أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - حياة ساكنة - لقتيبة الجنابي الكائن العراقي الأعزل وبلاغة اللغة المؤجلة














المزيد.....

حياة ساكنة - لقتيبة الجنابي الكائن العراقي الأعزل وبلاغة اللغة المؤجلة


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 924 - 2004 / 8 / 13 - 09:53
المحور: الادب والفن
    


ضمن عروض وفعاليات الدورة السابعة لبينالي السينما العربية في باريس احتفى معهد العالم العربي بالسينما العراقية من خلال تقديم " لقطة مكبرة " تضمنت عرض " 18 " فيلماً عراقياً روائياً وتسجيلياً ينحصر تاريخ إخراجها بين عام 1948 و 2004. وقد شارك المصور والمخرج قتيبة الجنابي بفيلم قصير انضوى تحت عنوان تشكيلي عميق الدلالة وهو " حياة ساكنة " أو " حياة صامتة " أو " ستيل لايف " إن شئتم، وهو عنوان شائع يستخدمه الفنانون التشكيليون كثيراً عندما لا يجدون موضوعاً فنياً يرسمونه فيلتجئون إلى رسم الأشياء الصغيرة، المهملة، العابرة، أو التي لا تخطر ببال الكثيرين، كأن يرسم الفنان أدوات الرسم، الكراسي أو الطاولات، والجرار، والمزهريات المكتظة بالزهور، أو أدوات الطعام، أو الأطباق التي تستقر عليها مجموعة من الفواكه مثيرة الشكل. وتنبغي الإشارة إلى أن هذا الجهد لا ينصّب في الاتجاه العبثي حسبما يعتقد بعض من الناس، فالفن أولاً وأخيراً شكل قبل أن يكون موضوعاً ومضموناً درامياً، أو قد يكون تزاوجا حقيقياًً بين الاثنين. وفيلم " ستيل لايف " هو لوحة صامتة، لكنها تقول أشياء كثيرة من خلال رجل مُطارد يختبئ في غرفة صغيرة في فندق رخيص، ولا يستطيع الخروج منها، والنفاذ بجلده، فيقضي وقته في ترقب الأصوات الخارجية، أصوات الأشياء، والموجودات، ومشاحنات الجيران، وثمة بوليس سري يراقب المكان بعينين مفتوحتين إلى آخرهما، وبأذنين مرهفتين تلتقطان الأصوات المريبة. صحيح أن " نايف راشد " الذي أدى دور البطولة في هذا الفيلم القصير الذي لم يجتز الـ " 12 " دقيقة، لم يقل أشياء كثيرة غير التذمر الذي أبداه من أصوات المشادة التي تنشب دائماً بين امرأة إنكليزية وزوجها أو صديقها على ما يبدو، الأمر الذي يؤرقه، ويفضي به إلى التوقف عن تعلّم بعض مفردات اللغة الإنكليزية. وبالرغم من ثراء هذا الموضوع، وجمالية عمقه الفني الذي يكاد يقترب من الموضوعات الكافكوية الأثيرة التي كان كافكا يجد فيها ذروة نشوته الإبداعية وهو يحاصر شخوصه، وكائناته الغريبة المطاردة التي تبحث عن بصيص أمل في الخلاص من المأزق الذي سقطت فيه، إلا أن قتيبة الجنابي يتألق في جانب آخر وهو التصوير، وكأن عين الكاميراً تسرد قصتها الخاصة بلغة الصورة، وهذا التألق ناجم من كون الجنابي مصوراً مبدعاً، أكثر من كونه عين إخراجية راصدة، وهذا التجلي في التصوير لا يقلل من أهميته كمخرج يمسك بزمام ثيمة الفيلم، وحركة بطله الأوحد الذي يصول ويجول في مساحة ضيقة تحتوي على موجودات رتيبة عمقت إحساس البطل بالعزلة، وفاقمت من خشيته، وجعلنا نترقب حدوث شيء ما في نهاية الفيلم. هذا التركيز الدقيق على أشياء صغيرة، عابرة تترك في نفس المتلقي أثراً لا يُنسى. فحينما يقتله الملل، وينزعج من الانتظار الطويل، اللامجدي ينام بأوضاع مختلفة، تارة على السرير، وأخرى على الأرض، وثالثة على الأرض وقدماه مرميتان على حافة السرير، هذه الحركات القلقة تدلل على قدرة الجنابي في رصد هذا الأرق الدائم الذي أصاب بطله الكافكوي الذي يشعر بسأم قاتل، وضجر لا حدود له، يبدده مُجبراً بتفحص أوراقه الملقاة على الطاولة تارة، وبغسل أصابع يديه الملوثة بالسخام تارة أخرى، أو بالقراءة وتدوين بعض المفردات القاموسية التي ستعينه على فك أسرار وطلاسم اللغة الإنكليزية. يمكن تأويل ثيمة هذا الفيلم القصير بأن العراقي مُحاصَر، ومعزول بطريقة قسرية، ومُراقَب، يعيش حياةً قلقة، وهناك منْ ينتظره في الخارج لكي يمسك بخناقه. من جانب آخر أراد قتيبة أن يوصل هذا الصوت العراقي المعزول إلى العالم، ربما يكون المخرج نفسه. أي أن هذه الذات المصغرة يمكن أن تكون نموذجاً مُكبراً عن الشخصية العراقية الحقيقية المُطاردة، والمستلَبة، والمُنتهكة التي تبحث لها عن موطئ قدم في هذا العالم الفسيح. بقي أن نقول إن المصور والمخرج قتيبة الجنابي قد أنجز عدداً كبيراً من الأفلام الروائية والتسجيلية نذكر منها " الشتاء، الغرفة، عمّال الحديد، القطار، الأرض الحرام، العُمق، المنفى، اللعبة الحسية، يأس تام، جون والمجوهرات، بيت راندل، جيان، حياة ساكنة، والفيلم التسجيلي الأخير الذي أسماه " خليل شوقي . . الرجل الذي لا يعرف السكون ".



