أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - مريم نجمه - قرأت لك .. ( التلميذ المثالي ) ؟ - 1















المزيد.....


قرأت لك .. ( التلميذ المثالي ) ؟ - 1


مريم نجمه

الحوار المتمدن-العدد: 3230 - 2010 / 12 / 29 - 15:45
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


قرأت لك .. التلميذ المثالي ؟
في موجة الإضرابات والإنتفاضات التي تجتاح العالم اليوم , وأخيراً في بعض مدننا العربية الناهضة للتحرر ( تونس والقاهرة كمثال ) , إلى جانب موجة البرد والصقيع والثلوج التي اجتاحت وشلّت الحياة في نصف الكرة الأرضية تقريبا ..


أحببت أن أنقل للقارئ الكريم صورة وثائقية , عماّ جرى ويجري في بقاع المعمورة الأربع , اّثام أصابع أميركا وأصدقاءها الكبار وأعوانها في الخارج والداخل – من طغاة وديكتاتوريين – في ذبح الشعوب وتدمير البلاد وسرقة مواردها ..


سيأتي يوم سيكشف فيه أحد الكتاب المطّلعين على خفايا النظام السوري في عهد ( حافظ الأسد ووريثه ) المختصين بأسرار هذا النظام وجرائمه ضد شعبه , وخدماته للأعداء مقابل بقائه على الكرسي , وسينشر كما نشر هذا الكتاب بالوثائق والصور والأرقام , ولكن بعد عقود أو عصور , أو قريبا جداً .. ربما ؟
..........


في أندونيسيا ,, حكم سوهارتو 30 سنة , بينما في سورية حكم اّل الأسد 40 سنة وما زالوا يضخّوا الدماء في جسم الديكتاتور ليفقروا الشعب السوري كل مقوماته الوطنية والإقتصادية .. أولهم الدول التي تحيط بالخليج العربي كافة شرقا وغرباً ونفطهم ودولاراتهم وهداياهم المليارية , ليبقى هذا النظام يجلد الشعب ويجوعّه ويشرّده ويهجرّه في المنافي خدمة للعدو الإسرائيلي لا غير – وأخيراً لخدمة المخطط الأقليمي الجهنمي وأحلافه المشبوهة !!؟


لم تعد " وثائق ويكيليكس " هي الوحيدة التي كشفت وتكشف خدع وألاعيب لصوص البشرية وحيتانها التي دمرت روح الخير والفيض والزاد , واقتلعت السلام من أرضنا , وأرض البشر كافة , بل هناك العديد من الكتب التي صدرت في هذا العقد الأول من القرن الجديد , إلى جانب الوسائل الأخرى التي لم تعد خافية على أحد ..,, لقد كشفت الحقائق للشعوب , وبقيت الخطوة الثانية , ألا وهي على الشعوب أن تحاكم جلاّديها الكبار والصغار بانتفاضات وتظاهرات يومية وسلمية .... فهل سنرى اليوم الذي يدخلون قفص المحاكمة وليس التعدي عليهم أو إتهامهم , بل جرائمهم الكبرى والصغرى , وبصمات إجرامهم هي الشاهد والدليل الدامغ لنفوسهم المريضة وكرههم للإنسان والحرية –


لكل عصر هتلره ,, وفي كل عصر هناك أسياد للعالم , ولكل إمبراطورية قديمة أم حديثة جيش عسكري واقتصادي وسياسي جرّار للضمَ والسرقة والنهب والإلحاق وتفقير البلاد وتقسيمها إلى فتات , وكيانات ,, وبالتالي ضخامة ميزانية العدو والمحتل وتطوير صناعة السلاح لتخدم مصلحته ودوام سيادته التي ستحصد البشرية وينتفي السلام والمحبة والإخاء الإنساني ..!؟ فأين أنت أيها المواطن أيها القارئ مع من ستقف وتؤيد بكل جرأة وصدق ؟
...............

