أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مصطفى عنترة - الحـركة الإسلامية في عيون إسلاميين مغـاربة















المزيد.....



الحـركة الإسلامية في عيون إسلاميين مغـاربة


مصطفى عنترة

الحوار المتمدن-العدد: 868 - 2004 / 6 / 18 - 06:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كشفت أحداث الحادي عشر من شتنبر عام 2001 والسادس عشر من شهر ماي للسنة الماضية عن وجود فصل داخل الحركة الإسلامية بالمغرب بين الاتجاه المعتدل والاتجاه المتشدد، لتبدأ بعدها مرحلة جديدة من تاريخها وكذا علاقتها بالسلطة، وذلك على الرغم من كون البعض لا يرى وجود لأي تمايز بين الاثنين، إذ يكمل الأول بشكل أو بآخر عمل الثاني وما يقوم به المتشدد في هوامش المدن وفي القرى لا يختلف في جوهره عما يقوم به الطرف المعتدل داخل مؤسسات البلاد.
لكن المهم في هذا وذاك أن هذه الأحداث الإرهابية أظهرت بالملموس وجود فاعل إسلامي سياسي يتحرك على الهامش، داخل الحقل الإسلامي غير الرسمي أو الحقل المضاد، فاعل لا يؤمن بالمشاركة السياسية، إذ يقوم بتكفير الدولة والمجتمع معا ويعتمد في أساليبه العملية والتواصلية على العنف سواء المادي أواللفظي، كما أن خطابه السياسي غير منسجم وتصوراته ظلامية بامتياز.. إلخ.
ففي الوقت الذي اصطدمت فيه مخططات التيار الإسلامي المتطرف (الصراط المستقيم، الهجرة والتكفير...) بعرض الحائط إثر الأعمال الإجرامية التي كانت وراءها، سارع في الحين التيار الآخر إلى الإدلاء بمواقف تدين العنف والإرهاب.. وقد فهم من هذه المواقف حينها أن التيارات الإسلامية المعتدلة حاولت توجيه رسالتين، الأولى إلى النظام السياسي بالمغرب والثانية إلى القوى الدولية الغربية، وخصوصا الولايات المتحدة الأمريكية راعية مشروع محاربة واستئصال الإرهاب الدولي.
ومما لاشك فيه أن أحداث 16 ماي التي كانت الدار البيضاء مسرحا لها، شكلت مناسبة جديدة للنظام السياسي، بعد أحداث الحادي عشر من شتنبر، قصد رسم استراتيجية جديدة للتعامل مع القوى الإسلامية، إلا أن الظاهر من كل هذا أن النظام لم يفلح نسبيا إلا في إضعاف البعض منها بغية المزيد من ترويضه وتطويعه، هذا دون أن ننسى أن هذه الأحداث مكنت الدولة من تحصين نفسها قانونيا ومؤسساتيا ضد الإرهاب بدءا بتمرير قانون مكافحة الإرهاب وقانون الأسرة وانتهاء بإحداث إصلاحات هيكلية داخل الحقل الديني (وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، رابطة علماء المغرب...).
لقد كان أغلب المهتمين والمراقبين للشأن الديني ينتظرون إقدام النظام على تشجيع التيارات الإسلامية المعتدلة وذلك من خلال التعامل الإيجابي مع مطالبها في اتجاه دفعها إلى محاربة مثيلاتها المتطرفة، مع العلم بأن البعض منها أطلق إشارات واضحة في هذا الاتجاه، لم تلتقط بعد من طرف الحكم إلى حدود الساعة..
وجدير بالإشارة في هذا السياق إلى أن تعامل فصائل الحركة الإسلامية قد اختلف مع مجمل الشروط السياسية التي أطرت أحداث الجمعة الدامي، فالعدل والإحسان أقوى هذه الفصائل تفادى التورط في المشاهد المخيفة التي شهدتها الساحة الوطنية قبيل هذه الأحداث، نفس الأمر بالنسبة إلى البديل الحضاري والحركة من أجل الأمة... خلافا لحركة التوحيد والإصلاح المقربة من حزب العدالة والتنمية، إذ عمد بعض رؤوسها إلى محاولة تأطير الشروط السياسية التي ولدت الأحداث الإرهابية والكل يتذكر تشكيكها في المعطيات التي كانت تتسرب بين الفينة والأخرى من أجهزة السلطة وأيضا دفاعها المستميت عن بعض الوجوه التي ستظهر الوقائع أن لها اليد الطولى من حيث التأطير المعنوي لهذه الأحداث فضلا عن مناهضتها للسياسة الأمنية ووقوفها وراء العديد من المشاهد المخيفة.. بل أكثر من ذلك لم يعد لسلوكها حدود بين الديني والسياسي بسبب عدم احترام مقتضيات "الميثاق" الذي سمح من خلاله لأصدقاء عبد الإله بنكيران الدخول إلى مجال المشاركة السياسية المؤسساتية عبر الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية لصاحبها الدكتور عبد الكريم الخطيب، رجل المخزن، والتي تحولت بعدها إلى حزب العدالة والتنمية.
فالدكتور الخطيب لعب بالأمس دورا في الوساطة بين النظام والجماعات الإسلامية السياسية، فهو الذي أوكلت إليه مهمة استقطاب العناصر المتطوعة للذهاب إلى أفغانستان وجمع التبرعات المالية..
هذا الدور لعبته وجوه أخرى في بلدان عربية وإسلامية مقربة من الولايات المتحدة الأمريكية، ذلك أن هدف المخابرات الأمريكية كان هو تجنيد عناصر لضرب النظام الماركسي بكابول المدعوم من طرف الاتحاد السوفياتي زمن الحرب الباردة.، مع الإشارة إلى أن الملك الراحل الحسن الثاني لعب ورقة الإسلام السياسي لضرب التطرف اليساري العلماني الذي كان سائدا داخل الساحة الوطنية، فبعض البلدان انخرطت بقوة في الاستراتيجية الأمريكية كالسعودية والباكستان وأخرى اختارت أسلوبا مرنا إذ قامت أنظمتها بإسناد هذه المهمة إلى رجالات مقربة منها.
ومن هذا المنطلق تحرك الدكتورعبد الكريم الخطيب، في هذا السياق، حيث لعب صلة الوصل آنذاك، لكن قضية اغتيال الاتحادي عمر بن جلون في 18 دجنبر 1975 أحدثت قطيعة بين الخطيب وأصدقاء عبد الكريم مطيع بعد تورط عناصر من الشبيبة الإسلامية في القضية المذكورة، نفس الأمر توثرت رسميا علاقته مع النظام إلى حين نهاية عقد الثمانينات وبداية سنوات التسعينات، حيث سيكلف الدكتور الخطيب بملف أصدقاء بنكيران ضمن استراتيجية الإدماج التي تحدث عنها إدريس البصري، وزير الدولة في الداخلية السابق، في سلسلة حواراته الصحفية حول علاقة حكم الملك الحسن الثاني مع الإسلاميين.
صحيح، لقد نجح النظام في المزيد من ترويض أصدقاء أحمد الريسوني(الرئيس السابق لحركة التوحيد والاصلاح)، إذ حاول رسم حدود جديدة في علاقة السياسي بالديني، ظهرت معالمها في المؤتمر الخامس لحزب العدالة والتنمية، لكنه لم ينجح بعد في تقريب التيارات الإسلامية المعتدلة منه ورسم صورة جديدة لمغرب خال من تيارات الإسلام الجهادي والإسلام البلاديني (نسبة إلى أسامة بن لادن) الذي دقت أحداث الحادي عشر من شتنبر بالولايات المتحدة الأمريكية ساعة زواله.. فقد كان حريا بالاثنين أن يجتهدا في إذابة جليد أزمة الثقة بينهما من خلال مراجعة بعض الفصائل الإسلامية لأفكارها ومواقفها، ولم لا إجراء نقد ذاتي شجاع وأداء "ضريبة" المشاركة السياسية من خلال الاعتراف بمشروعية الحكم...إلخ، نفس الأمر بالنسبة إلى السلطة من خلال التفكير في وضع "ميثاق" للتعامل بينهما مع العمل على اتخاذ الإجراءات اللازمة لعودة الشيخ عبد الكريم مطيع، وأطر حركة الشبيبة الإسلامية بالخارج، رفع الحصار الإعلامي على جماعة العدل والإحسان، الترخيص للبديل الحضاري والحركة من أجل الأمة للعمل في إطار الشرعية إلخ..
لقد استفادت الفصائل الإسلامية من أخطاء حركة الشبيبة الإسلامية في سنوات السبعينات من القرن الماضي، إذ قامت في أواخر الثمانينات وبداية التسعينات بمراجعة أفكارها وتصوراتها، حيث ظهرت مؤشرات وقوع نوع من الانفراج في علاقة البعض منها مع السلطة، كما أن النظام نفسه لم يعد يلجأ إلى استعمال لغة العنف والصدام في التعامل معها.
والحقيقة أن المغرب يتميز عن باقي بلدان شمال إفريقيا في مسألة التعامل مع الحركات الإسلامية لاعتبارات متعددة، في مقدمتها أن المغرب عاش التعددية السياسية منذ الاستقلال (ولو في شكلها الكاريكاتوري)، إذ لم يعش تجربة حكم الحزب الوحيد أو سيطرة الجيش..علاوة على المكانة المتقدمة للدين بوصفه مصدرا أساسيا يستمد منه الحكم مشروعيته بالمغرب، ناهيك عن كونه لم يكن في يوم من الأيام يمثل هيأة سياسية، إذ حرص الملك دوما على ممارسة دور الحكم بين الفرقاء السياسيين طبقا لما يخوله له الفصل التاسع عشر من دستور المملكة.
لقد كانت أحداث الحادي عشر من شتنبر بالولايات المتحدة الامريكية وأحداث الجمعة الدامي بالمغرب بمثابة "هدية" للنظام مكنته من تحصين مؤسساته ضد التطرف الإسلامي.. لكن عدم الإقدام على اتخاذ إجراءات سياسية جريئة تتمثل بالخصوص في القيام بإصلاحات سياسية ودستورية تقطع مع الماضي في سلبياته وتؤهل البلاد قصد ولوج مرحلة الانتقال الديمقراطي، فعدم القيام بذلك من شأنه إعادة شبح مشاهد الجمعة الدامي. وعموما يبقى السؤال الأهم هل استفادت القوى التواقة إلى التغيير من زلزال 16ماي، وهل سيشكل هذا الزلزال بداية لمغرب جديد يستفيد من أخطاء الماضي؟
ولملامسة موقف فصائل الحركة الاسلامية من التطورات التي عرفها المغرب بعد أحداث الجمعة الدامي، كانت لنا لقاءات مع بعض قادة هذه الفصائل وهم السادة:
ـ أيت موسى بنعمر وجاج، الأمين العام لحركة الشبيبة الإسلامية المغربية،
ـ المصطفى المعتصم، رئيس حزب البديل الحضاري،
ـ محمد يتيم، نائب رئيس حركة التوحيد والإصلاح،
ـ محمد المرواني، الأمين العام للحركة من أجل الأمة.



