أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نعيم آل مسافر - من الملك فيصل الثاني حتى حسون الأول















المزيد.....

من الملك فيصل الثاني حتى حسون الأول


نعيم آل مسافر

الحوار المتمدن-العدد: 3332 - 2011 / 4 / 10 - 18:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سألني كثيرون : الدم العراقي يجري انهارا منذ الأزل, وهنالك مليون حسون قتل, فما الجديد في ذلك ؟؟ بل إن البعض قالوا لي بصراحة : لقد أبرمتنا بكثرة الحديث عن حسون !!!
ولهم الحق في ذلك.. فإذا استسهل قتل ملك العراق الشاب, فيصل الثاني, بدم بارد.. من ضغطة زناد عسكري .. وقتل أول رئيس للجمهورية العراقية الزعيم عبد الكريم قاسم, في مبنى الإذاعة بدون محاكمة.. وقتل عالم العراق محمد باقر الصدر بدم أكثر برودا.. وُضيع قبره لعقود طويلة من السنين .. فكيف لا يستسهل قتل فقير العراق حسون؟
وإذا كانت مدينة بالكامل تباد بلحظات.. كما حصل في (حلبجة).. وتمحى قرى بالكامل من على وجه الأرض, كما حصل في الأنفال .. وتدفن آلاف العوائل أحياء ً .. كما حصل في المقابر الجماعية .. وإذا كان ألف شخص يقتلون على جسر الأئمة في بغداد, بيوم واحد .. ونكتفي بلجنة تحقيق, لم يكشف عنها لحد الآن .. وغير ذلك من الجرائم البشعة .. فما قيمة دم حسون المسكين؟ ومن سيتذكره أصلا ؟
علما أن الذوات الذين ذكرتهم أعلاه, قد طالب من طالب بهم .. وكشفت الكثير من مظلومياتهم .. أما حسون فلم يطالب به أحد .. بل إن البعض أستكثر عليه أن أقوم بالمطالبة به , بشكل سلمي .. أو توضيح مظلوميته.
وقبل الإجابة على أؤلئك المستكثرين .. لابد من تتبع جريان دم الشباب العراقي , منذ بداية الحكم الجمهوري و لحد الآن .. ابتداء من دم الملك العراقي الشاب فيصل الثاني .. حتى العامل العراقي الشاب حسون الأول .. ولأكثر من خمسة عقود..
وهذا لا يعني أن العهد الملكي كان مثاليا, وليس فيه ظلم .. كما لا أريد هنا الوقوف مع أو ضد الملك .. ولكني أذكره لأنه قتل بهذه الطريقة.. وكان يمكن أن ينفى إلى بلد آخر, كما حصل لملوك مصر وإيران .. أو أن يحظى بمحاكمة عادلة.. لأنه ملك العراق أولا وحفيد أول ملك يتربع على عرش الدولة العراقية الحديثة بداية العشرينات.. وكما في القول المأثور فأن (المرء يكرم في ولده).
لكني أريد القول: إن تسارع الأحداث في الخمسين عاما الماضية, بعد حكم العسكر.. جرى الدم فيها أنهارا ً أنهارا.. وبشكل غير مسبوق.. وإن قتل الملك الشاب بهذه الطريقة الفجة, مع جميع أفراد عائلته.. كان من أسباب التجرؤ على الدم العراقي.. وكما قال الإمام الحسين (ع) لقاتليه : (إن قتلتموني فلا تقدمون على رجل من بعدي فتهابون قتله) .. لأن قتلة ابن بنت رسول الله (ص) .. لا يمكن أن يرف لهم جفن, عند الإقدام على قتل أي احد .. وهذا ما حصل بعد ذلك.
وحتى في فترة حكم الزعيم عبد الكريم قاسم.. وبالرغم من مبدأ التسامح الذي أطلقه (عفا الله عما سلف).. لم يتوقف نزيف الدم العراقي.. وقد طال الاضطهاد حتى مؤيديه من شيوعيين, وديمقراطيين, وفقراء.. بسبب بعض الذين تسلموا مراكز حساسة في حكومته.. من الذين يعتبرون عبد الكريم قاسم وبالا ً على القومية .. أمثال العقيد شمس الدين عبد الله رئيس المحكمة العرفية وغيره* .. بل استغل أعداءه مبدأه ألتسامحي هذا وقتلوه ..