أولاً ,, لا بد لي من إعطاء لمحة جغرافية , تاريخية موجزة عن بلاد ( أندونيسيا ) التي نحن بصدد القراءة عنها ليبقى القارئ الكريم بالصورة , ولا يكفي تقييمنا الشخصي بل لا بد من الإحاطة بالموضوع بوثائق لكتّاب بحثوا وكشفوا أسرار الصفقات السرية وما يجري في هذا العالم من التاّمر على الشعوب وسرقة مواردها يشتى الوسائل الماكرة والخبيثة سواء بحروب أم بفتن وانقسامات أو بأحلاف وتجمعات مشبوهة , تصب في بنوك وأرصدة الأعداء كبار اللصوص ومقتسمي العالم ونفوذ ه وموارده .. صور ة سوداء هنا وهناك والمشهد الصارخ الذي لا يطويه التاريخ مهما مضى من السنين هي إندونيسيا وشعبها وضحاياه المليونية !!؟ كلنا سمع وقرأ عن سوهارتو- إندونيسيا - وهو واحد من 4 ديكتاتو ريين بعد – بينوشيه , تشيلي – وفرانكو , أسبانيا - و جنرالات الأرجنتين - وسورية حافظ الأسد الأب والإبن –
أندونيسيا : كلمة مؤلفة من إندو تعني الهند , ونيسيا معناها مجموعة جزر . فهي عبارة عن مجموعة جزر أرخبيل طويل , كانت سابقاً تسمّى ( جزر الهند الشرقية ) . عاصمتها ( جاكرتا ) . تحيط بها مياه المحيط الهادئ من الشرق والشمال – والمحيط الهندي من الغرب والجنوب , تحدها الفلبين من الشرق , وسنغافورة شمال شرق – جزيرة أريان من االغرب وأستراليا من الجنوب الشرقي – يمر فيها خط الإستواء – مناخها : حار رطب , وممطر .

عدد سكانها اليوم أكثر من 100 مليون نسمة – مساحتها : 1,904569 كم مربّع .
أهم مواردها الزراعية والصناعية : أندونيسيا بلد غني جداً وأرض تربته بركانية خصبة وغنية بالسماد والغرين , الطمي . كثيرة المياه , تشتهر بالقصدير وإنتاج الطاقة ( النفط والغاز والفحم الحجري ) والكهرباء , والذهب والمطاط والنحاس , خامات الحديد والنيكل أيضاَ . تعتبر أندونيسيا هي الدولة الوحيدة في اّسيا عضو في منظمة البلدان المصدرة للنفط ( أوبك ) من خارج الشرق الأوسط .

أندونيسيا غنية في الزراعة والثروة الحيوانية والغابات ومصايد السمك , وإنتاج أنواع كثيرة من البهارات وجوز الهند والأرزّ .
إذاً نحن أمام ( مخزن ) غذائي , صناعي , مغري للدول التي لا تشبع من إقتصادها وثرواتها الذاتية .. بل تريد العالم كله لها ..
وما أكثر الدول النهمة اليوم في عالمنا المعاصر !!؟ فانهضي أيتها الشعوب الفقيرة واتحدي ولا تكوني لقمة سائغة أو فريسة للذئاب ..
..........................


( التلميذ المثالي )
عنوان لفصل من كتاب : أسياد العالم الجدد ... للكاتب : جون بلجر –
يسلّط هذا الكتاب الضوء على السلطة وخفاياها وأوهامها . ويوضّح طبيعة الإمبريالية الحديثة . وهو يكشف كيف قتل نحو مليون إندونيسي ثمناً لكي تصبح إندونيسيا " التلميذ النموذجي " للبنك الدولي , والثمن الذي دفعه شعب العراق في الحصار الذي فرضه عليه الغرب لاكثر من عقد من الزمن . ويعرّج على أستراليا لينظر خلف المظهر البرّاق الذي أدّى إلى إجراء الألعاب الأولمبية الألفية في سيدني ويتأمل في القهر المتواصل الذي يعرّض سكانها الأصليون , كما يصف الإندفاعة الجديدة للقوة الأميركية وهدفها من " النظام العالمي " في أعقاب هجمات 11 أيلول سبتمبر على الولايات المتحدة , فضلاً عن الإعلام الذي يبررها ويقودها .


