أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زهير قوطرش - إستراتيجية اللاعنف















المزيد.....

إستراتيجية اللاعنف


زهير قوطرش

الحوار المتمدن-العدد: 2971 - 2010 / 4 / 10 - 14:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مقدمة تاريخية.

الأمة العربية والإسلامية ما زالت تعيش حالة أزمة سياسية.وهذا التأزم له امتداده التاريخي الى صدر الإسلام .وخاصة منذ الحكم الأموي.وقد تعاملت الأمة مع هذا الشأن الداخلي من خلال ثلاث تيارات .( أريد التنويه أن المقالة تعالج موضوع الصراع الداخلي ضمن الدولة الواحدة.وهنا لن أتطرق لموضوع صراع الأمم أو الدول).
هذه التيارات الثلاث اختلفت فيما بينها في أهم المواضيع السياسية ألا وهو الموقف من الحاكم الظالم أو من الحكومة الظالمة .
التيار الأول: وهو الذي اعتمد إستراتيجية وتكتيك الصبر .فقد أفتى بتحريم استخدام القوة أو السيف لمقارعة الظلم والخروج على الحاكم إن ظلم .
التيار الثاني: .هو تيار أفتى باستخدام العنف الدموي .واعتمد في إستراتيجيته وتكتيكاته المرحلية على مقاومة الظلم بالعنف الثوري والقتال الدموي حتى إسقاط الحاكم ,
التيار الثالث: .اعتمد مبدأ التريث والتمكين. وكانت إستراتجيته خليطا من التيار الاول والثاني. واعتمد إستراتيجية الصبر والأعداد كتكتيك .حتى تنضج الظروف ومن ثم استخدام العنف والخروج الدموي لإسقاط الحكم والتخلص من الحاكم.
في الحقيقة لم تعرف الأمة الإسلامية إستراتيجية اللاعنف .أو العصيان المدني ,أو مبدأ الإضرابات السلمية أو الاعتصام المدني..هذه الإستراتيجية كانت بعيدة عن ثقافة الأمة في مقاومة الظلم ما عدا بعض المراحل في تاريخنا الحديث التي اتسمت كما يقال بالفورة الوطنية وكانت موجهة في أغلي الأحيان ضد الاحتلال والعدوان الخارجي .
تجارب الثورات الدموية كثيرة ويشهد عليها تاريخنا الإسلامي المكتوب, وحتى حاضرنا العربي والإسلامي. لكن والحق يقال أن كل تجارب الخروج الدموي أو إستراتيجية العنف الدموي لتغير الأوضاع القائمة فشلت بكل معنى الكلمة ,وكلفت الأمة الكثير من التدمير المادي, والكثير من الضحايا وخاصة في صفوف الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ ولم تحقق ما تهدف إليه.
والتاريخ أخبرنا من خلال الوثائق المتواترة إلينا أن العنف الأهم هو خروج الخوارج على الخلافة الأموية والذي كلف الأمة الكثير من الضحايا .ومع أنهم في النهاية استطاعوا تغير الأوضاع التي كانت قائمة آنذاك إلا أن العباسين هم فقط من التقط ثمرة عنفهم الطويل ليشكلوا عهداً شعوبياً أضر بالأمة أكثر من ضرر الأمويين الذين سقطت ولايتهم,
وفي العصور اللاحقة كلنا كنا شهوداً وما زلنا على محاولات الحركات الإسلامية السياسية التي اعتمدت إستراتيجية العنف (بناءً على آية السيف الناسخة لكل آيات الرحمة). وكانت ومازالت محاولاتهم تبوء بالفشل الذريع. الأخوان في مصر.في سوريا, في الجزائر, قي تونس, في الصومال ,والآن في غزة وغيرها.

المؤسسة الدينية الرسمية ودورها السلبي في إستراتيجية التغير.
إلى جانب التيارات المذكورة سابقاً .تميزت المؤسسة الدينية الرسمية باستخدام إستراتيجيتها المعروفة والتي أضرت بالأمة العربية والإسلامية أشد الضرر. ألا وهي إستراتيجية مداهنة الحاكم .أو ما يسمى بمبدأ (تقبيل يد الحاكم والدعاء عليه بالقلب).هذا المبدأ هو في الواقع امتداد لمبدأ تاريخي ,سُمي في الماضي فقه السلطان.والذي يقول(الخليفة أو أمير المؤمنين لا يُسأل عما يفعل)...وأصبحت اليوم لها تتمة ولا يسأل عما يقول.......هذه المؤسسة الدينية الرسمية استباحت عقل الأمة .وصارت جذورها ممتدة في وسائل الإعلام والتربية والثقافة.وإذا استبيح عقل الأمة... لا يبقى ثمة مكان للحرية .وعندها يسود مبدأ استسلامي يقول: بان الوضع الراهن هو على ما يرام وإن كل صوت إصلاحي هو بدعة وزندقة وكفر.
ومع كل أسف هذه المؤسسة الدينية الرسمية أينما وجدت أضرت بالأمة أكثر من ضرر الحاكم المستبد نفسه.

