أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - بشير صقر - عن الأشكال التنظيمية للكفاح الفلاحى فى مصر 3- 3 : لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى.. ومحاولات خنقها















المزيد.....



عن الأشكال التنظيمية للكفاح الفلاحى فى مصر 3- 3 : لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى.. ومحاولات خنقها


بشير صقر

الحوار المتمدن-العدد: 3079 - 2010 / 7 / 30 - 14:34
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


عن الأشكال التنظيمية للكفاح الفلاحى فى مصر 3- 3
لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى.. ومحاولات خنقها

" جبهة النضال الفلاحى " .. الامتداد الطبيعي .. لاتحاد الفلاحين المصريين المنهار..


فشلوا فى دخولها كمؤسسات.. فسعوا لإغراقها فى هيئات مبتوتة الصلة بالكفاح العملى

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

ملاحظة لا بد منها:

تناولنا فى المقال السابق الأسس النظرية والعملية لبناء التنظيمات الفلاحية وحددنا فيها :
1- الوعى جوهر التنظيم.
2- الوعى ينتقل للأشكال التنظيمية الكفاحية من خارجها .
3- المعارف العيانية الملموسة لأوضاع الفلاحين واحدة من هذه الأسس، ولا تتخلق إلا بالنشاط العملى الكفاحى لأعضاء هذه الأشكال التنظيمية ، وتلعب دورا فى خلق النظرية الخاصة بالتنظيم داخل كل مجتمع.
ويتعرض هذا المقال لما يأتى:
• صحة الموقف السياسى كشرط حاسم لتماسك الشكل التنظيمى.
* دور الشعار السياسى وكيفية التعامل معه.. فى تماسك الشكل التنظيمى أو تفككه ، ومقارنة بين منطقين ( منطق الشهيد صلاح حسين فى كمشيش ) و ( منطق اتحاد الفلاحين المنهار الملحق بحزب التجمع " اليسارى " ) فى التعامل مع شعار " الأرض لمن يزرعها "
• كيف تأسست لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى ومسارها والقواعد التى حكمت عملها والمهام التى طرحتها للتنفيذ .
• دورعدد من قادة اتحاد الفلاحين السابق الذين شاركوا فى تأسيس لجنة التضامن فى محاولات هدمها بتغيير قواعد العمل بها ثم بإنشاء لجنة موازية تحت اسم " جبهة النضال الفلاحى " .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تمهيد :

عندما أيقن الفلاحون أن إقطاعى قريتهم وجميع أفراد عائلته يستحيل عليهم أن يزرعوا بمفردهم أكثر من مائة فدان من آلاف الأفدنة التى يمتلكونها دون تسخيرهم فى الأرض.
وبعد ما تأكدوا أن جهدهم وحده هو خالق القيمة لما تغله الأرض من محاصيل .. وأن ذلك الجهد يتم اختزانه داخل كل حبة قمح .. ولوزة قطن .. وثمرة فاكهة .. وبيضة دجاجة .. وضرع بقرة .. ليستحيل فى الفم إلى مذاق حلو.. وفى الجسم إلى غذاء مُشبع .. ونبع رطب .. ودفء يدرأ برد الحياة .. ودم يسرى فى العروق ويتورد على الخدود .. ويضفى على صاحبه منعة وقوة.
ساعتها عرفوا أنهم سر هذه الأرض.. وخالقو تلك النعم.. وسحر الحياة ؛ فتسربت إلى قلوبهم الثقة وقرروا أن يتوقفوا عن السخرة فى أرض الإقطاعى .. وأسقطوا بذلك أول جدار فى عرش الاستبداد الإقطاعى فى كمشيش .. بل وتعرفوا على طريق الخلاص.
لم يحدث ذلك من فراغ ولا عفو الخاطر أو بالمصادفة، ولم يتحقق بسهولة .. فقد كان معلمهم طالب الجامعة قد بدأ مشواره بمجموعة منهم.. انتقاها ليبث فيها هذه الفكرة ( الأرض بدون عرقكم جدباء .. والإقطاع بدون تسخيركم فى الأرض قزم ضئيل .. والحياة من غير عملكم .. بلا ثمر ولا معنى.)
لم يتكلف صلاح حسين.. سوى اختيار التوقيت المناسب.. والصحبة المتفانية من زملاء الجامعة فى القرية .. والفلاحين الجسورين الذين تحمل أكتافهم رؤوسا نيّرة؛ وبالمثابرة والإصرار .. والثقة فيمن التفوا حوله من أصدقائه بدأ المعركة .. وتوقفت السخرة.
وبهذه الطريقة أوضح للفلاحين.. لماذا تكون ( الأرض لمن يزرعها .. لا لمن يملكها..؟ ) ذلك الشعار الذى قلب فرنسا الملكية عام 1789 رأسا على عقب إبان ثورة " الحرية والإخاء والمساواة " وقضى على النظام الإقطاعى بضربة واحدة.. ومن يومها صار هذا الشعار حجر الزاوية فى كفاح فلاحى القرية لسنوات طويلة.

