أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سعيد الصگار - إحماض قبل الإنتخابات















المزيد.....

إحماض قبل الإنتخابات


محمد سعيد الصگار

الحوار المتمدن-العدد: 2913 - 2010 / 2 / 10 - 00:30
المحور: الادب والفن
    


عندما كانت أشجار النخيل في‮ ‬البصرة ، في‮ ‬الحرب العراقية الإيرانية تشتعل ضفائرها،‮ ‬وقعتُ‮ ‬مريضاً،‮ ‬فعادني‮ ‬صديقي‮ ‬المفكر العربي‮ ‬فوّازطرابلسي‮ ‬وسألني‮ « ‬ما الذي‮ ‬يوجعك‮ ‬يا محمد؟‮» ‬،‮ ‬قلتُ‮ ‬له‮: «‬البصرة توجعني » .

ولو عاد فواز اليوم وسألني‮ ‬عما‮ ‬يوجعني‮ ‬لقلت له‮ « ‬الإنتخابات توجعني‮» .

‬والحق أنها توجع كل العراقيين‮. ‬ولكون الوجع‮ ‬يعمّنا جميعاً،‮ ‬فلا بدّ‮ ‬من التماس ما‮ ‬يخفف ضغط الدم وارتغاع مستوى السكّر وتعذر النوم الطبيعي،‮ ‬وهو ما‮ ‬يستدعينا إلى التماس ما‮ ‬يخفف عنها بالإحماض والتماس الطرائف التي‮ ‬تسهّل عبور المشاكل السياسية بانتظار ما تُسفر عنه زوبعة الإنتخابات‮. ‬ولنبدأ بالزمبرك المدوّر‮.‬

‮ (‬لفائف الربيع‮) ‬هي‮ ‬أكلة صينية لا‮ ‬يفتقر منها أي‮ ‬طلب من الموائد الصينية الأساسية،‮ ‬لكونها من المقبّلات التي‮ ‬تبدأ بها قبل أن‮ ‬يأتيك الصحن،‮ ‬أو الصحون التقليدية الصينية‮. ‬وهي‮ ‬عبارة عن لفيفة من رقائق العجين الني‮ ‬تحتوي‮ ‬على خليط من الخضار أو الروبيان أو الدجاج أو ما شاء الله مما تتفتّق به رؤية الطباخ الصييني‮ ‬الذي‮ ‬يأتيك بصحن أنيق‮ ‬يقطّع هذه اللفائف بشكل‮ ‬يغري‮ ‬بالتناول قبل مائدنك الأساسية‮.‬

هذه اللفائف التي‮ ‬تستقرّ‮ ‬على مائدنك قبل طلبها‮. ‬هي‮ ‬حضور صيني‮ ‬يستدرج إلى ما‮ ‬يليه من أطباق لا حدود لها من الإختيارات‮.‬

على أن ما‮ ‬يبعث على الظرف أن هذه المسميات لهذا المقبّل اللذيذ تشترك كلها في‮ ‬معنى واحد بمختلف الترجمات،‮ ‬إلا بواحدة‮. ‬فهي‮ ‬بالعربية‮ (‬لفائف الربيع‮) ‬كما أسماها الشاعر سعدي‮ ‬يوسف،‮ ‬وهي‮ ‬كذلك بالإنگليزية‮ ( ‬سپرنك رول‮)‬،‮ ‬وبالفرنسية‮ ( ‬رولو دو برنتون‮)‬،‮ ‬وكلها ترجمة متطابقة لاسم هذا المقبّل الصيني‮ ‬الذي‮ ‬لا أعرف كيف‮ ‬يُلفظ بالصينية‮.‬

ولعل أطرف ترجمة وقفتُ‮ ‬عليها في‮ ‬مطعم الإبراهيمي‮ ‬في‮ ‬ابو ظبي‮ ‬قبل خمسة عشرة عاماً،‮ ‬ووجدتها على حالها،‮ ‬لم تتغير قبل ثلاث سنوات،‮ ‬فهي‮ (‬زنبرك مدوّر‮) !‬

فــ‮ (‬سپرنك‮) ‬تعني‮ (‬الربيع‮) ‬كما تعني‮ (‬النابض الحلزوني‮ - ‬زنبرك‮). ‬و‮ (‬اللفائف والرول والرولو‮) ‬تعني‮ ‬في‮ ‬مطعم الإبراهيمي‮ (‬المدوّر‮)‬،‮ ‬يعني‮ ‬الملفوف‮ أو المطوي.