ـ المصطفى المعتصم، رئيس حزب البديل الحضاري:

ـ ما تقييمكم لواقع الحركات الإسلامية بالمغرب بعد أحداث 16 ماي بالدار البيضاء و11 مارس بمدريد وأيضا بعد تصريحات الجنرال حميدو لعنيكري،المدير العام للأمن الوطني، وإصرار الولايات المتحدة الأمريكية على دفع كل الأنظمة العربية والإسلامية للانخراط في استراتيجيتها المتعلقة بمحاربة ما تسميه بالإرهاب الدولي؟

أكاد أصل إلى حد اليقين بأن الجنرال حميدو لعنيكري والمخابرات الأمريكية والعربية وكل مخابرات العالم التي واجهت مثل الأوضاع التي يعرفها المغرب أو مصر أو السعودية أو تركيا إلخ... يعلمون جيدا محدودية المقاربة الأمنية ـ بالرغم من أولويتها وقيمتها في الحفاظ على أمن وسلامة المواطنين ـ في التصدي للإرهاب الذي يحمل العنوان الإسلامي. ويعرفون جيدا أن المقاربة الشمولية إلزامية لحل تعقيدات هذه الظاهر العنيفة.
وللأسف الشديد وفي غياب هذه المقاربة الشمولية أو محدوديتها قد تأتي الرياح بما لا تشتهيه سفن المقاربة الأمنية، إذ أن اعتقال أزيد من 2000 مواطن مغربي والزج بجلهم في السجون في ظروف أقل ما يقال عنها أنها مزرية ومحاكمتهم محاكمات سريعة وتوزيع أحكام قاسية في حقهم، شيء يدعو إلى القلق والخوف على المستقبل ويدفع إلى التساؤل: ألسنا بصدد إعادة تجربة مصر الناصرية؟ وألسنا ندفع أبرياء يحسون بالظلم والهوان وذنبهم الوحيد ربما أنهم تأثروا يوما بفكر ضبابي أهون من بيت عنكبوت إلى مدرسة الإرهاب والقتل؟ وألسنا نحول سجوننا إلى فضاءات لتأطير الشباب وتثقيفهم على فنون حروب العصابات وتعميم تجارب فئة قليلة من المتورطين في الإرهاب على ما يقرب من 1500 معتقل؟ ثم كيف يكون واقعنا حينما يتخرج هؤلاء وهم مفعمون بالغضب والرغبة في الانتقام من نظام سياسي ظلمهم ومن مجتمع لم يعبأ كثيرا لمعاناتهم؟
لقد ركزت في هذه المقدمة على محدودية المقاربة الأمنية بالرغم من أولويتها لأخلص إلى كون المجتمع والدولة المغربية مطالبان اليوم بمراجعة وتقييم كل ما بدر من مبادرات للتصدي لهذه الظاهرة الإرهابية وعلاجها العلاج الملائم الشمولي والعادل.
أما بخصوص واقع الحركات الإسلامية بعد أحداث 16 ماي بالبيضاء و11 مارس بمدريد فأعتقد أن كل حركة على حدة قد تفاعلت مع الأحداث بشكل خاص منها من سارع إلى المراجعة وإعادة الاعتبار إلى أدواره وترتيب أولوياته ومنها من قال أن الأمر لا يعنيه وأنه كان يتوقع ما حدث وأن لا شيء سيتغير.. إلخ.
على كل حال أقدر أن واقع الحركة الإسلامية بالمغرب عموما قد تحسن بالمقارنة مع وضعها عند وقوع الأحداث الدامية هذا من جهة، ومن جهة ثانية أستطيع أن أتجرأ على القول إن واقع الحركات الإسلامية اليوم شبيه بواقع الفاعلين الميدانيين الآخرين ببلادنا. فالجميع يعيش حالة من الترقب والتوجس والريبة في التعاطي مع مرحلة تتسم بالاضطراب والتعقيدات سواء الداخلية أو الخارجية.

