أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عبد الأمير الربيعي - الفنان المبدع والمناظل...رشاد حاتم















المزيد.....

الفنان المبدع والمناظل...رشاد حاتم


نبيل عبد الأمير الربيعي
كاتب. وباحث

(Nabeel Abd Al- Ameer Alrubaiy)


الحوار المتمدن-العدد: 3303 - 2011 / 3 / 12 - 20:32
المحور: الادب والفن
    



لقد عرف عن الفنان التشكيلي والمعلم رشاد حاتم، ثبات مواقفه الوطنية ، وسطوع قيمه الإنسانية ، ووضوح مواقفه الاجتماعية التقدمية ، والتي دفع ثمنها سنوات من عمره الجليل في سجون عهد النظام الملكي في سجن نقرة السلمان وسجن الكوت،انتزعت من فرصة شعبنا للتنمية والتقدم ، لان حياة الفنان رشاد حاتم وغيره من مبدعي العراق هي فرص وهبت لشعبنا لكي يتقدم بها . لكن الوحوش انتزعوها من بين إضلاع تاريخنا ، فقاموا بإقصاء هؤلاء المبدعين عن مواقع الفن والجمال الفني والابداع، ومازالوا يستأصلون مصادر الإبداع ويطحنون المبدعين تحت عجلات التخويف والعوز والتهميش والتضليل والإقصاء، لان رشاد حاتم لم يكن الا فنان بالفطرة لينقل هموم ومعانات شعبه والجماهير الكادحة وحياة رفاقه في السجون للمناظلين السياسيين.
ولد الفنان الراحل رشاد حاتم عام 1912 في بغداد ورحل عام 1976 وقد كانت للفنان
جانبا من تجربته النضالية والإنسانية والإبداعية في السجن ،يقول احد المواكبين له في السجن عندما كان محكوما مع يوسف سلمان يوسف (فهد) ورفيقيه حازم وصارم: في تلك الآونة استقدم الانجليز فرقة للسيرك – للترفيه – عن السجناء، وكان السجناء متحلقين حول الفرقة يتابعون باسترخاء فقرات البرنامج الساخر الذي تقدمه الفرقة..لكن رشاد حاتم وحده كان يلاحق الثعالب بمرح لفت انتباه رفاقه واستغرابهم ..دون أن يجدوا تفسيرا لـخفة الرفيق رشاد حاتم الذي عرف بالرصانة.. وبعد انتهاء الزيارة بدد الفنان دهشة رفاقه عندما اخرج حفنة من شعر الثعالب بقبضته من جيب سرواله وهو يقول منتشيا: لقد غنمت ما يكفيني لصنع عشرات الفرش للرسم!..
كان رشاد حاتم واحدا من أولئك المثقفين الذين أبدعوا في تصديهم للاستعمار بأساليب نضالية تنظيمية مختلفة ، وقدموا نتاجات ثقافية شكلت احد أسس الثقافة والعلوم والاداب والفنون الوطنية العراقية التقدمية الحديثة.. واسهموا بشكل جوهري في تهيئة الظروف السياسية والثقافية والنفسية والتنظيمية التي مهدت وشاركت في انتصار ثورة 14 تموز المجيدة عام 1958 بقيادة الزعيم الوطني المرحوم عبد الكريم قاسم.
من هو رشاد حاتم¿يذكر الكاتب رشيد كرمة المقيم في السويد ان الفنان رشاد حاتم
ابتدأ رحلة الرسم في سن الرابعة عشر¡ وله محاولات عديدة لتطوير الفن الانطباعي عمل مع البعثة البولونية في أواسط العشرينات وعمل مع فائق حسن وشارك عام 1941 في معرض جمعية أصدقاء الفن ولقد سجن مع يوسف سلمان يوسف ( فهد ) القائد الشيوعي الفذ¡ ولقد تذمر يوماً داخل السجن كونه لا يجد مناخاً ملائماً للرسم¡ فأجابه فهد عليه أن يهدم جدار السجن وسيجد الحرية¡ ولقد شارك عام1957 في معرض أقيم في نادي المنصور لرسامي العراق كافة افتتح من قبل الملك فيصل الثاني.)