إستراتيجية اللاعنف.
لهذه الإستراتيجية الكثير من المسميات.حتى نقرب المعنى.فهي العصيان المدني السلمي,الثورة السلمية .الجهاد السلمي .
لهذه الإستراتيجية شروط.وأهم هذه الشروط.الصدق والمصداقية في الطرح. بمعنى أن يقال للحق أنه حق ,ويقال للباطل أنه باطل مهما عظمت التضحيات.ونستطيع تلخيص ذلك كله( بكلمة الحق).والحق لخصه الأمام علي كرم الله وجهه بقوله:
"ويحك إن الحق لا يعرف بالرجال,وإنما يُعرف الرجال بالحق,أعرف الحق ,تعرف أهله.والحق أحقُ أن يتبع,ولو لم يكن معك أحد,لأن الحق قوي بذاته".
في تاريخنا الإسلامي قيلت كلمة الحق وبجرأة وبشجاعة وبمصداقية من قبل أفراد أو علماء من هذه الأمة وكلفتهم كلمة الحق هذه حياتهم أو هجرتهم خوفاً من التصفية الجسدية. وفي تاريخنا المعاصر أيضاً قيلت كلمة الحق من قبل الإصلاحيين الذين دفعوا الثمن غالياً أيضاً .ومنهم كمثال حي الدكتور أحمد منصور ومجموعة مفكرين ينتمون إلى نفس التيار,ونصر حامد أبو زيد ,ومنهم أيضاً من قدم حياته قرباناً على مذبح الحرية والإصلاح مثل فرج فوده ....وغيرهم من الذين ما زالوا يدفعون ثمن جهادهم السلمي الذي ابتدأ بكلمة الحق .فأزعجت هذه الكلمة المؤسسة الدينية والسلطة الاستبدادية معاً.
إذن إدراك الحق ,والشجاعة في قوله .والمناداة به هو بداية لابد منها للبدء في النضال السلمي .أو الجهاد السلمي على المستوى الفردي, هذا الأسلوب أي قول الحق وإحقاقه.هو ثورة حقيقة بل أكثر فاعلية من أية ثورة دموية. لأن هذا المبدأ الفردي والشجاعة الفردية.لا تخلق فتنة في الأمة. لكنها تفجر في الإنسان طاقاته الكامنة ,وتجعله في مواجهة حقيقية مع النفس. متجاوزاً كل الرغبات الذاتية وأهواء النفس.التي قد تخيل أو تصور له في يوم من الأيام الحق باطلاً.حفاظاً على مصالحه الشخصية وامتيازاته. هذا الأمر قول الحق والمناداة به يشق على نفس الإنسان .ويشطرها إلى شطرين.ويُفّعل الجانب الإنساني الواقف مع الحق فعله.,
أعود إلى المصلحين الدينيين ,لأنهم المثال الحي في عالمنا المعاصر.كان بإمكانهم أن يهادنوا ,ويحصلوا عل كل الامتيازات الفردية لهم ولعائلاتهم .ولو فعلوا ذلك لا سمح الله, وكتبوا ألف كتاب بعد ذلك في الإصلاح وألف مقالة.لا يمكن أن يصدقهم أحد.إذن قالوا كلمة الحق ...ونادوا بها عالياً..وتحملوا من جراء قولهم هذا السجن والهجرة ..وعذاب الأهل معهم .لهذا أصبحوا رواد الإصلاح الديني في هذا العصر.والمعروف أنه إذا كان الإنسان مع الحق أو على الحق ,فإنه يشكل الأغلبية حتى لو كان فرداً مقابل مؤسسة أو مقابل حكومة مستبدة .فهو يشكل الأغلبية التي سوف تنتصر في النهاية لا محال ,(جاء الحق وزهق الباطل).
الكلمة , كلمة الحق هي مفتاح الجهاد السلمي.وهل نجحت الحداثة في أوربا بمعزل عن الكلمة عن أفكار روسو وفولتير وغيرهم ؟ أبداً. الكلمة والفكر لهما قوة كبيرة .ليست كما يستهين بها العامة وبعض الخاصة,

نتائج إستراتيجية العنف, واللاعنف.

في المقارنة الموضوعية لنتائج العنف واللاعنف.نستطيع تلخيص ما يلي.

