أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود حافظ - اليسار العربى ومأزق الحرية الإنسانية















المزيد.....


اليسار العربى ومأزق الحرية الإنسانية


محمود حافظ

الحوار المتمدن-العدد: 3142 - 2010 / 10 / 2 - 09:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما نتحدث عن مأزق اليسار العربى مع الحرية الإنسانية فنحن نتحدث عن حالة من التناقض فرضها الواقع وهذا نتيجة قراءة موضوعية لهذا الواقع ولما كان التناقض ينتج صراعا فمعنى هذا أن اليسار تأزم وضعه مع حاله فأى صراع من الممكن أن ينتج بين اليسار والحرية الإنسانية فإن مثل هذا الصراع مرفوضا شكلا وموضوعا لأن اليسار حتميا غايته الحرية الإنسانية وأن الإنسان اليسارى هو الإنسان الحر بمعنى أن هذا الإنسان قد تخلص تماما من ذاتيته وأنانيته هذه الأنانية التى صيغت مع الحرية وأنتجت ما يسمى بحرية التملك هذه الحرية التى أصبحت محورا للفكر الليبرالى الرأسمالى والذى تمحور حول المالك الحر الذى بالضرورة أصبح مستغلا لغيره حتى يزيد من حريته فى التملك والتى أصبحت مانعا لحرية الآخر الرازح تحت إستغلال المالك .
من هنا نرى أن الحرية الإنسانية لابد أن تكون منزهة ومتناقضة مع حرية التملك فالإنسان الحر يحطم كافة القيود التى تعيق حريته وأن أطغى هذه القيود هو قيد التملك .
من هنا كان اليسار دوما وعلى مر التاريخ البشرى المعاصر دافعا نحو غايته نحو الحرية الإنسانية فالقوى الإنسانية التى دفعت نحو كسر طوق العبودية فى العصر العبودى كانت بمقياسنا قوى يسارية ناهضة تقدمية أدت إلى تحرير الإنسان من الرق والعبودية فلقد ثارت هذه القوى لتحرر وتكسر نمط تملك الإنسان لإنسان آخر ، أيضا كانت القوى الإجتماعية الناهضة التى ثارت ضد قيد الإنسان وحبسه فى مكان لايجرؤ على التحرك خارجه ولا يجرؤ على ممارسة أى نشاط أو عمل إنسانى يكفل له العيش وأطلقت مقولة دعه يعمل دعه يمر كانت قوى يسارية فى حينه لأنها ثارت لينال الإنسان حريته الإنسانية .
وعندما تقدم الإنسان فى علومه الطبيعية والإنسانية والتى بدأت بممارسة الإنسان لحريته الإنسانية وإطلاق الحرية لعقله ليبدع ويكتشف كانت ثورة العقل فى تأريخ إكتشافاته لتطوره التاريخى الأمر الذى أنتج مايستحق النضال من أجله هوتحقيق العدالة للجميع وتحقيق المساواه وتكافؤ الفرص للجميع ولكى يتحقق ذلك لابد من القضاء على إستغلال الإنسان لأخيه الإنسان من هنا ظهر اليسار وظهرت الإشتراكية كنقيض للرأسمالية والتى تتمحور فى النهاية حول منع الإنسان لإستغلال إنسان آخر
هكذا كان اليسار دوما هو الداعى والراعى للحركة الإجتماعية التى تتجه إلى تحقيق الحرية الإنسانية ووضع منهجا مبرمجا للوصول إلى هذه الغاية أساسه العمل الإنسانى الخالى من الإستغلال وتكافؤ الفرص والعدالة الإجتماعية للقضاء على الفقرالناتج عن إستغلال وإستلاب الآخر.
