أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - نجيب الخنيزي - جدل العلاقة بين الوطني والقومي ( 3 )















المزيد.....

جدل العلاقة بين الوطني والقومي ( 3 )


نجيب الخنيزي

الحوار المتمدن-العدد: 3129 - 2010 / 9 / 19 - 00:04
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    



مثلت التجربة الناصرية ذروة صعود حركة التحرر الوطني العربية غير أنها في الوقت نفسه تمثلت فيها كل عوامل الضعف البنيوية التي وسمت الحركة ولازمتها منذ البداية، وأوصلتها إلى الطريق المسدود (الأزمة) والذي تكشف بصورة مأساوية في هزيمة يونيو 67. والسؤال الذي يطرح هنا: ما هي العوامل الموضوعية والذاتية التي شكلت جذر الأزمة التي عصفت بالمشروع القومي وأدى إلى انعكاس وتراجع النزعة الوحدوية وانتعاش التوجهات والسياسات الانعزالية (القطرية) على الرغم من استمرار الخطاب ( الرسمي ) الوحدوي اللفظي من قبل بعض الأنظمة العربية، بل وتم في العديد من الحالات ( حتى أواخر الثمانيات من القرن المنصرم ) التوقيع على صيغ وحدوية أو اتحادية ثنائية أو ثلاثية سرعان ما تبخرت وتلاشت قبل أن يجف المداد الذي كتبت به؟ طبعا نتوقف هنا عند بعض التجارب الوحدوية الناجحة رغم الصعوبات والإشكاليات التي لا تزال تكتنفها نذكر من بينها توحيد معظم اصقاع الجزيرة العربية ( 1932 ) على يد الملك عبد العزيز آل سعود ، وقيام دولة الأمارات العربية المتحدة ( ديسمبر1971 ) التي تضم سبع أمارات خليجية صغيرة ، وأخيرا الوحدة اليمنية ( 1990 ) التي تمر بمنعطف خطير لأسباب وعوامل مختلفة مما يهددها بالإنفراط . للحديث عن مسار الفكر القومي العربي وتعرجاته ثم وصوله إلى طريق الإنسداد ، لا بد من الإشارة إلى طبيعة البنية الطبقية والخطاب السياسي/ الأيدلوجي لحركة التحرر العربية ومكوناتها الأساسية المتمثلة بالتيار القومي والتيار الماركسي والتيار الديني، حيث تشكلت في إطار مجتمعات ( أبوية ) فلاحية/ إقطاعية متخلفة وتابعة ، وحيث تخترقها بنية قبلية / عشائرية راسخة . أثر تفكك السلطة العثمانية وفي احضان الإنتدابات والمعاهدات الإستعمارية اللإلحاقية وقبل جلاء الاستعمار الغربي تشكلت السلطة السياسية لملء الفراغ قبل أن تنضج الشروط السياسية والاجتماعية لقيام وتبلور الدولة الوطنية ( الحديثة ) المستندة إلى القاعدة الاجتماعية والتراكم التاريخي الضروري، وكان تطلع البرجوازية التجارية ذات الأصول الإقطاعية / الأرستقراطية العشائرية، والنخب المثقفة تتجه نحو إقامة دولة على شاكلة الدولة الأوروبية المستعمرة ، مستعيرة النموذج الغربي في غياب الحامل الاجتماعي الضروري ، الذي عبر عنه غياب الفرز الطبقي وضعف وهامشية الطبقات الرئيسية الحديثة (البرجوازية، العمال) نظراً لضآلة ومحدودية القطاع الاقتصادي الحديث (الصناعة)، وهيمنة تحالف البرجوازية التجارية ( الكمبرادور ) مع الملاك العقاريين المتحالفة مصلحيا مع الاستعمار، حيث تحددت علاقات التبعية والسيطرة المتجددة لهذه البلدان كأطراف تابعة للمركز في نظام السيطرة الإمبريالى الباحث عن الأسواق لتصريف بضائعه والمتطلع للمواد الخام لتلبية احتياجات صناعته.
ومع أن العديد من الدول العربية الرئيسية (في المشرق العربي) شهدت تجربة الحياة الدستورية والبرلمانية والحزبية (مصر، وسوريا، والعراق، والأردن، ولبنان) غير أن التكوين الطبقي لتلك الأحزاب وقيادتها التي فرضت سيطرتها على الحياة السياسية من خلال التحالف مع القصر تارة ومع الاستعمار تارة أخرى مع بعض الاستثناءات (الوفد في مصر، والكتلة الوطنية في سوريا ، وحزب الاستقلال في العراق ) في مراحل معينة وبالتحديد إبان النهوض الوطني ومعارك الاستقلال.
