أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نعيم عبد مهلهل - يحيا نبي المندائيين.....!














المزيد.....

يحيا نبي المندائيين.....!


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 3396 - 2011 / 6 / 14 - 12:01
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


عاش الصابئة المندائيون منذ أقدم الأزمنة ، وهم حسب التدوين المقدس في كتبهم من أقدم المعتقدات التي تداخل نشوؤها التاريخي في عدة أمكنة ولكنها محصورة بين العراق وبلاد الشام وبلاد فارس حصرا، ولديهم ما يدعونه ويثبت أنهم عاصروا إبراهيم في أور ، وكان منهم من صعد مع نوح ( ع ) في سفينة النجاة ، ومجمل ما يصل الباحث والقارئ من المتيسر والمسموح في التراث الديني لهذه الطائفة قد يعطي تصورا وانطباعا واضحا أن هذا المعتقد بشكله وثقافته ومرجعيته وحجته البلاغية قد يمثل صورة لأزل توحيدي قديم ، وربما اعتكاف آية الله الخامنئي على الانصراف لدراسة هذا المعتقد بشكل عميق وعلمي وفقهي ومنصف أوصله الى حقيقة أن المندائيين قوم أصحاب رسالة وموحدون. وكان ولهم مع النبي الشهيد يحيى ( ع ) صلة روحية ودينية وتبشرية ودروس حياتية والتي يستنبطون منها توحد ذاتهم في كتلتهم الأبدية التي حافظوا على تماسكها منذ أقدم الأزمنة ويدركون مع تعاليمه ذلك الأفق الواسع الذي حملته تلك التعاليم وهي تدعو الى الوحدانية والصفاء ، فالنبي الكريم الذي يتفاخر مندائيو اليوم بالانتساب إليه بعد نسبهم لآدم وإبراهيم ( ع ) يمتلكون الظن بأنه كان من العدل والطيبة واحترام الرؤية الأخرى انه حين عمد السيد المسيح فهو لم يعمده وفق تعاليمه المندائية الأولى بالرغم من أن المسيح ( ع ) السلام طلب منه صباغته وفق ما يؤمن فيه يحيى ( ع ) من طقس معمداني تعود الى ديانته كما ذكره النص في الإصحاح السابع قول السيد المسيح ( ع ):
(يا يحيى اصبغني بصباغـتك وانطق الاسم الذي تذكره عـلـيّ ، وسأذكر صنيعك هذا في وثيقة , وإن لم أتتلمذ .. ألغ ِ اسمي من سجلك ..(
والحديث بين النبيين قبل التعميد يخضع الى رؤى تتخالف ومنطق قد يصعب فهم مغزاه بالرغم من أن السيد المسيح ( ع ) ، كان واضحا في نيته من اجل رسالته الكهنوتية الموصى فيها ،وكذا يحيى ( ع ) ،لكن لضرورات قد فرض مثلها على موسى ( ع ) ، قبله وخاصة الحيطة والحذر من التعامل في هكذا أمور خطيرة في المجتمع العبري ، وكان الحوار يشير الى ضبابية الوصول الى مشترك واضح. وفي النهاية كان رد السيد المسيح واضحا في ذلك الجدل قوله ( أنت مسؤول عن خطاياك وأنا مسؤول عن خطاياي.)
كتاب تعاليم( يهيا) كما ينطق في المندائية والعبرية هو صورة من صور صناعة حكمة الروح وتهذيبها ، وكان الكهنة المندائيون الكبار ولم يزلوا يرون فيه مرجعاً مهماً بعد كتاب الكنزا ربا ، لأن المندائية كغيرها من الديانات الشرقية ترى في الرسول لهذه الديانة المبشر والمرجع والكلمة الواصلة بين العبد وخالقه. لكن في النهاية جاء الأمر الإلهي بتعميد المعلم لتلميذه كما ورد في كتاب تعاليم ومواعظ يحيا :
(( يا يحيى أصبغ المسيح ، أصبغه في يردنا وأصعد ضفة النهر حيث روح القدس تمثلت في حمامة رسمت صليباً ))..
إذن مادام المندائيون يرون في القديس والنبي يحيا معمدانا ورسولا لوجودهم فأين كانوا قبل يحيا ، وهم يذكرون دوما في المحاجات التاريخية لوجودهم أنهم من نسل آدم ( ع ) وأنهم عاصروا نوح وإبراهيم ( ع ) ومن جاء بعدهم ؟
هذا يعني أن المندائييين وقعوا تحت التأثير الديني والحضاري ومتغيراتهما عبر عصور سبقت ميلاد المسيح ( ع ) وهذا ما ثبت في قراءات تاريخية لتلك العصور والتأثير الذي لحق في المندائية قسرا أو طوعا ، وأهمها تلك التي هيمنت على الحياة الدينية والدنيوية للمناطق التي تواجد فيها المندائيون الأوائل في بلاد فارس وبلاد الرافدين وهذه التأثيرات تنحصر في المعتقد الزرادشتي الفارسي وديانات وادي الرافدين القائمة على تعدد الآلهة كما في آلهة سومر وأكد وبابل وأشور ، وربما القراءة الأسطورية لتراث وادي الرافدين وقراءة الإرث المندائي القديم يقربنا كثيرا من وضوح رؤية هذا التأثير في الكثير من طقوسه وخاصة تلك التي ترى في الماء هاجسا للطهارة الروح والجسد ، وما يتعلق بالسماء وأبراجها والكينونة التي تهيمن عليها ، وبالرغم من أن أقوام بلاد الرافدين استطاعت أن تقترب من المفهوم السماوي والوحداني من خلال جعل انو اله السماء كبير الآلهة ، لكن الزرادشتية الفارسية اعتمدت على النار كمؤثر مطلق وروحاني للبشر، ويبدو أن المندائيين بعد نزوحهم من أراضى فارس صوب البطائح السومرية صار التقبل السماوي للديانات الرافدينية وما اكتسبوه من دعوات الأنبياء والقديسين اقرب الى وجدانهم وعقيدتهم مع انهم اكسبوها حالة متفردة هي الحالة الغنوصية التي تقترب من السلوك الصوفي إلى يعتقد أن سلوك المتسامي في الخيال يمنح النفس تقية الوقوع في الإغراء المادي وآثامه ، وبذلك هو يزهد عن ماديات المحيط ويغط في سبات حاله ، ولا يلتفت الى ما يعتقده كماليات الزينة والهندام.
وفي تصور متخيل اعتماداً على ما تعكسه الرواية التاريخية لحياتهم وما يتناقلونه في ارثهم المدون والشفهي وطبيعة حياة المجتمعات التي سكنت جنوب العراق واهمها شعوب سومر واكد ، كان المندائيون يعيشون في تجمعات سكانية قليلة وبعضهم يحاول جهد الإمكان جعل سكنه مقاربا الى المجتمعات السكانية الأخرى غير انهم كانوا كثيري التجوال بين هذه المجتمعات بما يشبه الدعاة الصامتين والذين يمارسون المهن الطقوسية التي تقترب من الفعل الكهنوتي مثل قراءة الطالع وتدوين الطلاسم والطب الروحاني والجسدي ، وبعضهم قادته فطنته الروحية الى امتهان مهن صعبة خلال هذا التجوال مثل مهنة صناعة السيوف والصياغة وأدوات الزراعة ، ولم يمارسوا في حياتهم أي مهنة حرة فنادرا ما يكون بينهم صياد أو محارب أو فلاح أو وزان أو حائك، إنها جزء من خصوصية الانتماء للحياة والثبات على ما جبل عليه المندائي ليكون مع خصوصيته والتي بالرغم من تعرضه للكثير من ممارسات الاضطهاد والإبادة ومحاولة الإرغام على تغيير ملته إلا انه في النهاية نال اعتراف المجتمعات على هذه الخصوصية واكتسبوا الاحترام حتى مع الإمبراطوريات القاسية..!

