أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سعيد الصگار - آفاق الكتابة















المزيد.....

آفاق الكتابة


محمد سعيد الصگار

الحوار المتمدن-العدد: 2824 - 2009 / 11 / 9 - 17:02
المحور: الادب والفن
    




سحبت قرائي‮ ‬قبل أيام من همومهم العامة إلى الحديث عن‮ (‬مجسّات القلم‮) ‬الذي‮ ‬عرض معاني‮ ‬القلم ووجوه استخدامه وما‮ ‬يرافقها من حالات؛ واليوم سأسحبهم إلى مدار آخر للتخفيف من أزمات ما‮ ‬يحيق بأيامهم من ضروب المشاكل التي‮ ‬لا أملك حلاًّ‮ ‬لها؛ فأنقلهم إلى قضايا أخرى تخرجهم من همومهم اليومية التي‮ ‬تشغلهم كما تشغلني،‮ ‬وتدخل في‮ ‬إطار وعيهم الثقافي‮.‬

أعني‮ ‬أنني‮ ‬سأواصل حديث القلم بحديث‮ (‬الكتابة‮)‬، ولا أعني الكتابة الإبداعية أو الإنشائية، وإنما أقصد ما نكتبه بالقلم، ‬فأقول‮:‬

يخلط الكثيرون مفهوم‮ ( ‬الخط‮) ‬بمفهوم‮ (‬الكتابة‮)‬،‮ ‬حين‮ ‬يقولون إن فلاناً‮ (‬خطه جميل‮)‬،‮ ‬ويقصدون أن‮ (‬كتابته جميلة‮)‬،‮ ‬وهذا ناتج من التباس المصطحات الشائعة في‮ ‬معارفنا‮.‬

والمسافة بين الكتابة والخط شاسعة،‮ ‬من الناحية الزمنية والناحية الجمالية‮. ‬فالكتابة تسبق الخط زمنياً‮ ‬ولا تلحق به جمالياً؛ ذلك أنها لا تشترط الجمال بقدر ما تشترط الوضوح،‮ ‬فالناس تكتب الرسائل لإبلاغ‮ ‬الطرف الآخر بأمور تهمها،‮ ‬ومتى ما تحقق لها ذلك ففيه الكفاية‮. ‬

والكتابة بهذا المعنى محدودة الآفاق،‮ ‬بطيئة التطور،‮ ‬خالية من القواعد والشروط الفنية،‮ ‬في‮ ‬حين أن للخط أوضاعاً‮ ‬أخرى ترتبط بنشأته التي‮ ‬جاءت بعد زمان بعيد من نشأة الكتابة التي‮ ‬لا نعرف،‮ ‬على وجه الدقّة،‮ ‬بدايتها‮.‬

الخط العربي‮ ‬نشأ مع بداية التدوين القرآني؛ فقبل الإسلام لم‮ ‬يكن هناك‮ (‬خط‮)‬،‮ ‬وإنما كانت هناك كتابة،‮ ‬وكان‮ (‬النساخون‮) ‬هم الذين‮ ‬يضطلعون بها،‮ ‬ولم‮ ‬يكن مصطلح الخط والخطاطين معروفاً‮. ‬وعندما جاء الإسلام،‮ ‬وبدأت حركة التدوين القرآني،‮ ‬راح النساخون‮ ‬يجوّدون كتاباتهم إكراماً‮ ‬لنص كتابهم المقدس‮ (‬القرآن‮)‬،‮ ‬وصاروا‮ ‬يبتكرون للحروف أشكالاً‮ ‬جميلة تختلف عن أشكال الكتابة السابقة،‮ ‬وصار الناسخ‮ ‬يرى أن لحرف النون،‮ ‬مثلاً،‮ ‬معنى روحانيّاً‮ ‬وربانيّاً‮ ‬لا‮ ‬يكتفي‮ ‬بخطه كدائرة في‮ ‬وسطها نقطة،‮ ‬فهو حرف أقسم الله به،‮ ‬ويجدر أن‮ ‬يأخذ شكلاً‮ ‬أجمل‮ ‬يناسب ما منحه الله إياه حين أقسم به‮.‬

