؤيد ( للجماهير ) بقصد عدم الإنعزال عنها والوقوف معها ودعم مطالبها ( العادلة ) . وحذر آخرون سواءً بتشخيصهم الصائب بعدم نضوج ظروف إقامتها ، أو بخوفهم من ما تجره من أسباب تتخذ مبرراً جديداً للعنف وتعميق التردي الحاصل ، أو ما ذهب إليه شخص رئيس الوزراء في دفاعه عن موقعه ، وكأنه في قفص الإتهام ، إذ بطّن طلبه للجماهير بعدم المشاركة بتحذيره من إندساس البعثيين والجماعات الإرهابية إليها وإستغلالها ضد العملية السياسية الواعدة .

المظاهرات كمظهر من مظاهر العمل السياسي لا تتم إلاّ بناءً على خطة . وهذه الخطة لها مقوماتها وإجراءاتها تبدأ بالإنسان ، فرداً كان أو جماعة . وأول ما يجب أن يفكر به هذا الإنسان هي المبادئ . إنّ المبادئ هي التي تحدد سلوكه ومساره ، كأن تحدد المبادئ بالسلمية والديمقراطية والحوار والقبول بالآخر .. إلخ أو تحدد بالعنف والتعصب والتكفير ...إلخ . وبعد تحديد المبادئ على هذا الإنسان أن يحدد الهدف ، ويشترط في الهدف أن يكون قابلاً للتحقيق ويلبي مصالح ومطامع المشاركين في العمل على تحقيقه . ومن بعد ذلك توضع السياسة ( أي الأسلوب المستخدم للوصول إلى الهدف ) من دراسة المعطيات المساندة لموقف المتوجهين إلى الهدف ، وكيفية كسب الداعمين ، مادياً أو معنوياً ، داخلياً أو خارجياً ، وبالضد دراسة المعطيات المساندة للخصم ومواطن قوته وضعفه ، وكيفية العمل على إضعافه وتجريده من داعميه . ثم توضع الخطة التنفيذية وما يتعلق بها من وصف الأعمال والإجراءات وتوزيع الأدوار على المشاركين للتنفيذ . كل هذا يحصل قبل المباشرة ، ليس فقط بخصوص المظاهرات بل أي عمل ، سياسياً كان أو إجتماعياً أو حتى تجارياً ، وهذا العمل كله يقوم به ( إنسان ) يسمّى القائد . فبدون قيادة سيكون العمل ( أي عمل ) إعتباطياً وفوضوياً .

يلاحظ المراقب في الفترة التي بدأت بإنتفاضة الشعب التونسي ثم إنتفاضة الشعب المصري وأخيراً الأحداث الجارية في ليبيا واليمن وسورية والبحرين ، وجود قيادة سياسية ( معينة ) قامت بدورها التمهيدي للتهيئة للإنتفاضة قبل المباشرة بها . وتقاس كفاءة تلك القيادة في رصانة الدراسات التي قامت بها في وضعها لخطتها بمقارنتها بالنتائج المتحققة من جهة وضمانات الحفاظ على تلك النتائج وتسليك الطربق لتطورها وصولاً إلى الهدف المحدد وتجاوزه إلى آفاق أوسع .

المظاهرات ، أيضاً كمظهر من مظاهر العمل السياسي ، تتداخل فيه الصراعات . وهذه الصراعات مهما تلوّنت بالدينية أو العنصرية ، بالطائفية أو الشوفينينة ، فإنها لا تخرج عن الإطار الرئيسي للصراع ، ألا هو الصراع الطبقي . فالصراع الطبقي هو العنصر الحاسم في تحديد مسار المجتمع . إن التحليل الصائب لطبقات الشعب ( أيّ شعب )، نزولاً إلى أدق الشرائح الإجتماعية والإقتصادية وتحديد مصالحها المشتركة أو المتمايزة ، يجعل من المتيسر تشخيص الجهات التي يمكن إحتسابها من الشعب ( بمعنى قوى تقدمية ) والجهات التي ليست من الشعب ( أي قوى رجعية ) . ويجب أن يكون واضحاً أن مثل هذا التشخيص لا يكون جامداً بل يجب أن يكون ديناميكياً ، قابلاً لإعادة الإحتساب بين فترة وأخرى ( قد تكون أياماً معدودات ) لمعرفة أي شريحة من المجتمع ستتحول من جانب الشعب إلى جانب القوى الرجعية أو بالعكس ، إذ أن هذه التحوّلات دائبة ما دام المجتمع متحركاً ، تطوراً إلى الأمام أو إنكساراً وتراجعاً . ففي كل من هذه الحالات تتحول هذه الشريحة أو تلك من موقع إلى آخر حسب ما تفرضه عليها مصالحها .

سبق وكتبنا مقالة بعنوان ( الثورة لا تستورد ) ، وقلنا أن ليس من الصحيح أن نقلد أساليب الثوار في بلد آخرلأنهم نجحوا في تحقيق مطالبهم . ولسنا في موقع تقييم النجاح الذي حققوه . وكذا لسنا واقعيين إن تمسكنا بالقول أن عملنا مطلبيٌّ وليس سياسياً .