ولما كان هذا المنهج المبنى على الإستغلال والإستلاب هو منهج اليمين الذى أتخذ من الليبرالية شكلا أيديولوجيا يتغنى بالحريات الإنسانية فى حين جوهره يقضى على هذه الحريات هذا الجوهر الذى جعل كل الحرية للحرية الإقتصادية حرية تملك رأس المال وطغيانه وإستباحة كافة المآرب لتحقيق نموه وإزدهاره حتى لو أدى الأمر إلى إجتثاث الآخر وإقصائه من هنا كان لابد من حتم الصراع لصالح اليمين الذى تغنى بالأيديولوجيا وتمسك بملكية وسائل الإنتاج وتحكم فى التراكمات الرأسمالية الناتجة من إستلاب قوة العمل من ناحية وإستلاب المستعمرات نتيجة إستغلال مواردها الأولية والسيطرة عليها سواء بالإحتلال المباشر أو عن طريق الوكلاء المحليين .
إن اليمين المسيطر والمهيمن والفارض لنموزج العولمة بواسطة شركاته العابرة للقارات والمستلب لقوة العمل العالمية والمستلب لموارد القارات الكونية قد إستنفر ضده وبالضرورة أنصار الحرية الإنسانية فى الكون الذين تنامى لديهم الإحساس بإستلاب حريتهم الإنسانية لصالح جشع وسطوة رأس المال والذى إستباح نتيجة جوهر إطلاق الحرية له هتك حرية الإنسان الأمر الذى أعاد الإنسان المستلب إلى عصور الرق العبودية بل أكثر من ذلك نتيجة التقدم التقنى فقد أصبح الإنسان المستلب مادة يتم الإتجار فيها سواء ببيعها أو ببيع متعتها أو ببيع أعضائها .
لقد نجح اليمين فى صراعه مع اليسار بقلب الطاولة فهاجم اليسار فى غايته وهى الحرية الإنسانية وتغنى بها وهو يجتثها .
أما اليسار فقد إنشغل فى صراعه مع نفسه لغرض تحديد هويته اليسارية وحاد عن غايته لتحقيق الحرية الإنسانية هذه الحرية التى تتحقق بداية بالملكية الجماعية لوسائل الإنتاج هذه الملكية النقيض للملكية الفردية وأن توجه العالم النامى نحو تحقيق هذا المكسب والذى تم فرضه بالضرورة بعد الإنعتاق من المستعمر حتى لو كان عن طريق سيطرة طبقة البرجوازية الصغيرة بالتنمية عن طريق رأسمالية الدولة هذا المكسب كان لابد من التمسك به والدفاع عنه بدلا من مهاجمته بحجة تناقض الهوية اليسارية ( هل الهوية شيوعية أم إشتراكية هل هى لينينية أوتروتسكية ، هل هى ستالينية أم خرشوفية ، وأخيرا هل هى شيوعية أم إشتراكية ديموقراطية ) إن الصراع حول الهوية قد جعل اليسار العربى يتنحى عن الدفاع الواجب للحفاظ على المكتسبات الإشتراكية والتى تحققت بفعل لجوء الأنظمة إلى منهج رأسمالية الدولة والتى أنتجت قطاعا عاما أصبح الركيزة الأساسية للتنمية فى كبرى البلاد العربية سواء التى أتخذت الناصرية كمنهج كمصر والنموزج الإفريقى أو البلاد التى أتخذت البعثية كمنهج كسوريا والعراق .
فإذا كان القطاع العام هو البنية الإقتصادية التى يبنى عليها أيديولوجيا تحقيق الحرية الإنسانية بالقضاء على حرية التملك الإقتصادية الدافعة إلى الإستغلال والإستلاب وهذا القطاع هو تجسيد للبنية الإقتصادية الجماعية وهو الدافع للتنمية فى البلاد النامية وهو المنتج لبنية إجتماعية يتحقق فيها مبادئ الإشتراكية من تكافؤ الفرص والعدالة الإجتماعية والقضاء على الفقر فإن تخلى اليسار العربى عن الدفاع عن هذه المكتسبات والتى عملت قوى اليمين الرجعية بتحالفها مع الإمبريالية العالمية على تقويض هذه المكتسبات والقضاء عليها وتسليمها كلقمة صائغة إلى الشركات العالمية عن طريق الوكلاء المحليين قد أضاع بفرص اليسار العربى نحو العمل على بناء مجتمع إشتراكى تتوفر فيه العدالة الإجتماعية محققا لديموقراطية تولد من رحم الحرية الإنسانية .