دوسلدورف 14 حزيران 2011



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الروح والجسد ما قبل الموت وبعده ...!
- صلاح حسن الجنائن الشعرية ونخل الحلة .....!
- نصيف الناصري ... القصيدة نثر من نهر الغراف
- الترجمة وإيقاع القصة والعقل المعرفي العراقي .!
- صدام حسين ورومي شنايدر ....!
- المعدان* ورومي شنايدر ....!
- الصابئة المندائيون وأعيادهم ..!
- أور أول المدن المقدسة على الأرض....!
- مسيحيو ويهود مدينة العمارة العراقية ...!
- المعدان وبابا نوئيل ......!
- الأسكندر ومعدان سمرقند ...!
- الناصرية ...مدينةٌ يليقُ الغرام لها..
- المعدان ...عطش ودشاديش مقلمة .........!
- حياتي التي أتخيلها ...
- مدينة البصرة وزفاف الأمير وليام وكيتي...!
- سورية حسين ...ياسمينة تذبح ذبح........!
- المحظور في ممارسة الغرام.......!
- البابلي قاسم عبد الأمير عجام ...!
- الخبز وسذاجة البعض وثمالة الغرام...!
- أنا أعرف قاضيا ووزيرا وامرأة.......!


المزيد.....




- ولاية أمريكية تسمح للمعلمين بحمل الأسلحة
- الملك السعودي يغادر المستشفى
- بعد فتح تحقيق ضد زوجته.. رئيس وزراء إسبانيا يفكر في تقديم اس ...
- بعد هدف يامين جمال الملغى في مرمى الريال.. برشلونة يلجأ إلى ...
- النظر إلى وجهك أثناء مكالمات الفيديو يؤدي إلى الإرهاق العقلي ...
- غالانت: قتلنا نصف قادة حزب الله والنصف الآخر مختبئ
- بايدن يوقع قانون مساعدات كبيرة لأوكرانيا والمساعدات تبدأ بال ...
- موقع أمريكي ينشر تقريرا عن اجتماع لكبار المسؤولين الإسرائيلي ...
- واشنطن.. التربح على حساب أمن العالم
- السفارة الروسية لدى سويسرا: موسكو لن تفاوض برن بشأن أصول روس ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نعيم عبد مهلهل - يحيا نبي المندائيين.....!