أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماهر علي دسوقي - أَبَسَ عباس الكفاح المسلح















المزيد.....

أَبَسَ عباس الكفاح المسلح


ماهر علي دسوقي

الحوار المتمدن-العدد: 3404 - 2011 / 6 / 22 - 22:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لعل ما يميز القضية الفلسطينية في المرحلة الراهنة هو تراجعها المستمر على المستوى العربي والدولي .. إضافة الى الإرباك والتشرذم الذي تعيشه على المستوى المحلي بفعل عوامل عدة، أبرزها دخول القيادة الفلسطينية بيت الطاعة الأمريكي، منذ توقيع اتفاق اوسلو في العام 1993، وما تبع ذلك من تنازلات جوهرية وصلت بل ومست العصب الفلسطيني.

ففي الوقت الذي كانت فيه قيادة م.ت.ف تساوم على ما اصطلح عليه بالثوابت الوطنية، كانت الحالة العامة فلسطينياً تُدخل في متاهات شتى لقلب المفاهيم رأساً على عقب .. فبدلاً من أن "يطرب" المواطن الفلسطيني الخاضع للاحتلال لوقع البطولات والكفاح المسلح العنيد ضد الغاصبين، فرض عليه سماع "انغام نشاز" تحولت لاحقاً الى ايديولوجية مسيطرة وميهمنة بفعل نهج أولياء الامور ..

كما درجت العادة لدى اصحاب القرار هؤلاء الى محاولة تثبيت المفاهيم مقلوبة لدى العامة، ومنع غيرهم من نشر افكاره في "المناطق" التي يسيطرون عليها .. وذلك لإظهار وتكريس "بطولاتهم" على انها الخلاص الوحيد المتبقي للشعب الفلسطيني .. فأخذ الناس يسمعون عبارات تتردد "بوصلات" ايديولوجية مبرمجة وموجهة من قبيل: "السلطة تخوض غمار كفاح ضار في المفاوضات" ، "الاحتجاج بطريقة لطيفة يؤدي لنيل الحقوق" ، "الرقص المعاصر اداة نضال حضارية وسبيلنا لإطلاع العالم على معاناتنا"، "المقاومة السلمية تحرج اسرائيل" ، "العنف مدعاة لضياع الحقوق" ..الخ، وكل ذلك من اجل إفقاد القضية الفلسطينية مكتسباتها التاريخية والسياسية ولربما القانونية ايضاً، ولإجهاض المقاومة الحقيقية فكراً وممارسة ليصبح التواطؤ الايديولوجي مع الاحتلال الصهيوني تعبيراً مكثفاً وواضحا لنهج التخريب الاوسلوي، الذي اختطته قيادة السلطة منذ البدء، لا بل وتصر على المضي قدماً فيه ارضاءً للولايات المتحدة الامريكية ، لتعلن في خاتمة المطاف انها انتصرت على شعبها لا على مغتصب الأرض..
وقد صدق الفيلسوف كانط حين قال: "ان القوة المسيطرة التي تحرم الانسان من حرية نشر افكاره بشكل علني، تحاول ان تحرمه ايضاً من حرية التفكير".. الأمر الذي تجسد واقعاً في مناطق الحكم الذاتي عبر الاعتقال السياسي ، والفصل من العمل وملاحقة لقمة عيش المعارضين، وتشويه السمعه والارهاب النفسي …

وإمعاناً في ممارسة طقوس الاخضاع وتزييف الوعي، جاءت تصريحات السيد محمود عباس المهينة للكفاح المسلح الفلسطيني مساء الاثنين 20/6/2011 ، عبر أثير احدى الفضائيات اللبنانية السعوية المشتركة ، لتؤكد على سالف القول، مطعمة ومزيدة ومنقحة باضافة نوعية فيها من الاستهزاء ما يكفي للفت انتباه طفل صغير .. عبر تأكيده هذه المرة وبالمطلق على ان الكفاح المسلح قد "خرب بيتنا"!!

وحين بدا لعباس ان مقدم البرنامج تفاجأ من القول وكاد ان يستغرب عليه ذلك ، قام فوراً بإحالة "الشتيمة" الى الانتفاضة الثانية التي اشتعلت نارها في نهاية ايلول عام 2000، ووصفها بالانتفاضة المسلحة التي خربت البيت الفلسطيني محاولاً بذلك استدراك ما اطلقه لسانه، وكأن أبْس الانتفاضة دون غيرها من النضال الفلسطيني مدعاة للفخر والاستعراض!

ان مصطلح "تخريب" الذي استخدمه رئيس السلطة، ورئيس الدولة، ورئيس م.ت.ف، ليحمل في طياته الكثير، لا بل انه يذكرنا بما دأب عليه الكيان الصهيوني وإعلامه من وصفٍ للنضال الوطني الفلسطيني "بالتخريبي"، اوحسب كل حاله ،"تخريب" "مخرب" "مخربون" "عمليات تخريبية" .. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا : ألهذا المستوى وصل الأمر بقيادة الشعب لتتماهى مع ايديولوجيا التزوير الصهيونية ؟!