في بداية عام 1963 شارك في معرض طاف عدة دول أوربية والولايات المتحدة الأمريكية وكان منظم المعرض الفنان الراحل خالد الجادر واستمر المعرض في أثناء الانقلاب الفاشي في 8 شباط ولم يتمكن الجادر من العودة إلى الوطن¡ أودع رشاد حاتم المعتقل ( النادي الأولمبي ) وأطلق سراحه فيما بعد. كرمته وزارة الثقافة والإعلام أيام كان وزيرها شفيق الكمالي وكان مريضاً في المستشفى وذلك في عام 1974 واستلم الجائزة نيابة عنه احد أبنائه.. ولرشاد حاتم ثمانية أبناء يتناصفون ذكوراً وإناثاً جميعهم يعيشون خارج العراق¡ ويحتفظون بلوحات الراحل سواء التي تمكنوا من جلبها معهم أو تلك التي بقيت في مكان أمين.. إنها مُلك العراق¡ وتجسدت قدرة ومهارة ( رشاد حاتم ) على تصوير الحياة اليومية للمناضلين داخل السجن ( نقرة السلمان¡ وسجن الكوت ) .
أن (رشاد حاتم) و كما يذكر حنا بطاطو حُكِمَ مع ستة آخرين بالإعدام وكان ضمن قافلة الرفاق( فهد وحازم صارم)¡ إلاّ أنه لم يعدم !!ولقد رحل عن الدنيا عام 1976 واعتبر واحداً من الرواد في الفن التشكيلي ومجدداً أيضاً..
ويذكر الكاتب محمود حمد تحت عنوان(خَتّان تشكيلي.فَنان تشكلي.كله تشكيلي ):-
(..في تلك الآونة وأنا افترش الأرض الترابية تحت الشجرة المنعزلة في فناء إدارة الجنسية بالمأمون لأيام عسيرة..تذكرت حديث فنان الشعب رشاد حاتم ..في آخر لقاء له مع مجموعة من الإعلاميين والفنانين ..وهو يقلب بعض صفحات الحوارالتي كانت تجري في سجون العهد الملكي..
مستذكرا:
قال لي الرفيق فهد مصححا قولي "إني فَنان" ..
قل:
فُنّان..ولا تقل ..فَنان!..
لأن "فَنان" بفتح الفاء تعني الحمار الوحشي ..
أما "فُنّان" بضم الفاء وتشديد النون فتعني :الحِرَفي المُتقِن لحِرفته والمبتكر فيها..
فأجبته – يقول - المرحوم رشاد حاتم:
ألف حمار وحشي ولا فُنّان واحد..رفيق هذي "الفُنّان" تقطع النفس من واحد يقولها..ثم منو الليّ يفَرْزِن بين الحمار الوحشي ..والحِرَفي المُبتكر!؟
قلت مع نفسي :
لو يدري فناننا الزاهد رشاد حاتم ومعلمه فهد.. إن فتح الفاء قد جعلني خَتّاناً ..فماذا سأكون لو ضَمَمْتَها وشَدَّدت النون.)
ويذكر المفكر حسقيل قوجمان في مقابلة له:( . وفي السجون تعرفت عن قرب بشخصيات عراقية لها تأثير في الحياة السياسية والثقافية العراقية مثل زكي خيري، والفنان رشاد حاتم، وعزيز الحاج الذي إلتقيته في سجن الكوت، وجعفر أبو العيس، والشاعر صالح بحر العلوم وغيرهم الكثير,
- كان بين السجناء الذين حكم عليهم في السجن مع الرفيق فهد سنة 1947 الفنان الكبير رشاد حاتم، الذي استطاع خلال وجوده في سجن الكوت ان يحصل على كمية كافية من مواد الرسم التي يحتاجها، ومن ثم نقلها معه الى نقرة السلمان. استطاع هذا الفنان ان يرسم لوحات زيتية كبيرة ورائعة لمختلف مناحي الحياة السجنية. كان هذا الفنان يجلسنا كنماذج اثناء الرسم، فسجل عشرات اللوحات التي تصور حياة السجناء اثناء ادائهم مهامهم السجنية. عجبت في حينه من انه لم يرسم اية صورة شخصية لأي سجين من السجناء ولا حتى العناصر القيادية. وحتى في لوحاته التي رسمها عن حياة السجن لم يرسم اي وجه يمكن منه ان يستدل على شخصيته. ولكني ادرك اليوم ان هذا الفنان كان ذكيا بعيد الافق. فلو أنه رسم وجوهاً واضحة للاشخاص في لوحاته لكانت قيمتها الفنية قد هبطت إذ ما هبطت مكانة ذلك الشخص الحزبية او السياسية. ولكن عدم وجود صور واضحة للاشخاص يبقي القيمة الفنية للوحة على ماهي مهما تغيرت الظروف. لا ادري ما حل بهذه اللوحات الفنية الرائعة. هل دمرت اثناء الهجمات البربرية والمجازر التي حدثت في السجون أم أفلح رشاد حاتم في انقاذها واخراجها من السجن الى الحرية معه؟ أتمنى لو أنه أفلح في انقاذها لتبقى ذخراً فنياً وصفحة تاريخية رائعة لحياة السجون السياسية في العراق.)

