أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - مصطفى عنترة - خطاب أجدير وسؤال التعدد الثقافي واللغوي بالمغرب















المزيد.....

خطاب أجدير وسؤال التعدد الثقافي واللغوي بالمغرب


مصطفى عنترة

الحوار المتمدن-العدد: 979 - 2004 / 10 / 7 - 10:04
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


يكتسي خطاب أجدير (إقليم خنيفرة) أهمية كبرى تتجاوز كونه مجرد خطاب، فقيمته تتمثل في أنه يؤسس لبداية "مغرب جديد" لم تعد فيه الأمازيغية لغة، ثقافة وهوية تعيش على الهامش السياسي، إذ دخلت هي الأخرى إلى المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي الذي نادى به الجالس الجديد على عرش المملكة المغربية. فالأمازيغية أصبحت محورا من محاور "التعاقد السياسي الجديد" المبرم بين القصر ونخبه، ذلك أن هذا التعاقد الضمني منح درجة لا بأس بها من الأهمية للنخبة "الأمازيغية الجديدة" التي انتقلت هي الأخرى إلى العمل داخل الحقل السياسي الرسمي قصد استكمال شعار "المصالحة السياسية" وتوسيع قاعدة التحالفات الاجتماعية وبالتالي لعب دور في مسلسل الشرعنة.
أسئلة عديدة طرحت ذاتها في تلك اللحظة التاريخية من قبيل، ما هي الفلسفة العامة التي حملها خطاب أجدير؟ ولماذا تم اختيار موقع أجدير لإلقاء هذا الخطاب؟ ولماذا تم إشراك ممثلي الأمة، الحكومة، الأحزاب السياسية، العلماء..؟ وكيف تعاملت الحركة الأمازيغية مع روح هذا الخطاب؟ إنها مجرد استفهامات راودت كل متتبع للتحول النوعي الذي شهدته المسألة الأمازيغية في بدايات حكم الملك محمد السادس.

الوثيقــــة:
لم تمر بضع أسابيع على خطاب العرش الذي حمل بين طياته مكسب إحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية حتى جاء خطاب ملكي مماثل من حيث الأهمية بأجدير نسبة إلى المنطقة الواقعة بالأطلس المتوسط على بعد كيلومترات عن إقليم خنيفرة، وهو خطاب تكميلي للأول. فالسياق السياسي الذي عرفته البلاد طبع هذه المحطة، ذلك أن أنشطة الحركة الأمازيغية كانت قد عرفت حصارا مخزنيا سلطويا من مظاهره المنع الذي طال العديد من التظاهرات السياسية والثقافية في مختلف المواقع الجغرافية بالمملكة، والتهميش الذي لقيته الأمازيغية على مستوى الميثاق الوطني للتربية والتكوين، ناهيك عن التضييق الممنهج على السلوك الاحتجاجي الأمازيغي إجمالا.. وهذا الوضع هو الذي أجج غضب "ايمازيغن"، مما جعلهم يعلنون عن عزمهم تنظيم مسيرة وطنية شعبية سلمية "تاوادا" من أجل دعم المطالب الأمازيغية، دون أن ننسى طبعا تداعيات التوتر الذي كانت تعرفه الجزائر بين سلطتها الحاكمة و"حركة القبايل".. اعتبارا للتفاعلات الموجودة بين الجارتين على هذا المستوى.
ولا يصعب على أي متتبع أن يلمس أن خطاب أجدير اتسم بمميزات خاصة نسوق منها ما يلي:
أولا اختيار أجدير كموقع تاريخي، فهذا المكان كان قد جمع المرحوم الملك محمدا الخامس برجالات من المقاومة وأعضاء جيش التحرير قصد تسليم أسلحتهم إلى الدولة،
ثانيا إشراك ممثلي الأمة من سياسيين ونقابيين، وفعاليات دينية وثقافية، اقتصادية وجمعوية.. وقد كان الهدف من وراء هذا الحضور النوعي وضع ممثلي الأمة هؤلاء أمام مسؤولياتهم السياسية والتاريخية،
ثالثا حضور نخبة واسعة من النشطاء داخل الحقل الأمازيغي، ذلك أن القصر الملكي دعا مجموعة من الفعاليات الأمازيغية للحضور، وطلب منها إحضار لباس عصري، غير أنه تم العدول عن فكرة حمل هذه الفعاليات على ارتداء الزي المذكور هناك لتمنح لباسا تقليديا في آخر لحظة.. وجدير بالإشارة في هذا الباب أن بعض الوجوه الحاضرة لم تمثل داخل المجلس الإداري للمعهد خلافا للاعتقاد الذي ساد آنذاك داخل الحركة الأمازيغية،
رابعا ارتداء الملك للباس تقليدي تمثل في الجلباب و"الرزة" ( العمامة) تناغما مع الخصوصيات الثقافية والاجتماعية للمنطقة.
وقد كان الراحل الملك الحسن الثاني يرتدي مثل هذا الزي الرمزي خلال زياراته إلى المناطق التي تقطنها ساكنة تتكلم باللغة الأمازيغية، مع التذكير في هذا الباب بأن عقيلة الملك الراحل تنتمي إلى هذه المنطقة (قبيلة إيمحزان)، إضافة إلى أن الملك محمدا السادس سبق له أن أشار في إحدى استجواباته الصحفية إلى أنه نصف أمازيغي.
لقد جاء خطاب أجدير 17 أكتوبر 2001 ضمن سياق سياسي متميز عرفت فيه الأمازيغية نفض غبار النسيان عنها، ذلك أن روح هذا الخطاب/ الوثيقة كانت قوية، حيث تجاوبت مع بعض من الانتظارات الشعبية التي كانت موضوعة على أجندة الحكم.

