أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - عذري مازغ - ساحة التحرير المصرية والصراع السياسي















المزيد.....

ساحة التحرير المصرية والصراع السياسي


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 3270 - 2011 / 2 / 7 - 20:38
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


اكتست ساحة التحرير بمصر حلتها الجديدة التي جلبت إليها أنظار العالم، تفتق الخطاب السياسي بشكل بات القول فيه تكملة لما تفسخ به حقل الصراع السياسي، انجذب الجميع إلى بؤرة السياسي وبدت ملامحه عارية بما يكتسيه فيه الإيديولوجي والإقتصادي، تنحى هذين الحقلين جانبا حتى يتبلور السياسي ملامح المرحلة الجديدة، قالت الجماهير : إنا هنا حتى يسقط النظام ورد النظام يلوك بعض ما تبقى من شحنته الإيديولوجية وبوضوح تام: أنا او الطوفان.الكل معني هنا بالصراع السياسي، الآن انفضحت كل الأجندة وعرت عن أكتافها لخطف ثمار الثورة، وفي لحظة اللقف تناسى الجميع دماء الشهداء وآلاف الجرحى وآلاف أخرى من السجناء والمختطفين، تلك الآلاف ممن فجروا خرافة دولة الإستقرار، أو قل وبحلتها الإيديولوجية القديمة خرافة دولة السلام.
الولايات المتحدة تدبدبت في كل مواقفها على الرغم من أنها استفادت جيدا من تجربة تونس، تمخضت جبالها فولدت فأرا بحجم عمر سليمان، الفرخ الذي تفسق من بيضة مبارك، قالت بأنه النبي الجديد للمرحلة الجديدة، إسرائيل أعلنتها صراحة، إنها تعارض أي تغيير سياسي ولا تريد لشعوب الشرق الأوسط أن تنعم بالديموقراطية، شيمون بيريز لا يقبل حكومة إخوانية تأتي بها صناديق الإقتراع، بل بحكومة تقبلها إسرائيل، فرنسا تحنكت هذه المرة فقالت بأنها لن ترسل مضرعات لقمع جماهير الثورة وبدون حياء وبوقاحة سافرة قال الغربيون نريد تنقلا سلميا للسلطة، هكذا ببساطة الكل يتكلم عن السياسة، الكل يحشر أنفه في الشأن الداخلي لمصر، المانيا وإيطاليا بحنين فاشيستي مقنع لا تريدان انتقالا فوريا، بل انتقال يهيئ زمن التحكم في خيوط اللعبة: تجميل جديد. الكل معني بالتحول لكنه تحول من حيث يبقي ملامح الهيمنة في الإقليم، هكذا بدا الكل مهتما وهكذا بدا السياسي جليا ومفضوحا: إنها نفسها الهيمنة الإمبريالية التي بزوالها يستعيد الشعب المصري عافيته، لكن الجماهير في ساحة التحرير، حين تردد عشقها للحرية يعود الصدى إليها ملوثا بإيديولوجيا تقاوم السياسي: نحن مع الشعب المصري، لكن نحن أيضا مع انتقال سلمي. قدر الجماهير المصرية أن تناضل على حقها في الحياة والحرية، لكن فيما هي تقوم بذلك ضد نظام دولتها هي تناضل بوعي منها أو دونه، ضد بنية معقدة من العلاقات الكولونيالية.
يأتي دور مثقفي الأنظمة العربية أصحاب التقارير البوليسية ليلتقي خطابهم بخطاب الهيمنة الإمبريالية: إذا ذهب مبارك سيأتي الإخوان المسلمون، وإذا اتى هؤلاء فسلام على الثورة وعلى مصر، هم يعشقون الديموقراطية واللبرالية، لكن يكرهون نتائجها والحقيقة أنهم يكرهون صراحة شعوبهم التي دجنوها بالفتاوى والتدين، في النظام الديكتاتوري يحلوا التدجين الديني وفي النظام الديموقراطي تكفهر المخاوف وتتساقط أحلام وتداعيات اللبرالية المشحونة بالنفاق السياسي وكأنما الثورة تتأسس على فراغ مؤسساتي، قدر الشعوب فيها أن تعيش محنطة لتتحاشى في السياسة دينا يحرك التاريخ من خارج، وكأن قدرنا نحن الشعوب أن نعيش بين قدرين لا ثالث لهما: الإسلام أو الديكتاتورية. لا أحد يتكلم عن دولة المؤسسات التي تحد من طيش هذا او ذاك، ولا أحد يتكلم عن بناء دولة فيها القانون سيدا، قانون يؤسس لدولة المواطنة الحقة التي عبرت عنها ساحة التحرير التي جمعت كل الأطياف، مثقفون من كل التيارات، مسيحيون ومسلمون كانوا في عناق وطني قل نظيره، دولة تؤسس لذلك العناق التاريخي الرائع، دولة يتساوى فيها المواطنون عربا وعجما واطيافا سياسية ودينية، دولة ميثاقها الحقوق الوطنية مترفعة عن كل التمايزات، مصر لكل المصريين بكل مشاربهم، دولة ديموقراطية حقيقية تتيح الإبداع الخلاق للشعب المصري، إبداع كالذي تحقق في ساحة التحرير، كل هذه الشعارات تبخرت مع الفوضى وأية فوضى؟ فوضى أن تنفلت الأشياء من يد القائمين على فاكهة الوقت، الفوضى هي أن تتحول مصر إلى يد جماهيرها، وأن تقرر هذه الجماهير سياسة البلاد التي تخدم مواطنيها.
