|
إنا لله وإنا لهذا العراق
محمد سعيد الصگار
الحوار المتمدن-العدد: 2849 - 2009 / 12 / 5 - 20:51
المحور:
الادب والفن
كلما شرعت بكتابة مادتي الأسبوعية للمدى، تعوّذت بالله من شر الهذر والإطالة التي تأخذ من القاريء وقتاً هو أحوج إليه، وقد لا تمنحه بديلاً لذلك، وهو عناء أظل أتقلب على فراشه، فأختار في نومي مثلما في صحوتي ما يمكن أن يقال بلا لغو فائض عن اللزوم، وقلة في الجدوى، وحذر من مزالق الكلام.
وأنا أغبط زملائي من كتاب الأبواب والأعمدة اليومية الثابتة على كفاءتهم في ملء أكثر من فراغ، وأحياناً في أكثر من جريدة أو وسيلة إعلامية. فالمسألة، بالنسبة لهم ليست مسألة احتراف وحشو للقول، بقدر ما هي نوع من الإيمان بجدوى الكلام، وقدرة على القبول بما يفرضه الواجب، وتمنحه الموهبة. وقد رأيت ما لا قدرة لي عليه من بعض زملائي الذين تجمعني بهم أماسِ جميلة تأخذ من أحاديثنا قسطاً يبعث على الإنتشاء، رأيتهم ينسلون من صخب أحاديثنا وضحكاتنا، ويروحون يكتبون في دفاترهم ما سيظهر غداً في أبوابهم وأعمدتهم الصحفية، ويعودون إلينا بعد وقت قصير ليواصلوا سهرتهم معنا.
مواهب وتجارب يسند بعضها بعضاً، تأتي إلى القاريء ساخنة كرغيف خبز. ولكن حين تزدحم الأحداث وتتوالى مصادر الكتابة أمام الكاتب، يجد نفسه وقد حوصر بالموضوعات ذات الأهمية التي لا ينبغي عليه أن يتجاهلها أو يفلت منها، فحار إلى أيها ينجذب، وأيها يفضّل، وأيها يقدم وأيها يؤجل.
حيرة لا تخطر ببال القاريء، ولكنها حيرة تحيّر الكاتب.
هنا يخرج الموضوع عن شروط العمل التي قبلنا بها دون عقد، وارتضيناها على الثقة والمسؤولية، مجاناً لرضى الله وقبول القاريء، وهي التي تنظم علاقاتنا على أحسن ما يرام.
وهنا أيضاً يخرج الموضوع من شروط الإلتزام الأدبي مع الجريدة واحترام مواعيدها، إلى الإلتزام بحق القاريء وما ينتظره منّا.
فهل من المعقول أن أواصل كتابتي عن (مزالق الشيخوخة) في هذا الجو المحتقن المتوتر والمشبّع بالإنتظار المرير لما ستؤول إليه المناقشات التي أكلت قلوبنا بشأن قانون الإنتخابات؟
كيف لمزاجي أن ينفتح على غير هذه الهموم في هذا الوقت الذي يسحق الأعصاب سحقاً، ويضبّب آمالنا بغدٍ يحترم كرامة الموقف، ويحمينا من الإنسياق إلى مجانية القول والمراهنة على (علم الكلام الحديث) الذي لا علم فيه غير الوقوف في دائرة الضوء واقتناص المكاسب، وتدبيج المآثر الكلامية لمجرد الزعم بأنهم قالوا وشغلوا الناس بأقوالهم التي لم تعد ذات قيمة، والتي باتت مصدراً للسخرية والملل.
أتكون كل هذه الوجوه الكريمة التي انتخبها الشعب لهذه المجالس الموقّرة، واطمأن إلى سلامة مواقفها، وحسن رأيها، وحرصها على إعلاء كرامة الوطن وإنقاذ أهله مما يُحيق بهم من مآسٍ، تقبل أن يستحيل العراق إلى كرة تتقاذفها الخطب العنترية والمواقف الإستعراضية؟
ألم يبقَ للحكمة وسموّ الموقف مجال يكبح اللعب بمقدرات هذا الوطن؟
أريد أن أطمئن إلى أن في هذه المجالس من يدرأ سقوط الوطن. أريد أن أسمع من يقول: كفى ! فقد وصلت النفس إلى الحلقوم. أريد أن أرى فجر العراق بنبثق بعنفوان وصدق من هذه المجالس. وأريد أن أرى كريماً يتراجع عن الخطأ ويقول: إنا لله وإنا لهذا العراق.
وأريد الإعتذار ممن كان ينتطر من قرائي أن يقرأ غير هذه اللوعة وهذا العجب.
#محمد_سعيد_الصگار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مزالق الشيخوخة وفؤاد التكرلي
-
نعمة الملل
-
آفاق الكتابة
-
محمد شرارة الشجرة الوارفة
-
مجسّات القلم
-
رجلان ... أي رجلين!
-
يوسف العاني يلاطف حيرتي
-
اوراق سياسية - لقاء مع حازم جواد
-
أهي عناوين وهمية ؟
-
ليس براءة ذمّة
-
تحية إلى قمر البصرة
-
بطاقة إلى الحزب الشيوعي العراقي
-
أهذا هو الوفاء؟
المزيد.....
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
-
مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل
...
-
لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|