الــدلالات:
أكيد أن دلالات ومعاني هذه المحطة كانت متعددة الأبعاد، فخطاب أجدير إذن، حمل في ثناياه ما يلي:
ـ الاعتراف بالأمازيغية كمكون ثقافي يضرب بجذوره في أعماق تاريخ الشعب المغربي، ومكون هوياتي يميز الشخصية الوطنية ويربطها بالتنمية المستديمة، ذلك أن القوى الديمقراطية اختزلت المفهوم الديمقراطي في جانبه السياسي وليس الشمولي الذي تعطى فيه للجانب الثقافي مكانته الطبيعية،
ـ رفع الأمازيغية عن مجال الهيآت السياسية والمدنية من خلال جعلها ملكا لكل المغاربة بدون استثناء، وذلك لكونها أصلا ليست حكرا على الناطقين بها أو على بعض الجهات المتواجدة بها، فهي ملك للرباطي، البيضاوي، الفاسي، المراكشي، السوسي، الدكالي.. تماما كما هي ملك للأمازيغي. إذن، فالخطاب الملكي قدم تصحيحا للخطاب السائد حول الهوية الثقافية أمام مختلف الهيآت السياسية والمدنية ووسائل الاعلام الحاضرة، معتبرا إياها( أي الأمازيغية) عنصرا أساسيا داخل ما يشبه نوعا من "التعاقد الثقافي واللغوي"،
ـ رسم صورة جديدة للأمازيغية، حيث لم تعد وصمة عار على جبين كل مغربي كما كانت طيلة قرون، بل أصبحت مصدر اعتزاز وفخر وشاهد إثبات على العمق التاريخي للمغرب وعلى استقلاله عن أقطار المشرق العربي، مع العلم بأن العديد من الجهات بمختلف ألوانها ومواقعها حرصت دوما على ربط المغرب بالجزيرة العربية!؟ فهذا الخطاب يعلن ضمنيا عن نوع من الاستقلال الفكري، الثقافي والهوياتي عن المشرق العربي،
ـ التأكيد على أن الأمازيغية عنصر جوهري داخل الهوية الوطنية، ذلك أن هذا المكون انضاف إلى باقي المكونات على اعتبار أننا إزاء هوية متجانسة ومتعددة الأبعاد. فالملك محمد السادس قام بعملية إعادة إدماجها داخل تربتها الطبيعية بعد المحاولات التي قامت بها الدوائر المحسوبة ثقافيا وسياسيا على القومية العربية قصد استئصالها من محيطها.
ـ رفض الاستغلال السياسوي للأمازيغية كيفما كانت طبيعته. وقد فهم من هذه العبارة أن نبرتها التحذيرية موجهة إلى دعاة تأسيس الإطار أو الحزب السياسي الأمازيغي بعد صدور البيان الشهير لصاحبه محمد شفيق وما تلاه من مبادرات فعلية تمثلت في جمع التوقيعات، تنظيم لقاء بوزنيقة الأول والثاني (الذي لم يكتب له النجاح إثر المنع الذي لحقه من طرف السلطات العمومية)، إحداث لجنة البيان الأمازيغي..إلخ.
ـ رسم مهام المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية كمؤسسة تتحدد مهامها في العمل على الحفاظ على الأمازيغية والنهوض بها وتعزيز مكانتها في المجال التربوي، الاجتماعي، الثقافي والإعلامي.
وقد خلف هذا الخطاب ارتياحا داخل أوساط الحركة الأمازيغية لكونها وجدت فيه إشارات دالة تؤشر على وجود إرادة سياسية لإحلال المسألة الأمازيغية المكانة اللائقة بها داخل الحياة العامة. وفي هذا السياق طالب الصافي مومن علي، عضو الكتابة الوطنية للجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي، في إحدى التظاهرات الثقافية بتخليد ذكرى هذا الخطاب وجعله عيدا وطنيا ورسميا، أي عيد تحرير الأمازيغية ومناسبة لتكريس ثقافة المواطنة، وتغيير عقلية شعبنا ووعيه المجتمعي الباليين.. كما شبه حسن أوريد، رئيس مركز طارق بن زياد، هذا الخطاب بثورة أكتوبر.. أيضا قامت بعض الفعاليات المحسوبة على اتحاد الحركات الشعبية بخلق إطار تحت إسم:"جمعية خطاب أجدير" بقيادة حسن الماعوني ( قيادي في الحركة الوطنية الشعبية)، حيث نظم ملتقى وطني بمدينة خنيفرة، تميز بمشاركة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية (بعد أن كان قد سطر تخليد هذه المحطة بالعاصمة الادارية للمملكة الرباط) وبعض الفعاليات المدنية..