" إندونيسيا هي الجائزة الكبرى في جنوبي شرق أسيا بسكانها البالغ عددهم أكثر من 100 مليون نسمة وجزرها التي تمتد على مسافة 300 ميل وتحتوي على أغنى مخزن للموارد الطبيعية في المنطقة " . ريتشارد نيكسون , 1967 –


( ليس من الصعب أن تتخيل عندما تطير إلى جاكرتا أن المدينة لا تتلاءم مع وصف البنك الدولي لإندونيسيا .
لقد كان وصف " التلميذ المثالي للعولمة " اّخر اّكليل الغار العديدة التي منحها البنك الدولي . كان ذلك قبل خمس سنوات تقريباً . فخلال أسابيع هرب رأس المال العالمي قصير الأجل من البلاد . وانهارت سوق الأوراق المالية والعملة وارتفع عدد الناس الذين يعيشون في فقر مدقع إلى 70 مليونا تقريباً . وفي السنة التالية 1998 , أجبر الجنرال سوهارتو على الإستقالة بعد 30 سنة من حكمه الديكتاتوري , حاملاً معه تعويض نهاية خدمة يقدّر ب 15 مليار دولار , أي ما يعادل 13 بالمئة تقريباً من الدين الخارجي للبلاد . ومعظمه مقترض من البنك الدولي .


من الجو , يجذب إنتباهك التصميم الصناعي للمدينة , إذ يحيط بجاكرتا مجمّعات واسعة محمية وحديثة نسبياً , تعرف بإسم مناطق الصناعات التصديرية . وتضم هذه مئات المصانع التي تصنع منتجات الشركات الأجنبية :
الثياب التي يشتريها الناس في الشوارع الرئيسية في بريطانيا وفي المراكز التجارية في أميركا الشمالية وأستراليا : من الأحذية الرياضية الشهيرة (غاب إلى نايكي وأديداس وريبوك ) التي تباع بنحو 100 جنيه إسترليني للزوج الواحد في شارع أكسفورد بلندن . ويعمل في هذه المصانع عمال يتقاضون ما يعادل دولاراً واحداً في اليوم . هذا هو الحد الأدنى الرسمي للأجر في أندونيسيا وهو ما تقول الحكومة إنه يساوي نحو نصف الأجر الذي يكفل الحياة . ويعني ذلك هنا حياة الكفاف . يحصل عمال نايكي ) على نحو 4 بالمئة من ثمن البيع بالمفرّق للحذاء الذي يصنعونه , وهو لا يكفي لشراء شريط الحذاء . ومع ذلك يعدّون أنفسهم محظوظين إنهم يعملون . فقد خلّف النجاح الإقتصادي الدينامي المزدهر ( وهو إطراء اّخر من البنك الدولي ) أكثر من 36 مليون أندونيسي عاطل عن العمل .
قال كاتب الدراسة :

تظاهرت أنني مشتري أزياء من لندن ( لتصوير فيلمي الوثائقي " أسياد العالم الجدد " ( للتلفزيون المستقبل ) , فجالوا بي في أحد هذه المصانع التي تصنع ثياب غاب ( GAP ) لبريطانيا وأميركا . وجدت أكثر من ألف عاملة معظمهن من الشابات , على طريقة المجموعات , تحت وهج المصابيح الأنبوبية ودرجات حرارة تصل إلى 40 درجة مئوية . كان مكيف الهواء الوحيد موجوداً في دور علوي حيث المدراء التايوانيون . أدهشني رهاب الأماكن المغلقة وحمىّ الإنتاج والتعب والحزن الحاضران . كانت الوجوه صامتة والعيون مطرقة والأطراف تتحرك بصورة اّلية . لم يكن للنساء خيار بشأن ساعات العمل التي يؤدينها . بما في ذلك " نوبة عمل طويلة " . مستهجنة تمتد 36 ساعة بدون الذهاب إلى البيت . وقد طمأنوني أنني إذا تقدمت بطلبية في اللحظة الأخيرة , لن يثير ذلك مشكلة لأننا " نطلب من العمال المكوث مدة أطول " .

أخبرتني العاملات اللواتي التقيت بهن لاحقاً بشكل سريّ : إن كان يجب إنهاء بنطلونات غاب , لا نترك المصنع , نبقى إلى أن تكتمل الطلبية , بصرف النظر عن الوقت . إذا أردت الذهاب إلى المرحاض , يجب أن تكون محظوظاً , فإذا قال المراقب لا , عليك أن تقضي حاجتك في ثيابك ... إننا نعامل كالبهائم لأن علينا أن نكدح طوال الوقت دون أن" ننبس ببنت شفة " .