وفي‮ ‬فضول مني‮ ‬في‮ ‬معرفة لفظها بالصينية افتعلت زيارة للمطعم الصيني‮ ‬الشهير في‮ ‬پاريس‮ (‬دراكون‮)‬،‮ ‬وطلبت وجبتي،‮ ‬وفي‮ ‬مقدمتها هذا‮ (‬السپرنك رول‮)‬،‮ ‬فإذا هو‮ (‬نسيته ويتعذر عليّ‮ ‬في‮ ‬برد باريس أن أعود إلى المطعم وأسأله‮ ) !!.‬

وعلى ما‮ ‬يحمله هذا‮ (‬الزمبرك‮) ‬من إيحاء بطعم المعدن،‮ ‬و‮ (‬خشخشة‮) ‬بين الأسنان،‮ ‬وإحساس بتوقّع كون شيء ما‮ ‬ينبض في‮ ‬الفم ويوشك أن‮ ‬يُفلت من بين الأسنان؛ أقول،‮ ‬مع ذلك،‮ ‬يظل هذا‮ (‬الزمبرك‮) ‬لذيذ الطعم والنكهة.

كما وجدتُ‮ ‬الإسم لا‮ ‬يخلو من طرافة،‮ ‬فهو‮ ‬يحملنا على استظراف التسمية فنبتسم لها،‮ ‬وتنبسط لها أساريرنا،‮ ‬ونُقبل على المائدة بشهية لا تضيع معها الفلوس؛ وفي‮ ‬ذلك من حذق الترجمة ما‮ ‬يفوت على‮ ‬ياسين طه حافظ وكاظم حهاد وصلاح نيازي‮ ‬وابتسام عبدالله وعدوية الهلالي‮ ‬وشوقي‮ ‬عبدالأمير وعادل العامل وأساطين الترجمة في‮ ‬بلادنا؛ وهو،‮ ‬بعد،‮ ‬مثل‮ ‬يُقتدى في‮ ‬فن الإشارة والتلميح الذي‮ ‬خلت منه فنون البلاغة العربية رغم العلاقات الثقافية بيننا وبين الهنود وأهل الصين،‮ ‬ومن جرى مجراهم في‮ ‬قارتنا الآسيوية،‮ ‬على مر العصور‮.‬

لفائف الربيع تحولت في‮ ‬أيامنا إلى لفائف الشتاء بعد أن تحولت الشوارع والبيوت والحدائق إلى فضاءات شاسعة من الثلج الجميل والمربك والتي‮ ‬لا‮ ‬يعلم إلا الله ما تحتوبه هذه اللفيفة المخادعة،‮ ‬وما تنوي‮ ‬إليه‮.‬

لفلفوا أمركم باننظار لفلفة الإنتخابات،‮ ‬ومن الله التوفيق‮.‬



#محمد_سعيد_الصگار (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ايمان صبيح والوعي الرياضي
- قداس الميلاد في‮ ‬كنيسة الكلدان في‮ ‬ ...
- سيدات محافظة واسط
- سامي‮ ‬عبد الحميد‮ ‬ لا‮ ̷ ...
- خذ قصيدتك وامش ١
- إنا لله وإنا لهذا العراق
- مزالق الشيخوخة وفؤاد التكرلي
- نعمة الملل
- آفاق الكتابة
- محمد شرارة الشجرة الوارفة
- مجسّات القلم
- رجلان ... أي رجلين!
- يوسف العاني يلاطف حيرتي
- اوراق سياسية - لقاء مع حازم جواد
- أهي عناوين وهمية ؟
- ليس براءة ذمّة
- تحية إلى قمر البصرة
- بطاقة إلى الحزب الشيوعي العراقي
- أهذا هو الوفاء؟


المزيد.....




- تضارب الروايات حول استهداف معسكر للحشد في التاجي.. هجوم مُسي ...
- ديالا الوادي.. مقتل الفنانة العراقية السورية في جريمة بشعة ه ...
- مقتل الفنانة ديالا صلحي خنقا داخل منزلها بدمشق والتحقيقات تك ...
- القنبلة الذرية طبعت الثقافة اليابانية بإبداع مستوحى من الإشع ...
- بوليود بين السينما والدعاية.. انتقادات لـ-سباق- إنتاج أفلام ...
- الغيتار تحوّل إلى حقيبة: ليندسي لوهان تعيد إحياء إطلالتها ال ...
- سكان وسط أثينا التاريخية منزعجون من السياحة المفرطة
- أول روبوت صيني يدرس الدكتوراه في دراسات الدراما والسينما
- قنصليات بلا أعلام.. كيف تحولت سفارات البلدان في بورسعيد إلى ...
- بعد 24 ساعة.. فيديو لقاتل الفنانة ديالا الوادي يمثل الجريمة ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سعيد الصگار - إحماض قبل الإنتخابات