فى أى سياق تشكلت لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى ..؟

• فى يونيو 2004 شن ورثة الإقطاعيين من عائلة الفقى هجوما بالأسلحة النارية على فلاحى قرية ميت شهالة مركز الشهداء بمحافظة المنوفية مستهدفين ترويعهم والاستيلاء على مقر سابق للجمعية الزراعية للإصلاح الزراعى. وفشل الهجوم .. وقبض الفلاحون ( 6 أفراد ) على مسجل خطر – تستأجره العائلة الإقطاعية للحراسة- وبسبب تدخل أحد الورثة تحول الفلاحون الستة من شهود على الواقعة إلى متهمين.. وحوكموا غيابيا وصدرت ضدهم أحكام بالحبس سنة وغرامة؛ وفى نفس الوقت حفظ المحامى العام محضر التحقيق الذى أجرته النيابة ووجهت فى نهايته تهمة حيازة سلاح بدون ترخيص وترويع الآمنين لأحد الورثة وللمسجل خطر.
• وفى عزبة سراندو مركز دمنهور بمحافظة البحيرة وقعت أحداث دموية فى مارس 2005 ضد فلاحى العزبة شنها جيش من مطاريد الصعيد المستأجرين لصالح عائلة نوار الإقطاعية ودعمته الشرطة بمداهمة العزبة قبل وبعد هجوم المطاريد عليها ، وسقط قائد المطاريد قتيلا وأصيب العديد من الطرفين.
هذا وقد طاردت الشرطة أهالى العزبة حتى فروا جميعا منها بحيواناتهم وهاموا على وجوههم فى الحقول والقرى المجاورة لمدة تقارب الثلاثة أشهر.. وقدمت ما يزيد عن 25 فلاحا وفلاحة ومحاميهم للمحاكمة بتهم التجمهر ومقاومة السلطات واغتصاب حيازة الإقطاعى وحرق جراراته والاعتداء على أفراد أسرته.
هذا وقد برأهم القضاء فى 3 قضايا ، ثم قدموا لمحاكمة رابعة ( أمن دولة عليا ) وعوقب 7 منهم بالأشغال الشاقة والسجن، وباعتراض الحاكم العسكرى العام على الأحكام أعيد نظر القضية وحصل الفلاحون على البراءة فاعترض الحاكم العسكرى مرة أخرى على الأحكام .. فأعيدت المحاكمة مؤخرا ولازال نظرها جاريا أمام القضاء.
من ناحية أخرى – وبسبب التعذيب الوحشى لقيت إحدى الفلاحات مصرعها ( نفيسة المراكبى ) ووصل خبر مصرعها للاتحاد الأوربى فخاطب الحكومة المصرية مطالبا بإعادة التحقيق فى ملابسات الوفاة.
• ونظرا لأن الأحداث فى القريتين لم تكن أحداثا فردية أو عشوائية .. ولأن ذلك تكرر فى أكثر من قرية.. فقد وجد عدد من المهمومين بالعمل الفلاحى العام ضرورة لمواجهة هذه الهجمة على الفلاحين والأرض ومنذ بداية عام 2005 بدأ الشروع فى متابعة مثل هذه الأحداث عن كثب وإنشاء لجنة تساعد على التصدى لتلك الهجمة.
• وفى 30 سبتمبر 2005 وفى قرية كمشيش بالمنوفية تم عقد لقاء تشاورى من ممثلى 6 قرى بمحافظات المنوفية والدقهلية والبحيرة والفيوم وعدد من السياسيين والمحامين انتهى إلى تشكيل لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى التى بدأت على الفور فى ممارسة مهامها.
• اقتدت اللجنة فى تشكيلها وعملها بالقواعد والخبرات المتراكمة فى اللجنة الشعبية لدعم الانتفاضة الفلسطينية التى نشطت فى الفترة بين عامى 2000 ، 2004 وكانت تضم عددا من أعضاء لجنة التضامن.
كان من تلك القواعد: عضوية اللجنة شخصية وليست تمثيلية - للجنة مهمة محددة هى التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى ويعكس اسمها مضمون مهمتها الذى يمكن تعديله استنادا إلى اتساع نشاطها واستيعابه لقضايا فلاحية أخرى- اتخاذ القرارات بالتوافق باستثناء المسائل العملية فتكون بالأغلبية.
• هذا وقد صدرت وثيقة هذا اللقاء تحدد الآتى:
مهمة اللجنة : التضامن ، نطاق عملها : الريف المصرى ، عضويتها: شخصية، بناء اللجنة من أسفل وليس من أعلى ( لتفرز قاعدتها قيادتها ) ، الحرص على دعم وحدة نضال الحركة الفلاحية .. لا جعلها أرضا للصراع ، كما حددت شروط عضويتها فى: أى مواطن مصرى لا يكون من المناصرين للعدو الأمريكى ، والعدو الإسرائيلى ، والحزب الوطنى الديموقراطى ، وجماعة الإخوان المسلمين.
• هذا وقد توسع عمل اللجنة بالتدريج رغم تناقص عدد النشطاء بها حتى بلغ فى يناير 2010 مايزيد عن عشرين قرية فى الوجه البحرى فى محافظات : المنوفية ( 3 ) ، الغربية ( 5 ) ، الدقهلية ( 3 ) ، البحيرة ( 6 ) ، الإسكندرية ( 5 ) ، الفيوم ( 1 ) ، مطروح ( 1 ).

