أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نبيل عبد الأمير الربيعي - العنف ..... والعنف المقدس















المزيد.....

العنف ..... والعنف المقدس


نبيل عبد الأمير الربيعي
كاتب. وباحث

(Nabeel Abd Al- Ameer Alrubaiy)


الحوار المتمدن-العدد: 3310 - 2011 / 3 / 19 - 22:19
المحور: حقوق الانسان
    


العنف هو حقد فاسد لحقوق الإنسان وهو جريمة بحق البشرية جمعاء ولسلوكية الإنسان كثيراً ما تخلق الأحداث الماضية في المجتمع الذي يعيش فيه عقد نفسية تؤدي به إلى الاندفاع ببعض العادات والأفكار الموروثه لا شعورياً , وهناك بعض المواريث الاجتماعية المتراكمة وغياب الديمقراطية مما يؤدي بالا ٍنسان الى الاستبداد وظلم الآخرين , ويؤكد الدكتور علي الوردي : كل إنسان ميال الى الاستبداد والظلم حين يترك على دست الحكم منفردا يحكم كما يشاء.(1)
وقد تكون هناك بعض الأمراض النفسية والإختلالات العصبية تقود الإنسان الى العنف اٍضافه إلى الوضع الاجتماعي الموروث الذي يعيش فيه وخاصة الفرد العراقي,
ومن مظاهر العنف وأسبابه هو مرور الدولة بفترات الحروب والفوضى وغياب القانون ولكنها تختفي بمراحل الاستقرار والسلام والرفاهية.
إن ظواهر التطرف والعنف والتعذيب وقسوة المعاملة التي مارستها دولة الدكتاتور السابق لا يمكن فصلها عن الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتربوية التي سادت في الوقت الحاضر بين بعض الأفراد وكأن القتل والتشريد والتهجير القسري جزء من تلك الأسباب الهمجية التي مورست ضد العراقيين.
إن العنف وأساليب التعذيب أو القسوة وارتكاب الجريمة وعدائية التصرف هي سلوكيات مكتسبة في المجتمع ومن المجتمع ذاته وعبر أجيال متتابعة , وقد تكون القوانيين والأنظمة السائدة في البلد هي أحد أسباب العنف لدى الأفراد منها الأعراف العشائربة والبدوية في ترحالهم وسيطرتهم على بعض المناطق الزراعية وزيدت الإنتاج والتعامل القاسي للسيد مع الفلاح واعتباره عبد يمتلكه إْسوه ببقية وسائل الإنتاج.
عند نشؤ تطور الملكية الفردية وتقسيم العمل الاجتماعي وزيادة الانتاج والتبادل عمل أساسه المنفعة الفائضة في الإنتاج والطلب على الأيدي العاملة للعمل في الأرض مما يسلك الفرد الى الحروب والغزوات كوسيلة اقتصادية للحصول على أسرى حرب وعبيد لإستخدامهم في نشاطه الاقتصادي لتنمية ثروته, وهذا يرتبط بإستخدام العنف والجور والإضطهاد ضد الآخرين والمجتمع.أما إذا زالت الرغبة في التملك وسيطرة التسلط أو فرض السلطة على الآخرين فقد ساد التعاون بين البشر وهذا مستحيل لأن الإنسان صفته الأنانية وحب التملك.
ومن آثار الظلم والجور والاضطهاد للبشرية والخوف مما دفعهم إلى التقية أو إبداء موقفين متباينين إزاء مسئلة واحدة بهدف الحصول على الشيء بعيداً عن احتمال التعرض إلى العقوبة والاضطهاد المحتملين.
من أسباب نشؤ شخصية الطاغية المستبد عبر السنين في العراق هو التأثير للأنظمة السياسية والاقتصادية والعبودية لتملك وسائل الإنتاج والملكية الخاصة قبل الإسلام ,كذلك العلاقات الإقطاعية بعد ظهور الإسلام.
ويؤكد الدكتور كاظم حبيب: إذا كانت العلاقة بين الدولة والإنسان أو المجتمع وما يزال الشغل الشاغل للإنسان وللعاملين في مجالات السياسة والفلسفة وكثرة من المصلحين على إمتداد تاريخ البشرية. وما وصل إلينا من وثائق ومعلومات عن الإنسان في العهود السومرية والبابلية والآشورية ,أو الفرعونية والفارسية تميط اللثام عن الكثير من تلك العلاقة بجوانبها الايجابية والسلبية , التي تتجلى بوضوح كبير في القوانين التي عرفها العراق القديم مثلاً, وعلى وجه الخصوص قانون حمورابي.(2)
لقد تميزت شخصية الطاغية المستبد بأمره بالقوة والجور على شعبه والفساد لفترات طويلة مما تسببوا في سيول من الدماء ودموع الناس. وقد تدل الدلائل للطاغية المستبد صدام حسين بإزدواجيه مرضية, فهو من جانب يدعي الإبوه لشعبه والسهر على أمنهم وراحتهم وضمان سلامتهم , ومن جانب آخر يغوص في دماء شعبه من قتل وتهجير ونحر الدماء في سجونه لمن يشاء من معارضيه وهذه سياسة كل الحكام والأَمراء والملوك الذين مروا بحكم العراق ويروي الطبري : إن عدد من أعدمهم أبو مسلم الخراساني في المشرق بلغ ستمائة ألف رجل وأمرأة وغلام.(3)
ويذكر الدكتور كاظم حبيب حول مواقف بعض المعارضة الحالية يقول: إن في صفوف المعرضة العراقية, في كل منا , يوجد شيء ما من صدام حسين, من سلوكه الاستبدادي , فهو وليد هذا المجتمع وليس غريباً عنه, وهو نتاج العلاقات التي سادت العراق طيلة قرون كما انه وليد علاقات التصارع في المجتمع ويعبر عن مصالح جزء من هذا المجتمع ويعمل بالضد من مصالحة .... لقد تسنت للمعارضة الوصول الى السلطة وحلوا محل صدام حسين وان خلافاتهم مع صدام حسين لم يكن بسبب جرائمه بحق المعارضة والمجتمع العراقي بقدر ما كانت شخصيه ثم خلافات ونزاعات عائليه وعشائرية.(4)