أخبرتهن أن شركة غاب تفاخر " بقانون السلوك " الذي يحمي حقوق العمال الأساسية .
قلن إنهن " لم يشاهدنه " .. . يأتي أجانب من غاب إلى المصنع , لكنهم يهتمون بمراقبة الجودة ومعدل الإنتاج فقط . وهم لا يسألون البتة عن شروط العمل . بل على مقربة من المصانع . مثل حطام عاصفة كبيرة . توجد مخيمات العمال حيث يبيت هؤلاء العاملين : مجتمعات هوبزية تحتشد في عنابر نوم طويلة مصنوعة من الطوب الخفيف والخشب الرقائقي والحديد المضلّع وعلى غرار كثير من البشر الذين لم يتذوقوا أطايب ماكدونالد وستاربكس , ولا يعرفون الإنترنيت والهواتف المحمولة , والذين ليس بوسعهم تناول ما يكفي من البروتين ونادراً ما يجرون مكالمة هاتفية . هؤلاء هم بشر العولمة , إنهم يعيشون وسط مجار مكشوفة وطافحة ويشربون مياها غير صحية . ويذهب ما يصل إلى نصف أجورهم لشراء مياه صالحة للشرب . أمام بيوتهم تجري قنوات نتنة حفرها الأسياد الإستعماريون السابقون في محاولة مفاخرة لإعادة بناء أوربا في اّسيا .

والنتيجة كارثة بيئية حضرية تربي البعوض , واليوم أدّى تفشيها في المخيمات إلى نوع وبيل من حمى الضنك المعروفة " بحمى قسم الظهر " . بعد عدة زيارات إلى هناك لسعت ولزمني شهران للتعافي من العدوى . أما بالنسبة للأطفال الصغارالذين يعانون من سوء التغذية في المخيمات , فإن حمى الضنك قد تؤدي إلى الموت . إنه مرض من امراض العولمة . وعندما نمت المخيمات وهاجر الناس من المناطق الريفية بحثاً عن عمل , تبعهم البعوض .
وكثيراً من هؤلاء الناس قدموا هربا من نظام مفقر للمحاصيل النقدية , وضعه البنك الدولي وأدى إلى القضاء على زراعة الإكتفاء الذاتي في كثير من أنحاء أندونيسيا بشكل مطّرد .

ماذا عملت سياسة العولمة للشعوب الفقيرة البائسة نتساءل ؟ فيجيبنا الكاتب الشجاع بمشاهداته العينية في تجمعات التعب وماّوي من يبيع قوة العمل ليأكل بقوله :
( شققت طريقي بصعوبة في إحدى الممرات . كان مليئاً بالثياب المعلقة والمغلفة بالنايلون , كأنه حجرة خلفية في مصبغة . نظافة الأشخاص الذين يعيشون في هذه الممرات وترتيبهم مدهش إنهم يعيشون في غرف تشبه الزنازين , معظمها بدون نوافذ أو تهوئة ويتم فيها الأكل والنوم وفقا لنظام نوبات العمل الصارم في المصانع . وفي أثناء موسم الأمطار يرتفع منسوب القنوات وتفيض , ويرتفع مزيد من النايلون لحماية الممتلكات المسجلة العزيزة وملصقات فريق - سبايس غيرلز -- وتشي غيفارا .-- وكدت أتعثر بمقلاة ينشّ فيها / التوفو / . وثمة حرائق مكشوفة لزيت البارافين والأطفال يركضون قربها بشكل خطر . . راقبت أسرة من خمسة أفراد يجلسون على رقعة عشب يحدقون في الشمس ساعة المغيب عبر ضباب أصفر ملوث , والخفافيش الصغيرة تدور في الجو وبدا في الأفق البعيد الصور الظلية الجانبية لناطحات السحاب المهجورة بدت لمحة سريعة تنبئية لعالم " معولم " مجهول من قبلنا نحن " المستهلكين " .
ينصّ " قانون السلوك " الذي تقول شركة غاب السان فرنسيسكوية أنها توزعه على المتعاقدين معها : ( يجب ) أن تتوافق مرافق النوم مع كل القوانين والأنظمة المطبّقة المتعلقة بالصحة والسلامة , بما في ذلك السلامة من الحريق والنظافة العامة والحماية من المخاطر والسلامة الكهربائية والميكانيكية والبنيوية " . ولأن عنابر المنامة هذه غير موجودة في المصانع , لا تخضع غاب والمتعاقدون معها للمساءلة أمام القانون . ربما يتامل المستهلكون في الغرب هذه اللامسؤولية أمام القانون فيما يدفعون للملابس التي يصنعها أناس لا يستطيعون تحمل تكاليف العيش في مكان لائق نظراً لتدني الأجور التي يحصلون عليها .
.........