كيف تمارس لجنة التضامن نشاطها؟ :

• الالتقاء بالفلاحين فى القرى ومحاورتهم بالتفصيل فى كل ما يتصل بالأرض ومحاولات طردهم منها.
• علاوة على مناقشة محاميى الفلاحين المحليين والحصول على كل الوثائق والمستندات.
• بعد استكمال الموضوع بتفاصيله ودقائقه يدور الحوار بشأنه وإمداد الفلاحين بالخبرة المتراكمة لدى أعضاء اللجنة.
• تكليف بعض أعضاء اللجنة بالآتى :
1 - إما المشاركة - كمحامين - فى الدعاوى المنظورة أمام المحاكم .
2- أو عرض الموضوع برمته على خبير قانونى لدراسته والإفادة بما يتبع أو كتابة مذكرات قانونية بذلك.
* نشر الموضوع فى الصحافة المستقلة.. وعلى موقع اللجنة الإلكترونى والمواقع الصديقة.
• المتابعة اليومية المستمرة لأوضاع القرى التى يحتدم فيها الصراع .. والدورية لبقية القرى.
* التواجد فى مواقع تنفيذ الأحكام القضائية.. أو فى مواقع الاحتجاج ( مقاومة الطرد ، اعتصام ، إضراب عن الطعام ).
• إصدار الكراسات التى تعرض أوضاع المقاومة الفلاحية والخبرات المستنبطة والتقديرات السياسية التى يتم التوصل إليها داخل اللجنة.
وهكذا يساهم هذا العمل فى الارتباط المباشر بفلاحى القرى التى تشهد مثل هذا الصراع فى التعرف على الأوضاع الدقيقة فى الريف، وكيفية إدارة الصراع من طرفيه والأدوات والأساليب المستخدمة .. ودور الدولة فيه، ، وجملة القيم والأفكار الى تحكم تفكير الفلاحين وعلاقتها بالقدرة على استمرار المقاومة من عدمه .. إلخ، وذلك يساعد فى التوصل لأفضل الأدوات والأشكال التنظيمية الأولية لوصل الفلاحين ببعضهم وتطويرها من خلال النشاط العملى الكفاحى والأفق الذى يفضى إلى الأشكال الأرقى لبناء الأشكال التنظيمية الأكبر والتى يمكن أن تتمخض فى النهاية عن تشكيل نقابة حقيقية للفلاحين بعيدة تماما على أساليب النخب والطرق التقليدية التى ثبت فشلها .
• والواضح أن مثل هذا التصور للعمل داخل لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى .. لم يرُق لبعض أعضائها ولعدد من المحيطين بهم ممن كانت لهم صلات عضوية سابقة " باتحاد الفلاحين المصريين تحت التأسيس " الذى تعرض لأزمة هائلة عام 1997 فى أعقاب احتشاد آلاف الفلاحين فى مقره مطالبة قادة الاتحاد بأى حل يوقف طردهم من الأرض إبان بدء تنفيذ قانون الإيجارات الجديد ( 96 / 1992 ) فى أكتوبر 1997 .
• لذلك بدأوا بعد شهور معدودة من تأسيسها فى الحديث داخل اللجنة عن ضرورة فتح أبوابها للهيئات السياسية والنقابية الأخرى بما يعنى التخلى عن مبدأ العضوية الشخصية واستبداله بالعضوية التمثيلية وهو عكس ما أعلنه نفس الأشخاص فى بداية تأسيسها .. لكن محاولاتهم لم تنجح .
• وللحقيقة فقد كان الخلاف حول اسم اللجنة فى اللقاءات الأولى لعملها مؤشرا للمطالبة فيما بعد بتغيير شرط العضوية فيها .. حيث كان هؤلاء يروا أن اقتصار نشاط اللجنة على قضايا الإصلاح الزراعى يقلل من شأنها ويحد من نشاطها .. علاوة على أنه يحول دون دخول اتحاد الفلاحين كهيئة فيها .. وهو مالم يقولوه كسبب للخلاف حول الإسم ، بينما يرى الرأى الآخر أن فلاحى الإصلاح الزراعى هم أكثر الفلاحين تعرضا للخطر بفقد وسيلة إنتاجهم الوحيدة ( الأرض ).. ومن ثم فلتكن البداية بهم حتى يتماسك بناء اللجنة وتتعدد إنجازاتها وتتسع عضويتها وتتشكل لها ملامح وتقاليد كفاحية لعدد من السنوات ( ربما خمسة ) وبعدها يمكن الحديث عن توسيع مهماتها بانخراطها فى العمل فى قطاعات فلاحية أخرى بخلاف قطاع الإصلاح الزراعى .. وهو ما حدث جزئيا فى عدد من المواقع كالعامرية وبرج العرب بالإسكندرية والحمام بمرسى مطروح ومنشاة جريس بالمنوفية .
إن استرجاع ماتم فى اللجنة الشعبية لدعم الانتفاضة الفلسطينية باقتصار مهامها على الدعم المادى والسياسى للشعب الفلسطينى يدلل على صحة هذا النهج.. حيث كان المنخرطون فى نشاطها أضعاف المنضمين للجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى بينما مهام الأخيرة أضعاف مهام الأولى بما لايقاس ، ومن ناحية أخرى فكلما تعددت مهام اللجنة وتنوعت.. تطلّب ذلك درجة عالية من تماسكها وانسجام – وليس تطابق - أعضائها سياسيا وفكريا واحتاج إلى تنوع الخبرات فيها وسرعة الاستجابة للحالات والمواقف الطارئة التى تواجهها فضلا عن ضرورة توافر قلب إدارى قوى يديرها وهم ما ينطبق على لجنة مخضرمة .. لا لجنة فى مقتبل حياتها..إلخ.

