أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - رصد الشخصية السايكوباثية في فيلم - الخرساء - لسمير زيدان














المزيد.....

رصد الشخصية السايكوباثية في فيلم - الخرساء - لسمير زيدان


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 928 - 2004 / 8 / 17 - 09:54
المحور: الادب والفن
    


لا نريد أن نتوقف طويلاً عند الأسباب التي دفعت بالمثقفين العراقيين إلى الهجرة إلى المنافي الأوروبية والأمريكية، لأنها باتت معروفة للجميع، ولكن تقتضي الأمانة العلمية والأخلاقية القول بأن هناك أعداداً غير قليلة من المثقفين غادرت لأسباب شخصية تتعلق بتحقيق الأحلام الفردية في البلدان الغربية المتحررة، وهذه مسألة طبيعية شهدتها الكثير من بلدان العالم، وكان الدافع الأساسي فيها التحصيل العلمي، والرغبة في التلاقح الثقافي، والنهل من مصادر المعرفة العالمية. كما تجدر الإشارة إلى أن هناك عدداً لا يستهان به من المثقفين العراقيين قد حصلوا " هم دون غيرهم " من بعثات وزمالات دراسية للبلدان الأوروبية في زمن النظام الشمولي البائد، ومكثوا هناك، وظلوا في خدمة النظام الدكتاتوري مع الأسف الشديد. وهم يسعون الآن إلى ارتداء أقنعة جديدة بعد نزعوا أقنعتهم القديمة غير مصدقين ما حل بالبلد في ظروف غامضة. لم أرِد الخوض في هذا الموضوع الشائك، ولكن " اللقطة المكبرة " التي قُدمت عن السينما العراقية في الدورة السابعة لبينالي السينما العربية في باريس، وما تضمنته من أفلام " على قلتها " تمجد النظام السابق، أو تجاريه في الأقل، ولا تتحرش به أو تدينه حتى من طرف خفي، هي التي أجبرتني على القول بأن السينما العراقية التي أنجزت أفلامها في المهجر كانت متنوعة " سلباً وإيجاباً " بعضها أدان النظام الشوفيني، وتصدى له، وبعضها مالأ النظام، ووقف إلى جانبه، وبعضها الثالث ظل على الحياد، وفضل أن يتناول موضوعات فنية وإنسانية بعيدة عن الشأن السياسي وما تنجم عنه من مشاكل، ومنغصات، وملاحقات أمنية " يعرف مرارتها العراقيون على وجه التحديد ". وفيلم " الخرساء " للمخرج العراقي سمير زيدان لا يخرج عن هذا الإطار المحايد. وجدير ذكره أن سمير زيدان قد درس السينما في " وودج " في بولندا، وأخرج في أوائل الثمانينات من القرن الماضي فيلمين روائيين قصيرين وهما " نسيم الحديقة " و " الهواء "، كما أخرج فيلمين تسجيليين وهما " الأرض " و " الجسد "، وله عمل تلفازي يحمل عنوان " الهروب " وهو دراما عن عائلة كردية في العراق. التجأ سمير زيدان إلى النرويج منذ عام 1987. عاد إلى العراق هذا العام، ويفكر في الاستقرار النهائي هناك لمواصلة مشروعه السينمائي في ظل الحرية المتاحة، يحدوه الأمل بالحصول على دعم مادي من قبل وزارة الثقافة العراقية التي ينبغي عليها أن تموّل المشاريع السينمائية كما تُموَّل التربية والتعليم والصحة وما إلى ذلك من وزارت ومؤسسات تابعة للدولة.