وهو ما أوجد نوعا من النفور من فساد التجربة الليبرالية لدى قطاعات واسعة من الشعب بما في ذلك الفئات الاجتماعية المتمثلة في الفئات الوسطى وشرائح البرجوازية الصغيرة المدنية والريفية ومن بينهم الحرفيين والمثقفين والعاملين في القطاعات المدنية والعسكرية ذوي الأصل والمنشأ الريفي الذين ناهضوا الدولة (الحديثة) والحياة البرلمانية والحزبية المرتبطة بها. واللافت هو إجماع الحركات القومية والماركسية والإسلامية التي شكلت مجتمعة قوام حركة التحرر العربية (بدرجات مختلفة) على إعلان حالة العداء للدولة وسياستها الليبرالية التي تخللتها أساليب وممارسات قمعية بالغة القسوة في ظل التخلف الاجتماعي والاقتصادي والثقافي. وبما أن حظوظ هذه الحركات في الوصول إلى السلطة عن طريق الانتخابات يكاد يكون معدوما نظراً لهيمنة التحالف الكمبرادوري/ الإقطاعي وتحكمه في اللعبة السياسية، لاحتكاره عناصر القوة والثروة. لذا كان الانقلاب العسكري هو الأداة الحاسمة التي استندت إليها الفئات الوسطى للوصول إلى السلطة . فتركيبة حركة الضباط التي استولت على السلطة في مصر ضمت وطنيين وقوميين وماركسيين وإسلاميين. غير أن الخلافات الأيدلوجية والسياسية والصراع على السلطة سرعان ما دب بين هذا الائتلاف الهش وتم حسم الصراع على مراحل ليستفرد بالحكم التيار الذي مثله جمال عبد الناصر. وكانت النتيجة أن الانقلاب الذي صادر الدولة باسم المجتمع عاد وانقلب على المجتمع من خلال تهميشه وإبعاده عن دائرة صنع القرار حيث جرى شخصنة الدولة والسلطة من خلال الزعيم الذي استند إلى الأيدلوجية الشعبوية (الوطنية والقومية) والتي حظيت بتأييد وزخم جماهيري واسع في البداية ، خصوصا مع توالي العديد من الإنجازات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الملموسة التي تحققت. وإزاء حالة الركود الاجتماعي والفراغ الناشئ عن غياب الأطر السياسية والشعبية، سعى عبد الناصر إلى تشكيل تنظيمات سلطوية (فوقية) على غرار الاتحاد القومي ثم الاتحاد الاشتراكي وأخيراً الطليعة الاشتراكية غير أن هذه التنظيمات ظلت مرتعاً للبيروقراطية وأسيرة للأجهزة الأمنية. وهو ما شكل تناقضا صارخاً بين ارتباط عبد الناصر المباشر والوثيق بالجماهير العربية وبين عدائه لحق الشعب في تأطير نفسه في أحزاب ومنظمات ومؤسسات مستقلة ونذكر هنا أن الشرط الأساسي والوحيد الذي طرحه عبد الناصر للموافقة على الوحدة مع سوريا هو حل الأحزاب (التي كانت وراء الدعوة إلى الوحدة الفورية مع مصر) ومن ثم أطلقت أيدي الأجهزة الأمنية والمخابرات تحت قيادة وزير داخلية الوحدة عبد الحميد السراج لملاحقة ومطاردة الأحزاب المنحلة والتنكيل الدموي بأعضائها وقياداتها. الأمر الذي أدى إلى ضمور الحياة السياسية والاجتماعية وسلبية الجماهير في سوريا وتحول مشاعرها الوحدوية. ويمكن القول إن انفراط الوحدة لم يكن بفعل التآمر الخارجي في المقام الأول ولكن بسبب غياب الديمقراطية وتحكم البيروقراطية وهيمنة أجهزة المخابرات ومراكز القوى التي دخلت في صراع محموم على السلطة والنفوذ ، كما لم تجر مراعاة الظروف والخصائص التي يتسم بها الوضع السوري. الحركة القومية العربية بتكويناتها المختلفة صادرت السياسة و حق الجماهير في التنظيم الطوعي المستقل وفرضت خطابا شعبويا يستلهم الزعيم القائد (عبد الناصر) أو الحزب القائد (البعث) انطلاقاً