ـ هل يمكن القول إن الحركات الإسلامية تواجه بعض الصعوبات بعد هذه الأحداث؟

من غير المنطقي القول إن الحركات الإسلامية لا تعاني ولا تواجه بعض الصعوبات، وهي صعوبات متعددة منها ما هو مرتبط بالظلم الذي طالها من بعض الاستئصاليين ومنها ما هو مرتبط بقانون الإرهاب، حيث أصبحت العديد من الحركات الإسلامية التي لا تتوفر على وصولات الإيداع القانوني تمارس آليات العمل السري بالرغم من كونها حركات علنية، منها ما هو مرتبط بتعقيدات المرحلة على الصعيد الدولي والإقليمي وتداعيات هذه التعقيدات على الصعيد الوطني وعلى وحدة المغرب الترابية إلخ

ـ ما هي طبيعة الصعوبات التي يمكن أن يكون تنظيم العدل والاحسان قد تعرض لها على ضوء هذه الأحداث؟
هذا سؤال يجب أن يوجه للإخوة في العدل والاحسان فقط أقول أننا في عالم يعيش على إيقاع وتيرة حمقاء ولا يكاد يلتقط أنفاسه من مشكل حتى يدخل في آخر ولا أعتقد أن أحدا من نشطاء وفعاليات المشهد السياسي وغير السياسي في المغرب قد تعود أو عهد هذا الإيقاع المعتوه في يوم من الأيام ولا أظن أن الحركات الإسلامية ومن ضمنها العدل والإحسان، ولا الأحزاب السياسية الأخرى ولا المجتمع المدني بأسره ولاحتى الدولة المغربية لا يعانون من صعوبات في هذه المرحلة والمتسمة بالتداخل وعدم الوضوح والكثير من التقلبات السريعة.
نحن جميعا شأننا شأن كل الأمة العربية والإسلامية لا نصنع الأحداث بقدرما تصنع بنا الأحداث ولا نضع استراتيجيات بقدر ما نخضع لاستراتيجيات الآخر، نعيش حالة من القلق والاضطراب لأننا لا نستطيع في وضعنا المتخلف أن نساير السرعة التي تتفاعل بها الأحداث من حولنا.

ـ ماذا عن مستقبل الحركات الإسلامية على ضوء ما عرفه العالم من أحداث وخاصة حزب البديل الحضاري؟
الموقع الذي ستحتله الحركة الإسلامية اليوم هو الذي سيحدد مستقبلها غدا. مستقبلها رهين بوعيها بالمرحلة، رهين بتعاطيها السليم ومن دون أخطاء مع هذه المرحلة وتعقيداتها، رهين بطبيعة التقييم والتقويم والمراجعات والمبادرات التي ستقوم بها. صعب علي أن أتصور مستقبلا زاهرا لمن يقول من أبناء الحركة الإسلامية أن لا شيء يتغير في المغرب ومن حولنا صعب على من يعيش الغربة الفكرية والوجدانية والتنظيمية ويعيش على "الستاتيكو" الفكري والسياسي ولا يكاد يراوح أفقه التنظيمي المغلق، أقول صعب عليه المستقبل.
بالنسبة إلى البديل الحضاري فإن ميزته وخاصيته هي أنه يعيش حالة من التوتر الفكري، والمراجعات المستمرة تجعله أكثر قدرة على التكيف مع المرحلة وأكثر براغماتية وأبعد عن الدوغمائية. يمكن أن نقول إن البديل الحضاري اختار موقعه بجانب القوى الديمقراطية والقوى التواقة إلى بناء مغرب التعايش والتسامح والتفاعل بين الحضارات، مغرب معتز بهويته وانتمائه الحضاري العربي والإسلامي ومنفتح على محيطه العالمي من غير عقد ولا انبهار، مغرب الديمقراطية الذي لا يقصي أو يهمش أحد ولا يكفر أحد مغرب المستقبل.

ـ محمد المرواني ، أمين عام الحركة من أجل الأمة:
ـ ما تقييمكم لواقع الحركات الإسلامية بالمغرب بعد أحداث 16 ماي بالدارالبيضاء و 11 مارس بمدريد وأيضا بعد تصريحات المدير العام للأمن الوطني وإصرار الولايات المتحدة الأمريكية على دفع كل الأنظمة العربية والإسلامية إلى الانخراط في استراتيجيتها المتعلقة بمحاربة ما تسميه بالإرهاب الأصولي ؟
الحركات الإسلامية المعتبرة بالمغرب لا زالت موجودة على الساحة ، تعمل وتشتغل وتقوم بواجباتها الدينية والوطنية برغم ضيق مساحة الحريات وتقلص هوامشها ، وهي تعرف أن طريقها مليء بالعقبات والتحديات وليست مفروشة بالورود والرياحين وبالتالي فهي مستعدة، بمقتضى الإسلام، للتعاطي مع المحن بروح صابرة ومصابرة ومرابطة لا تتردد ولا تلين ولا تستكين . وواهم من يعتقد أن مجرد وقوع تلك الأحداث المدانة أو استغلالها السيء قد يتيح الفرصة للقضاء عليها أو الحد من نموها وتطورها لأنها حركات أصيلة أصلها ثابت ومتجذر في الأرض المغربية شعبا وهوية.
وفي نظر الحركة من أجل الأمة، فنحن نعتبر حصول تلك الأحداث الأليمة بمثابة حادث شغل عرضي بقدر ما شوش على معركة الإصلاحات وساهم في التضييق على هامش الحريات وعلى دعم الانتفاضة المباركة ومناهضة العدوان على العراق بقدر ما فتح أعيننا جميعا على مسؤولية كل واحد منا دولة وأحزابا وقوى سياسية وحركات إسلامية وعلماء ومفكرين ومثقفين وغيرهم فيما جرى ليقوم الجميع بدفع المستحقات الواجبة عليه.
خلاصة القول إذن، فما جرى ليس نهاية تاريخ الحركات الإسلامية الوسطية، بل هو بداية تاريخها وعصرها على اعتبار أن أهم استخلاص مما جرى هو ضرورة تنمية الفكر الوسطي والمنهجية المدنية وثقافة الحوار وأدب الاختلاف وفسح المجال للقوى الوسطية.