في ساحة التحرير يتعرى المثقف حيث ينزاح الإيديولوجي وتبقى السياسة عارية، وزاد من تعرية الوضع عفوية الثورة، هذا الشباب الرائع الذي تسلح بكل ماينجح ثورته، تسلح بإرادة الشعب واختزلها في أن يسقط النظام عنوان السياسة، لم يأتي بملف مطلبي يساوم عليه حتى تهرع المعارضة لتقديم الولاء وتنهم بكعكعة الوعود، تسجل أول انتصارتها في التاريخ: حققت أول جلوس لها مع عمر سليمان، الإخوان المسلمون لم ينعموا طوال حياتهم السياسية بهذا الجلوس، انتصار عظيم سيملأ هديرا ساحات المساجد، لتنهال على مصر كل التخوفات، يعاود فيها الإيديولوجي صناعة تخوف السياسي، وتتهمش كل قضايا الشباب، كل قضايا الشعب المصري ليعيش هذا التخوف التراجيدي، مأساة الشعوب العربية، مأساتها أن تكون مسلمة وحلها أن تتنكر لإسلامها، وفي حلها هذا أيضا مأساتها هروب عن هويتها، حلها أن تتحنظ في الديكتاتورية ويتحنط معها إسلامها وفي حلها هذا أيضا مأساتها إذ تعاود إنتاج أزمتها، الإسلام هذا في النظام الديكتاتوري مكروه لانه ينتج ثقافة التحنط ويعيق التطور،يتمأسس لخدمة النظام، وفي النظام الديموقراطي لا يتمأسس بل يصبح الدولة نفسها، إنها الثقافة العربية لا تراوح منطلقاتها، تتوهم مخاوفها لتتربص بها لتعود ثانية وتعلن الوفاء لبنيتها التحنطية، انتقال سلمي لا يورث السلطة، لكنه انتقال يتوارث فيه النظام من رئيس إلى آخر جديد، إنه الإبداع الجديد الذي فيه السياسي يستعيد نكهته الإيديولوجية، أليس هذا ماكان يسميه الشهيد مهدي عامل بالثقافة العدمية. هكذا يفتقد الفكر أسسه المادية حين يقفز عما به يرتبط، يتعلق بغائية فيها الدين محركا من حيث هو ينتج فكرا أزميا مزمنا لا يمكن الخروج منه، يدور في فلك يعيد به انتاج أزمته بشكل يبدو تحركه الأزمي هذا ضروريا، أليست هذه هي عملية احتواء لثورة ساحة التحرير التي أصبحت بفضل جاذبيتها السياسية تشكل مركزا فيه يتفاعل الصراع السياسي الطبقي، حيث يصبح الشباب بريئا من حيث لاينتمي سياسيا، وكأن هذا الشباب من خارج التاريخ أتى، كل الأطياف السياسية ركبت براءة الشباب وقدمت نفسها وكيلا له أمام الآخر الذي يشكله النظام، الكل تأول حركته ليساوم باسمه، والغريب أنه لم يعد النظام مشكلة في حد ذاته، بل حسني مبارك، فيالها من تخريجة مسرحية رائعة بسحر الميثولوجية اليونانية: مجلس الحكماء، مجلس قيادة الشباب، مجلس المعارضة، بهذا السحر المسرحي تقترب المعارضة إلى الشباب، أليس هذا ماكنا نمقته في الأحزاب اليسارية خصوصا؟ أن تطرح سقفا للحوار يخالف سقف إسقاط النظام؟
كثيرا ما تردد أن الشباب الثائر هم من المثقفين والطبقة البرجوازية المتوسطة، والغريب في هذا التصنيف المجحف هو: هل المثقف أو الحاصل على ديبلوم معين وهو لا يعمل، وبعبارة هل المعطلون والشباب الذين تسحقهم البطالة هم برجوازيون متوسطون، هل تصنف الطبقة التي لا تشتغل بتصنيف الطبقة التي تمتلك ما به تعيش حياتها، إنها لعبة التفاف أخرى حول مطالب الشباب، وتوجيه لعبة إيجاد الشغل إلى شغر الوظائف بتوظيف نخبة تتماشى وسياسة الخدمات، طبقة مثقفة لقطاع الخدمات برجوازية متوسطة بالقوة كما تقول الفلسفة، وباقي الفئات المسحوقة إلى الجحيم، النقابات أكثر عزلة في مصر هكذا على الأقل تبدوا الأمور في الساحة، وأغلب الظن أنها لا تملك رؤية في صلب المعركة.



