أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - بطرس بيو - غزو العراق من قبل الولايات المتحدة الأميركية















المزيد.....

غزو العراق من قبل الولايات المتحدة الأميركية


بطرس بيو

الحوار المتمدن-العدد: 3079 - 2010 / 7 / 30 - 08:53
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


منذ الحرب التي شنتها الولايات المتحدة الأميركية على العراق عام 1991 شددت أميركا قبضتها الحديدية عليه لمدة 15 سنة بحرب غير معلنة. فامرالرئيس بل كلنتون القيام بغارات جوية على المناطق المحرمة من العراق دون تفويض من هيئة الأمم المتحدة (عمليات ثعلب الصحراء). و شدد الحصار الإقتصادي مؤدياً إلى تجويع الشعب العراقي الذي لم يكن له لا ناقة و لا جمل في إقتناء الأسلحة شاملة الدمار أو في غزو الكويت، آملاً أن يحصل إنقلاب ضد صدام حسين من قبل الفئة المعادية له داخل العراق. و قد أودى الحصار هذا بحياة نصف مليون طفل عراقي و التي قالت فيه وزيرة خارجية أميركا في حينه مادلين أولبرايت انه ثمن مجدي.

و المناطق المحرمة هي المناطق التي حرمت أميركا على الحكومة العراقية من طيران وحدات القوة الجوية العراقية فوقها و هي المنطقة الشمالية بدعوى المحافضة على الأكراد و المنطقة الجنوبية للمحافضة على الشيعة. في الوقت نفسه سمحت للجيش التركي ملاحقة الأكراد الهاربين من تركيا و إختراق الحدود العراقية لضربهم.

مباشرة بعد حادث تفجير البنايتين التجاريتين و المعروفتين ب"توين تاورز" بتاريخ 9 أيلول2001 إتهم البعض من العاملين في الإدارة الأميركية صدام حسين مع أسامة بن لادن كمسؤولين عن الحادث. و بتاريخ 12 أيلول 2002 طالب بش في خطبته في مجلس الأمن الموافقة على غزو العراق. فأيده حلفاء الولايات المتحدة في مجلس الأمن كالمملكة المتحدة و عارضه ممثلو فرنسا و ألمانيا، و طالبوا اللجوء إلى المفاوضات السلمية مع الإستمرار في التحري عن الأسلحة شاملة الدمار. و بعد نقاش حاد وافق المجلس على قرار رقم 1441 الذي تقرر فيه الإستمرار في التحري عن الأسلحة شاملة الدمار و تضمن تهديداً ب"نتائج خطيرة" إذا لا يجري تنفيذ نصوص هذا القرار من قبل الحكومة العراقية. و قد أوضح ممثلو فرنسا و روسيا أن عبارة "النتائج الخطيرة" لا تشمل إستعمال العنف، كما وافق ممثلو الولايات المتحدة و المملكة المتحدة على أن القرار لا يقضي بصورة اوتوماتيكية إستعمال القوة العسكرية بل يحتاج ذلك إلى قرار آخر من مجلس الأمن.

و تضمن قرار رقم 1441 إعطاء فرصة أخيرة للعراق للقيام بالتخلص من الأسلحة شاملة الدمار و عينت الهيئة مراقبين جدد للتحري عن هذه الأسلحة برئاسة هانس بلكس كما فوضت محمد البرادعي، رئيس لجنة الطاقة الذرية في التفتيش عن وجود أية مفاعلات نووية. و في شباط 2003 لم يجد هانس بلكس و جماعته أي دليل على وجود مفاعلات نووية أو مشروع لصنعها. و أشرفوا على إتلاف 50 لتر من غاز الخردل و الذي كان قد تم الإبلاغ عن وجوده لأنسكوم من قبل الحكومة العراقية و تم ختمه من قبل الأنسكوم عام 1998 كما تم العثور على 50 صاروخ "الصمود" الذي لا يتجاوز مداه أكثر من 150 كيلو متر. ثم صرحت لجنة هانس بلكس أنهم يحتاجون إلى اشهر للتأكد من ان العراق قام بتطبيق ما نص عليه القرار 1441.

في أوكتوبر 2002 أصدر الكونكريس الأمريكي قراراً بتخويل الرئيس باللجوء إلى أي إجراء ضروري ضد العراق. أما الإستفتاء الشعبي الذي أجري في يناير 2003 طالب باللجوء للمفاوضات باغلبية ساحقة لكن الدعاية المركزة التي أجرتها حكومة الولايات المتحدة أدت إلى التخفيف من المعارضة للحرب.