ـ هل يمكن القول بأن الحركات الإسلامية تواجه بعض الصعوبات بعد هذه الأحداث ؟

الحركات الإسلامية المعتبرة بالمغرب لا تواجه صعوبات بفعل هذه الأحداث ، وهي تحاول فهم ما جرى لاستخلاص دروسه وعبره لتحصين ذاتها وتحصين محيطها من كل فكر قد يعيد إنتاج تلك الأحداث . لو أردنا أن نتكلم عن الصعوبات فيمكن أن نتحدث عنها قبل الأحداث وتتعلق باستمرار المقاربة الأمنية في التعاطي مع الحركات الإسلامية . ربما قد يكون للأحداث دور في تزايد المنطق الأمني ولكنه لم يكن تحولا بسبب الأحداث بل كان يعكس خط الاستمرار في تعاطي الدولة مع الحركات الإسلامية . ولذلك، فكل ما نتمناه اليوم هو أن تعيد الدولة حسابها بعد كل الذي جرى وتستخلص الدرس لجهة فسح المجال لتلك الحركات للعمل دون قيود اللهم إلا قيود القانون.
ـ ما هي طبيعة الصعوبات التي يمكن أن تكون الحركة من أجل الأمة قد تعرضت لها على ضوء هذه الأحداث ؟
بالنسبة إلى الحركة من أجل الأمة، كنا متأكدين من حصانة تنظيمنا ولم يكن واردا أن يكون للأحداث أي تأثيرات سلبية على وضعية حركتنا لسبب بسيط هو أن التوجه العقدي والفكري والسياسي والاستراتيجي الذي تعبر عنه الحركة من أجل الأمة هو توجه واضح ومعروف تؤكده وثائقها وأدبياتها وبياناتها الرسمية المختلفة: فالمشروع الذي تعبر عنه مشروع وسطي في خطوطه وتوجهاته واختياراته، فهي تروم الوسطية تعبيرا عن انتماء أصيل لأمة أصيلة حيث تبني مواقفها وتصدر أحكامها على أساس العلم والعدل .. وترى في الحوار سبيلا لترسيخ القناعات لأن القناعات تتأسس على الاختيار لا على الإكـــــراه . ولذلك ترفض العنف وتتوسل الأساليب السلمية المدنية لتحقيق أهدافها . وتتبنى، بناء على ذلك، استراتيجية التدافع المدني في البيان والعمل .
والحركة من أجل الأمة حركة منفتحة على قضايا العصر وتياراته وأسئلته تتبادل معروفه وتدفع منكره وتلتزم السياسة الشرعية مع المخالف في الاجتهاد أو المرجعية ومن ذلك تحرير الاختلاف وإقامة الحجة ورفع الموانع وتوضيح الأدلة وإفراغ الوسع في الحوار .
وهي أيضا حركة مستقلة عن أية جهة محلية أو إقليمية أو دولية ، وهي ذات اجتهاد تعمل على هديه وأساسه وترفض أن تتحول إلى أداة ضغط في مشروع الآخرين سواء كانوا حركات أم دولا كما ترفض أن تكون أداة في خدمة التوازنات السياسية الهادفة إلى إنتاج وإعادة إنتاج الهيمنة . وهي حركة مستقلة في وسائل تمويلها، اختارت خط التمويل الذاتي والاعتماد على الإمكانيات الذاتية لتحصين استقلال قرارها . والاستقلالية عندها لا تفيد الانغلاق أو الانعزالية : إنها تتعاون مع الغير على الخير من المتفق فيه وتسعى إلى توحيد الجهود الجادة والصادقة لما فيه مصلحة الأمة وخيرها وفلاحها.

ـ ماذا عن مستقبل الحركات الإسلامية على ضوء ما عرفه العالم من أحداث، وخاصة الحركة من أجل الأمة ؟

الحركات الإسلامية المعتبرة بالمغرب وعلى مستوى الأمة لها مستقبل أكيد وذلك لعدة أسباب أساسية : أولها، أنها حركات وسطية في مشروعها وفي وسائل عملها، تنبذ العنف وتتوسل الأساليب السلمية في بيانها وعملها. والخبرة التاريخية تؤكد أن الطبيعة الوسطية لأي مشروع هي الحصانة الحقيقية لاستمراره . وتؤكد في المقابل، أن الغلو والتطرف قد يحدثان ضجيجا ظرفيا ولكن سرعان ما يتم تجاوزه. ولذلك، استطاعت التيارات والمذاهب الفكرية والفقهية الوسطية لوحدها البقاء والاستمرار على امتداد التاريخ فيما اندثرت كل التيارات المتطرفة والمغالية. وثانيها، أن هذه الحركات الإسلامية كانت مغربية التأسيس في رجالها وهويتها، ولم تستورد من الخارج ولا هي ارتبطت بمشروع الاستعمار وبالتالي فهي تمتلك مشروعية التأسيس ومبرر الوجود. وثالثها، أنها تجسد اليوم هوية الأمة وأصالتها الجامعة. ورابعها، أنها تمثل اليوم طليعة الأمة في مقاومة المشروع الأمريكي الصهيوني. ولذلك، فلن تستطيع كل المحاولات القمعية تصفية هذا الوجود الممتد في التاريخ والمتجذر في الواقع . إن مثل من يريد القضاء على الحركات الإسلامية بقمعها وضربها كمثل من يضرب على وتد كلما ازداد الضرب كلما انغرس الوتد في الأرض . ولذلك، أعتبر أن مصلحة الأمة وشعوبها الحقيقية تكمن في إقرار حق هذه القوى الأصيلة في الوجود والعمل على الساحة، في حدود القانون، دون تضييق . أما المراهنة على المقاربة الأمنية في التعاطي معها أو تركها تعمل خارج الدولة والمجتمع فهي مراهنة مضرة بحاضر الأمة ومستقبلها ولا تخدم لا الأمن ولا التنمية .
أما عن مستقبل الحركة من أجل الأمة، فنحن موجودون ونعمل في حدود الإمكان للمساهمة في نهضة بلادنا وأمتنا . ولم يكن لما حصل من أحداث أي تأثير سلبي على حضورنا وتواجدنا . ما هو صحيح هو أن الأحداث طرحت على عقلنا الجماعي أسئلة عميقة نحاول الإجابة عنها على مستوى الذات ومن خلال الحوار مع الآخرين. ومن الطبيعي جدا أن نتفاعل مع ما حصل ونعمِّق خط المراجعة، لأننا حركة تتفاعل مع الواقع وتعمل للتأثير الإيجابي في مساراته . وقد شملت هذه المراجعات جوانب مهمة على الصعيد الفكري والسياسي والاستراتيجي وعلى صعيد العلاقات. ومن جانب آخر، وباعتبارنا حركة مسكونة بهموم الأمة وبالتحديات المتعاظمة التي تواجهها ، فقد تزايد انشغالنا أكثر بالبحث في سبل تنمية خط المنعة الحضارية والمقاومة المدنية .

ـ عمر وجاج آيت موسى، الأمين العام للشبيبة الإسلامية المغربية:


الملاحظ أن قيادة حركة الشبيبة الاسلامية لاترد على ما يكتب حولها والذي آخره ما كتبه أحمد البوخاري، رجل المخابرات السابق في جهاز الكاب1، حيث اعتبر أن غالبية الأطر المحسوبة على الحركة كانت لها ارتباطات مع أجهزة الدولة..، كما لا تساهم في النقاش السياسي الجاري بالمغرب، ما هي أسباب عدم الرد وهل هو تجاهل أم تعال ماذا بالضبط؟