شروع فى تدمير لجنة التضامن مع سبق الإصرار:

شاركت لجنة التضامن فى أحداث دكرنس فى 21 مايو 2006 ورغم ما شابها من عنف شديد وتناول كل الصحف المستقلة والحزبية - على مدى أسبوعين متصلين – وكذا مراكز حقوق الإنسان المحلية وبعض المنظمات الفلاحية الدولية لأحداثها التى شهدت القبض على أربعة من الصحفيين الأجانب من فرنسا وسويسرة وبلجيكا واثنين من المصريين إلا أن أحد أقطاب اتحاد الفلاحين ( محام ) – والذى يكتب بشكل منتظم عمودين فى جريدتين أسبوعيتين- لم يتناولها بحرف واحد رغم أن تخصصه الكفاحى واهتمامه الرئيسى هو النضال الفلاحى ،علاوة على حضوره تأسيس لجنة التضامن فى سبتمبر 2005 وهو مايثيرالدهشة.
• وفى أعقاب وفاة أحد أبرز أعضاء لجنة التضامن ( الأستاذ نبيل الهلالى المحامى ) فى 18 يونيو 2006 شرع اثنان من قادة اتحاد الفلاحين المنهار.. أحدهما عضو لجنة التضامن ( مناضلة فلاحية ) والثانى هو المحامى المشار إليه.. فى حبك خطة شيطانية قوامها استحداث هيئة جديدة أطلقوا عليها اسم " جبهة النضال الفلاحى " لإغراق لجنة التضامن فى كم هائل من الهيئات الأخرى معظمها بعيد عن النشاط العملى اللهم إلا الإسم المعلن لها :

- حيث أعدا وثيقة تتضمن مقترحا بتشكيل " جبهة النضال الفلاحى" حددوا أعضاءها بالإسم .. تضم حزبا واحدا ومراكزحقوق إنسان وهيئات بحثية ومكاتب فلاحين وأعضاء مجالس نيابية وأساتذة جامعات وفنانين وشعراء وقصاصين وصحفيين وكتاب وشخصيات عامة.. كما حددوا موعد اجتماعها الأول.
- وفى سرية تامة وعلى مدى شهرين جرت اتصالات مع عديد من أعضاء لجنة التضامن وأوهموهم بموافقة بقية أعضاء اللجنة على الانضمام للهيئة الجديدة " الجبهة " بينما أخفوه عن كاتب هذه السطور وآخرين يتوقعون اعتراضهم .
- حشدت وثيقة الجبهة 15 هيئة منها 8 هيئات ينتسب ممثلوها إلى اتحاد الفلاحين المنهار وحزب التجمع.. بينما رفضت المشاركة 3 هيئات ، واختارت الوثيقة ممثلا للجنة التضامن ( المناضلة الفلاحية عضو اتحاد الفلاحين السابق ) دون علم اللجنة.
- وأضافت الوثيقة اسم أحد أعضاء مجلس الشعب كان قد غير انتماءه الحزبى من حزب التجمع " اليسارى " إلى الحزب الوطنى الديمقراطى الحاكم قبل شهرين من كتابة الوثيقة حسبما ذكر زميله فى البرلمان عن حزب التجمع.
- أما برنامج " الجبهة " فلم تذكر عنه الوثيقة حرفا واحدا مكتفية بعبارة ( البرنامج هو المطالب الفلاحية محل اتفاق جميع المشاركين. )
- ثم عادت الوثيقة وحددت عددا من المهام ترى التركيز عليها خلال عام ( سبتمبر 2006 – سبتمبر 2007 ) وهى :
1- التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى.
2- ( رفع شعار " الأرض لمن يزرعها " كحل حقيقى لمشكلة الإيجارات الزراعية ).
3- التصدى لبنك التنمية فى إهداره لمصالح الفلاحين.
4- حماية حقوق العمال الزراعيين.
5- مواجهة خصخصة مياة الرى.
6- الهجوم على سياسات التبعية والتطبيع الزراعى مع إسرائيل .. وتملك الأجانب للأراضى.
وهو ما يعنى أنها المهام الأوْلى بالنضال عما عداها.
هذا وقد عقدت " الجبهة " اجتماعها الأول فى موعده المحدد ( 9 سبتمبر ) ، وأصدرت بيانها التأسيسى فى شهر ديسمبر 2006 وانفرط عقدها فى شهرها الرابع على الأكثر ولم يعد أحد يسمع بها كما جرى لاتحاد الفلاحين .
أما ما يهمنا لفت النظر إليه - بخلاف السلوك التآمرى الذى مارسه عضوا اتحاد الفلاحبن فى الإعداد والتحضير لتشكيل " الجبهة " بعد ستة شهور على الأكثر من تأسيس لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى- فهو ما يلى :