إن القضاء على التجربة الناصرية فى مصر والقضاء على البعث فى العراق وإن إختلفت طرق القضاء فإن المأرب واحد ففى مصر إنشطر المجتمع طبقيا إنشطارا حادا فأصبح فيها غنى فاحش لشريحة من المجتمع مع فقر مدقع للغلبية العظمى من المصريين الأمر الذى أدى إلى ظهور التطرف سواء دينيا أو أخلاقيا فأصبح المجتمع المصرى خاضعا للتأثير الغرائزى نتيجة التقويض الإقتصادى فظهرت فيه الجماعات الدينية كما ظهرت فيه الجريمة والإنحلال الخلقى وأصبحت فئات لابأس بها مغيبة بالمخدرات أم المجتمع العراقى فليس بأفضل حالا بل أصبح الأسوأ نتيجة الفرز المذهبى والطائفى الذى لم يفرق بين مقاومة المحتل وبين الفتنة الطائفية والمذهبية أما فى سوريا آخر معاقل البعث بمعنى آخر معاقل التنمية بالتركيز على القطاع العام فهى لم تنج من المؤامرات الإمبريالية من حصار إقتصادى بعقوبات فرضتها رأس الإمبريالية العالمية أمريكا وذلك لإضعاف موقفها الداعم للمقاومة سواء فى لبنان أو فلسطين المحتلة فسوريا العلمانية الممانعة والتى وقفت وحدها كمتراس ممارس للصراع العربى – الإسرائيلى والذى هو المظهر الباقى للصراع بين اليمين الليبرالى واليسار الإشتراكى والتى بالضرورة أصبحت حاضنة للمقاومة ضد الإحتلال للأراضى العربية ولوجود أرض سوريه مازالت محتلة لم تجدحليفا داعما لها سوى الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد التخلى العربى المصرى والأردنى كدول للطوق واللذين إنضما إلى دول الإعتدال العربى والتى أنهت حكوماتها صراعها مع المحتل الصهيونى بإتفاقيات سلام مرفوضة من الجماهير العربية فى مصر والأردن .
إن نشأة أزمة اليسار العربى ومأزقه خلقتها إخفاقه فى تحالفاته كنقيض يمارس الصراع مع الإمبريالية العالمية والتى فى ممارستها للصراع المتمحور حول الصراع العربى – الإسرائيلى قد أزمت موقف اليسار حين إستغلت صراع القوى اليسارية وتشرزمها حول الهوية اليسارية السابق الإشارة إليها هذه الأزمة التى قوضت الطليعة اليسارية المنوط بها الحراك بين الجماهير صاحبة المصلحة فهذه الطليعة هى التى تعمل على التوعية السياسية لإدراك الجماهير الكادحة مصالحها حتى تستطيع التصدى والدفاع عن هذه المصالح والمكتسبات وأن وعى الجماهير بمصالحها هو الأمر الجامع والقوى والنافذ نحو حسم الصراع لصالح الحفاظ على المكتسبات التى تحققت على المستوى الإقتصادى ولصالح حسم الصراع السياسى المتمحور فى الصراع العربى – الإسرائيلى بالدعم للمقاومة لإزالة آثار العدوان عن الأرض المحتلة والأرض المغتصبة إن أزمة الطليعة اليسارية أوجدتها أزمة المثقف العضوى اليسارى والذى بدوره مسئولا عن توصيل الرؤية اليسارية للطليعة والتى بدورها الحركى تقوم بتوصيلها إلى الجماهير هذا المثقف الذى فشل فى القراءة الموضوعية للواقع العربى هذه القراءة التى تملى عليه تحديد قواه الإجتماعية صاحبة المصلحة الحقيقية ومدى إدراك هذه القوى وتشكلها من ناحية البنية الفوقية بمعنى مدى تمسك هذه القوى بموروثها الثقافى والعقائدى وخاصة الدين الإسلامى هذا الأمر الذى أسقطه من حسابه المثقف العضوى اليسارى بتركيزه على العامل الإقتصادى وحده هو نفس الأمر الذى إستغلته الإمبريالية العالمية كممثلة لليمين الليبرالى وجعلته الركيزة الأساسية لها فى صراعها مع القوى التقدمية الناهضة اليسارية مع تنحية العامل الأساسى الإقتصادى وإستبداله بالأيديولوجيا وخاصة فى الموروث الثقافى والعقائدى أو الدينى .