هذا السؤال يحمل جوابه معه؛ ذلك أنني – حاليا - أرد على أسئلتك واستفساراتك باسم قيادة الشبيبة الإسلامية المغربية. والموضوعية والمروءة تقتضيان أن يحاور المرء من حاوره ويجيب من دعاه كما تقتضيان الإعراض عن كل ما يستدرجه إلى الجدل والمراء والتراشق بما لا يليق من القول والتهم. وليس في موقفنا هذا أي تجاهل للآخرين أو تعال عليهم؛ فجميعنا سواسية في الحقوق والواجبات وفي القيمة الإنسانية. وكثيرا ما يكون الإعراض عن الرد أداة للمحافظة على العلاقات وجسور التواصل بينك وبين من بادءك بالخصومة.
قالوا سكت وقد خوصمت قلت لهم إن الجواب لباب الشر مفتاح
وفي كل الأحوال لسنا على عادة الجاهلية وشاعرها القائل :
ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا
نحن نرد على جهالة الغير بالحلم وعلى سفاهته بالتعقل، فإن لم نستطع لزمنا الصمت وتركنا للمستقبل أن يبين حقائق الأشياء ومعادن الرجال.
أما مساهمتنا في النقاش السياسي الجاري، فلا شك أن لديك من الخبرة السياسية والصحفية ما يبين لك أن عقلية الإقصاء التي تمارس ضدنا لا تفسح المجال للمساهمة في هذا الموضوع. ذلك أن الإعلام الحزبي منغلق على منتسبيه ومناصريه فهو يهاجم خصومه ولا ينشر ردودهم أو ينشرها مبتورة مشوهة والإعلام المستقل كثير منه يعتمد الإثارة ويحاول عدم استفزاز العقليات الطائفية التي تحقد على التيار الإسلامي وتعاديه بمزاجية حادة، كما أن بعض التيارات الفكرية السياسية تعاني إزاء الشبيبة الإسلامية من حالة عصابية حادة. والأجهزة الأمنية لا تسمح لأحد من أعضائنا في الداخل بالإفصاح عن انتمائه وهويته تحت طائلة التجريم غير المقيد بأي قانون مع العلم بأن حركة الشبيبة الإسلامية مازالت تتمتع – إلى حد الآن – بوجودها القانوني ولم يصدر أي حكم قضائي بحلها أو تعليق وجودها. كما أن لحركتنا جمهورها العريض ولم يفسح لها أي هامش للتحرك والتعبير مثلما للتيارات السياسية والفكرية التي لم تحصل على تراخيص قانونية. وظل دأب الأجهزة طيلة الثلاثين سنة الأخيرة هو محاولة استئصالنا من الساحة بالكبت والمطاردة ومصادرة الحريات والضغط على أعضاء حركتنا بأبنائهم وأمهاتهم وزوجاتهم وأقاربهم. ومع ذلك فنحن لم نستسلم لما فرض علينا من كبت وتكميم للأفواه: لدينا موقعنا الإلكتروني الذي نعبر فيه عن رأينا ومنهجنا ومشروعنا السياسي والاقتصادي والاجتماعي والوطني ننصح فيه ونصدع فيه بكلمة الحق، ولدينا منشوراتنا ومطبوعاتنا الفكرية والسياسية، كما ننشر بعض مواقفنا في الصحف التي تفسح صدرها لنا في الداخل أو الخارج، ونحاول أن نحاور المسؤولين حول ما ينوون القيام به من مشاريع وبرامج ولعل آخر محاولة لنا في هذا الموضوع رسالة فضيلة المرشد العام الشيخ عبد الكريم مطيع إلى وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية ردا على ندوته في دار الحديث الحسنية والتي تنشرها حاليا جريدة «اللواء» الأردنية على سبع حلقات.

كيف تنظرون إلى طبيعة التحولات التي عرفها المجال الديني بالمغرب في الخمس سنوات الأخيرة بدءا من تعيين الوزير البوتشيشي أحمد التوفيق على رأس وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية وانتهاءا بانتخاب نخبة جديدة ضمن تشكيلة أعضاء المجالس العلمية وتعيين عالمات( عضوة بالمجلس العلمي الأعلى وست وثلاثين عالمة بالمجالس العلمية المحلية)..؟

المجال الديني من صميم الحياة الروحية والاجتماعية للشعب المغربي يؤثر في جميع المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ويتأثر بها.
ولئن كانت له هذه الخصوصية والحساسية، فإن ما تم فيه من تحولات وتطورات لم يبلغ المدى المطلوب بعد.
ولئن كان الوزير أحمد التوفيق ذا انتماء صوفي كما أشرت إليه, فهو أيضا رجل ثقافة وأدب، وهذه الصفات يتطلبها منصبه كمشرف على مجال يقتضي توفر قدر كبير من الروحانية والرفق وسعة الأفق.
لكن يبدو أن الحملة التي يشنها بعض المتشنجين ضد التيار الإسلامي قد أقحمت مؤسسة الأوقاف والشؤون الإسلامية فيما لا ينبغي أن تقحم فيه.
نحن نعتقد أن لهذه الوزارة دورا أكبر يمكن أن تضطلع به، لا سيما في مجال ترشيد المؤسسات العلمية وتطويرها وقد خطت في هذا الميدان خطوة رائدة بإحياء المجالس العلمية وإشراك العنصر النسوي فيها. على أن لا تتحول هذه المجالس إلى مجامع كهنوتية تصادر الاجتهاد وتحتكر الرأي وتقمع من يعارضها كما وقع في عهد المعتصم العباسي وفتنة خلق القرآن التي قتل وعذب فيها العلماء، وكما هو حال مجلس الإفتاء والدعوة في السعودية الذي لم يحل دون نشوء الجماعات المتشددة بل ساهم في نموها.

ـ هل تعتقدون أن الملك بوصفه أميرا للمؤمنين نجح من خلال الاجراءات الأخيرة التي مست الحقل الديني من تحصين موقعه وتثبيته ضد الجماعات الاسلامية المتطرفة في المغرب؟

الأصل في موقع المؤسسة الملكية أنه محصن. والأصل في التيار الإسلامي أنه لا يهددها، ذلك أن التيار الإسلامي بمعتدليه ومتطرفيه ليس له أي تصور سياسي يناقض المؤسسة الملكية أو لا يتعايش معها.
التطرف في المغرب هو مجرد ردود فعل عشوائية على مظاهر الانحراف الأخلاقي المتفشي في المجتمع المغربي. بل حتى المكفراتية لا يبررون أحكامهم إلا بما يرونه من تطرف في الانحراف الأخلاقي. وليس لهم أي مشروع سياسي متعارض مع النظام المغربي.
إن الذي ساهم في الترويج لمخاطر التيار الديني منذ نشأته هو المؤسسات الأمنية سواء منها الرسمية أو الموازية من أجل ابتزاز المؤسسة الملكية والتحكم في سيرها وتوجيهها لمصالحهم وصرفها عن التفاعل الإيجابي مع دعاة الإصلاح.
إن تحصين المؤسسة الملكية ضد الجماعات الإسلامية متطرفة أو معتدلة في غنى عن هذه الإجراءات التي مست الحقل الديني. إنهما أولا ليسا في حالة عداء ، ولأن الإسلام الذي يوحد الطرفين حدد أساليب فض أي نزاع يقع داخل الأمة بقوله تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً{(النساء:59)، والحال الراهن أنه لا تنازع، ولكنه تكامل وتعاون على البر والتقوى.هكذا أراد الله تعالى ولا معقب لحكمه.

ـ كيف تنظرون إلى واقع عمل الحركة الاسلامية بالمغرب( العدل والاحسان، التوحيد والاصلاح، البديل الحضاري، الحركة من أجل الأمة..) بعد الأحداث الارهابية التي عرفتها الدارالبيضاء في السادس عشر من شهر ماي في السنة الماضية؟

الفصائل التي ذكرتم في سؤالكم تعدّ امتدادا لحركتنا الأم الشبيبة الإسلامية وتفرعا عنها. وقد حملت كل منها بصمات وراثية من منشئها. تشير إلى ذلك تسمياتها وعناوينها؛ فمنذ نشأة الشبيبة الإسلامية وهي تروج لمشروع تدبير عام من مفرداته العدل والإحسان والإصلاح والعمل لتأسس بديل حضاري من أجل الأمة.
من الطبيعي أن هذه الفصائل تمثل أبناءً وأحفادا للشبيبة الإسلامية، ولا يعقل أن ينظر الجد إلى أحفاده –مهما كانت الظروف- إلا بنظر الرحمة والحنو والمودة مهما أخطأ الحفدة في حقه.
إن عبد السلام ياسين نفسه لم ينُتزع مما كان فيه لتوعيته وإخراجه من شرنقة التصوف المغالي إلا بجهود مكثفة من فضيلة الشيخ عبد الكريم مطيع، ولعل آخر جلسة من هذه الجهود أنتجت كتاب "الإسلام أوالطوفان " استغرقت ليلة كاملة حضرها بجانب فضيلة الشيخ عبد الكريم مطيع، والشيخ عبد السلام ياسين كل من الأستاذ أحمد الشرقاوي إقبال، والشيخ إبراهيم كمال، اقتنع في نهايتها الشيخ عبد السلام ياسين بتغيير نهجه السابق واقتحام مجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتفاعل مع الواقع.
إلا أن هذه الفصائل وإن رفعت شعارات لأهداف مقبولة ينبغي أن تضع مشروعا سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، وأن تتقدم للساحة السياسية ببدائل فكرية متكاملة تميزها عن غيرها وتكسبها الوزن اللائق بتيار يسعى لرقي الأمة ونهضتها. أما محاولات الإنقاص من القدم لتوائم الحذاء فليس من العقل والحكمة والإسلام في شيء.