وهكذا راح النساخون‮ ‬يتنافسون في‮ ‬الإبتكار والتجويد حتى تكونت لديهم مجموعة‮ ‬غنيّة من الأشكال الفريدة التي‮ ‬أدّت إلى التنسيق والتصنيف،‮ ‬وقادت إلى وضع شروط وقوانين فنية،‮ ‬عُرفت فيما بعد بقواعد الخط العربي‮.‬

هذه القواعد وُضعت على أيدي‮ ‬كوكبة من‮ (‬النساخين‮) ‬الذين أطلق عليهم في‮ ‬هذا الوقت إسم‮ (‬الخطاطين‮) ‬تمييزاً‮ ‬لهم عن الكتبة والنساخين الذين عُنوا بنسخ الرسائل والمخطوطات دون الخط‮.‬

بعد هذه المحاولات الجادّة والمتواصلة على مدى ما‮ ‬يقرب من أربعة قرون،‮ ‬استقرّ‮ ‬للخط العربي‮ ‬ذلك الثراء الفني‮ ‬الباذخ الذي‮ ‬ننعم به في‮ ‬أيامنا،‮ ‬والذي‮ ‬يقوم على شروط وقواعد فنية،‮ ‬ينبغي‮ ‬للخطاط أن‮ ‬يتقنها،‮ ‬ويتشبّع بجمالها،‮ ‬ويبحث عن صيغ‮ ‬تطويرها ونقلها إلى حاجة العصر‮.‬

على أنني‮ ‬أرى أن الخطاطين العرب والمسلمين،‮ ‬في‮ ‬زماننا،‮ ‬لم‮ ‬يواصلوا ما بدأ به أسلافهم،‮ ‬فهم لم‮ ‬يضيفوا جديداً‮ ‬كما أضاف العثمانيون إلى تراثنا الخطي‮ ‬من الخط الديواني‮ ‬وجلي‮ ‬الديواني‮ ‬والرقعة،‮ ‬بالإضافة إلى البراعة في‮ ‬التركيب وحسن التعامل مع فراغات النصوص‮.‬

فالرغبة في‮ ‬الإضافة والتطوير ما زالت في‮ ‬دور التخبط والمحاولات الساذجة التي‮ ‬تفتقر إلى معرفة ما‮ ‬يحيط بالخط من شروط فنية معاصرة،‮ ‬كالإحاطة بالفنون المجاورة،‮ ‬كمعرفة آفاق الفنون التشكيلية،‮ ‬والفنون الطباعية،‮ ‬وفنون التصميم والإعلان،‮ ‬وما تتيحه التكنولوجيا الحديثة،‮ ‬والتعامل مع فضاء اللوحة باستخدام الكتلة والفراغ،‮ ‬وكيمياء الألوان،‮ ‬وغيرها من مقوّمات اللوحة؛ فقد ذهب زمان تحضير الحبر من السخام،‮ ‬وتلميع الورق بالبيض وتصحيح الغلط باللطع،‮ ‬وما إلى ذلك مما كان شائعاً‮ ‬قبل توفر البدائل المعاصرة التي‮ ‬يأبى بعض الخطاطين استعمالها‮.‬
‮ ‬
برامج تصميم الحروف الطباعية الآن تتيح مجالاً‮ ‬مفتوحاً‮ ‬لمصممي‮ ‬الحروف أن‮ ‬يأتوا بما‮ ‬يحبون من أشكال،‮ ‬ولكن الطريف والمؤلم هو كونها تنحو إلى استعمال أصناف الكتابة اليدوية،‮ ‬وهذا توجه مقبول،‮ ‬ولكنه‮ ‬يشترط أن تكون طفولية ساذجة،‮ ‬سأماً‮ ‬من حروف الخط العربي،‮ ‬ولذلك فهي‮ ‬تأتي‮ ‬بحروف هجينة تصعب قراءتها على الكبار فكيف بالتلاميذ في‮ ‬غياب الكراسات الخطية التي‮ ‬تعلمهم أصول الخط والكتابة كما علمتنا‮. ‬إن البساطة والجمال أمر مطلوب في‮ ‬هذا الشأن كما في‮ ‬غيره،‮ ‬ولكن التماسه من خلال التشويه المقصود،‮ ‬طمعاً‮ ‬بالتمايز،‮ ‬لا مبرر له‮.‬