إذن جرت انقلابات وإعدامات , وتعليق بأعمدة الكهرباء .. وسحلت الجثث بالشوارع .. وقامت ثورات سوداء وبيضاء , ومن كل الألوان .. واختلفت تسميات القتلة من الحرس القومي , إلى الحرس الجمهوري .. والجرائم البشعة التي ارتكبوها .. إلى حكم العبثيين .. حيث امتلأت السجون بالشباب في عقد السبعينات .
واختلفت أسباب القتل فهذا شيوعي وذاك إسلامي .. وهذا عميل وذاك خائن .. وهذا عربي وذاك كردي .. حتى جزعت المقاصل من تلك الرقاب الندية .
وفي الثمانينات جاءت الحرب الضروس الطاحنة .. واستمرت تطحن شبابنا ثمان سنوات .. فامتلأت المقابر, والحدود , والأنهار, والجبال بهم .
وابتدأ عقد التسعينات بحرب الخليج الثانية , أم المهالك .. التي نهشت فيها طائرات قوات التحالف ما نهشت , من أجساد الشباب .. وقامت على أثرها الانتفاضة الشعبانية .. التي ابتكرت لها المقابر الجماعية .. حيث لم تعد المقابر الفردية كافية.. وتلاها حصار جائر بغيض .. فتوزعت دماء الشباب العراقي على خارطة العالم .. وهم يحاولون الفرار بطرق غير شرعية .. من سجن كبير اسمه الوطن .. بينما ظل نهر الدم , جاريا في الداخل أيضا ..
وبعد خمس وأربعين عاما من الحكم الجمهوري أو العسكري .. حكم الحديد والنار.. وبعد كل ذلك التعذيب والقتل والتهجير .. سقط الصنم وانتهى حكم العسكر .. وجاء الحكم المدني البرلماني الديمقراطي .. فاستبشر دم الشباب خيرا.. وظن للوهلة الأولى أن جريانه سيتوقف.
لكنه ما لبث أن جرى من جديد .. فهذا شيعي وذاك سني .. وهذا كردي وذاك عربي .. وهذا مسلم وذاك مسيحي .. وهذا مع المحتل وذاك ضده ووو و ... الخ.
وعودا ً على بدء .. فمنذ مقتل الملك الشاب فيصل الثاني عام 1958م , حتى مقتل العامل الفقير الشاب حسون الأول عام 2011م .. جرت انهار من الدماء.. الأمهات تلد, والأرض تئد .. الشباب يجرون دما , والأمهات تجري دمعا .. ويقتل اليتامى ويتركون ورائهم يتامى آخرين .. ليكون الأيتام الجدد, ضحايا لمحارق أخرى, ولحكام جدد .. وهكذا دواليك , في حلقة مفرغة من الدماء والدموع ..
والمشكلة الكبيرة, أن دماء الشباب ليست رخيصة على الحكومات المتعاقبة, والسياسيين فقط .. بل يؤسفني القول, أنها كانت رخيصة حتى على أهاليهم أيضا.. فبمجرد الحصول على تعويض من الدولة.. كما كان يحصل في الثمانينات.. حتى ينسى ذلك المسكين.. أو عندما يحصلون على فصل عشائري, أو أي تعويض آخر, ينسى مصابه .. ويتحول إلى صورة مزججة, معلقة على الحائط.. عليها شريط أسود.. أما إذا تزوج أحد أخوته زوجته, فحتى الصورة لا تعود ضرورية..
وليست الحروب والإعدامات, هي السبب الوحيد في الموت المجاني .. بل إن الكثيرين ماتوا بسبب صعقة كهربائية, من ماطور الماء في البيت .. فبما أن الماء ضعيف يضطر المرء لسحبه بفمه من الماطور فيموت , ويترك وراءه أيتاما .. ومن العجب العجاب أن لا يتوفر الماء في بلد النهرين !!!
وكثيرين ما توا بسبب حوادث السيارات .. لأن السيارات كثيرة, والشوارع باقية لم تتغيير منذ عهد العصملي .. أو لأنهم غير ملتزمين بقواعد السلامة .. من ترك مسافة أمان اثناء السير , أو عدم ربط حزام الأمان .. وكم من أناس ماتوا بسبب عدم وجود طبيب أخصائي خافر .. أو عدم توفر جهاز أوكسجين .. أسباب الموت كثيرة في البلاد .. وهذا على سبيل المثال لا الحصر.