أولا: لماذا هيئة جديدة موازية للجنة التضامن؟

يتضح جليا أن المهام التى حددتها وثيقة " الجبهة " لا تختلف عن مهام لجنة التضامن إلا فى أن مهام الأولى أكثر .. وعليه كان ابتداع الإسم الجديد " جبهة " للإيحاء بأنها تضم أحزابا وهيئات كفاحية ستنشط فى مختلف وجوه العمل الكفاحى الفلاحى بما يتجاوز نشاط أية هيئة بمفردها، وحيث أن الجبهة فى الأدبيات التنظيمية السياسية عبارة عن إطار يضم أحزابا وهيئات سياسية ونقابات مكافحة فإن ما حاكه قادة اتحاد الفلاحين لا علاقة له بمفهوم الجبهة لأنها لا تضم سوى حزب واحد هو حزب التجمع (حيث رفض الحزب الناصرى المشاركة ) وبقية الهيئات المرصوصة رصا هى مراكز لحقوق الإنسان وهيئات بحثية علاوة على أنها لا تنشط فى المجال الفلاحى العملى.. لكن اسم الجبهة كان المخرج لإيهام المخدوعين من المشاركين فيها أن مهماتها تتجاوز مهمات أية هيئة على حدة.
وحتى لو كانت تلك " الجبهة " تضم عشرة أحزاب.. لكنها لا تعمل فى الكفاح الفلاحى العملى كما هو الحال فى حزب التجمع ذاته .. فلا يمكن اعتبارها جبهة للعمل الفلاحى.
باختصار هى ليست جبهة ولا تعمل بالنضال استنادا إلى قوامها، ولا هى فلاحية.. إنها تجمّع نخبوى لا يربط أعضاءه رابط .
وعليه فالهدف من وراء تدبيجها ..هو إغراق لجنة التضامن .. فى فيض من الهيئات البعيدة شكلا وموضوعا عما يسمى بالكفاح العملى الفلاحى.
- أما عن البرنامج الذى حددته الوثيقة وأكدت على أنه " المطالب الفلاحية محل اتفاق جميع المشاركين " فيدعو للسخرية .. لأن الأسماء التى ضمتها الوثيقة متنافرة سياسيا ومتباعدة الاهتمامات والاختصاصات فما هى المطالب الفلاحية التى يمكن أن يتفق عليها الفنان جميل راتب والسيد / محمد تليمة عضو مجلس الشعب عن الحزب الوطنى الحاكم و الدكتور حسنين كشك أستاذ علم الاجتماع و عبد المجيد الخولى فلاح الفضائيات والقصاص يوسف القعيد و العم عريان نصيف أحد قادة اتحاد الفلاحين والسيد مقلد المفكر والسياسى الفلاحى وحمدين صباحى البرلمانى الناصرى؟!

ثانيا: الاستدارة المباغتة لشرط العضوية فى لجنة التضامن هل هى استفاقة متأخرة من صاحبها.. أم نفاذ صبر؟!

وهذه الاستدارة غبر المبررة لأحد الأعضاء ( التى شاركت فى تأسيس لجنة التضامن ) بشأن شرط العضوية لا يمكن تفسيرها للأسباب الآتية :
1- أن العضو المذكور هو أول من أعلن عن هذا الشرط رابطا إياه بما حدث فى اللجنة الشعبية لدعم الانتفاضة.
2- وهو أول من طالب بتعديله.
3- ولأننا لا نبحث فى النوايا فليس أمامنا سوى استنتاج وحيد لهذا الانقلاب على المبادئ :

- أن جوقة اتحاد الفلاحين المنهار ( محام وسيدة وفلاح ) الذين حضروا تأسيس لجنة التضامن فى 30 سبتمبر 2005 قد اتفقوا على ضرورة انضمام البعض للجنة فى وقت لاحق لتمثيل اتحاد الفلاحين لذلك امتنع بعضهم عن دخولها ( المحامى والفلاح ) على أن يطالب من هم بداخلها بتعديل شرط العضوية لتصبح تمثيلية بدلا من شخصية .. ولذلك ظل اثنان منهما خارج اللجنة ورفضوا المشاركة فى نشاطها وتهربوا منها منذ لحظاتها الأولى، ولقد كان الاصرار على تعديل شرط العضوية نابعا من رغبتهم فى أن تبتلع عناصر اتحاد الفلاحين لجنة التضامن ولا يمكن تحقيق ذلك إذا لم يحدث التعديل ، وإذا ما تساءل البعض ولماذا – إن كانوا قادرين على ابتلاعها- لم يدخلوها من البداية؟ .. وردّ نا هو أننا حددنا أن العضوية شخصية ودخولهم من البداية يعنى موافقتهم على لوائحها المحددة سلفا .
- لقد كان إصرارأغلبية اللجنة على رفض التعديل منطلقا من الحرص على تجنب استيراد مشاكل الهيئات السياسية والنقابية إلى لجنة التضامن.. وليكون ولاء أعضائها مستندا على ما يتفقون عليه من سياسات وقرارات وتقديرات نابعة من تفكيرهم الذاتى بعيدا عن التزاماتهم الحزبية والنقابية.

ثالثا : اختيار عضو مجلس الشعب عن الحزب الوطنى الحاكم ضمن أعضاء " الجبهة"

- يعرف الكثيرون عن العضو المذكور تردده وازدواجيته قبل أن يغادر حزب التجمع متوجها إلى الحزب الوطنى وهذا يعنى أن اختيارات كاتب أو كاتبى وثيقة " الجبهة " -عضوا اتحاد الفلاحين – اختيارات يمينية نظرا لانتمائهم لحزب شرعى دوره الرئيسى فى الحياة السياسية هو تأكيد تعددية النظام الحاكم فى مصر أمام العالم الخارجى فضلا عن قيامه بدور وكيل النظام الحاكم فى خوض المعارك السياسية ضد جماعة الإخوان المسلمين وهو دور لا يستطيع النظام – لأسباب شتى القيام به- علاوة على عقده الصفقات فى كل انتخابات مع النظام وآخرها ما حدث فى مدينة دمياط فى انتخابات مجلس الشورى ( يونيو 2010 ) ، ناهيك عما هو معروف عن هؤلاء القادة تاريخيا من مواقف ومقولات سياسية يمينية تكشف عن طبيعة توجهاتهم المستقبلية مثل ( المجموعة الاشتراكية فى السلطة، التطور اللارأسمالى، تأييد السادات إبان حرب أكتوبرباعتبارها حربا لتحرير الأرض المحتلة .. لا حربا لتحريك الحل السلمى ثم تدبيجهم لبيانات التأييد الفجة. )
- من جانب آخر اهتمامهم بالأسماء والشكليات أكثر من اهتمامهم بالموضوع والمعنى، لذلك رصعوا الوثيقة بأسماء المشاهير والنجوم للإيحاء بأن جبهتهم النضالية الفلاحية زاخرة بالعديد من المشاركين والمؤيدين بينما الحقيقة أن نصف من ذكروا أسماءهم فى الوثيقة لم يحضروا أيا من اجتماعاتها وربما لم يسمعوا بالجبهة.