من موضوعه أولوية الديمقراطية الاجتماعية ومفهوم تحالف قوى الشعب العامل ، وإزاء المخاطر والمؤامرات الاستعمارية والصهيونية المزعومة أو الحقيقية جرى تقنين الحريات وفرضت حالة الطوارئ وأنشئت المحاكم العسكرية ووضعت الصحافة وأجهزة الإعلام تحت التوجيه والرقابة المباشرة. وبكلمة فإن شعار لا صوت يعلو فوق صوت المعركة تمثل في التطبيق العملي في إخراس كل الأصوات المعارضة، والمختلفة بما في ذلك الشرفاء الحريصين على خدمة الوطن والدفاع عن المصالح القومية والوطنية الذين اعتبروا أن قضية الديمقراطية والحريات مسألة أساسية في المواجهة الوطنية والقومية الشاملة ضد الاستعمار والصهيونية و من أجل ترسيخ الاستقلال والتحرر والتنمية والتقدم والوحدة.
في ظل هذه الأوضاع نشأت قوى طبقية جديدة (بيروقراطية/ طفيلية) ضمن أجهزة الدولة المدنية والعسكرية ، ومرافقها ومؤسساتها الاقتصادية (القطاع العام) حيث استغلت مواقعها لممارسة شتى أنواع النهب والفساد والاستبداد واحتكار مقومات ومكونات السلطة والثروة والقوة . وعملت مراكز القوى هذه التي تشكلت وتغولت جاهدة لإعاقة أي تقدم حقيقي يمس مصالحها ، أو يصب في مصلحة الشعب على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. القوى الطبقية الجديدة وجدت أساسا موضوعيا (مصلحيا) للتحالف مع بقايا البرجوازية الكمبرادورية والقوى القديمة التي استعادت مواقعها مع العد العكسي لأفول واندحار مرحلة التحرر الوطني خصوصا في أعقاب هزيمة يونيو 67 والموت المفاجئ لعبد الناصر ومجيء السادات الذي انقلب على إرث ومنجزات العهد الناصري مستندا إلى نفس الأجهزة التي ورثها من عبد الناصر.
وفي الواقع فإن ما جرى في مصر تكرر في جميع الأنظمة العربية الشمولية المحكومة بسلطة الفرد أو سلطة الحزب حيث استطاعت القوى الطبقية الجديدة/ القديمة استعادة هيمنتها وتسلطها من جديد. فالتجربة الناصرية هي نموذج بامتياز لصعود وانتكاس المشروع القومي في صيغته السائدة والذي سنشهده في الدول التي حكمتها أحزاب أو قوى قومية بالاسم غير أن نهجها و سياساتها لم تكن تعبر عن توجهات قطرية فقط بل ما قبل الوطنية حيث أصبحت العشيرة أو الطائفة هي مصدر القوة والشرعية وجرى استبدال حق المواطنة للفرد والجماعة بحق المواطنة الحزبية ثم جرى اختزاله إلى حق المواطنة العشائرية أو الطائفية أو العائلية على حساب حقوق ومصالح الأغلبية الساحقة من الشعب. اتسم الوضع العربي العام بتسارع حالة التشظي والانقسام الأفقي والعامودي وهيمنة الاستبداد ومصادرة المجتمع واستشراء الفساد والفقر والبطالة في ظل فشل أنماط التنمية المبتورة والمستعارة لاقتصاديات ريعيه غير منتجة حيث يفوق نسبة تزايد السكان عن الناتج الإجمالي مما عمق حالة التبعية على كافة المستويات وفاقم حجم المديونية والانكشاف الغذائي والمائي والبيئي والأمني. ويكفي أن نشير إلى حالة العجز والهوان والصراع والاحتراب وتصدر الانتماءات ( الطائفية والقبيلة والإثنية ) الفرعية التي تسود المجتمعات في العالم العربي على الرغم من التحديات التنموية والوطنية والقومية المصيرية التي تواجهها ومن بينها تداعيات الغزو الأمريكي للعراق واستمرار احتلال إسرائيل لكامل فلسطين وأراضي عربية أخرى مدعومة في ذلك من قبل الولايات المتحدة وما تفرضه قوى العولمة من شروط (امتهان وإذعان) تطال ما تبقى من حدود وموانع جيو سياسية (سيادية) واقتصادية وثقافية والتي من شأنها تحويل العرب إلى كم مهمل بعد أن تمت السيطرة على كافة مصادر القوة والثروة لديهم.