" الخرساء " وأسلوب البانتومايم
لا أدري لماذا إختار المخرج سمير زيدان أسلوب البانتومايم في تقديم فيلمه الرمزي " الخرساء "؟ هل هو نوع من الحنين إلى السينما الصامتة التي مضى عليها وقت طويل؟ أم أراد لفيلمه أن يتطابق مع العنوان الدال، " الخرساء " بحيث يتحول الممثلون جميعاً إلى أناس بكم لا ينبسون بحرف واحد؟ هل أراد أن يتجاوز عقبة الممثلة البولندية أدريانا غروسكا التي لا تجيد اللغة العربية؟ أم أراد أن يتجاوز مشاكل ترجمة أحاديثها الطويلة إلى إحدى اللغات العالمية الحية، وخصوصاً وأن دورها لا يقل أهمية عن دور رب الأسرة الذي لعبه " بهجت سليمان"؟ أنا أعتقد أن الجانب الترميزي هو الذي دفع المخرج سمير زيدان لتبني أسلوب البانتومايم الذي ينسجم تماماً مع روح العمل الفني. فالأب المتجبر، الطاغي، المُستبد، يمكن ترحيل دلالة ظلمه، واستبداده، وطغيانه إلى ظلم واستبداد أي حاكم دكتاتوري من أجل تعميم الدلالة، وتعميق البعد الرمزي، حتى وإن كانت إحالة سمير زيدان الرمزية " إلى صدام حسين " مباشرة، وإلى الشعب العراقي من خلال الشخصيات الصامتة المكونة من زوجة الأب، وولدين يافعين. فالزوجة تعرف أنه يخونها، ويهمشها، ويهملها، ويزدريها، بل هي تسمعه وهو يجاسد " الخرساء " السجينة التي لا يعرف المتلقي ظروف أسرها أو سجنها القسري أو اختطافها، ومع ذلك فقد ظل غموضها حافزاً على التفكير والتساؤل والمشاركة الوجدانية في صنع الحدث. أما الولدان فقد يكونا رمزاً لقمع الطفولة والصبا والشباب في آن معاً في بلد مثل العراق، مثلما ترمز " الخرساء "السجينة والمختطفة إلى أسر بعض الفتيات العراقياتً، ووضعهن رهينة بيد الدكتاتور المتجبر وزمرته الضالة. أو يمكن أن تكون أسراً للأنوثة، وامتهاناً لها. أن هذا التجبر، والطغيان اللامحدود هو الذي يقود أفراد العائلة إلى التفكير الجدي بالتخلص منه، وهذا ما يحصل فعلاً عندما تهجم عليه الزوجة والأولاد لإنقاذ الخرساء التي يغتصبها كلما عنَ له ذلك، ثم يدفعون نافذة الغرفة الوحيدة، فتتداعى عليه بما تحتويه خلفها من أشياء ثقيلة ليفارق الحياة. لا شك أن الدلالات التعبيرية كانت قوية، وواضحة، فالنظرة، والإيماءة، والحركة لقد فرد من أفراد العائلة كانت معبرة، ومستوفية لشروطها الفنية. وإذا كان الأب يمارس ساديته المفرطة بدم بارد، فإن هلع الخرساء وخوفها، وارتعادها كان من الإتقان والسيطرة بحيث أوحت للمشاهد وكأنها تُغتصب فعلاً. القطط والفئران الميتة لا تخلو من دلالة وسط القمع الذي يعانيه الولدان من قبل أبيهما الذي صوّره المخرج كشخص سايكوباثي، مُختل يرى العالم من خلال نظّارة سوداء مشوّشة. وفي هذا السياق يمكن للنقاد والمعنيين بالسينما العراقية أن يقاربوا بين فيلم " الخرساء " لسمير زيدان، وأفلام أخرى تستجير بالرمز، أو بالعُدد السايكولوجية والسايكوباثية مثل فيلم " يوم القدر " للمخرج طارق هاشم، أو " المهد " للمخرج ليث عبد الأمير.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المخرج خيري بشارة: من الواقعية الشاعرية إلى تيار السينما الج ...
- المخرج الجزائري- الهولندي كريم طرايدية نجح فيلم العروس البول ...
- المخرج التونسي الطيب لوحيشي السينما فن مرن أستطيع من خلاله أ ...
- حياة ساكنة - لقتيبة الجنابي الكائن العراقي الأعزل وبلاغة الل ...
- المخرج السينمائي سمير زيدان
- الفيلم العراقي- عليا وعصام
- فيلم - الطوفان - لعمر أميرالاي
- يد المنون تختطف النحات إسماعيل فتاح الترك
- ندوة السينما العراقية في باريس
- المخرجة هيفاء المنصور أنا ضد تحويل الممثل إلى آلة أو جسد ينف ...
- برلين- بيروت لميرنا معكرون: مقاربة بصرية بين مدينتين تتكئ عل ...
- على جناج السلامة للمخرج المغربي عزيز سلمي إستعارات صادمة وكو ...
- بنية المفارقة الفنية وآلية ترحيل الدلالة في - أحلى الأوقات - ...
- فيلم - عطش - لتوفيق أبو وائل ينتزع جائزة التحكيم في بينالي ا ...
- الصبّار الأزرق ) بين مخيلة النص المفتوح وتعدّد الأبنية السرد ...
- في إختتام الدورة السابعة لمهرجان السينما العربية في باريس
- الطيب لوحيشي: في السينما استطيع أن أكون واقعياً وحالماً
- إختتام الدورة الرابعة لمهرجان الفيلم العربي في روتردام
- المخرج طارق هاشم في فيلمه التسجيلي الطويل 16 ساعة في بغداد. ...
- فوز الشاعر السوري فرج البيرقدار بجائزة - الكلمة الحرة - الهو ...


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - رصد الشخصية السايكوباثية في فيلم - الخرساء - لسمير زيدان