أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نبيل هلال هلال - لقد بصق الكاهن على الدين بدلا من أن يقبله














المزيد.....

لقد بصق الكاهن على الدين بدلا من أن يقبله


نبيل هلال هلال

الحوار المتمدن-العدد: 3366 - 2011 / 5 / 15 - 23:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إذا كان الاستبداد السياسي شرا محضا , فشر منه الاستبداد الديني إذ يظنه الناس من دين الله بينما هو حرفة كهنوتية . وليس أحد أضَرَّ بالدين من كاهن يُحسن القول ولا يحسن الفعل , ويخاف الفرعون ولا يخاف الله .
ولما أصبح الدينُ حرفة بات الفقيهُ ضرورة , وفيما بعد , سلطة تعاونت مع السلطان على قمع الناس , ولا يحتاج الناس إلى الفقيه قدر حاجة السلطان إليه , وبهما ظل الإسلام عبر الزمن رهين المحبسين : السلطان والفقيه .
وعموم الناس يجهلون طرق الاستدلال والبراهين لذا فَهُم محتاجون إلى"الفقيه"الذي يظنونه عليما معصوما ويسهل عليه ما يتوعرعلى غيره , فنشأت سلطة الكهنوت , مع أن حقائق الوحي والدين التي تُحقق سعادة الناس في مجتمع فاضل , حقائق بسيطة يمكن لكل الناس فهمها دون وساطة أو تدخل من أحد . وبذا يتحول الدين في يد الكاهن إلى عصا سحرية يبيعها للسلطان , ويفرضان علي الناس القهر فرضا. إنه الكاهن الذي يسمي ظلم سيده عدلا وكفره إيمانا , فقد ساق له المال مالم يسُقه له دين . لقد صلب السلاطينُ الأنبياءَ , ودق المساميرَ في أيديهم الكهنةُ أنفسهم .
والتحرر من ربقة سيطرة الكهنوت في الغرب لم يكن نتيجة لتنازل طوعي من الكهنة , ولكنه تم رغم أنوفهم . ودحرت القوى العَلمانية رجال الكهنوت الذين كانوا يهيمنون على مسيرة التاريخ وصنع أحداثه .
ولا يمل الوعاظ في المساجد من استرهاب الناس من جهنم وبئس المصير ويلوحون لهم بأنواع عجيبة من التعذيب , وعددوا لهم صنوفا من الكبائر مرتكبها في قعر الجحيم لا محالة , ويصورون الله في صورة مرعبة وكأنما يسعى إلى تعذيب عباده على كل شاردة وواردة , مع أنهم يقرءون في كتابه :
" مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ " النساء147, "وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ " الأعراف 156 , والفقهاء هم السبيل الأوحد لإرشاد الناس إلى بر الأمان واتقاء مخابئ وفخاخ التنين !
" وفي اليونان القديم كان الدين للسذج والفقراء بمثابة فخاخا من الخوف لا سبيل للخلاص منه إلا بأداء طقوس " التطهير والتكفير" وهي طقوس غيبية ترشد الناس إلى ما يجب اتباعه , وكانت تؤدَّى في قاعة خاصة حيث السرية التامة للأمور الدينية , وهي وسيلة التكفيرعن الذنوب كي لا تطول مدة التعذيب في الجحيم , وهذه الكفارة أدت إلى ابتداع صكوك الغفران " .
والارتزاق بالدين قديم قِدم التاريخ نفسه , فإلى جانب الإقطاعيات الضخمة التي امتلكها كهنة مصر القديمة "كانوا يصرفون كل همهم إلى بيع الرُّقَى وغمغمة العزائم وأداء المراسم والطقوس السحرية , ووُضعت صيغ التمائم والرقى وبيعت للناس لتخلصهم من كثير من ذنوبهم , وتضمن للشيطان نفسه دخول الجنة . وكان على المصري التقي أن يتلو في كل خطوة من خطواته صيغا عجيبة يتقي بها الشر ويستنزل الخير" .
وكانوا يغرقون المصري في تفاصيل من العبادات والعقائد ويضفون الغموض والإبهام والسحر حتى على ممرات المعابد وقدس الأقداس, تماما مثلما يُغرق المشايخ الناس في تفاصيل "دينية" كثيرة ابتدعوها وابتدعوا الحاجة إليهم لحلها وفك طلاسمها : مثل علاج المس من العفاريت والشياطين , وحل ربط مذاكير الرجال المسحورين , والعكوف على أذكار وأوراد وأدعية وطقوس ببغاوية , وغير ذلك من بدع أحاطت بحياة المسلم فأدخلته في عبودية جديدة .
ولترسيخ السلطان الروحي للكهنة في مصر القديمة كان لابد من تخويف الناس من الآخرة والحساب , " فضاعف الكهنة من أخطار الآخرة وزعموا أن بوسع الكاهن أن يمد الموتى في كل المواقف الخطرة برقية قوية تنقذه لا محالة , وكان لديهم رقى أخرى تمنع الميت من فقد فمه أو رأسه أو قلبه , وأخرى تمكنه من التنفس والأكل والشرب , ومنها ما يمنع الماء الذي يشربه أن يستحيل لهبا ".
وكان "كتاب الموتى" للرقى والتعاويذ أشهر كتاب كهنوتي في النصْب الذي مارسه الكهنة على الناس , "وبسبب ثقة الناس العمياء بهذه التعاويذ امتلك الكهنة فرصة لا حد لها في الكسب , وبالغوا في ابتكار تعاويذ جديدة باستمرار لبيعها للمشترين السذج الذين كان عددهم في ازدياد , وساعدت تلك الوسيلة على زيادة مخاوف الشعب من أخطار الحياة الآخرة , كما ساعدت على نشر الاعتقاد في كفاية مثل هذه الوسائل في درئها , وأوهموا الناس بأن طريق المتوفى تحيطه النيران وكان لابد من الهلاك إذا لم تكن لديه رقية ليخرج بها من النار , ورقية لمنع أخذ رأس الرجل منه , ورقية لمنع إجبار المتوفى على أكل برازه , ورقية لحمايته من الثعابين " .
" وقد ابتليت الأديان عامة بطبقة من الناس - رجال الدين - أوغلوا في استغلال الناس باسم الدين , وهو أمر لم يقتصر على دين معين, وإنما كان استغلال البسطاء والعامة باسم الدين أمرا شائعا وقديما قِدم الفكر الديني , وبالمقابل كان لابد من ردود فعل على هذا الاستغلال للفكر والدين" .
وانبرى لكشف الدجل الديني عقلاء اليونان ومفكروها , فكان سقراط يسخر من الآلهة ويندد بخضوع الناس لها , الأمر الذي تهدد مصالح أرباب الارتزاق الديني , فانتهى أمره بإرغامه على الانتحار بتجرع السم لقاء كفره . " وعارض أفلاطون عقيدة التطهير والتكفير لأنه كان يراها بدعة من المستغلين للحصول على أكبر قدر من المال مقابل ما يمنحونه من العفو الإلهي عن كافة الآثام التي ارتكبها عملاؤهم حتى المتوارث منها من الأجداد عن طريق تقديم القرابين والذبائح - وكأنها نذور اليوم التي يقدمها الناس ليستجيب الله لهم وهي في حقيقة الأمر تقع في جيوب خدم المساجد ووعاظه- وموقفه هذا يماثل موقف مارتن لوثر من إنكاره على الكنيسة بيع صكوك الغفران " . كذلك سخَر أرسطو من الكهنة وأسرارهم المقدسة . وبعد الفلاسفة والعقلاء والمصلحين , استكمل الأنبياء مسيرة تحرير الإنسان من الكهنوت والطبقية , غير أن الأديان السماوية سقطت هي الأخرى رهينة في أيدي رجال الدين والفرعون والملأ . لقد بصق الكاهن على الدين بدلا من أن يقبله !



