أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سعيد الصگار - الخط المصخم في التراث البريدي العراقي














المزيد.....

الخط المصخم في التراث البريدي العراقي


محمد سعيد الصگار

الحوار المتمدن-العدد: 3073 - 2010 / 7 / 24 - 22:41
المحور: الادب والفن
    


هذا الموضوع نشر اليوم في جريدة (المدى) البغدادية، وحين قرأته وجدته مبتسرا بحاجة إلى إضافة، وها أنا أستدرك ما فاتني قوله وأخص به (الحوار المتمدن)،

لأدب الرسائل التي‮ ‬يتداولها الناس في‮ ‬العراق تاريخ ممتع طويل،‮ ‬تصديت لبعض ملامحه في‮ ‬كتابي‮ (‬القلم وما كتب‮).‬ وتكلمت على نصوص المراسلات التي ترسل في مختلف الظروف، وما يتطلبه البريد، إلخ.

وكان من جملة ما أشرت إليه مصطلح‮ (‬الخط المصخم والخط الأبيض‮) ‬الذي‮ ‬كان متداولا حتى منتصف القرن العشرين‮. ‬ولكل منهما ظروف ومواضعات اجتماعية واستجابات وفق الحالة‮.‬

والخط هنا، يعني (الرسالة، أو المكتوب)، حيث كان يعهد بتحريرها إلى بعض من يجيد القراءة والكتابة، شأنها شأن الوثائق والمعاملات. وكان كثير من المحررين يستعملون صيغا متعارفا عليه، خصوصا في مقدمة الرسالة وفي نهايتها التي تختم بالسلام والدعاء.

فـ‮ (‬الخط المسخم‮ - ‬المصخم‮) ‬هو ورقة خالية من أي‮ ‬نص،‮ ‬ومشطوب عليها بالفحم،‮ ‬تودع في‮ ‬ظرف عليه عنوان المرسل والمرسلة إليه،‮ ‬وهي‮ ‬رسالة استنجاد من النساء المهضومات والبعيدات عن أهاليهن؛ وذلك عندما تتعرض الفتاة المهضومة إلى الظلم وتحتاج إلى مساعدة من أهلها فتستنجد بهم‮.‬

ومن أحكام من‮ ‬يصل إليه الخط المصخم،‮ ‬أن‮ ‬ينفض‮ ‬يديه من الطعام،‮ ‬إذا كان‮ ‬يأكل،‮ ‬ويهرع إلى نجدة المرسلة بأقصى سرعة،‮ ‬ويحاول إصلاح ذات البين بين قريبته وزوجها‮.‬

والخط المصخم،‮ ‬على خلوه من النص،‮ ‬ذو لوعة ومرارة وخوف تحيق بالمرسلة‮. ‬وهو‮ ‬غير متداول بين الرجال‮. ‬ومجال استخدامه في‮ ‬العراق هو الأرياف والقرى،‮ ‬ويرسل بمعية شخص‮ ‬يأخذه باليد،‮ ‬حيث لا‮ ‬يتوفر البريد في‮ ‬كل مكان.

أما‮ (‬الخط الأبيض‮) ‬فهو ورقة بيضاء تماما،‮ ‬لا نص فيها ولا إسم‮ ‬غير ما‮ ‬يكتب على الظرف،‮ ‬وهو متداول بين الرجال والنساء والأصدقاء،‮ ‬ويمكن إرساله بالبريد‮. ‬وأساسه العتاب المر بين المرسل والمرسل إليه لقطيعة حصلت بينهما لم‮ ‬يتعرف المرسل على أسبابها،‮ ‬رغم تكرار تساؤلاته،‮ ‬فهو‮ ‬يلمح إلى أنه‮ (‬لم‮ ‬يبق هناك ما‮ ‬يقال‮) ‬بعد هذا الصمت‮ ‬غير المفهوم‮.‬

وهي،‮ ‬في‮ ‬الواقع،‮ ‬أكثر وجعاً‮ ‬من‮ (‬الخط المصخم‮) ‬لمن‮ ‬يحسن فهم الأمور‮. ‬ويقتضي‮ ‬أدب الصداقة أن‮ ‬يبادر من تصل إليه إلى الإعتذار،‮ ‬ثم التواصل‮.‬

وهناك أصناف أخرى من الرسائل المشابهة، كأن تثقب الورقة بجمرة السكارة، تعبيرا عن حرقة قلب المرسل؛ أو ترفق الرسالة بأصغر عملة نقدية، وكأن المرسل يقول: (إذا لم يتوفر لك ثمن الطابع، فخذ هذا القرش وجاوبنا) ، وربما وضع طابعا غير مستعمل لهذا الغرض.

هذه المواضعات الإجتماعية كانت معروفة بين بعض الناس في أوائل‮ القرن العشرين إلى أواسطه.،‮ ‬وكنت،‮ ‬أنا في‮ ‬شبابي،‮ ‬أساعد من لا‮ ‬يحسن الكتابة على ذلك‮.‬

وها أنا اليوم،‮ ‬أحار في أي من هذه النماذج‮ أرسل إلى سياسيينا في‮ ‬هذه المحنة التي‮ ‬استعصت على الحل،‮ ‬فلا هم ممن‮ ‬يستنجد بهم بخط مصخم في‮ ‬ضباب هذه الكارثة،‮ ‬ولا هم ممن‮ ‬يفهم العتاب على هذا الغياب عن الواجب الوطني،‮ ‬فنعاتبهم‮، ولاهم من ذوي الحاجة إلى ثمن الطابع، وقد أنعم الله عليهم بما شاء، وأعوذ بالله من الحسد.

ويشق علينا أن لا‮ ‬ينفع معهم لا الإستنجاد،‮ ‬ولا العتاب؛ أي‮ ‬لا الخط الأبيض ولا الخط المصخم‮. ‬فهم لا‮ ‬يقرؤون ما نكتب ولا‮ ‬يأبهون به‮. ‬ولابد لنا من ايتكار وسيلة‮ (‬عولمية‮) ‬للنعامل مع الوضع الخرافي‮ ‬الذي‮ ‬نحن فيه‮.‬



#محمد_سعيد_الصگار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تشكيل الحكومة في‮ ‬التوقيت العراقي
- تعالو انظروا حرية الرأي
- مونديال بلا سيكارة
- فضل الله وابو زيد حضور في الغياب
- يصرياثا بالإنكليزية
- أتعبتمونا أما تعبتم ؟!
- فلسفة الدروع التكريمية
- ناظم رمزي آخر سلالة الفن الموسوعي
- غزة نموذج عربي للنفاق السياسي
- غرفة سمير الكاتب (رواية)
- الباء تتدخل في مصائرنا
- شؤون تنحتُ‮ ‬في‮ ‬القلب
- نحو المربد السابع
- غداً موعدنا مع الغد
- الصگار في حوار مع جريدة المدى
- برمكيات
- البرد وعلي الشرقي والإنتخابات
- إحماض قبل الإنتخابات
- ايمان صبيح والوعي الرياضي
- قداس الميلاد في‮ ‬كنيسة الكلدان في‮ ‬ ...


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سعيد الصگار - الخط المصخم في التراث البريدي العراقي