نبيل هلال هلال
الحوار المتمدن-العدد: 3305 - 2011 / 3 / 14 - 15:32
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
النظام الاستبدادي هو الذي يحدد المسموح به وغير المسموح , فليس للناس التدخل بأي صورة في طريقة حكمهم واختيار من يحكمهم وماذا يفعل بهم . ويضيَّق عليهم دائرة الاختيار حتى تكاد تقتصر على مجرد المفاضلة بين أكل الفول أو الكشري , ولبس السروال أو الجلباب .
وبعد الإخفاق الاقتصادي والعلمي وفشل الرئيس في تحقيق إنجازات حقيقية - فليست له الكفاءات المطلوبة - لأن مهارات الحكم وسياسة أمور الناس مهارات إدارية خاصة لا تتوافر بالضرورة لذوي الحسب والنسب الملكي , ولا يتوارثها الخلف من السلف - لابد له من إنجازات وهمية بديلة مثل الفوز بمباراة للكرة , أو تعظيم الاحتفال بافتتاح كوبري أو مزرعة دواجن أو سوق للسمك .
والحاكم يمثل نظريا سلطة الجميع , فإذا تجاوز حدود الدستور تسقط شرعية تمثيله للناس , فالسلطة هي مجموع إرادات الأفراد وليست مستقلة عنهم , والطاعة للخليفة ليست أبدية وغير مشروطة , فلا حق له في طاعة الناس إن خالف أحد شروط العقد الاجتماعي المبرم معهم , وإذا انتفت المصلحة بتعاقد الحاكم مع المحكوم كان من حق الناس- بل من واجبهم - الخروج على السلطان الجائر , وهو خروج غير مجرَّم إذا لم يحقق السلطان مصالح الناس , وهو واجب حتى وإن ترتب عليه الإضرار " ببعض " الناس , فذلك من باب اختيار أهون الشرين , فشر إراقة الدم بالخروج مؤقت وظرفي , أما فساد المستبد فشر دائم يترتب عليه ضياع " كل " الناس .
وفي هذا المقام لا يفوت الفقيه السلطاني استخدام واحدة من حيله الفقهية اسمها " درء المفسدة مقدم على جلب المنفعة " , فهو لا يجيز الخروج على ولى نعَمه بدعوى أنه "قد" يترتب على ذلك شرور من جراء الاقتتال والمدافعة , وهي في نظره محض مفاسد حتى وإن لبت الغاية من ورائها , وذلك كله دون نظر إلى حجم "المفسدة" أو"المنفعة" !
وإذا تلاشى الشعور الإنساني بالمساواة ووجوب العدل , كان من اليسير ركوب طبقة فوق أخرى دون أن تجد الطبقة المستضعَفة مبررا قويا للثورة واستعادة حقوقها , ولذا فإن التسليم بقدسية الخليفة النبوي أو جلالة الملك أو سيادة الرئيس أو نيافة الأمير.... ينفي من الوجدان الشعبي الشعور بالمساواة , وأمكن للسلطان الظالم أن يفعل بهم ما يشاء دون استنكافهم , وهم في ذلك مذنبون كل الذنب ويتوعدهم الله بجهنم لقاء استخذائهم , واسمعه يقول :
{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراً } النساء97 . والأمم التي حازت الشعور بالمساواة هي التي ناهضت الظلم والطغيان , وهو شعور أكد عليه الإسلام نظريا غير أنه قد حيل بينه والتطبيق العملي بمساعي من السلطان والكاهن والملأ .
#نبيل_هلال_هلال (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