وكمن رجال قتلوا في عمليات سلب أو نهب .. وقد أقدم الكثيرون على القتل من أجل دين مالي بسيط .. أو من أجل ساقية ماء, أو كلمة نابية .. والكثير من الشواهد تشير إلى إن أعداد كبيرة من النساء قتلت على الشبهة والظن السيئ .. أو في قضايا غسل عار, اكثرها مزعومة.
وهنا نخلص إلى نتيجة مفادها : أن الحكام الجائرين, ليسوا هم السبب الوحيد في إراقة الدماء .. وأن رخص الدم ثقافة شعب, وليس تجبر حاكم فقط ..
ومما لا شك فيه, أن القاتل عندما يعلم علم اليقين , أن بإمكانه الفرار من العقاب .. يصغر القتل في عينه .. وعندما يعرف المجرم , أن عشيرته تدفع ثمن دم المقتول (الفصل)* .. حيث تجمعه العشيرة .. فتكون حصة ما يدفعه كل فرد خمسة آلاف دينار مثلا ً , أي ما يعادل أربعة دولارات .. فلماذا لا يقتل لأتفه الأسباب ؟
إذن يجب أعادة النظر بثقافتنا كشعب , في رخص الدم .. واستسهال إراقته .. ومن ثم نفرض تلك الثقافة على الحكام .. كما يجب إعادة الهيبة والكرامة للدم العراقي .. وبالتالي كرامة الإنسان العراقي ..
لماذا نموت في سبيل الآخرين , ويتنعمون بموتنا ؟ لماذا نموت في سبيل الوطن , ويعيش أولادنا غرباء فيه من بعدنا ؟ لماذا نموت في سبيل الله ؟ لم لا نعيش في سبيل الله ؟
يجب أعادة النظر في منظومة القيم الاجتماعية .. وبعد ذلك نعيد النظر في منظومة القيم السياسية .. يجب أن يعز دمنا في عيوننا, حتى يعز في عيون الآخرين.
ومن هذا المنطلق , وإشاعة لثقافة احترام الدم العراقي .. أطالب بدم حسون, وبالطرق السلمية .. وأدعو الجميع للمطالبة بذلك .. فلا فرق بين دمه ودم العالم أو الملك أو الرئيس .. أو أي بريء آخر .. قتل ظلما وعدوانا .. فحرمة الدماء عند الله واحدة.. وأمام القانون واحدة أيضا ً ..
كما لا أبتغي من المطالبة هنا أن يخصص مبلغ مالي لأمه , كتعويض .. أو إقامة نصب حسون المجهول .. على غرار نصب الجندي المجهول .. أو أن تكتب عنه رواية , أو يمثل عن حياته مسلسل , أو مسرحية .. وإن كان حسون جديرا بكل ذلك وأكثر.
بل أبتغي من المطالبة: أن يكون الدم العراقي البريء عزيزا ً .. وأن تعتبر إراقة قطرة منه, ولأي سبب من الأسباب, جريمة لا تغتفر .. ولينادي جميع المطالبين :
أما آن لهذا النزيف أن يتوقف؟؟؟
لا مظلومية كمظلوميتك يا حسون ..
وللحديث بقية.
***************
* عبدالكريم قاسم رؤية بعد العشرين
*الفصل : مبلغ من المال تدفعه عشيرة القاتل إلى عشيرة المقتول كتعويض.



#نعيم_آل_مسافر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابو عهد يبحث عن حسون في السوق
- لو ترك (الموت) لنام
- قال الشاعر ح4
- الرموز _ قصة قصيرة
- قال الشاعر ح3
- جرار القطار
- رحلة في متاهة الضوء
- قال الشاعر ح2
- قال الشاعر ح1
- رحيم الغالبي كما عرفته
- اذا الديمقراطية وئدت
- ليس بعيدا عن هنا
- الأختلاف والخلاف
- النقد والتجريح
- قصة قصيرة


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نعيم آل مسافر - من الملك فيصل الثاني حتى حسون الأول