سندخل أكثر فأكثر إلى زوايا المجتمع المخملي الرسمي السلطوي لنقرأ مستوى البذخ والرفاه والبطر باالأرقام والأسماء على حساب الأكواخ والمتعبين ,, إنها الأنظمة الديكتاتورية المصنّعة في أميركا وأسياد العالم ..! إنها الإستثمارات وبناء الفنادقوالقصور والخدم لرفاهية البرجوازية الجديدة ( الطفيلية ) وزيادة طبقة المفسدسن والفاسدين والديون التي تركّب على خزينة الدول , و على الشعوب من يدفع الثمن جوعاَ وبطالة وتهجيرًا وفقراً ومرضاَ وووووو وبالتالي عبودية وظلماً والقائد الملهم ( أو التلميذ أو الخادم النموذجي ) الذي ينفذ كل ما يطلب منه , مقابل أن يبقى على رأس السلطة أي على الكرسي المدمّى ولو مات الشعب كله أو سجن أو بيعت البلاد كلها للأعداء الجيران القريبين أو البعيدين لا فرق ..!!؟


( على بعد عشرة أميال من المخيمات , على طول طريق برسم مرور تملكه إبنة سوهارتو ( وزّع سوهارتو شبكة الكهرباء الوطنية بين أبنائه , ووزعت المصارف والفنادق والمساحات الواسعة من الغابات على الجنرالات والأصدقاء المقرّبين ) , يقع وسط مدينة جاكرتا . هذه هي , أو كانت , الوجه المقبول " للتلميذ المثالي " العالمي ( أي سوهارتو ). ثمة مراكز تجارية تعرض معاطف بتوقيع فيرساتشي يبلغ ثمنها 2000 جنيه استرليني وصالة عرض لسيارات جاكوار ومطعم مكدونالد واسع . ومن أجمل الفنادق فيها فندق - شانغري – تقام فيه هناك أربعة أعراس كل ليلة واحدة . . وقد حضرت عرسا كلف 120000دولار . أقيم ذلك العرس في قاعة الإحتفالات الكبرى , وهي نسخة محلية عن قاعة الإحتفالات في فندق والدورف أستوريا بنيويورك مزينة بالثريات والعقود ذات الأوراق المذهبة .
كان الضيوف يرتدون ملابس بتوقيع أرماني وفرساتشي وألماساً حقيقياً , وكانوا يسقطون شيكات في صندوق كبير و كان العروسان من عائلتين صينيتين ثريتين , رغم أن إسميهما جو وفرنسسكا ( عندما تولى سوهارتو السلطة , حظر الأسماء الصينية والكتابة الصينية , ويبدو أنه كان يربط الصينيين بالشيوعيين ) . كان قالب الكاتو مكوناً من ثماني طبقات ونقشت الأحرف الأولى من إسم العريسين في الناطف وعرضت لقطات فوتوغرافية لجولتهما العالمية على شاشة بحجم شاشة السينما .
كان من بين الضيوف أصدقاء سابقون للديكتاتور المخلوع , مثل أحد النصاّبين الذين حققوا ثروتهم في تيمور الشرقية , وكان حاضراً أيضاً كبير ممثلي البنك الدولي في أنونيسيا هي " خفض الفقر " , و " الوصول إلى الفقراء " . وكان البنك الدولي هو الذي أعدّ قرض ال 66 مليون دولار لبناء فندق شانغري – وهو الذي يزعم أنه سيوفر أمان التوظيف المنتظم " , ولم تمض فترة طويلة على حضور " بيرد "" مدير البنك الدولي للعرس حتى طرد معظم العمال عندما أضربوا لتحسين رواتبهم ..
.......