ـ هل تعتقدون أن النظام السياسي نجح نسبيا في الترجمة الملموسة لاستراتيجية الادماج التي رسمها لتعامله مع بعض الاطراف داخل الحركة الاسلامية كما هو الحال بالنسبة إلى حركة التوحيد والاصلاح؟

استراتيجية الإدماج التي تحدثتم عنها وضعتها الأجهزة الأمنية. صرح بذلك إدريس البصري في كثير من المناسبات. والأحق أن تسمى تكتيك الإدماج. أما الاستراتيجية فتقتضي إدماج كل المغاربة بكل اتجاهاتهم في تدبير الشأن العام للبلاد. إن عقلية إدماج طائفة من طوائف الشعب وإقصاء طوائف أخرى ليس إلا مناورات آنية للمراوغة وتجاوز بعض المآزق الظرفية.
ينبغي من أجل خروج بلدنا من دائرة التخلف أن نرتقي إلى مستوى مفهوم الجماعة الوطنية التي تعتمد الإجماع التام أو النسبي في قراراتها المصيرية وتدبيرها العام. وهذا يقتضي أن تكون الأحزاب السياسية دينية وعلمانيا وليبرالية ومؤسسات المجتمع المدني مجرد مدارس متكاملة ومتعاونة ، بينها من التفاهم ما يجعل جهودها تصب في حقل واحد هو مصلحة الأمة وعلو شأنها.
إن أي حزب أو تجمع لا يمكن أن ينوب عن الأمة في حل قضاياها، ولا يستطيع أن يستأثر وحده بهذا الحل. كما أن الواجب أن تكون جميع الطوائف والتنظيمات، بل جميع أفراد الأمة أحرارا في إبداء رأيهم وتحديد اختياراتهم بدون ضغط أوإكراه.
إن التدخل في اختيارات الناس بضغط الأصابع الخفية للأجهزة لا يزيد الساحة إلا تعقيدا وتلوثا. الأجهزة الأمنية مهمتها حماية المواطنين وحرياتهم وليس التدخل المباشر أو غير المباشر في اختياراتهم. والدول الراقية منعت قواتها المسلحة جيوشا وأجهزة أمنية من مثل هذه التصرفات، وتركت للجميع كامل الحرية في الاختيار والتقرير، وقد آن لنا أن نرقى إلى هذا المستوى.

ـ ألم تؤثر التطورات السياسية الهامة التي عرفها المغرب في حركة الشبيبة الاسلامية المغربية قصد القيام بمراجعة طروحاتها الفكرية ومواقفها السياسية من الحكم المغربي؟

منذ نشأة الشبيبة الإسلامية المغربية وهي تحاول تأسيس منهج فكري وسياسي بنّاء لا يتناقض مع الحكم المغربي إلا أن سعيها في هذا المجال تعارض –دون قصد منها- مع مصالح بعض جماعات الضغط المحيطة بالقصر الملكي التي سعت إلى الوقيعة واستعداء الأجهزة ضدنا. ومع ذلك فطروحاتنا الفكرية ظلت طيلة المحنة (ثلاثين سنة) خاضعة للمراجعة والتعديل والتصويب، وبقيت في إطار النضال الفكري والسياسي المتزن؛ لم تخضع لضغوط الإرهاب والابتزاز الرامية إلى إذلالها، ولم تجنح للعنف والتشدد كما يريد خصومها أن يشيعوه عنها.
وطبيعي أن أي حركة تقمع وتطارد ويجرم الانتساب إليها تنشق عنها مجموعات منهارة تحمي نفسها بالتزلف والتملق ومجموعات أخرى تلجأ للمواجهة والتشدد. لاسيما إذا كانت القيادة مطاردة ومحاصرة، والمثل يقول : لا يطاع لقصير أمر.

ـ هل هناك مفاوضات سياسية جارية بين قيادة حركة الشبيبة الاسلامية والسلطات المغربية قصد عودة مرشد الحركة عبد الكريم مطيع إلى أرض المغرب؟

الحديث عن عودة فضيلة الشيخ عبد الكريم مطيع حفظه الله إلى المغرب سابق لأوانه إذا لم تسو القضايا الأولية.
الاتصالات بيننا وبين السلطة في المغرب ليست أمرا جديدا؛ فعقب خروج فضيلة الشيخ من المغرب في أواسط السبعينات وهو يتلقى المبعوثين والمكلفين بمهمات خاصة من لدن السلطة ، غير أن تلك الاتصالات – مع الأسف الشديد، وقد أشرنا إلى أكثرها في بيانات سابقة- لم تكن إلا استدراجا من بعض الأجهزة للإيقاع بفضيلة الشيخ الذي تلقى معلومات أكيدة بنواياها ونصح بعدم الوقوع في شراكها.
وفي العهد الجديد استأنف الإخوة في الأمانة العامة للشبيبة اتصالات مهمة مع مسؤولين كبار في السلطة. وقد تميزت تلك الاتصالات بكثير من الصراحة والشفافية، ولعل أهم ما ميزها مصداقية هؤلاء المسؤولين واختلافهم التام عن المبعوثين السابقين. لقد بدأت الاتصالات بكثير من الصراحة وأعطيت وعود جدية لحل كل ملفات الشبيبة الإسلامية، وفعلا تم تحقيق بعض الخطوات في الجانب الإنساني المتعلق بأسرة فضيلة الشيخ المرشد العام؛ حيث تدخل صاحب الجلالة وأمر برفع الحظر عن أسرة الشيخ وأعطيت لأغلب أفراد الأسرة جوازات سفرهم وأبلغوا أنهم يستطيعون السفر إلى المغرب في أي وقت شاءوا وسيجدون الاستقبال الجيد والمناسب، وهذه خطوة نشكرها لجلالة الملك ولمن كان وراءها.
إلا أن ما ينبغي توضيحه أن حوارنا مع الدولة ليس خاصا بعودة فضيلة الشيخ عبد الكريم مطيع وحده، ولكنه متعلق بعودة جميع المنفيين بكل اتجاهاتهم وإطلاق سراح المعتقلين بكل فصائلهم من أجل تطهير الساحة االمغربية من كل الشوائب.

ـ في رأيكم ما هي الأسباب الخفية والمعلنة التي تقف وراء عدم "تصالح" حركة الشبيبة الاسلامية مع الحكم المغربي؟

الشبيبة الإسلامية تعد نفسها في حالة تصالح تام مع الحكم المغربي. ولئن تأخر إعلان عفو عام عن كافة المعتقلين والمنفيين، فذلك راجع لاعتبارات أخرى لا نعرفها وتقدرها السلطة بقدرها.
ـ من هم حلفاء حركة الشبيبة الاسلامية بالمغرب؟

التحالف موضوعيا واصطلاحا يكون بين طرفين متباينين يسعيان لتحقيق مصالح مشتركة بينهما قريبة أو بعيدة. ونحن نعد الشعب المغربي وحدة واحدة ذات أهداف مشتركة ومصير واحد كما نسعى إلى أن ترتفع علاقات طوائفه وتجمعاته السياسية والمدنية عن مستوى التحالف تعبئة وسوقا ( تاكتيكا واستراتيجية )إلى مستوى الجسد الواحد والبنيان المرصوص الذي يشد بعضه بعضا في إطار من المشاركة في التدبير العام بواسطة الشورى الإيمانية الجماعية التي تتجاوز الديمقراطية الليبرالية وتهيمن عليها. لذلك نحن جزء من الشعب المغربي ماديا ومعنويا روحا وفكرا، وليس للجزء إلا أن ينصهر في الكل.