العنف :
يعتمد على تجنيد عدد قليل جداً من الشباب الذين غُسلت أدمغتهم بنصوص مؤولة أو حسب تفسيرات بشرية للنصوص السماوية التي فسرت بما يتناسب وأهداف الحركات المتطرفة أو إلى ما ترمي إليه من أهداف ذاتية . الإستراتيجية التي تعتمد العنف لا تجند قطاعات كبيرة من أفراد الأمة .إستراتيجية العنف تعمل بالسر .وقيادات هذا العمل أيضاً سرية إلا للناطقين باسمها. ضحايا هذا الأسلوب هم كثر وخاصة من أوساط الأبرياء الذين لا ذنب لهم.كل ذلك مبرر شرعياً عند قيادات هذا الأسلوب.
يقول المفكر الإسلامي سامر استنبولي في محاضرة له بعنوان الحريات الفردية:
" من المعروف تاريخاً أن أي خروج على المجتمع بالقوة هو أشبه بالعملية القيصرية سوف ينزف المجتمع دماً كثيراً,وسوف يبوء بالفشل الذريع فيما بعد,ولو استطاع أن يزيل الفراعنة والهامانات الموجودين حالياً سوف يحل محلهم آخرون ويعيدون الكرّةَ في استعباد الشعوب بثقافة جديدة لوجود القابلية للاستعباد نتيجة الجهل والانغلاق الفكري,إلى أن يصاب المجتمع بالإحباط فيستسلموا لهذا الوضع".
اللاعنف:
قياداته تعمل بشكل علني .الأهداف واضحة للجميع .في هذه الإستراتيجية التي تعتمد الوسائل السلمية للنضال , يتم من خلالها تجند قطاع واسع من الجماهير وخاصة النسائية . الجهاد السلمي مدرسة تَعلم لكل الجماهير .وهو تثقيف عام وهو مكسب كبير إلى عملية التغير. لا توجد في عمليات الجهاد السلمي أو النضال السلمي ضحايا من المدنين.الجهاد السلمي أو النضال السلمي يجند حتى القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والكثير من المؤسسات النسائية والنقابية وغيرها.تأثيره يفوق تأثير العنف بشكل واضح .قد لا يحدث التغير المطلوب فوراً ولكن يفتح أفاق التغير السريع.
ما هي أهداف التغير السلمي.
البعض يعلن أن الهدف النهائي,هو تغير الحاكم المستبد أو الحكومة الجائرة .هذا صحيح ,لكن باستخدام الوسائل السلمية ,وتغير ثقافة المواطن ,وتوعيته على مصالحه ,يصبح الهدف تحصيل حاصل. وحتى أقرب الأمر... لابد للتغير من أهداف مرحلية ,أهم هذه الأهداف وأنجعها ,هي العمل كما ذكرت على تغير ثقافة الشعوب.بالكلمة ....ولا شيء سوى الكلمة . وهذا ما يخشاه حكام الأنظمة المستبدة والشمولية ,لهذا هم يحاربون الفكر والمفكرين ,ويحاولوا أبعاد تأثيرهم عن الجماهير.فهم يعتقلون كل معارض بالكلمة والفكر ,ويحاولون التخلص منه ,لأنه يشكل الخطر الأكبر ,الذي سيتأصل وجودهم ,يجعل من شعوبهم قضاة لمحاسبتهم وفضح جرائمهم وعقابهم العقاب العادل.
رحم الله من قال "كما تكونوا يولى عليكم"



#زهير_قوطرش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخلافة الإسلامية على مذهب أهل السنة والجماعة.:
- المقهور
- مشكلة الفقر
- رحيل مناضل
- أعشق شهر إبريل (نيسان)
- مرض التقليد في الحركات الشيوعية العربية.
- الجنس عند العرب والمسلمين
- الاشتراكية و صحة الإنسان
- لماذا يا أبي؟
- أمي الأرملة.
- ما ذنب الكلاب !!!!
- يا نساء العالم ,ويا نساء المملكة العربية السعودية
- الاشتراكية..... هل انتهت؟
- ماء الحياة
- الإسلام هو الحل
- خال المؤمنين معاوية بن ابي سفيان
- حكاية وعبرة
- العجوز التي فجرت قنبلة
- الحضور الألهي ,والشخصية الإنسانية
- خالد بكداش ,للأمانة والتاريخ (1)


المزيد.....




- سفارة الإمارات بإسرائيل تعبر عن حزنها في ذكرى -المحرقة- اليه ...
- رابط نتائج مسابقة شيخ الأزهر بالرقم القومي azhar.eg والجوائز ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تقصف منشآت عسكرية إسرائيلية بال ...
- فتوى جديدة حول أخذ بصمة الميت لفتح هاتفه
- -بوليتيكو-: منظمات وشخصيات يهودية نافذة تدعم الاحتجاجات المؤ ...
- الأردن.. فتوى جديدة حول أخذ بصمة الميت لفتح هاتفه
- الاحتفال بشم النسيم 2024 وما حكم الاحتفال به دار الإفتاء توض ...
- قائد الثورة الاسلامية يستقبل جمعا من مسؤولي شؤون الحج
- فتوى في الأردن بإعادة صيام يوم الخميس لأن الأذان رفع قبل 4 د ...
- “أغاني البيبي المفضلة للأطفال” ثبتها الآن تردد قناة طيور الج ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زهير قوطرش - إستراتيجية اللاعنف