المدخـــل الحقيقي:
مما لاشك في أن هذا الخطاب يعد في مضامينه استجابة نسبية لمتطلبات المرحلة التاريخية، تعبر عن مستوى الوعي الذي حصل داخل الحكم في المرحلة الانتقالية الراهنة، مع التأكيد أن موقف الدولة من الأمازيغية لا زال غامضا في غياب استراتيجية واضحة المعالم لتدبير المسألة التعدد الثقافي واللغوي، لكن تبقى مسألة الدسترة أي الحماية القانونية والدستورية بمثابة المدخل الحقيقي وكذا الضمانة الأساسية لكل اعتراف رسمي بأمازيغية المغرب.



#مصطفى_عنترة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لمـاذا يطـالب الأمازيغيـون المغاربة بالعلمـانية؟
- الدين والسياسة في استراتيجية الملك محمد السادس
- متى تستحضر المؤسسة الملكية بالمغرب الوعي بالعمق الأمازيغي؟
- محاولة رصد بعض -الصفقات السياسية- الأساسية المبرمة بين نظام ...
- هل المغرب في حاجة إلى حكومة سياسية؟
- مصطفى البراهمة قيادي في النهج الديمقراطي ذي التوجه الماركسي ...
- المغرب الحقوقي في قفص اتهام منظمة العفو الدولية!؟
- تأملات في خلفيات تنظيم مهرجانات ثقافية وفنية من طرف رجالات ا ...
- سؤال المخزن في مغرب الملك محمد السادس
- أبعاد وخلفيات تحاور السلطات المغربية مع شيوخ السلفية الجهادي ...
- أمازيغيو المغرب يطالبون الملك محمد السادس بدسترة الامازيغية ...
- حركية تغيير المواقع والمراكز داخل البلاط بالمغرب
- الشارع العربي يحاكم رمزيا الأمريكان في انتظار محاكمة الأنظمة ...
- حركة التوحيد والاصلاح المغربية بين الدعوة والممارسة السياسية
- الحـركة الإسلامية في عيون إسلاميين مغـاربة
- تأملات حول الزحف المتواصل للحركة التنصيرية بالمغرب
- عمر وجاج آيت موسى، الأمين العام للشبيبة الإسلامية المغربية ي ...
- عبد الله الولادي رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان يتحدث ح ...
- ميلاد تحالف يساري جديد خطوة جديدة نحو رد الإعتبار إلى اليسار ...
- حوار مع الصحافي خالد الجامعي


المزيد.....




- السعودية.. 28 شخصا بالعناية المركزة بعد تسمم غذائي والسلطات ...
- مصادر توضح لـCNN ما يبحثه الوفد المصري في إسرائيل بشأن وقف إ ...
- صحيفة: بلينكن يزور إسرائيل لمناقشة اتفاق الرهائن وهجوم رفح
- بخطوات بسيطة.. كيف تحسن صحة قلبك؟
- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - مصطفى عنترة - خطاب أجدير وسؤال التعدد الثقافي واللغوي بالمغرب