رابعا : قادة اتحاد الفلاحين يرفعون شعارا بعد 14 عاما من دفنهم له .. " الأرض لمن يزرعها "

- أما قمة المأساة فتتمثل فى قيام كاتبى أوكاتب وثيقة " الجبهة " بتضمينها عبارة ( رفع شعار .. " الأرض لمن يزرعها " كحل لمشكلة الإيجارات الزراعية) حيث سبق لأحدهما أو له أن أعلن على الملأ عام 1996 قبيل تنفيذ قانون الإيجارات الزراعية ( 96 / 1992 ) اقتراحا كوميديا ملخصه ( إنشاء صندوق تقوم الدولة بتمويله بعدة عشرات من مليارات الجنيهات كقرض للمستأجرين يستخدمونه فى شراء الأرض التى يستأجرونها من الملاك على أن يسددوه بفوائده " 8 % " للدولة على أقساط سنوية ) ، وبصرف النظر عن واقعية هذا الاقتراح من عدمه وعن قدرة الفلاحين على السداد ، بل وعن نية الدولة - فى هذا الأمر- التى مهدت لإصدار قانون يطرد المستأجرين من الأرض المستأجرة ؛ بل وبصرف النظر عن رغبتها الحقيقية فى إنقاذ المستأجرين من عدمه.. فإن مجرد الإعلان عن اقتراح بهذا المعنى من عضو يسارى باتحاد الفلاحين لا يعنى سوى أنه يودّع شعار" الأرض لمن يزرعها " إلى مثواه الأخير... هذا فى عام 1996 .
- إن مغزى عبارة الأرض لمن يزرعها هو: أن من يمكنه زراعة الأرض بيديه أو بجهده الشخصى المباشر وليس عن طريق تسخير آخرين ليزرعوها له.. هو الأحق بزراعتها من أى شخص آخر.
ولقد شرّع العالم كله هذا المبدأ لأن الإقطاع فى كل بلاد العالم كان يسخر الفلاحين فى زراعة الأرض بينما يحصد هو محصولها ليبدده أو يكتنزه أو يدخره ولا يعطى من زرعوا الأرض سوى مايبقيهم على قيد الحياة وبالكاد.. ولذلك ساءت أحوال الشعوب التى حكمها الإقطاع وتدهورت صحتها وظلوا معدمين وأميين خصوصا وأن إنتاج الأرض لا يتم صرفه فى تحسين أوضاع الفلاحين وبقية الشعب وفى إنشاء المصانع والمدارس والمستشفيات وتطوير المجتمع ونقله إلى مستوى يتناسب مع ما ينتجه الفلاحون من خيرات، ولذلك قام الفلاحون الفرنسيون بثورتهم المعروفة ضد النظام الإقطاعى فى وطنهم وقضوا عليه تماما واستولوا على الأرض وزرعوها واستخدموا عائدها فى تحسين أوضاعهم المعيشية وفى تصنيع البلاد وتطوير التعليم والصحة والثقافة إلخ ومن هنا سموا ثورة الفلاحين الفرنسيين على الإقطاع ثورة العدل والإخاء والحرية وأصبحوا يعلمونها للتلاميذ فى المدارس وللطلاب فى الجامعات فى كل بلاد الدنيا ، ومن هنا فإن الإصلاح الزراعى هو نوع من العدل الذى تسعى كل مجتمعات العالم لتطبيقه لإعادة توزيع الأرض والثروة على المنتجين فى المجتمع وبالذات الفلاحين.
- أما اليوم ( يونيو 2010 ) وبعد أن دفن عضو اتحاد الفلاحين هذا الشعار بأربعة عشر عاما عندما طالب بأن يدفع الفلاحون ثمن الأرض التى يزرعونها.. وبعد طرد المستأجرين من أراضيهم يعود المحامى كاتب وثيقة " الجبهة " ليدهشنا برفع الشعار- الذى سبق دفنه- مرة أخرى.. فهل يمكن أن نجد تشوشا أفظع من هذا؟! أم أنه يعتمد على أن الناس نسيت ما سبق أن قاله عام 1996؟
- وإذا كان افتقاد بديهيات العمل الفلاحى قد بلغ هذا الحد .. فهل يمكن لهؤلاء أن يقودوا هيئة سياسية أو نقابية تمثل الفلاحين فى مصر ؟!
وهل يمكن بناء هيكل تنظيمى على أخطاء سياسية فاضحة بهذا الشكل؟!
- ولماذا يستاء قادة وأعضاء اتحاد الفلاحين المنهار بشدة عندما يأتى ذكر هذا الاتحاد بالسوء .. ويرددون : لقد بنيناه بجهودنا فى 14 عاما وجُبنا أكثر من 15 محافظة .. وعشنا أياما وليال مع فئران فى القطارات بحجم الأرانب .. إنه تاريخنا .. فهل يمكن أن تضيع جهودنا سدى ؟!
- والإجابة : نعم .. لقد ضاعت جهودكم سدى بكل أسف.. رغم تقديرنا البالغ لها .. وذلك لسبب بسيط هو أن القصة ليست فقط فى الجهود ولا فى السنوات ولا فى عدد المحافظات التى جبتموها .. بل فى التوجه السياسى الذى اتخذتموه .. وفى ارتكانكم على أفكار خاطئة وارتباطكم بحزب أسسه أو سمح بظهوره السادات، حزب كانت مهمته فى وقت سابق التصدى للشباب وتكفيره بالعمل السياسى وصار له دور جديد فيما بعد، وإن أردتم دليلا دامغا على أن مقتل اتحاد الفلاحين المنهار كان فى توجهاته السياسية نذكركم بالمحاولة التى قام بها كل من رئيس الاتحاد ورئيس حزب التجمع للذهاب إلى مجلس الشعب للموافقة على قانون الإيجارات الزراعية رقم ( 96 / 1992 ) والتى تم إيقافها فى اللحظات الأخيرة .
- وطالما كان هذا هو الموقف السياسى الفعلى لرئيس حزب يتحدث باسم الفقراء ورئيس اتحاد نقابى يتحدث باسم الفلاحين فكيف نستغرب موقف عضو اتحاد الفلاحين الذى قدم الاقتراح المدهش عام 1996 ( بأن يشترى المستأجرون الأرض التى يزرعونها بقرض من الدولة التى تسعى لطردهم منها ) ، ويتبرع – بأريحية شديدة – بوضع لقب مرحوم أمام شعار " الأرض لمن يزرعها " الذى قضى نصف عمره فى المناداة به والنضال من أجله؟!.
تلك هى القصة.. وهذا ما أردنا لفت النظر إليه فى محاولة تدمير لجنة التضامن من جانب قادة اتحاد الفلاحين المنهار بوضعها ( أى اللجنة ) بين فكى كماشة يمثل بعضهم فكها الأول- من داخل اللجنة – وبعضهم فكها الثانى من خارجها.