إنها الأبده بعينها، وما قيل لاحقاً لتبرير العبارة، لهو ايضاً من أوابد الكلام .. كيف لا وقد سقط آلاف الشهداء على طريق الكفاح المسلح الفلسطيني !! كيف لا ومئات الالاف أسروا منذ العام 1967 – على الاقل – لإيمانهم بالكفاح المسلح وهناك اكثر من 10 الاف اسير ما زالوا في الاسر ومنهم قيادات كبيرة في حركة فتح ..
ان اطلاق مصطلح "تخريب" يعني بداهة ان من سقط شهيداً لا يعد كذلك الان ، وان من في الأسر ليس اكثر من "مخرب او مجرم" لا يستحق الافراج والحرية ..
وإن كان من الضروري استخدام هذه العبارة المقيتة فيجب استخدامها معكوسة على اصحابها ونهجهم الغريب ، وعلى الاحتلال ايضاً فهم أولى بهذه التسمية !!

والا كيف يمكن ان نفهم تهويد القدس وقتل الابرياء وتشريد شعب بأكمله واحتلال ارضه وزرع نبات شيطاني فيها يسمى الاستيطان !! أليس هذا تخريباً !! وكيف يمكن تسمية اسقاط البندقية والكفاح المسلح من معادلة الصراع مع الصهاينة ، علماً بأن المواثيق الدولية والجمعية العامة للأمم المتحدة شرعت ذلك، وهي ذات الجهة التي ينوي السيد عباس التوجه اليها في ايلول القادم ..

وكيف يمكن تسمية المفاوضات التي لا طائل منها ولا يعرف لها شكل او لون او طريق او محتوى .. وماذا يسمى الفساد المستشري في ارجاء بقايا وطن .. وماذا يسمى تمزيق "الوطن" على خلفية الصراعات الحزبية الضيقة .. وما هو المسمى الامثل لتصفية اطر ومؤسسات م.ت.ف الكفاحية .. وماذا يسمى الاعتقال السياسي .. وقطع ارزاق العباد لا لشيء الا على خلفية الانتماء الحزبي المغاير، او على خلفية حرية الرأي والتبعير .. وماذا يسمى فساد القضاء وفساد الطعام والدواء وحليب الاطفال .. وماذا يسمى فساد وسرطنة الخبز وماذا تسمى المئبرة المنتشرة بين صفوف اهل السلطة .. أليس هذا كله هو التخريب بشحمه ولحمه ودمه ؟!

ان الشعوب المضطهدة والمستعمرة اذ تناضل وتكافح ضد قوى الاستكبار والاستعمار فانها تطمح الى الحرية والعدالة الاجتماعية، لا الى قيادة تحط من قيمة نضالها وتتحالف مع عدوها الطبقي والقومي من اجل مصالحها الضيقة ..

ولا يفوتنا الذكر هنا أن السيد عباس لم يكن باستطاعته ان يطلق مثل هكذا تصريح لو كانت الحالة الفلسطينية على خير ما يكون ، حيث تبعثرت قوى م.ت.ف ، وانقسم الجسد الفلسطيني على خلفية نزاعات ونزعات ضيقة ، فاستقوى البعض على الحالة العامة مدعوماً بما لديه من تحالفات خبيثة، فجاء التخريب المنظم والايديولوجيا التزويرية او "الثقافة الجديدة" كما اسمها رئيس سلطة فتح في بقايا الضفة الغربية .

ومن الواضح الآن ان المشكلة لم تكن بالكفاح المسلح بل بالقياده التي وقفت على رأس الهرم السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية وباقي فصائل العمل الوطني الفلسطيني، ومن المعروف ايضا ان صلاح القيادة يشكل مدماكاً هاماً في البناء التحرري والتنمية والاستقلال ..
ان اولئك الذين يطمحون لانجاز التحرر الوطني تقع على عاتقهم وقبل غيرها مسؤولية التصدي لايديولوجيا التزوير بكل ابعادها، عبر تشكيل كتلة تاريخية مانعة، والا فان ما يجري الآن لن يكون الا نقطة في بحر التزوير القادم ..

وأخيراً وليس آخراً ..
تذكر يا سيد عباس ان هناك من أُطلِقت على لسانه الحكمة .. وهناك من أُطلِقت على لسانه النقمة .. فانظر أين نقف !!



#ماهر_علي_دسوقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جيفارا القدس .. ميلاد
- خبز مسرطن!
- الى الشيخ القرضاوي.. إليك سيرة القسام
- شتان ما بين نجم كوزوموتوا ونجم بن علي
- المشروعية الكفاحية في المواثيق الدولية بعد اوسلو
- طفلة فلسطينية تحرج مسؤولاً في منظمة التحرير
- جالدو نساء السودان .. يجلدون!
- الشعب الامريكي اولى بالثورة على نظامه
- حماية المستهلك الفلسطينية 1989-2011 تجربة شعبية رائدة (6)
- في ذكرى يوم الارض .. عين على مجازر الصهاينة
- حماية المستهلك الفلسطينية 1989-2011 تجربة شعبية رائدة (5)
- فتوى كَعِطرِ مَنشِم
- حماية المستهلك الفلسطينية تجربة شعبية رائدة 1989 - 2011 (4)
- في ذكرى جيفارا غزة
- حماية المستهلك الفلسطينية 1989 - 2011 تجربة شعبية رائدة (3)
- حماية المستهلك الفلسطينية 1989 - 2011 تجربة شعبية رائدة (2)
- حماية المستهلك الفلسطينية 1989 - 2011 تجربة شعبية رائدة
- بجس الحرية .. ليبيا
- الشيخ امام .. في التحرير ثورة في لحن
- سمة العصر .. إرادة الشعوب


المزيد.....




- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماهر علي دسوقي - أَبَسَ عباس الكفاح المسلح