وقد تحقق ما تنبأ به د. كاظم حبيب بكتابه المشار أليه من إن في شخصية الفرد العراقي جزء أو شيء من عنف وسادية صدام حسين وما حل بغراق اليوم بعد سقوط النظام هو يحمل جزء من تلك الصفات السادية لبعض الأطراف.
كما ان لرجال الدين في الدولة الإسلامية أيام الخلفاء الأمويين والعباسيين دوراَ إستثنائياَ في تطوير ذهنية التعذيب وأساليبه لدى الحكام في الدنيا وليس في الآخرة , انها تشير الى خيال سادي مريض وإرهابي مقدس , وشرس كما يذكر العلامة هادي العلوي سليل الحضارتين حين كتب يقول: ولجهنم أوصاف كدسها الوعاظ تصدر عن خيال إرهابي مفرط. (6)
ولنقرأ الوصف الذي أوردة الغزالي في إحياء علوم الدين , كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , وهو على لسان جبرائيل في حديث له مع النبي حول الآخرة ونار جهنم( إن الله تعالى أمر بها فأوقد عليها ألف عام حتى أحمت, ثم أوقد عليها ألف عام حتى اصفرت , ثم أوقد عليها ألف عام حتى اسودت , فهي سوداء مظلمة لا يضيء جمرها ولا يطفيء لهيبها, والذي بعثك بالحق لو إن ثوباَ من ثياب أهل النار أظهر لأهل الأرض لماتوا جميعا).
وقد ذكر بعض السجناء في معتقلات مخابرات الدكتاتور كيف أوعز صدام حسين لخبراء يوغسلاف من بناء معتقل غرفها وأرضيتها وجدرانها بعضها سوداء وغرف أخرى حمراء وغرف أخرى صفراء , فما أشبه اليوم بوصف العلامة الغزالي لوصف الآخرة.
لقد مارست القوى الدينية السياسية المتطرفة في القرن العشرين نماذج صارمة للسادية الدينية التي يمكن أن تتجلى في سلوكية مأخوذة بالدين أو المسكون فيه , اذ يمارس ذلك بإسم الدين وهو مرتاح الضمير , إذ التعذيب في الإسلام والديانات الأخرى لا يخرج عن هذا التصميم .
ولأساليب التعذيب التي مورست من قبل الحكام في العهود السابقة ردت فعل لدى المواطنين, وعن ظاهرة التعذيب والقتل كردة فعل عن الاستبداد نفسه في نفسية المواطنين الذين يقاومون الاستبداد ويرفضون العنف والتعذيب والقتل عندما يكونوا هم تحت وطأته وضحاياه المباشرين دفاعاَ عن النفس إزاء سلطة كان همها حماية المواطنين وتوفير الأمن والاستقرار والعدالة.
لقد مورس التعذيب والقتل في عهود سابقة بأشد وسائل التعذيب انطلاقاَ من مواقع العصبية القبلية والتأييد الأسري في التأثير على المواقف المذهبية التي شملت بتحولها إلى الطائفية مقيتة حيث وقفت وراء هذا الصراع الكثير من الرغبات القبلية.
ويمكن أن يستعيد المرء ذاكرته للقسوة التي مورست ضد الصحابة وشيوخ العراق الصوفية ومنهم الحسين الحلاج والحسين ابن علي وصحابته وعائلته بأمر الخلفية يزيد بن معاوية للتخلص من المعارض للخلافة وهذه الأعمال لا تمحى من ذاكرتنا, كما لا تمحى من ذاكرة الخوارج في معركة النهروان الذي قُتلت أغلب محاربيهم وقادتهم, وما جرى للقرامطة على أيدي قادة الدولة العباسية الإسلامية من مناضلي القرامطة وثوار ثورة الزنج في جنوب العراق والمعارضة السياسية من الجور وما قام به الخلفاء, وما قام به خلفاء وحكام الدولة العثمانية والتفريق والتفكيك في المجتمع العراقي لوحدة سكانه وطوائفة وديانته في منطقة واحدة, ومذابح الآشوريين والكلدانيين والآيزيديين والكرد في كردستان العراق من صفوف العنف والاضطهاد والتمييز والقتل.
أما الدولة الحديثة بعد ثورة العشرين فقد قد الشعب العراقي الكثبر من قوافل الضحايا والشهداء السياسيين والمعارضين فلم يعرفوا طعم الهدؤ والراحة والاستقرار ولم يهنأوا بحياة حرة كريمة ولم ينالوا حظهم من خيرات بلدهم النفطية ولهذا الوقت.
فبعد نهاية الحرب العالمية الثانية وبخاصة في أوائل عام1946 هبت على الحزب الشيوعي العراقي رياح عاتية في العراق لتهز جذعة وتيقط أوراقة ومن ثم لتخلخل جذوره , ولم تستطع من قيادات إقطاعية وكومبرادورية وبرجوازية صغيرة , بعد ان استنفذت الأغراض المطلوبة من خلال سني الحرب وحرمت العمال من نقاباتهم التي أشرف الحزب الشيوعي العراقي على تأسيسها ووجهت البنادق الى صدور عمال النفط في كركوك.
إذا كان كل هذا العذاب وأساليب القتل والانكسار النفسي فماذا سيصبح الطفل العراقي وما هي نتائج التعذيب عند معايشتها من قبل الفرد وحتى الطفل سينشأ أطفال انطوائيين مكسورين نفسياً وأما أطفال شرسين يقاومون التعذيب بالتعذيب والقتل بالقتل والدم نتائجة الدم والرعب يولد الرعب والقسوة تولد القسوة ازاء المجتمع , لقد مُسخ الإنسان وإهانة كرامته وسجنه وتعذيبه نفسياَ وجسديا ومن ثم موته ودفنه في مقابر جماعية.
كلمة الحرية كلمة حلوه ... مرة المذاق في أفواه القوى السياسية التي ارتقت الى سدة الحكم في عملية انتخابية هي الأولى من نوعها في تاريخ العراق المعاصر.