تتكون مباني مدينة ( غوثام ) في وسط العاصمة جاكرتا بمعظمها من المصارف , وكثير منها فارغة وغير مكتملة . قبل سنة 1997 , كان يوجد هنا بنوك أكثر مما يوجد في أي مدينة أخرى في العالم , وقد أفلس نصفها عندما انهار الإقتصاد " الدينامي " تحت وطاة فساده غير المعقول . في أثناء حكم سوهارتو الذي امتد ثلاثين عاماً , تدفق سيل من رأس المال " العالمي " , على أندونيسيا . قدم البنك الدولي أكثر من 30 مليار دولار , بعضها ذهب إلى مشاريع تستحق الإهتمام مثل محو الأمية . وذهب أكثر من 630 مليون دولار إلى برنامج " الهجرة الداخلية " . المستهجن الذي سمح للنظام بالإستيطان في الأرخبيل . فأرسل المهاجرون من كل أنحاء أندونيسيا إلى تيمور الشرقية المحتلة وسرعان ما تحكموا بالإقتصاد . وفي سنة 2001, وجّه سفك الدماء في كاليمانتان ( بورنيو ) نحو سكان جزر مادورا الذين نقلوا إلى هناك " لتنمية " المنطقة بموجب مخطط البنك الدولي . وفي اّب / أغسطس 1997 , كشف تقرير سري داخلي للبنك الدولي , كتب في جاكرتا , عن أعظم فضيحة " تنمية " في التاريخ – أن " 20 إلى 30 بالمئة على الأقل " من قروض البنك " تحوّل من خلال مدفوعات غير رسمية إلى موظفي حكومة أنونيسيا وسياسييها " .


أثناء تولي الجنرال سوهارتو الحكم , لم يكن يمر يوم دون أن يهنئه السياسيون الغربيون لأنه حقق " الإستقرار " في خامس أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان . وكان السياسيون البريطانيون يقدرونه بشكل خاص بدءاً بوزير الخارجية مايكل ستيوارت في عهد هارولد ويلسن . الذي امتدح سنة 1966 " السياسات الإقتثصادية الحكيمة " التي ينتهجها الديكتاتور وقال إن نظامه ليس " عدوانياً " . ووصفت مارغريت تاتشر سوهارتو بأنه " أحد أفضل أصدقائنا وأكثرهم قيمة " . ودعم وزير الخارجية دوغلاس هيرد في عهد جون مايجور " القيم الأسيوية " لنظام سوهارتو " القانون المتملق لإنعدام الديمقراطية والإساءة لحقوق الإنسان " , وفي سنة 1997 كانت أندونيسيا في عداد أول رحلة لروبن كوك إلى الخارج كوزير للخارجية , حيث صافح سوهارتو بحرارة . بحرارة شديدة بحيث اختيرت صورة ملونة لكليهما لتزيين تقرير وزارة الخارجية بشأن حقوق الإنسان في العالم .
وحدهم الإستراليون كانوا أكثر خنوعاً بسبب مخاوفهم من جيرانهم الاّسيويين الذين ينظر إليهم كما لو أنهم سيسقطون عليهم بفعل الجاذبية . وهكذا قال رئيس الوزراء بوب هوك لسوهارتو : أننا نعلم بأن شعبك يحبك " . أما خليفته , بول كتينغ الذي تزعّم الصحافة الأسترالية فكان يعتبر سوهارتو " شخصية أبوية " . وقد امتدح الطاغية لأنه أقام مجتمعاً متسامحاً وحقق " اللإستقرار " في المنطقة . وفي سنة 1996 أعلن نائب رئيس الوزراء , تيم فيشر , أنه عندما تبحث المجلات عن رجل العالم للنصف الثاني من هذا القرن , فربما ينبغي عليهم ألا يبحثوا أبعد من جاكرتا بكثير " .