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المخرج السينمائي سمير زيدان
- الفيلم العراقي- عليا وعصام
- فيلم - الطوفان - لعمر أميرالاي
- يد المنون تختطف النحات إسماعيل فتاح الترك
- ندوة السينما العراقية في باريس
- المخرجة هيفاء المنصور أنا ضد تحويل الممثل إلى آلة أو جسد ينف ...
- برلين- بيروت لميرنا معكرون: مقاربة بصرية بين مدينتين تتكئ عل ...
- على جناج السلامة للمخرج المغربي عزيز سلمي إستعارات صادمة وكو ...
- بنية المفارقة الفنية وآلية ترحيل الدلالة في - أحلى الأوقات - ...
- فيلم - عطش - لتوفيق أبو وائل ينتزع جائزة التحكيم في بينالي ا ...
- الصبّار الأزرق ) بين مخيلة النص المفتوح وتعدّد الأبنية السرد ...
- في إختتام الدورة السابعة لمهرجان السينما العربية في باريس
- الطيب لوحيشي: في السينما استطيع أن أكون واقعياً وحالماً
- إختتام الدورة الرابعة لمهرجان الفيلم العربي في روتردام
- المخرج طارق هاشم في فيلمه التسجيلي الطويل 16 ساعة في بغداد. ...
- فوز الشاعر السوري فرج البيرقدار بجائزة - الكلمة الحرة - الهو ...
- الكاتبة الهولندية ماريا خوس. . قناصة الجوائز، ونجمة الموسم ا ...
- التعالق الفني بين التناص والتنصيص ..قراءة نقدية في تجربة الف ...
- رفعت الجادرجي يسطو على تصميم لعامر فتوحي في رابعة النهار
- بعد أربعين من صدوره يسبّب- منهاج المسلم - بترجمته الهولندية ...


المزيد.....




- قناديل: أرِحْ ركابك من وعثاء الترجمة
- مصر.. إحالة فنانة شهيرة للمحاكمة بسبب طليقها
- محمد الشوبي.. صوت المسرح في الدراما العربية
- إيرادات فيلم سيكو سيكو اليومية تتخطى حاجز 2 مليون جنية مصري! ...
- ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع ...
- كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا ...
- شاهد: نظارة تعرض ترجمة فورية أبهرت ضيوف دوليين في حدث هانغتش ...
- -الملفوظات-.. وثيقة دعوية وتاريخية تستكشف منهجية جماعة التبل ...
- -أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر ...
- -مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - حياة ساكنة - لقتيبة الجنابي الكائن العراقي الأعزل وبلاغة اللغة المؤجلة