الأسباب التي بينها الرئيس بش و رئيس وزراء المملكة المتحدة، توني بلير لشن هذه الحرب كانت لنزع الأسلحة شاملة الدمار و إسقاط حكم صدام حسين و تحرير الشعب العراقي من سيطرته وأتهامه بمساعدة الإرهاب و عدم قيامه بتدمير أسلحته النووية و الكيماوية و البايولوجية مهدداً بذلك السلم العالمي.
في اوكتوبر 2002 أي قبل تخويل الكونكريس الأمريكي الرئيس اللجوء إلى القوة العسكرية ضد العراق بأيام تم إعلام 75 عضو من الكونكريس الأمريكي في جلسة مغلقة أن بمقدور العراق إرسال أسلحة كيماوية و بايولوجية بواسطة صواريخ بدون طيار تقلع من بواخر قريبة من سواحل الولايات المتحدة لقصفها. و الواقع أن العراق لم يكن يملك صواريخ من هذا النوع و كلما كان لديه هو بضعة صواريخ شيكوسلوفاكية الصنع و من النوع القديم ثم أن المسؤولين عن القوة الجوية الأمريكية نفو هذا الأمر نفياً قاطعاً.

و لما ضعفت الأدلة بحوزة العراق على الأسلحة الممنوعة و تعاونه مع بن لادن في حادث الحادي عشر من أيلول لجأ البعض الإستعاضة عنها بطرح موضوع إنتهاك حقوق الإنسان من قبل الحكومة العراقية كسبب مبرر للغزو.

أما موضوع التخلص من دكتاتورية صدام حسين و القضاء على حكمه فكانت إحدى السياسات الخارجية المقررة من قبل الكونكريس الأمريكي تحت عنوان "قرار تحرير العراق" الذي أتخذ في أوكتوبر 1998 نتيجةً لطرد أعضاء الأنسكوم من العراق من قبل الحكومة العراقيىة بسبب قيام بعضهم بعملية التجسس لصالح الولايات المتحدة، كما خصص المجلس 97 مليون دولار إلى "المؤسسات الديموقراطية المعارضة".. و هذا القرار يتنافى مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 687 الذي ركز على التخلص من الأسلحة شاملة الدمار و لم يذكر أي شئ عن القضاء على نظام الحكم في العراق.

في شباط 2003 ألقى كولين باول، وزير خارجية الولايات المتحدة، كلمة في الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة مدعياً فيها أن العراق يقوم بإنتاج أسلحة كيماوية و بايولوجية وأنه على علاقة مع أسامة بن لادن مطالباً إتخاذ قراراً لغزوه. و أيدت الولايات المتحدة و المملكة المتحدة و بولونيا و ايطاليا و اوستراليا و الدانمارك و اليابان و اسبانيا هذا القرار بينما عارضته كندا و فرنسا و المانيا و روسيا مطالبين بإستمرار المحاولة بالطرق الديبلوماسية. و خشية لجوء فرنسا أو روسيا إستعمال حق الفيتو سحبت الدول المطالبة بالحرب إقتراحها.

كان لقرار غزو العراق وقع سلبي على سكان كثير من بلدان العالم ففي 15 شباط قامت مظاهرات عارمة ضد الحرب في 800 مدينة من مدن العالم و تعتبر هذه المضاهرات أضخم مضاهرات في التاريخ حسب كتاب الكينس (للأرقام القياسية ( Guinness Book of Records)

في 17 آذار 2003 وجه الرئيس بش إنذاراً إلى صدام حسين بترك العراق مع ولديه عدي و قصي مهملهم 48 ساعة. و لكن قصف المدن العراقية بدأ يوماً كاملاً قبل إنتهاء مدة الإنذار. و بخلاف حرب الخليج الأولى و حرب أفغانستان كانت هذه الحرب بدون تخويل واضح من قبل مجلس الأمن.

في مجلس العموم البريطاني وافق 412 عضو على قرار الحرب مقابل 149 عضو و كان حجم عدد المعارضين في هذا التصويت نادر الحصول. و على أثر ذلك التصويت قدم ثلاث وزراء إستقالتهم و هم جون دينهام و اللورد هنت و رئيس مجلس العموم روبن كوك. و قد إتصل ممثل رئيس المخابرات العراقية طه جليل التكريتي برئيس دائرة مكافحة الإرهاب في سي آي أي فنسنت كانيستريرو و أخبره أن صدام على إستعداد لإثبات عدم تورطه مع بن لادن و عدم حوزته عى الأسلحة الممنوعة، و عند إبلاغ الاخير البيت الأبيض عن ذلك أهمل الموضوع. و يقال أن صدام وافق على تركه العراق بشرط أن يسمح له إخراج بليون دولار منها.

و قد أرسل اسامة الباز رسالة إلى وزارة الخارجية الأميركية يخبرهم بها أن العراقيين على إستعداد للمباحثة مع الأمريكيين و إثبات عدم حوزتهم على الأسلحة شاملة الدمار أو علاقتهم بالقاعدة كما حاول العراقيون أيضاً توسط المخابرات التابعة لسوريا و فرنسا و المانيا و روسيا بدون جدوى.

و في 20 آذار 2003 قامت قوة مؤلفة من جيوش عدد من الدول و هي الولايات المتحدة (248000 جندي) و المملكة المتحدة (45000 جندي) و أوستراليا (2000 جندي) و بولونيا (149 جندي) و شاركت 36 دولة أخرى بغزو العراق. و كان قد تم حشد 100000 جندي أمريكي في الكويت في 18 شباط و تلقت الولايات المتحدة مساعدات من الأكراد في شمال العراق كذلك.