كان كلهم يعرفون بالطبع الحقيقة , فقد كادت منظمة العفو الدولية تملأ غرفة بأكملها بالأدلة على سجل سوهارتو المخيف . وكان روبن كوك على علم بالتحقيق الشامل الذي أجرته لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الأسترالي وخلص إلى أن قوات سوهارتو تسببت في مقتل 200000 على الأقل من سكان تيمور الشرقية , أي نحو ثلث تعداد السكان في السنة الأولى من عهد حزب العمال الجديد , كانت بريطانيا أكبر مزوّد لأندونيسيا بالسلاح , حيث وافق بلير على إحدى عشرة صفقة سلاح إلى أندونيسيا تحت غطاء قانون الأسرار الرسمية وإعلان كوك عن بعد " أخلاقي " للسياسة الخارجية .
إن لذلك منطقاً معيناً : تجارة الأسلحة هي إحدى نجاحات العولمة , وأندونيسيا ( التلميذ المثالي ) تلعب دوراً حيوياً . عندما ترسخ الإقتصاد العالمي " , ,, ( أي الراسمالية غير المقيدة ) في بريطانيا في أوائل ثمنينات القرن العشرين شرعت مارغريت تاتشر في تفكيك كثير من الصناعات في حين أعادت صناعة السلاح البريطانية إلى سابق تفوقها لتحتل المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة الأميركية ... ) . انتهى


ما أكثر الدول النهمة اليوم في عالمنا المعاصر !؟ ... فانهضي أيتها الشعوب الفقيرة واّتحدي ولا تكوني لقمة سائغة , أو فريسة سهلة للذئاب ...
عن كتاب – أسياد العالم الجدد -- لمؤلفه : جون بلجر , ترجمة عمر الأيوبي --- .للبحث تتمة ..
مريم نجمه / هولندة / أواخر عام 2010



#مريم_نجمه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صراع بين الحلم والواقع .. في لوحة خريفية ؟
- نسائيات .. وخواطر ثورية - 7
- قومي دمشق .. !؟
- خواطر زوجة معتقل سياسي .. همسات أمومة على جدار الزنزانة - 22
- من دفاتر الغربة - 8 :
- صباح الخير : كاريكاتور .. وموزاييك - 2
- صباح الخير : هدية من الأديب - جبران خليل جبران - إلى شهداء س ...
- - أوطان - تحيي حفل تأبين وتضامن لشهداء ( سيدة النجاة ) . شهد ...
- الليل في يدي .. والفجر حلمي المنتظر
- أوطان تفرّغ من أصحابها , لمصلحة من ؟
- من الرائدات : أميرة الفكر والأدب .. الكاتبة مي زيادة
- هل لزّم لبنان إلى إيران مجدداً ؟
- أوراق على مشارف الفجر ..؟
- لماذا الجائزة ؟ لماذا الحوار ..؟
- الأرض الأرض .. الإنسان !؟
- رحلة قارية - اّسيوية ..؟
- من رسائل المنفى ..؟
- العيون اللاقطة ؟ تسونامي الأشعة الشمسية .. والحرائق الأرضية ...
- تعابير عامية صيدناوية ؟ - 7
- أوراق على سواحل البلطيق ؟


المزيد.....




- شاهد: تسليم شعلة دورة الألعاب الأولمبية رسميا إلى فرنسا
- مقتل عمّال يمنيين في قصف لأكبر حقل للغاز في كردستان العراق
- زيلينسكي: القوات الأوكرانية بصدد تشكيل ألوية جديدة
- هل أعلن عمدة ليفربول إسلامه؟ وما حقيقة الفيديو المتداول على ...
- رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية يتهرب من سؤال حول -عجز ...
- وسائل إعلام: الإدارة الأمريكية قررت عدم فرض عقوبات على وحدات ...
- مقتل -أربعة عمّال يمنيين- بقصف على حقل للغاز في كردستان العر ...
- البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة -باتريوت- متاحة الآن لتسليمها ...
- بايدن يعترف بأنه فكر في الانتحار بعد وفاة زوجته وابنته
- هل تنجح مصر بوقف الاجتياح الإسرائيلي المحتمل لرفح؟


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - مريم نجمه - قرأت لك .. ( التلميذ المثالي ) ؟ - 1