فإذا كان هذا سببا لأزمة ومأزق اليسار العربى فهل من الممكن إدراكه فى ظل حركة الصراع الدائرة الآن بين القوى الإمبريالية وقوى الممانعة العربية والتى وقفت فيها سوريا داعمة للمقاومة ومتحالفة مع إيران الإسلامية الداعمة للحق العربى فى صراعه التحررى من وجهة النظر الإسلامية لدعم حرية المقدسات الدينية الإسلامية وبالضرورة دعم الشعوب العربية المحتلة فى هذه الأراضى المقدسة وفى عموم فلسطين الحاضنة للأراضى المقدسة .
فكما أن الإمبريالية العالمية قلبت موازين البنية الإجتماعية لصالح صراعها مع اليسار العربى بإستبدال الإقتصادى بالأيديولوجى فالبنية الإجتماعية نفسها أفرزت قوىنقيضة تحررية تقوم بالصراع مع المحتل والمغتصب فى الصراع العربى الإسرائيلى مستخدمة نفس أدواته المستحدثة وهذه القوى هى التى تقوم بإدارة الصراع الآن والمتمثلة فى دول الممانعة بالحلف الإستراتيجى بين سوريا العلمانية الممانعة وإيران الإسلامية والمقاومة الإسلامية فى لبنان متمثلة فى حزب الله الشيعى وفى فلسطين متمثلة فى منظمة حماس الإسلامية السنية والجهاد الإسلامى السنية مع باقى الفصائل الفلسطينية ولكن هنا نلاحظ وهذا هو الأهم أن الجماهير التى تدعم وتساند المقاومة الإسلامية هى هى ذاتها الجماهير الداعمة لليسار العربى فهى جماهير اليسار الكادحة صاحبة المصلحة الحقيقية فى الصراع ضد الإمبريالية فهى الجماهير التى تطمح فى تنسم رياح الحرية الإنسانية وتسعى إلى إنعتاقها من أسر الإحتلال وأسر الإستلاب .
لقد تنحى اليسار من ساحة الصراع تاركا القوى الإسلامية المقاومة تتحمل عبء الصراع هذه القوى المقاومة التى خاضت النضال ضد العدو الصهيونى وانتصرت عليه فى لبنان عام 2000 م وانتصرت عليه أيضا فى لبنان حينما أراد هذا العدو الإمبريالى القضاء عليها فى عام 2006 م ووقفت أمامه صامدة فى غزة حينما حاول العدو الصهيونى تصفيتها فى الفترة بين عامى 2008- 2009 م هذه القوى الإسلامية المقاومة والتى جعلت من أحرار العالم ينحنون أمامها إحتراما لصمودها وخاصة فى غزة التى حاصرتها الإمبريالية العالمية والصهيونية العالمية وجعلتا من القطاع سجنا لمليون ونصف إنسان دون إمدادا وتموينا وأن ملحمة الصمود لتنسم رياح الحرية من أهل قطاع غزة قد هزت الضمير الإنسانى والذى يمثله اليسار العالمى الواجهة لأنصار الحرية الإنسانية فى العالم .