كيف تكون حياتنا درجة على سلم التقدم .. لا علامة باهتة على ضريح صحبة السوء؟

ولأن حياة البشر - جميع البشر- خبرة وذاكرة ، ولأن الخبرة فيها ما هو إيجابي ومنها ما هو سلبي .. كان من الطبيعى أن يستخدم الإنسان عقله وحسه وقيمه لتطوير خبراته الإيجابية وتوظيفها بأكفأ شكل للاستفادة منها .. وتجنب خبراته السلبية لتحاشى أضرارها .
وعليه فمن يعمل على إخفاء خبراته السلبية أو التعتيم عليها فهو واحد من اثنين :
- إما أنه لايريد أن يتجنبها لسبب فى نفس ابن يعقوب .. لأن فى تجنبها إيقاف لمسيرته وأفكاره.. وربما لمصالحه أيضا.
- أو لحرمان الآخرين من تجنبها .. ومن ثم تكرار نفس الأخطاء والانحرافات والوصول إلى نتائج مشابهة لما سبقت ، وفى حالات أخرى يكون لمنع الآخرين من نقده أو إدانته.
لذلك فإن المناضلين السياسيين قبل أى قطاع فى المجتمع مطالبون بتقييم تجاربهم السياسية ونقدها والتمييز بين إيجابياتها وسلبياتها ليتعلموا منها .. ويعلموا الأجيال الجديدة فى وقت قصير ما قضوا فى تعلمه وتحصيله سنوات طوال.
ولأن الرجوع للحق فضيلة .. فقد كان حريا بقادة اتحاد الفلاحين المصريين السابق إعادة قراءة تجربة الاتحاد فى أعقاب انهياره عام 1997 ، واستخلاص الخبرات والدروس والعبر ليعلموا أمثالنا كيف يستفيدون من خبراتهم الإيجابية ويتجنبون الأسباب التى أفضت لتلك النهاية المأساوية فى تجربة من أهم تجاربنا الفلاحية .. لكنهم آثروا إخفاء الحقائق وكابروا وتعنتوا واعتمدوا على نعمة النسيان التى تقدسها شعوب الشرق فى استئناف مسيرة ليسوا مؤهلين لها وكان ثمنها فادحا من جهد وعمر ومستقبل كثيرين حاولوا أن يتعلموا منهم لكنهم لم يستجيبوا .. وبدلا من أن يراجعوا أنفسم ليحظوا باحترام جمهور الفلاحين واحترام تلامذتهم اتخذوا الموقف المعاكس وهو ما دفع أمثالنا للبحث عن الحقيقة حتى ولو كانت على أنقاضهم .
إن التاريخ ملئ بالدروس العظيمة لكن بعضنا لم يستفد من إيجابياته ويتخذ منها نبراسا ودافعا للتقدم .. بل وظفها كدرع يختفى وراءه من النقد والتقويم ومصَدّ فى مواجهة محاولات النهوض والاندفاع إلى الأمام.. لا لسبب.. سوى الحفاظ على مكانة قدمها لهم آخرون ضحوا وتفانوا وصاروا مضرب الأمثال.. مكانة لم يبذلوا فى تبوئها عُشرما بُذل فى صنعها من عرق.
باختصار لم يحاولوا أن يكونوا درجة على سلم تقدم الفلاحين .. فأصبحوا علامة باهتة على ضريح عنادهم وأثرا من آثارصحبة السوء التى لازموها عقودا طويلة.
إن نقد الآراء الفكرية والسياسية لا تمثل إهانة لأحد .. لأنه لو كف المفكرون والسياسيون عن استخدام النقد كأداة لتقويم الأفكار والسياسات والمواقف فكيف يتعلم الناس وكيف تنمو فى صفوفهم حاسة ( نعمة ) التمييز بين الغث والثمين .. وكيف يتطور الفكر ويتقدم المجتمع؟!