#نجيب_الخنيزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدل العلاقة بين الوطني والقومي ( 2 )
- العرب والعولمة .. انكفاء أم اندماج
- جدل العلاقة بين الوطني والقومي
- العرب والحضارة الغربية..تبعية أم مشاركة ( الحلقة الأخيرة )
- العرب والحضارة الغربية.. تبعية أم مشاركة ؟ (5)
- العرب والحضارة الغربية.. تبعية أم مشاركة ؟ (4)
- العرب والحضارة الغربية..تبعية أم مشاركة (3)
- رحيل المفكر الكويتي الدكتور أحمد البغدادي
- العرب والحضارة الغربية.. تبعية أم مشاركة ؟ (2)
- هل تموت النخلة في غياب غازي القصيبي؟
- العرب والحضارة الغربية.. تبعية أم مشاركة ؟ ( 1 )
- خطة التنمية التاسعة .. وتوطين العمالة السعودية
- التساؤل حول جدوى قانون التأمين ضد البطالة ؟
- ڤالا - لا تزال الزهور تبحث عن آنية - +
- التأمين ضد التعطل
- لقاء خاص مع وزير العمل البحريني
- تساؤلات حول البطالة النسائية ؟
- القطاع الخاص وتوطين العمالة
- هل سوق العمل بيئة طاردة للعمالة السعودية ؟ ( 2)
- هل سوق العمل بيئة طاردة للعمالة السعودية ؟


المزيد.....




- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...
- كندا تخصص أكثر من مليوني دولار لصناعة المسيرات الأوكرانية
- مجلس جامعة كولومبيا الأمريكية يدعو للتحقيق مع الإدارة بعد اس ...
- عاجل | خليل الحية: تسلمنا في حركة حماس رد الاحتلال على موقف ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيّرة أمي ...
- بعد الإعلان التركي عن تأجيلها.. البيت الأبيض يعلق على -زيارة ...
- ما الذي يحمله الوفد المصري إلى إسرائيل؟


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - نجيب الخنيزي - جدل العلاقة بين الوطني والقومي ( 3 )