المتتبع الفطن لمسار الحركة التشكيلية العراقية لا بد وأن تثيره ظاهرة الانتشار الواسع لأعداد هائلة من الفنانين الذين يمتلكون الإصرار على تعميق الجدة والحداثة والبحث الدائب على التقنيات والخامات المتنوعة والموضوعة الرصينة، دون الإغراق في المباشرة.. سواء عبر المذاهب الفنية التي تنهل من التجريد أو الواقعية أو التعبيرية التجريدية أو بقية المذاهب والمدارس الفنية الأخرى كالسريالية والانطباعية والتكعيبية .. وغيرها، وذلك منذ أسس رواد الفن العراقي الحديث اللبنة الأولى لفن معاصر بعد أن تعمقت تجارب بعضهم نتيجة البعثات الدراسية لعواصم أوروبية عريقة في هذا المجال "لندن، باريس، روما" منذ بداية ثلاثينات القرن الماضي (أكرم شكري، فائق حسن، عطا صبري، حافظ الدروبي وجواد سليم) وآخرين وأوصلوا مسيرتهم الفنية بذات القوة والعمق كالفنان الانطباعي رشاد حاتم مدرس الرسم في إحدى مدارس بغداد آنذاك والذي تدرب على يديه الكثير من الفنانين والفنان محمود صبري الذي درس علم الاجتماع في بريطانيا وتجاوز منفاه الأربعة عقود. نستشف من ذلك حركية وتطور الفنون التشكيلية (رسم ونحت وسيراميك) وبإندفاعة قوية، هي تعبير صادق عن ما يعانيه الفنان في مجتمع قاسى من نظام متخلف لا يفهم العملية الثقافية والفنية والتربوية إلا بما يفيد أغراضه، ونتيجة لذلك أنشطر الإبداع العراقي داخل وخارج العراق .
وعندما اشتكى الرسام رشاد حاتم في يوم من الأيام من ان جدران السجن حرمته من الرسم فقال له الرفيق فهد : ( ادفع جدران السجن وتصور الناس والطبيعة) .
الشيوعيون الأبدييون أقرب لنساك ورهبان ومتصوفة في صوامع متباعدة، تشتعل في أعماقهم نار هادئة متواصلة تستقي زيتها مما تحلل في الأرض من رفات الأحياء والأموات! ومن أحبار الكتب القديمة المقروءة منها وغير المقروءة, يتحملون أن تكون أعمارهم احتضاراً طويلاً في مخاض ميلاد أملهم من أجل الدنيا ومن أجل الناس.



#نبيل_عبد_الأمير_الربيعي (هاشتاغ)       Nabeel_Abd_Al-_Ameer_Alrubaiy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصر النهاية ...مثرمة اللحم البشري
- الحزن العراقي ...يخيم على بلدي الجريح
- هادي الهلوي.... المثقف القطباني
- عقيل علي... ومأسات شاعر
- ناظم حكمت والنزوح للحرية
- المغني والشاعر والمعلم فيكتور جارا
- دعوة لدراسة ظاهرة الزواج المبكر


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عبد الأمير الربيعي - الفنان المبدع والمناظل...رشاد حاتم