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر/
1-د.علي الوردي. مهزلة العقل البشري ص71
2- د. كاظم حبيب. الاستبداد والقسوة ص213
3- هادي العلوي. فصول من تاريخ الإسلام السياسي ص288
4-د. كاظم حبيب. المأساة والمهزلة في العراق
5-د.كاظم حبيب. الاستبداد والقسوة في العراق
6- هادي العلوي. فصول من تاريخ الإسلام السياسية335




#نبيل_عبد_الأمير_الربيعي (هاشتاغ)       Nabeel_Abd_Al-_Ameer_Alrubaiy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حروفنا الجميلة......... والكائن اليشري
- جان دمّوا .. شاعر آخر يتوارى
- احتفال الشيوعي ابن الحلة الفيحاء( احمد يحيى بربن )في زنزانة ...
- نساؤنا أملنا
- البروليتاري عبد الله حلواص.....المناضل الغائب الحاضر
- داخل حمود ...شهيدا
- ابنة الفرات الأوسط... الشهيدة فوزية محمد الشمري(أم سعد)
- الراهبه في صومعة الآداب .. الراحلة حياة شرارة
- الفنان المبدع والمناظل...رشاد حاتم
- قصر النهاية ...مثرمة اللحم البشري
- الحزن العراقي ...يخيم على بلدي الجريح
- هادي الهلوي.... المثقف القطباني
- عقيل علي... ومأسات شاعر
- ناظم حكمت والنزوح للحرية
- المغني والشاعر والمعلم فيكتور جارا
- دعوة لدراسة ظاهرة الزواج المبكر


المزيد.....




- إجلاء مئات المهاجرين المتحدّرين من جنوب الصحراء من مخيمات في ...
- إجلاء قسري لمئات المهاجرين المتحدّرين من جنوب الصحراء من مخي ...
- وقفة أمام مقر الأمم المتحدة في بيروت
- نائب مصري يحذر من خطورة الضغوط الشديدة على بلاده لإدخال النا ...
- الأمم المتحدة: فرار ألف لاجئ من مخيم إثيوبي لفقدان الأمن
- إجلاء مئات المهاجرين الصحراويين قسرا من مخيمات في العاصمة ال ...
- منظمة حقوقية: 4 صحفيات فلسطينيات معتقلات بينهن أم مرضعة
- السفير الروسي ومبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا المستقيل يبحثان ...
- قرابة 1000 لاجئ سوداني يفرون من مخيم للأمم المتحدة في إثيوبي ...
- جامعة كولومبيا تكشف تفاصيل حول المحتجين المعتقلين بعد اقتحام ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نبيل عبد الأمير الربيعي - العنف ..... والعنف المقدس