خلاصة القول هو أن بناء التنظيمات الشعبية السياسية والنقابية - علاوة على ما عرضناه فى مقالات سابقة - يحتاج إلى توجه سياسى صائب .. وهو ما يعنى ضرورة الاطلاع على الجديد فى الفكر والسياسة .. وليس الجديد فى أخبارالفضائيات أو فى أوراق الصحف.. لأن التوقف عند أفكار بعينها دون مراعاة لما استجد فى مجال الفكر و الحياة المادية .. يفقد أصحابه البوصلة التى لا يمكن لإنسان أن يبحر فى هذا الزمن بدونها .. كذلك فالاعتماد على الخبرة بمفردها يفضى لنفس المصير .. لأن الخبرة معارف عملية تحققت فى زمن نهايته اليوم .. أما الغد فيحتاج لمنطق آخر يجب أن نتعلمه ونصر عليه حتى لا نتحول إلى أطلال مندثرة.

وأستعير مقولة كاتبة عربية تقول:

قد نكون أنصاف شجعان ، وأنصاف متسامحين ، وأنصاف متعلمين، وأنصاف حكماء .. ونكون فى نفس الوقت قادرين على أن نثمر.. ولو بعضا من فج الثمر، لكننا لا نستطيع أن نكون أنصاف صادقين .. ونتمكن فى الوقت نفسه أن نزهر .. ناهيك عن أن نثمر.
وذلك لسبب بسيط هو أن الصدق هو الفضيلة الوحيدة التى لا تعطى ثمارا ما لم تكن كاملة وبالمطلق.

وفى النهاية أشير إلى أنى حاولت توضيح الفارق بين أفكار وممارسات صلاح حسين شهيد الفلاحين وفارسهم الحقيقى .. وبين أفكار وممارسات قادة متواضعى الكفاءة لاتحاد الفلاحين المصريين المنهار وزعماء " جبهة النضال الفلاحى " التى ذهبت ولم تعد .. واتخذتُ من شعار " الأرض لمن يزرعها " مثالا للمقارنة ... وشتان الفارق.

الأربعاء 9 يونيو 2010 بشير صقر



#بشير_صقر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن الأشكال التنظيمية للكفاح الفلاحى فى مصر: ( 2 - 3 ) ..حزب ...
- الفلاح المصرى .. لا يُلدَغ من صُُفرٍ مرتين : عن الأشكال التن ...
- فى 28 يناير 2010 بملعب بنجيلا .. بأنجولا .. حزنت أكثر على مظ ...
- أساليب جديدة لحاكم الغربية للسطو على أراضى فلاحى الأوقاف بمص ...
- عن بنت الجزائر جميلة بوحيرد التى.. أتعبت الشمس ولم تتعب
- فى عيده الثامن ..الحوار المتمدن ... ونحن أيضا .. إلى أين..؟
- ملا حظات أخيرة على مباراتى مصر والجزائر ( 3 – 3 ): لو أنى أع ...
- عن المحنة المصرية الجزائرية ( 2 / 3 ) : محو الذاكرة الوطنية. ...
- إلى نجل الرئيس المصرى: نعم .. لابد من وقفة للمحافظة على كرام ...
- تقرير إخباري عن التحركات الفلاحية في مصر خلال السنوات الأخير ...
- عن التفجرات الاحتجاجية فى مصر: النخب السياسية المعارضة.. وال ...
- نعم.. الدولة هى التى تقود وتنفذ عمليات طرد الفلاحين المصريين ...
- ليست الأرض فقط بل والبيوت كذلك..منح خديوى مصر الأرض الزراعية ...
- هل يبدع المصريون أساليب جديدة للكفاح ؟! أم ستظل ريما على عاد ...
- على هامش الثلاثاء الحزين 17/6/2008 لعزبة محرم :دعم ا لفلاحين ...
- فى ذكرى استشهاد صلاح حسين .. يوم الفلاح المصرى 30 إبريل - رج ...
- التنظيمات الفلاحية فى مصر: بين هزال الوعى.. وافتقاد القدوة - ...
- الفلاحون فى مصر.. بين أوهام الحلول القانونية.. وطريق المقاوم ...
- مسار جماعة الإخوان المسلمين .. بين واقع الحال .. وإسقاطات ال ...
- من لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعي – مصر .. أوقفوا عمل ...


المزيد.....




- الطلاب المؤيدون للفلسطينيين يواصلون اعتصامهم في جامعة كولومب ...
- لو الفلوس مش بتكمل معاك اعرف موعد زيادة المرتبات الجديدة 202 ...
- المكتب الإقليمي للجامعة الوطنية للصحة ببني ملال يندد بالتجاو ...
- استقالة المتحدثة الناطقة بالعربية في الخارجية الأمريكية احتج ...
- استقالة متحدثة من الخارجية الأميركية احتجاجا على حرب غزة
- سلم رواتب المتقاعدين في الجزائر بعد التعديل 2024 | كم هي زيا ...
- الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين
- “زيادة 2 مليون و400 ألف دينار”.. “وزارة المالية” تُعلن بُشرى ...
- أطباء مستشفى -شاريتيه- في برلين يعلنون الإضراب ليوم واحد احت ...
- طلبات إعانة البطالة بأميركا تتراجع في أسبوع على غير المتوقع ...


المزيد.....

- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي
- نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين / عذري مازغ
- نهاية الطبقة العاملة؟ / دلير زنكنة
- الكلمة الافتتاحية للأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات جورج ... / جورج مافريكوس


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - بشير صقر - عن الأشكال التنظيمية للكفاح الفلاحى فى مصر 3- 3 : لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى.. ومحاولات خنقها