#نبيل_هلال_هلال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا يمكن اعتلاء ظهوركم مالم تنحنوا:
- خانقاواتنا وجامعات أوروبا :
- هذا هو محمد وهذا هو المسيح
- العقل المسالم والتعليم السلمي
- القطة تعض والنار تحرق- أو الاسترهاب بالمقدس
- نقائص العقل العربي
- فشل نظامنا التعليمي هو الحارس الأمين لخيبتنا
- لا يجوز طباعة القرآن بآلة الطباعة ,لأن المطبعة صنعها الكفار
- إن بطشي أشد من بطش الله –هل ترضى أن يحكمك مَن هذا عقله؟
- اضحك مع الصوفية , فشرُّ البلية ما يُضحك :
- لماذا نخشى الدولة الدينية وحكم المشايخ -أو الإسلام الذي فارق ...
- في الدولة الدينية يكون الناس هم الحمير التي يمتطيها ولى النع ...
- الكهنة كالدابة الحَرُون التي تقف حين يُطلَب جريُها – أو هل ن ...
- حريتك لا تجاوز حقك في المفاضلة بين الفول أو الكشري
- الملوك المستبدون يزنون بالأمة كلها نساء ورجالا
- ما رأي الله تعالى في حدود العلاقة بين الحاكم والمحكوم:
- كانت المسافة بين الحاكم والمحكوم كالمسافة بين راعي المواشي و ...
- -لص بغداد الظريف-أشهر حرامي في القرن الرابع الهجري كان أشرف ...
- الحاكم الظالم كراكب الأسد يهابه الناس وهو لما يركب أهيب-المق ...
- ماذا لو حاكَم النبيُ محمد (ص) نظامَ مبارك . أو حد الحرابة بي ...


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نبيل هلال هلال - لقد بصق الكاهن على الدين بدلا من أن يقبله