ـ محمد يتيم نائب، حركة التوحيد والإصلاح:
ما تقييمكم لواقع الحركات الإسلامية بالمغرب بعد أحداث 16 ماي بالدار البيضاء و11 مارس بمدريد وأيضا بعد تصريحات المدير العام للأمن الوطني وإصرار الولايات المتحدة على دفع كل الأنظمة العربية والإسلامية للانخراط في استراتيجيتها المتعلقة بمحاربة ما تسميه بالإرهاب الدولي؟
من دون شك فإن الإجابة على هذا السؤال بعد مرور عام على الأحداث الإرهابية الإجرامية التي عرفتها مدينة الدار البيضاء أيسر منها خلال الأسابيع أو الشهور الأولى التي تلت تلك الأحداث، هذا بالنسبة إلى الشق الأول المتعلق بالبعد الوطني للسؤال أي واقع الحركات الإسلامية، ونفس الأمر بالنسبة إلى الشق الدولي للسؤال أي قضية انخراط الولايات المتحدة فيما تسميه بالحرب الدولية على الإرهاب ودفعها للأنظمة العربية للانخراط في استراتيجيتها المتعلقة بما تسميه بالإرهاب الدولي.
فالبنسبة إلى الشق الأول، وكما جاء في سؤالكم جاءت تصريحات المدير العام الوطني للأمن الوطني كي تؤكد أن أحداث 16 ماي هي من تدبير الإرهاب الدولي أن بتنظيم القاعدة وذلك يعني أن استهداف المغرب جاء جوابا على ما اعتبر من هذا التنظيم أو من قام بتلك الأعمال باسمه وتحت يافطته انخراطا من المغرب في الحملة الأمريكية ضد ما يسمى بالإرهاب. ونفس الشيء يمكن أن نستنتجه بالنسبة لأحداث الحادي عشر من مارس في مدريد إذ يبدو أن استهداف إسبانيا جاء على خلفية انخراطها في الحرب الأمريكية على العراق وخاصة حينما بدأت المؤشرات تعطي توقعات كبيرة بفوز الحزب اليميني المسيحي لأثنار.
ومن الواضح الآن أنه حسب المعطيات المتوفرة أن التخطيط لم يكن مغربيا وأن التنفيذ جاء من شباب لم يعرفوا بالتزام تنظيمي أو سياسي ومن مجموعات ليس لها عنوان حركي أو سياسي سابق. مما يعني أن الأحداث الإرهابية التي عرفتها مدينة الدار البيضاء لم تخرق قاعدة الاستثناء المغربي، وأن الجسد المغربي يبقى رغم كل ذلك معافى، وهو ما اتضح في الإدانة الفورية والشاملة من لدن كل مكونات المجتمع المغربي بما في ذلك مكونات الحركة الإسلامية المعتبرة في المغرب.

ومن الواضح أنه كان هناك استغلال لمحدودية الأفق التربوي والمعرفي والدراسي والوعي الديني وللوضع الاجتماعي لمجموعة من الشباب حديثي العهد بالالتزام الديني، وهو ما لا يمكن تصوره مع أعضاء مؤطرين تنظيميا وفكريا داخل حركات إسلامية معروفة المواقف والتوجهات بطبيعة الحال كانت هناك محاولة مقيتة للاستغلال السياسي للأحداث خصوصا مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية المتعلقة بانتخابات الغرف المهنية وانتخابات المجالس الجماعية. والدليل على ذلك أن التركيز إعلاميا وسياسيا قد تم أكثر على حركة التوحيد والاصلاح أكثر من غيرها من الحركات الإسلامية الأخرى وعلى حزب العدالة والتنمية أيضا باعتباره المنافس السياسي والإيديولوجي داخل العمل السياسي والحزبي المؤسسي.
لكن مع زوال الصدمة تدريجيا بدأت تتضح معالم الطبيعة المغرضة في استهداف مكونات الحركة الإسلامية المعتدلة بل يمكن القول إنه بدأت تظهر ردود فعل عكسية لما أراده الذين سعوا إلى الاستغلال السياسي للأحداث. والآن تهاوت أكثر من أي وقت مضى أسطورة المسؤولية المعنوية عن الأحداث، والذين روجوا لها لم يفعلوا شيئا أكثير مما فعله الإعلام الأمريكي حينما حمل المسؤولية المعنوية للأحداث للإسلام والمسلمين جميعا، بل لبعض الدول الإسلامية الحليفة للولايات المتحدة التي أصبحت اليوم المستهدف الأكبر لتلك العمليات. فهذا الخطاب متهاو تهاوي الخطاب الذي يمكن أن يستغل أحداث 11 مارس في مدريد ليحمل المغرب والمغاربة المسؤولية المعنوية عن الأحداث لمجرد اتهام بعض المغاربة بالضلوع فيها.

ـ هل يمكن القول بأن الحركات الإسلامية تواجه بعض الصعوبات؟
إجابة على سؤالكم لا يمكن لأي عاقل أن يدعي أن واقع الحركات الإسلامية بالمغرب بعد أحداث 16 ماي هو عين الواقع قبل ذلك التاريخ، كما لا يمكن لعاقل أن يدعي أن واقع المغاربة في إسبانيا قبل 11 مارس هو عين واقعهم بعد ذلك التاريخ خاصة في الأسابيع والشهور الأولى التي تلت الحادثين، ولكن مع تجاوز الصدمة والانفعالات بدأت الصورة في الوضوح شيئا فشيئا.من جهة ثانية فنحن في حركة التوحيد والإصلاح نؤمن بشيء اسمه الابتلاء والتدافع فطريق الإصلاح ليس مفروشا بالورود ولابد أن تجد الحركات الإصلاحية في طريقها أشواكا وعراقيل في شكل إشاعات واتهامات و استهدافات، ومن الواجب على الحركات الجادة أن تواجه ذلك كله بالصبر والمصابرة والبيان والتوضيح والثبات على المواقف المبدئية لكننا أحسسنا رغم ذلك ببعض الحسرة والألم للمقاربة التي سقط فيها البعض مباشرة بعد وقوع الأحداث والتي اصطلحنا على تشبيهها بما ورد في المثال المغربي: "طاحت الصمعة علقوا الحجام" حيث يمكن أن نطبق هذا المثل على أحداث الحادي عشر من شتنبر فنقول: "طاح مركز التجارة العالمي علقوا الإسلام والمسلمين" وفي الدار البيضاء: "وقعت الأحداث الإرهابية حملوا المسؤولية المعنوية للتوحيد والإصلاح والعدالة والتنمية".. وهذا الأسف والاستغراب شاركنا فيه محللون ومراقبون سياسيون دوليون، ولحسن الحظ لم تنتصر المقاربة الاستئصالية وانتصر صوت العقل والحكمة. أؤكد من جديد أن الصعوبات ملازمة لكل عمل اصلاح جاد ومن الطبيعي في مثل هذه الظروف التي يسعى فيها البعض إلى خلط الأوراق والمعالجة كما قلت تكمن في الصبر والهدوء والمدافعة بالتي أحسن ومزيد من توضيح المبادئ والتوجهات والمواقف والسياسات. ومن الواجب علينا أن نعمل على بيان وتوضيح أن وجود حركات دعوية تربوية إصلاحية سلمية تعمل في إطار الشرعية والقوانين الجاري به العمل هو شيء في مصلحة البلاد ومن الواجب على غيرنا أن يقدر الدور التي قامت به وتقوم به حركات دعوية معتدلة مثل حركة التوحيد والإصلاح في وقاية الشباب من الغلو والتطرف والعنف مهما يكن الخلاف معها إذا كانوا ديمقراطيين حقا، وإذا كانوا يؤمنون بدولة الحق والقانون، والسير في عكس هذا الاتجاه هو تشجيع للغلو والتطرف، وإشارة سلبية إلى أن طريق الوسطية والاعتدال والمشاركة طريق غير سالك.