تنظيم المظاهرات ( كأي عمل آخر ) يعتمد خطة مدروسة . وكلما كانت رصينة حققت أغراضها ، بدون إرتباط كون هذا الغرض تقدمياً أو رجعياً ، ففي التاريخ أمثلة كثيرة لكل شكل من هذه . فالمظاهرات الجماهيرية التي أسقطت أنظمة مصدق في إيران وأللندي في شيلي وسوكارنو في أندونيسيا كانت بخطة محكمة ( وكانت من عمل المستعمرين وأذنابهم ) ، وفي الجانب الآخر كانت مظاهرات القاهرة ، حيث كانت في اليوم الأول بضعة أنفار ثمّ أصبحت بالملايين في فترة وجيزة ، وقس على ذلك مظاهرات تونس وما يحصل في سورية ( حالياً ) .

بدأت المظاهرات في العراق بدعوة من ( مجهولين ) ، وسمّيت بالعفوية والمطلبية وغير السياسية ، بينما القوى السياسية في العراق متشرذمة ، متفككة ومتحاربة لسنوات خلت . ولم تكن أي واحدة منها مخلصة في دعوتها لتوحيد الصف الوطني والوصول إلى الحد الأدنى من المطالب المشتركة . كانت مشاركة الجماهير أكبرفي أسابيعها الأولى لا كما أصبحت عليها بعد ذلك . تنادت كل القوى السياسية ( يمينها ويسارها ) للمشاركة فيها بقصد إستلام قيادتها وجرها بإتجاه ما يناسب أهدافها هي ، فقد إشترك فيها الصدريون ، والمجلس الأعلى ، والبعثيون والشيوعيون والقوميون والليبراليون من جميع مسمياتهم وحتى أزلام الحكومة . كلٌ يدعي وصلاً بليلى . إن المسرحية التي أخرجتها الحكومة في هذا الوقت بالذات وبعد مرور أكثر من خمس سنوات على الجريمة الشنعاء ( مجزرة عرس الدجيل ) ، وإظهار إعترافات المجرمين في برامج تلفزيونية وما تبعه من إرسال أزلام إلى ساحة التحرير ( بدعوى المشاركة في المظاهرات ) ورفع شعارات المطالبة بإعدام المجرمين . كان القصد الحقيقي من وراء تلك المسرحية ولا يزال هو حرف المظاهرات عن أهدافها المعلنة أو خلق مبررات لإيقافها ومحاسبة المشاركين فيها بدعاوى الإخلال بالأمن أو إلصاق تهم مختلقة بهم .

إن بلداً مثل العراق ، أصبح فيه الإنتساب الروحي هوالغذاء للشعب ، بحيث يجتمع ملايين البشر في مسيرة أيام لزيارة مرقد من مراقد الأئمة ( عليهم السلام ) ، وما دونه يصبح أموراً ثانوية ، يصعب رفعه إلى مستويات الصدارة والضرورات بناءً على رغبة جهة معينة . إن نضالاً شديداً وعملاً كثيراً مطلوبان ولأمد طويل لإستنهاض الجماهير وتعريفها بحقها في حياة أفضل ، قبل أن ندعوها للمشاركة في مظاهرات ( فجّة ) غير مدروسة



#ييلماز_جاويد (هاشتاغ)       Yelimaz_Jawid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجرمون همُ المتاجرون بآلام الشعب
- العقوبةُ الرادعةُ
- مُبَرّراتُ غزوِ العراق
- صفحةٌ أخرى منَ الذاكرة
- هَل جخيور خالدٌ ؟
- مشروعُ قانون الأحزاب
- صفحة من الذاكرة
- الأكرادُ الفيليون ... إلى أينَ ؟
- بناءُ الوحدة الوطنية
- كُلّهم صدّامٌ .. وصدّامُ منهم
- الحزبُ باقٍ
- الثورةُ لا تُستَورَد
- أنبذوا الإنعزاليّة وأدعوا للديمقراطية
- رسالة ثانية إلى آية الله العظمى محمد اليعقوبي
- التحليلُ الجدَليّ
- حَذارِ من مفرّقي الصفوف
- طبقةُ الفلاحين أساسُ بناء الديمقراطية
- تذكير
- شجاب الغُراب لأمه ؟
- اللعنةُ ... المحاصصةُ


المزيد.....




- مشهد صادم.. رجل يتجول أمام منزل ويوجه المسدس نحو كاميرا البا ...
- داخلية الكويت تعلن ضبط سوداني متهم بالقتل العمد خلال أقل من ...
- مدمن مخدرات يشكو للشرطة غش تاجر مخدرات في الكويت
- صابرين جودة.. إنقاذ الرضيعة الغزية من رحم أمها التي قتلت بال ...
- هل اقتصر تعطيل إسرائيل لنظام تحديد المواقع على -تحييد التهدي ...
- بعد تقارير عن عزم الدوحة ترحيلهم.. الخارجية القطرية: -لا يوج ...
- دوروف يعلّق على حذف -تليغرام- من متجر App Store في الصين
- أبو عبيدة: رد إيران بحجمه وطبيعته أربك حسابات إسرائيل
- الرئاسة الأوكرانية تتحدث عن اندلاع حرب عالمية ثالثة وتحدد أط ...
- حدث مذهل والثالث من نوعه في تاريخ البشرية.. اندماج كائنين في ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ييلماز جاويد - مَآلُ المُظاهرات !!