نخلص مما سبق إن إدارة الصراع العالمى بين الإمبريالية العالمية والجمهور الكادح بقيادة الطبقة العاملة والتى شكلت صراعها وخاضته من منطلق القضية الوطنية التحررية وذلك بصراعها مع القوى الرجعية والمرتبطة بالإمبريالية المهيمنة هذا الصراع الذى خاضته الطبقات الشعبية ونجحت فيه عندما قررت الإعتماد على الذات طبقا لمقدراتها الوطنية بإتخاذ طرق التنمية على الطريقة الإشتراكية بمعنى ملكية الدولة لوسائل الإنتاج ثم كانت خطوتها الثانية المواجهة لغرض التحرر من المحتل والمغتصب هذا الأمر الذى سقط فيه اليسار عندما تنحى عن حماية هذه المكتسبات عندما قرر السادات من نقل البندقية من كتف التحرر الوطنى إلى كتف التبعية للإمبريالية وتدشين هذه التبعية بمعاهدة كامب ديفيد المشؤمة والتى جرت الوبال كله على حركة التحرر الوطنى العربية ، لم يكتف السادات بذلك بل قام بتنفيذ تعليمات وليه كيسنجر بمجابهة اليسار العربى المصرى بصراع أيديولوجى نتيجة تحريك وتغذية الغرائز الدينية وشحنها ضد اليسار بعمل المصالحة مع الإخوان المسلمين ودعوتهم للعودة من بلد المهجر السعودية وهنا عاد الإخوان المسلمين بحقيبة وهابية مملوءة بالبترودولار وترك المجال واسعا فى حدود هذه السعة قد جعلت من الإخوان إطلاق مبدأهم الإسلام هو الحل وكان لهذا تأثيره فى الشكل وخاصة فى الزى الإسلامى وإنتشار الحجاب خاصة فى المدن والمحافظات ذات الجذور الريفية كل هذا فى غيبة من الحراك اليسارى والذى حشدت لمجابهته قوى الأمن وهذا قد جعل فى الناحية الأخرى تنامى للأصولية الوهابية الوافدة بتموين بترودولار حتى ظهرت الجماعات السلفية وظهرت الجماعة الإسلامية والجهاد الإسلامى وتم جذب عددا وفيرا من طلاب الجامعات المصرية فى منتصف السبعينيات من القرن الماضى برعاية ومباركة الدولة المصرية ليكونوا العمود الفقرى لهذه الجماعات الأصولية والتى مالبثت حتى إنقلبت على صانعها وقامت بإغتياله .
لقد تمت هذه التحولات فى مصر عقب حرب أكتوبر 1973 م وتزامنت هذه التحولات مع الإعداد لإتفاقية كامب ديفيد فكلا المساريين يبدءان من نقطة واحدة قد وضعها ورسم مسارها مهندس الإتفاقية والأصولية هنرى كسينجر مستشار الأمن القومى ثم وزير الخارجية الأمريكى لاحقا .
نستطيع القول أن فلسفة النظام الناصرى بعد نكسة 1967 م والتى وضعت فى كلمات أربع ( يد تبنى ويد تحمل السلاح ) والتى تؤكد ضرورة بناء القاعدة المادية للتنمية عن طريق رأسمالية الدولة التى هى المساهم الأكبر فى الصراع السياسى آن ذاك وهو حرب تحرير التراب الوطنى وما أن تم الغرض بكفاح الشعب المصرى حتى جاء السادات بمقولة الرئيس المؤمن الداعى إلى السلام مع العدو الصهيونى .
هذه التطورات والتى حدثت قبل إنهيار الإتحاد السوفيتى وكأنها كانت بروفة ماقبل الإنهيار والتفكك قد أزمت وضع اليسار العربى فمن جهة تم مواجهته بتخريب البنية التحتية الإقتصادية مفرخ الطبقة العاملة وإعتماد الإقتصاد على الوكلاء التجاريين لسلطة الدولة الكولونيالية والتى تكونت من السلطة البيروقراطية وسلطة الوكلاء التجاريون والتى تم جلبهم كالإخوان المسلمين والمتبقى من الرجعية المصرية وأيضا من تم سلخهم من السلطة البيروقراطية ومن الجهة الأخرى تم مواجهته بشحن غرائزى للعقيدة الدينية والتى رمته بأنه داعية للكفر والإلحاد الدينى وهكذا تم حشر اليسار العربى بين المطرقة