أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - جمال علي الحلاق - التمثال لا يسقط منفرداً














المزيد.....

التمثال لا يسقط منفرداً


جمال علي الحلاق

الحوار المتمدن-العدد: 3347 - 2011 / 4 / 26 - 14:43
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


ما يهمني من كلّ ما يحدث في العراق والوطن العربي من أقصاه الى أقصاه ، هو هذا ( المزاج الجديد ) للتغيّر والتغيير داخل بنية العقل ، هو هذه القدرة على طرح السؤال .
الذات ليست مدانة ، بل النظام المعرفي الإجتماعي ككل .

***

مزاج جديد للرؤيا ، أشبه بمجسّات جديدة ، تتحسّس العالم والحياة بشكل آخر ، رغبة عارمة للخروج من الأطر التي تحجّم القدرة على التفكير ، وتعيق الحركة .

***

كما لو أنّها لعبة شطرنج .
الشعوب الآن تتحرّك بتلقائية جميلة ، تلقائية بإيعاز داخلي جداً ، الفرد العربي – ولأوّل مرّة - يقترب من ذاته حدّ الإلتصاق بها ، لأوّل مرّة يمتلك الإحساس بالأنا ، الأنا المنفتحة على الآخر .
وبالتأكيد فإنّ الرؤساء والملوك ، البقايا الرثّة لزمنٍ رثٍّ ، هم أضعف أحجار الشطرنج الآن .

***

عندما يسقط حجرٌ لتمثال ، نسمع صدى دوّيٍّ متتالٍ لانهياراتٍ هنا وهناك داخل بنية المجتمع ككلّ ، إنّها انهياراتٌ لكلِّ ما يمكن أن يستتنسخ الرتابة والجمود . هكذا ، التمثال لا يسقط منفرداً .

***

أنظر الى القتل في ليبيا وسوريا واليمن والبحرين والعراق أيضا ، أرى الدماء على الشوارع ، والأرصفة ، والحيطان ، أرى الدماء تحلّق ، وأراها تعوم أيضاً ، الدماء هي كلّ ما يمكن أن تقدّمه الحكومات الآن لشعوبها ، ومع هذا فالقضية أكثر سعة من تغيير المالكي أو بشّار أو معمّر وعلي ، القضية أكبر بكثير من تغيير ملك البحرين أو ملك الأردن ، هناك رغبة تنمو لكنس الثقافة المتوارثة التي تُغذّي هذه الأنظمة ، وهذه الطواطم ، الشركات الداعمة ورؤوس الأموال .

***

المزاج الجديد ، في الرغبة ، في مواصلة الإحتجاج ضدّ تعليب العقل أو تأجيله ، ضدّ إستهلاكية العقل عبر ترديدات ببغائية مجوّفة ، دينية ، حزبية ، عرفية .

***

يولد العربي داخل بواتق عديدة بعضها داخل بعض ، إبتداءً من بوتقة العائلة ، فالدين ، فالحزب ، فالمجتمع ، فالدولة ، كلّها جميعاً تصبّ في نفس المجرى .
التعليم الحكومي ، التربية المنزلية ، النظام الإجتماعي ، كلّها أشكال مختلفة تنتج نسقاً إجتماعياً واحداً .
الحرام ، الممنوع ، غير الجائز ، العقاب ، الإهانة ، التشهير ، كلّها مفاهيم إجتماعية تجعل الفرد يتقنفذ ، تقتل لديه حسّ المبادرة .
النظام الإجتماعي بأكمله قائم على إجهاض أيّ إحساس بالتفرّد ، أيّ إحساس بالخصوصية .

***

تتمّ قراءة التفرّد بغباء مطلق على أنّه أنانيّة ، وليس حياةً خارج نطاق الرقابة الحكومية ، والتدخّل العائلتي ، وخارج نطاق ثقافة الفضول الإجتماعي .
هناك إصرار متواصل بشكل بكتيري على كمّ الأفواه ولجم العقول النافرة ، ومع هذا يتمّ التبجّح داخل كلّ البواتق الإجتماعية بانّها مع السؤال ، وبأنّها مع التفكير ، وبأنّ العقل العربي في جوهره إحتجاج ضدّ العنف والفقر والجهل وهلم جرّا .

***

أحدهم يحاول الآن أن يهشّم زجاج البواتق كلّها بضربة واحدة ، هكذا ، يحاول تحطيم الأبوّة الزجاجية ، أحدهم يستمع الآن لنبض حياته ، يستمع لحركة الماء في الأغصان والأوراق ، أحدهم يحاول الآن ، هو أنت ، وهو أنا ، وهو الأخرون ، كلّنا يحاول إنتشال ما يستطيع من هذا الخراب الكبير .

***

إمرأة كبيرة السنّ تجعل من مسبحتها روزنامة تُحصي بها الأيام المائة لعطوة المالكي ، وتجعل من زيارة نصب الحريّة كلّ جمعة طقساً حياتيّاً جديداً . هكذا ، الناس تخلق طقوسها ، وتعلن إنتماءها لنبض الشارع ، للحياة .

***

رجل آخر ، وبعفويّة مطلقة يردّد : " الفيس بوك على كلّ ظالم " . الفيس بوك وليس الله . الفعل وليس التمنّي .