ـ ماذا عن مستقبل الحركات الإسلامية على ضوء ما عرفه العالم من أحداث وخاصة حركة التوحيد والإصلاح؟
أود في الإجابة على هذا السؤال أن أرجع إلى ما قلته إجابة على السؤال الأول حول المتغيرات الدولية، فالحكم على أوضاع العالم الإسلامي وأوضاع الإسلام والمسلمين والدول والحركات الإسلامية مباشرة بعد سقوط بغداد ليس هو الحكم على تلك الأوضاع بعد مرور سنة على ذلك السقوط.
كانت الولايات المتحدة مزهوة بـ"نصرها" السريع وكانت عينها آنذاك على سوريا وإيران والسعودية، كان الحديث قويا عن "النموذج الديموقراطي الأمريكي" واليوم تثبت الوقائع على الميدان أنه إذا كان النظام العراقي البائد قد زال وسقط فإن روح المقاومة والاستقلال لم تسقط بل كان سقوط النظام العراقي فرصة كي يعبر ذلك الشعب الأبي عن روحه الوطنية ونزعته الاستقلالية بقوة مما كان يحول بينه وبين الظهور والمعاناة من الاستبداد. واليوم تهاوت كثير من الأوراق والشعارات التي رفعتها وأصبحت فيه مصداقيتها في الحضيض وازدادت عزلتها دوليا وأصبحت تبحث بأي وسيلة على أن تدخل الأمم المتحدة وتكون شريكا في الأزمة، كما أن مصداقيتها في الحرب ضد الإرهاب قد انكشفت وباختصار فإننا نقول إن الولايات المتحدة الأمريكية ليست إلاها وعلى الأنظمة العربية أن تكف في التعامل من منطلق الخوف والهلع منها. وذلك لا يعني الدعوة إلى المواجهة أو الحرب، ولكن ينبغي التعامل من منطلق الحفاظ على المصالح الوطنية والاحترام المشترك بما في ذلك المحافظة على المصالح المشروعة لهذه الدولة، خاصة وأن الأوضاع بعد سنة من الحرب على العراق تعطي هامشا أكبر من الممانعة واستقلال القرار الوطني، وتمايز في السياسيات عن الولايات المتحدة من عدة دول غربية، وما سحب إسبانيا لجنودها من العراق إلا دليل على ذلك التمايز والتغير.
الصبر والمصابرة والممانعة هو المطلوب من الشعوب والدول الإسلامية والحركات الإسلامية باعتبارها مكونا من مكونات هذه الشعوب وجب أن تكون نموذجا في هذا الأمر، ومن هذا المنطلق نرى أن مستقبل حركتنا خاصة في ضوء منهجها القائم على الوسطية والاعتدال والرسالية والعمل من داخل الشرعية والتعاون على الخير مع مختلف مكونات المجتمع مستقبل زاهر إن شاء الله.
وبالمناسبة فنحن ننظر بمنظار إيجابي لكثير من الإجراءات المتعلقة بإعادة هيكلة الحقل الديني التي اتخذت في الآونة الأخيرة وعلى الخصوص توسيع وتفعيل دور المجالس العلمية ودعوة الرابطة المحمدية للعلماء لاستعادة دورها وحيويتها لأن ذلك يعني تفعيل مقاربة شمولية يقع ضمنها رفع مستوى التأطير الديني، على عكس ما قد تذهب إليه بعض الدول التي قد تتجه إلى العكس، أي إلى تحويل المعركة إلى معركة ثقافية ضد الدين والتدين.
ومن هذا المنظور الذي لا يضع نفسه في تعارض مع سياسة الدولة في تدبير الحقل الديني، بل في تكامل وتعاون نرى أن هناك مجالات كبيرة للعمل والإسهام في القيام بالأدوار التي رسمتها الحركة لنفسها كوظائف أساسية، أي وظائف الدعوة والتربية والتكوين.



#مصطفى_عنترة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأملات حول الزحف المتواصل للحركة التنصيرية بالمغرب
- عمر وجاج آيت موسى، الأمين العام للشبيبة الإسلامية المغربية ي ...
- عبد الله الولادي رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان يتحدث ح ...
- ميلاد تحالف يساري جديد خطوة جديدة نحو رد الإعتبار إلى اليسار ...
- حوار مع الصحافي خالد الجامعي
- اليسار المغربي في رحلة جديدة للبحث عن لم شتاته وتقوية موقعه ...
- المغرب شرف تنظيم مونديال 2010مقال حول تداعيات عدم نيل
- التحولات الكبرى التي مست المجال الديني في المغرب
- المغرب يقدم مساعدات لاسبانيا من أجل محاصرة الجماعات الاسلامي ...
- تأملات حول دور ومكانة العلماء في محاربة التطرف الديني بالمغر ...
- مؤشرات وساطة إسبانية لحل مشكل الصحراء المغربية
- الحركة العمالية المغربية وسؤال مواجهة مخاطر العولمة
- أسس شرعية ومشروعية النظام الملكي بالمغرب تحت المجهر
- أحمد بوكوس، عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بالمغرب، ي ...
- جهادي الحسين الباعمراني، صاحب -ترجمة معاني القرآن الكريم بال ...
- أمازيغيون يقاضون وزير التعليم المغربي ضد استغلال المناهج الد ...
- عبد الله حافيظي السباعي، باحث متخصص في شؤون الصحراء يتحدث عن ...
- المحجوب ابن الصديق يستمر في قبض نقابة الاتحاد المغربي للشغل ...
- تداعيات أحداث 16 ماي الدامي تلقي بظلالها على المؤتمر مر الوط ...
- المفكر التونسي عبد المجيد الشرفي يتحدث عن الفكر الديني، الإس ...


المزيد.....




- إبادة جماعية على الطريقة اليهودية
- المبادرة المصرية تحمِّل الجهات الأمنية مسؤولية الاعتداءات ال ...
- الجزائر.. اليوم المريمي الإسلامي المسيحي
- يهود متشددون يفحصون حطام صاروخ أرض-أرض إيراني
- “متع أطفالك ونمي أفكارهم” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 ب ...
- لولو يا لولو ” اظبطي تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- شاهد: عائلات يهودية تتفقد حطام صاروخ إيراني تم اعتراضه في مد ...
- أمين عام -الجماعة الإسلامية- في لبنان: غزة لن تبقى وحدها توا ...
- وزيرة الداخلية الألمانية: الخطوط الحمراء واضحة.. لا دعاية لد ...
- لجنة وزارية عربية إسلامية تشدد على فرض عقوبات فاعلة على إسرا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مصطفى عنترة - الحـركة الإسلامية في عيون إسلاميين مغـاربة