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر ونظام البلطجة
- نداء إلى كل احرار العالم
- الثورة التونسية واليسار الماركسي
- تونس: الرئيس أو اللص الظريف
- تونس والثورة الجديدة
- ما أسعدنا بحكومات وديعة نحن الشعوب المغاربية
- يوميات مغارة الموت: جمع الفتوى
- ماكل امرأة تصيح في جيدها حبل من مسد
- يوميات مغارة الموت 1992
- حكايا من المهجر: بيترو إفانوفيتش(2)
- هكذا تتأطر العلمانية عندنا
- حول دور الحزب الشيوعي، مدخل إلى الممارسة التطبيقية
- عندما قابلت عزرائيل
- الفنان سيدي عبد السلام ياسين
- قراءة في كلمة الرفيق رزكار عقراوي
- عبوزان الصغير
- إيه يا داحماد حين تأتينا بثورة بغلة (عن جبل سكساوة)
- وداعا الرفيق أبراهام السرفاتي
- حول دور الحزب الشيوعي (2)
- حول دور الحزب الشيوعي


المزيد.....




- بسرعة 152 ميلًا في الساعة.. ثنائي مغامر يقفزان من مروحية ويح ...
- -ألف حمساوي- في تركيا.. -زلة لسان- إردوغان وماذا وراءها؟
- ماذا يعني إعلان مصر التدخل رسمياً لدعم دعوى جنوب أفريقيا ضد ...
- شتائم واتهامات بين نواب المعارضة والحزب الحاكم في البرلمان ا ...
- وسط التغييرات في الكرملين.. القبض على مسؤول كبير آخر في وزار ...
- حزب الله يرد على -اعتداءات إسرائيل على المدنيين بصواريخ وأسل ...
- الصين تتعهد باتخاذ -جميع الإجراءات اللازمة- ردا على الرسوم ا ...
- القسام تعلن تنفيذ عملية مركبة ثانية في المساء ضد قوة إسرائيل ...
- الجيش الإسرائيلي: مقتل إسرائيلي وإصابة 5 جنود بإطلاق صواريخ ...
- زاخاروفا تصف الاتحاد الأوروبي بالمريض بـ-اضطراب القطب الثنائ ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - عذري مازغ - ساحة التحرير المصرية والصراع السياسي