***

المزاج الجديد للشارع العربي هو بذرة تشكّل العقل الجديد ، عقل قائم على هدم التوريث ، توريث الماضي ، توريث السلطة ، توريث الجهل ، القمع ، العنطزة ، والأنا الفارغة .
لن أكون حالماً ، فالطفرات الاجتماعية لا تحدث بغتةً ، ولا تأتي إعتباطاً ، لكن ، ما أعرفه ، وما أراه بوضوح ، أنّ الشعوب العربية قد تجاوزت نقطة الصفر ، عبرت حدود الخطوط الحمراء ، لقد وضعت أقدامها أخيراً على أرضية النفق الذي ينتهي بضوء .
إنتهى زمن المشي في أنفاقٍ غير نافذة .

***

أرى وأفرح ، ضوء الحريّة ، ضوء الإنفتاح ، ضوء التأقلم على الإحتمال ، التأقلم على وجود الآخر ، الآخر المنفتح أيضاً ، ضوء الخروج من وهم المعرفة المطلقة ، وهم الصنميّة ، وهم العبادات بكلّ أشكالها .

***

الإنسان حرٌّ ، وهو لونٌ لا يشبه الألوان الأخرى ، لون يجعل الحياة زاخرة بانثيالاتٍ قزحيّة ، ليست سواداً ولا بياضاً ، ولا حتى تدرّجاً رمادياً ، الحياة كتل ألوان هائلة تتفتّح ، ليس كعواصف ترابية تدفن المدن ، أو تحيلها الى مقابر ، بل تتفتّح مثل أفقٍ من الورد إحتجاجاً ضدّ القبح .

***

المزاج الجديد يعي تماماً أنّ الرؤساء والملوك ليسوا وحدهم من يؤثّث الخراب ، ويعي جيّداً أنّ التغيير ينبغي أن يكنس التفاصيل الجزئية كلّها . الملابس العتيقة وشمّاعتها .

***

لا جدوى من التشبّث أيّها الماضي ، إنّه جيل جديد يسخر بكلّ ما هو ثابت ، يستهزئ بكلّ ما هو جاثم مثل جبلٍ غثٍّ على العقول .
جيل جديد ، سأكون سعيداً لو تقبّلني كي أقف بين شبابه وأرفع لافتة التغيير ، سأكون سعيداً أن أحمل مكنستي أيضاً . المكنسة ليست ممحاةً ، بل فرشاة بألوان أخرى ، فرشاة تحاصر الفساد ، تجعله قبيحاً ، بل تجعله يشمئز بنفسه من قبحه ، وتجعل العقل ( العشائري / الطائفي / القومي ) تجعلهم جميعاً في سلّة واحدة ، تكشف عن ضحالة الرؤيا التي يحملونها للحاضر والمستقبل .

***

الجيل الجديد وحده ، خارج المراجع والأساتذة ، وحده يعيد صياغة نفسه وعقله ، وحده يعيد صياغة لغته أيضاً .



#جمال_علي_الحلاق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آنَ للشارعِ أن يُحرّك الدُمى
- فرح كلّه قشعريرة
- المشي على الحبل : قراءة في اللحظة التاريخية الراهنة
- المكنسة شعار الثورة العراقية
- خدمات لا مساجد
- أزمة الثورة الإنفعالية
- نحن جيل محظوظ
- هل يحقّ لنا إغلاق المساجد ؟ قراءة في سطحية الخطاب الإسلاموي
- أزمة الإيمان والمؤمنين
- أزمة المعرفة الجاهلة
- من دكتاتورية الفرد الى دكتاتورية المجتمع
- الصخرة لا تنزل يا كامو / إعتذار متأخّر لبشرى
- قلق البوصلة ... الى مَنْ ؟ والى أين ؟
- نزهة القائد العام للحواس
- إحباط ليس في أوانه
- بين كلب جياكوميتي وكلب أبي / صفحة من كتاب أصدقائي
- آني جدّي قرد
- مراسيم الدّفن الجميل / صفحة من كتاب أصدقائي
- الى ليلى محمد أقف على رؤوس أصابعي
- قراءة منحازة لحادثة أحمد عبد الحسين وتداعياتها


المزيد.....




- أضرار البنية التحتية وأزمة الغذاء.. أرقام صادمة من غزة
- بلينكن يكشف نسبة صادمة حول معاناة سكان غزة من انعدام الأمن ا ...
- الخارجية الفلسطينية: إسرائيل بدأت تدمير رفح ولم تنتظر إذنا م ...
- تقرير: الجيش الإسرائيلي يشكل فريقا خاصا لتحديد مواقع الأنفاق ...
- باشينيان يحذر من حرب قد تبدأ في غضون أسبوع
- ماسك يسخر من بوينغ!
- تعليقات من مصر على فوز بوتين
- 5 أشخاص و5 مفاتيح .. أين اختفى كنز أفغانستان الأسطوري؟
- أمام حشد في أوروبا.. سيدة أوكرانية تفسر لماذا كان بوتين على ...
- صناع مسلسل مصري يعتذرون بعد اتهامهم بالسخرية من آلام الفلسطي ...


المزيد.....

- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة
- فريدريك إنجلس . باحثا وثوريا / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - جمال علي الحلاق - التمثال لا يسقط منفرداً