ومردّ‮ ‬ذلك في‮ ‬نظري،‮ ‬إلى قِصر نَفَس المعنيين بشؤون النشر في‮ ‬استقصاء جماليات الخط العربي،‮ ‬فالعالم‮ ‬يهرول،‮ ‬والناس تريد أن تغنم ما‮ ‬يُتاح لها،‮ ‬أسوة مع الراكضين في‮ ‬مجالات الحياة الراكضة‮.‬

ولا أريد أن تفلت مني‮ ‬فرصة الإشارة إلى واقع كون الكثير ممن‮ ‬يتولون شؤون النشر‮ ‬يفتقرون إلى الحس الجمالي‮ ‬للتمييز بين الخط والكتابة،‮ ‬وبين جماليات كل منهما والإنتفاع بخصائصهما الفنية‮. ‬ويستطيع القارئ والمشاهد أن‮ ‬يرى الكثير من هذا الجهل الذي‮ ‬يختبئ وراء ادّعاء التحديث والتجديد والتيسط،‮ ‬في‮ ‬الصحف والتلفزيونات والمواقع الألكترونية ليرى العديد مما تتعذر قراءته،‮ ‬وتنفر منه العين‮.
‬والحديث عن الخط والكتابة ذو سعة لا تكفيها هذه العجالة‮. ‬ولذلك ألتمس ممن‮ ‬يستأنس بهذا النص ويريد التعقيب عليه،‮ ‬أن‮ ‬يسعفني،‮ ‬إذا استطاع،‮ ‬بعنوانه الألكتروني،‮ ‬للتواصل وتبادل الرأي‮ ‬إذا أسعفت الظروف‮.‬









#محمد_سعيد_الصگار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محمد شرارة الشجرة الوارفة
- مجسّات القلم
- رجلان ... أي رجلين!
- يوسف العاني يلاطف حيرتي
- اوراق سياسية - لقاء مع حازم جواد
- أهي عناوين وهمية ؟
- ليس براءة ذمّة
- تحية إلى قمر البصرة
- بطاقة إلى الحزب الشيوعي العراقي
- أهذا هو الوفاء؟


المزيد.....




- مصر.. القبض على مغني المهرجانات -مجدي شطة- وبحوزته مخدرات
- أجمل مغامرات القط والفار.. نزل تردد توم وجيري الجديد TOM and ...
- “سلي طفلك الان” نزل تردد طيور الجنة بيبي الجديد 2024 وشاهد أ ...
- فرانسوا بورغا للجزيرة نت: الصهيونية حاليا أيديولوجية طائفية ...
- الحضارة المفقودة.. هل حقا بنيت الأهرامات والمعابد القديمة بت ...
- المؤسس عثمان الموسم الخامس الحلقة 159 على ATV التركية بعد 24 ...
- وفاة الممثل البريطاني برنارد هيل، المعروف بدور القبطان في في ...
- -زرقاء اليمامة-.. أول أوبرا سعودية والأكبر في الشرق الأوسط
- نصائح لممثلة إسرائيل في مسابقة يوروفيجن بالبقاء في غرفتها با ...
- -رمز مقدس للعائلة والطفولة-.. أول مهرجان أوراسي -للمهود- في ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سعيد الصگار - آفاق الكتابة