والسندان فإذا كانت المطرقة بعدم محافظته وعدم تضحيته للحفاظ على البنية الأساسية الإقتصادية والذى ضحى كثيرا لغرض إنشائها فإن السندان كان غرز شوكة الصراع الأيديولوجى فى ظهره وأصبح الإنتاج اليسارى على مستوى الفكر الإجتماعى والإقتصاد السياسى القادر على إجراء عملية التحول بواسطة التنمية هذا الإنتاج أصبح قزما أمام المد الحركى الأصولى خاصة بعد تفكك الإتحاد السوفيتى ربما كانت أزمة اليسار العربى فى ممارسته للصراع مع الإمبريالية العالمية والصهيونية قد إعتمدت على الإنتاج الفكرى للإتحاد السوفيتى والأحزاب الشيوعية الأوربية وخاصة الحزب الشيوعى الفرنسى والحزب الشيوعى الإيطالى مع بعض من الإنتاج الماوى للحزب الشيوعى الصينى فى إستعداتداته للمواجهة الأيديولوجية ولم يقم طبقا للنظرية الماركسية بدراسة واقعه الموضوعى فإن الأرض العربية أيديولوجيا تنتمى إلى الدين الإسلامى والذى بنى دولة مهدت للحضارة الغربية الحديثة هذه الحضارة التى ثارت على الكنيسة الكاثوليكية وإتهمتها بتغييب الشعوب الأوربية بإعطائهم سكوك الغفران لحجز نصيبهم فى الجنة ومن هنا نجد أن البيئة الأيديولوجية فى المجتمعات الغربية بما فيها المجتمع الروسى تختلف عن البيئة العربية الإسلامية وإذا نظرنا إلى الحزب الشيبوعى الصينى نجد أن هذا الحزب قد أجرى مراجعته الأيديولوجية مع بيئته الكونفوشيسية وأنتج معادلته الإجتماعية طبقا لمعطيات التناقض الصينى هذا الأمر الذى فشل فيه على المستوى الأيديولوجى اليسار العربى وترك المسافة بين الدين والعلمانية فارغة حتى قامت الإمبريالية بملء هذا الفراغ على حساب القوى اليسارية العربية حتى أصبحت هذه القوى اليسارية العربية فرقا مشتته ومتناحرة وأصبح كل فريق منها يكيل للفريق الآخر وهذا هو المنى والمراد للطرف الآخر من الصراع وهو الطرف الإمبريالى فقد نجحت الإمبريالية فى تشتيت القوى المضادة لها حتى تؤبد هيمنتها وسيطرتها الكونية .
إن الواجب الحتمى على اليسار العربى هو أولا إسقاط عريضة الإتهامات المتبادلة وقناعته بقدرته على إنتاج فكر توحيدى على قاعدة مشتركة وقناعته بأن العقل الذى أنتج فكر الأمس قادر على الإضافة لهذا الفكر وقادر أيضا على إبداعات جديدة طبقا لمعطيات العلوم الطبيعية والإنسانية كما على اليسار العربى الإعتراف بالآخر من حوله ويتعايش معه محددا من هو الحليف الحق ومن هو العدو الحق وأن ثقة اليسار فى بناء قاعدته الإقتصادية الأساسية سوف تنتج بالضرورة علاقات إنتاجية يعرف منها الطرف الكادح أى طريق يسلكه للحفاظ على حقوقه من الإستلاب ونيل حريته الإنسانية كما أن على اليسار العربى وهذا هو الأهم توضيح موقفه من القضية الوطنية بمعنى قضية التحرر الوطنى فإذا كانت هذه القضية تتبناها مقاومة إسلامية سواء شيعية أو سنية فيجب أن نقر بأن أحرار العالم يتسابقون لتقديم يد العون لهذه المقاومة البطلة حتى تحركت قوافل شريان الحياة وقوافل أساطيل الحرية ومازال التحرك مستمرا لنصرة هذه المقاومة وما على اليسار العربى بحق واجب حماية المقاومين من الهجمات الشرسة التى تمارسها الإمبريالية العالمية والصهيونية العالمية على هؤلاء المقاومون فالمقاومة الإسلامية الحالية فكما هى تقاوم العدو لنيل شرف تحرير الأرض هى أيضا تقف حجر عثرة أمام دعاوى الإمبريالية بوصف الإرهاب الإسلامى الأصولى بتحديدها عدوها والتمترس أمامه .