و لقي الجيش الأمريكي مقاومة ضعيفة من قبل الجيش العراقي عدا في بعض المناطق التي قاومت فيها بعض قطعات الجيش و الميليشيات ببسالة. و تم إحتلال بغداد في 9 نيسان 2003.

و قد قررت لجنة التحري التي شكلتها الحكومة الهولندية ان قرار مجس الأمن رقم 1441 لا يخول أي دولة من أعضائها اللجوء للقوة العسكرية و غزو العراق كان مخالفاً للقانون الدولي.

و تبين بعد إحتلال العراق عدم وجود أسلحة شاملة الدمار بوجب التقرير الصادر من السي آي أي سنة 2005 .

إن عملية "تحرير" العراق من قبل الولايات المتحدة ينطبق عليه المثل الإنكليزي بأن الشعب العراقي قفز من المقلاة إلى النار.
(From the frying pan to the fire)

لم يحدث في التاريخ الحديث أن جيشاً يحتل بلداً و يسمح للفوضى تعم في أحيائها كما حدث في 9 نيسان 2003 عندما إحتل الجيش الأمريكي بغداد.
فعمليات السطو و السرقة عمت المدينة و الأمر الذي يؤلم كل إنسان سواء كان عراقياً أم غير عراقي هو تحطيم وسرقة آثار مهد الحضارة الإنسانية من المتحف العراقي إذ ان هذه الآثار لا تثمن. و هناك من يدعي أن السيطرة على نفط العراق كان الحافز الرئيسي لإحتلال العراق مستدلين من أن البناء الوحيد الذي فرضت عليه حراسة مشددة من قبل الجيش الأمريكي عند إحتلال بغداد كان وزارة النفط.

ثم ماذا جلبت الديموقراطية الزائفة التي جاء بها الأميريكيون من فائدة للشعب العراقي سوى فقدان الأمن و الأولويات الضرورية للحياة اليومية. نعم، أستطيع اليوم أن أقف في وسط شارع الرشيد في بغداد و اشتم نوري المالكي و جلال الطالباني و لكن شتم رئيس الوزراء و رئيس الجمهورية هي ليست من أولويات الفرد العراقي، فاولوياته هي أن لا تنفجر في وجهه عبوة ناسفة أو يتعرض للخطف عندما يخرج من داره و ان يتوفر لديه الوقود لسيارته و لتدفئة داره وتزويده بالكهرباء و الماء 24 ساعة يومياً. أنا طبعاً لا أنكر أهمية حرية الرأي و لكن ما قيمة حرية الرأي بغياب الأمن و ضروريات الحياة اليومية. ثم ماذا عن الجيش الأجنبي الذي يحتل البلد الذي هم يدعون هدفه المحافضة على الأمن بينما الواقع هو للسيطرة على الحكم.

متى حصل في تاريخ العراق الحديث ان يتعرض المواطن العراقي غير المسلم الذي أجداده و أجداد أجداده مواطنين عراقيين أن يخير بين إعتناق الإسلام أو ترك البلد أو القتل؟ متى حصل في تاريخ العراق الحديث أن لا يستطيع المسلم من أهل السنة أن يسكن في منطقة غالبيتها شيعية أو الشيعي أن يسكن في منطقة غالبيتها من أهل السنة؟

أنا ولدت في العراق و عشت فيها زهاء الخمسون سنة و كان لي أصدقاء من أهل السنة و الشيعة و لم يخطر ببال أحدنا يوماً أننا مختلفون في الدين. في الواقع كان لي صديق سني كانت علاقتي به أقوى من علاقتي بأخي.

أملي أن يتحسن الوضع في العراق و تأتي إلى الحكم حكومة نزيهة تعمل بإخلاص لتوفير الأمن و الخدمات الضرورية للمواطن العراقي و يعيش كافة العراقيين بكافة أطيافهم و مشاربهم بمحبة وو ئام و يتخلص البلد من القوة الأجنبية المحتلة.



#بطرس_بيو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النفط و لدم
- تعليق على كلام الأستاذ حسن مدبولي
- الكتاب المقدس
- الأيمان و العقل
- تعليق على الحوار مع الدكتورة نوال السعداوي
- تطور الحياة على الأرص
- من المسؤول عن إغتيال الرئيس كندي
- تغير الأعراف و القوانين مع تغير الزمن
- سر الوجود
- بلاد العرب أوطاني
- إختيار الآيات من القرآن الكريم
- تعليق عى مخاطر النقاب
- مخاطر النقاب
- تعليق على الحجاب في الإسلام
- الحجاب في الإسلام
- عباقرة العصر
- الوصع الأمني في العراق
- حوار الأديان
- ما هو الحب
- الدين لله و الوطن للجميع


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - بطرس بيو - غزو العراق من قبل الولايات المتحدة الأميركية