إن ما يقوم به الطرف الإمبريالى وعلى سبيل المثال بدفع أموال تقدر ب500 مليون دولار لتشويه سمعة حزب الله فى لبنان فكم من الأموال دفعت من دول الإعتدال العربى لهذا الغرض وإلى من دفعت هذه الأموال فإذا كان تم دفع جزءا من هذه الأموال للإعلام العربى للقيام بهذه المهمة فإن أجزاء أخرى دفعت للطرف النقيض على مستوى الصراع فإذا كان حزب الله حركة مقاومة شيعية فكان قبلها حركة مقاومة وطنية لبنانية كان عمادها اليسار اللبنانى فى مواجهة نفس الطرف النقيض وكما أن هناك حزب شيعى مقاوم فهناك أيضا وفى لبنان سنة مقاومون فى طرابلس وبيروت وصيدا فى مجابهة سنة وشيعة فى الطرف النقيض وفى الطرف الأصولى النقيض وكما أن حزب الله يهدد أمن الدولة الصهيونية من الشمال وهو بالغطاء الشيعى فإن حركة حماس الإسلامية السنية تهدد أمن الدولة العبرية من الجنوب وكما تم محاصرة قطاع غزة برا وبحرا تتم محاصرة حزب الله بواسطة المجتمع الدولى فهل تنجح الإمبريالية والصهيونية فى فرض هذا الحصار على المقاومين ؟
لقد فشلت سبل الحصار حتى الآن وسوف تفشل مستقبلا ويعود هذا الفشل لنصرة هذه المقاومة عالميا بواسطة دعاة اليسار العالمى وهم دعاة الحرية الإنسانية والذى أصبح الرعب الذين يسببونه للدولة العبرية أكثر وقعا عليها من رعب المقاومين فإن تمدد وإتساع رقعة المتضامنين مع المقاومة تزداد بفعل كشف الممارسات اللإنسانية التى تمارسها الصهيونية وأصبحت مفضوحة عالميا فكما تحرك أحرار العالم فى أوربا الغربية تحرك أحرار العالم فى أمريكا اللاتينية ذات المسحة الإشتراكية لنصرة دول الممانعة والمقاومة كما تحركت تركيا السنية مع إيران الشيعية لرأب الصدع بين السنة والشيعة ولتكوين فضاء إسلامى مؤهلا للعب دورا تاريخيا بتحالفه مع الفضاء الإشتراكى فى أمريكا اللاتينية فإذا كانت هذه التحالفات تنتج فى مواجهة الغطرسة الإمبريالية فأين الموقف العربى بإستثناء سوريا من هذه الفضاءات فالموقف العربى القادر على تحديده هو اليسار العربى بمد خطوط الإتصال باليسار العالمى الحقيقى سواء فى أوربا أو أمريكا اللاتينية فإذا كان اليسار معنى بغايته النهائية وهى حصول الإنسان على حريته وجب على اليسار وخاصة العربى رسم خريطة الطرق والوسائل التى تؤهله للقيام بهذا الدور الملقى على عاتقه .



#محمود_حافظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللحظة الحاسمة .... الحتمية التاريخية لخيار الأمة
- يوم الحرية .. روح الحرية ........حول تداعيات القراصنة والمجز ...
- القراصنة ..... مجزرة إسرائيلية فى عرض البحر
- يحكى أن ........ فى الإستراتيجية والتاريخ
- الأول من مايو ( آيار )
- سفيرة فوق العادة
- نظرية المؤامرة ... وإستهدافها للشعب المصرى والعربى
- نهب مصر
- من يعادى من ...... فى الصراع
- فى يومك أعلى هامتك
- إستراتيجيةكسب القلوب والعقول ....... حال المرأة
- ملف الثروة السمكية فى مصر __ حكاية بلد إسمها كفر الشيخ -3 مي ...
- ملف الثروة السمكية فى مصر __ حكاية بلد إسمها كفر الشيخ =2
- ملف الثروة السمكية فى مصر __ حكاية بلد إسمها كفر الشيخ -1
- ممارسات العولمة
- مصر .. والفتنة الطائفية
- اليسار العربى .. تفكك أم إعادة تشكل
- المرأة .. والبترودولار .. إلى نادين
- هنيئا لنا بالحوار
- كلام عن المرأة


المزيد.....




- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...
- مقتل عراقية مشهورة على -تيك توك- بالرصاص في بغداد
- الصين تستضيف -حماس- و-فتح- لعقد محادثات مصالحة
- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود حافظ - اليسار العربى ومأزق الحرية الإنسانية