أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سلام كوبع العتيبي - مابين الشيخ سعيد وسعدون الشرطي ضاع أبو عراق ..!!!















المزيد.....

مابين الشيخ سعيد وسعدون الشرطي ضاع أبو عراق ..!!!


سلام كوبع العتيبي

الحوار المتمدن-العدد: 882 - 2004 / 7 / 2 - 07:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يصرخ بصوت قبيح كأنه عاهرة سرقت علبة مكياجها الذي تهتم به أكثر من أي شيء آخر قبل خروجها إلى صالات الجهاد الليلي .. يصرخ ويرفس الأرض بقوة أشبه بحمار مصاب بلوثة عقلية قبل النهيق .. صراخه يعلن عن بلوى قادمة مع كل مفردة قبيحة ينطق بها وما أكثر مفردات العهر التي تعلمها من زملائه الشرطة الذين عاشرهم منذ اليوم الأول لتطوعه في هذا المسلك الفاسدة إلى هذا اليوم الذي وصل تعداد سنواته خمسة وعشرين عام .. مدرسة كبيرة تلك المدرسة التي تعلم بها هذه المفردات المفوض ( سعدون ) والذي أصبح اسمه في مدينة الناصرية أشهر من اسم ( حسنه ملص ).. حمار .. حمار .. حمار .. هكذا ينادي على السجين الذي سبقني إلى هذا المكان الذي يتحكم به المفوض سعدون بحجة الحفاظ على أمن البلاد من المخربين والعملاء من أمثالي وأمثال السجين ( أبو عراق ) الذي القي القبض عليه نتيجة لوشاية أبن خالته الذي أراد من هذه الوشاية أن يبعد أبو عراق عن ( دلال ) بنت عمه حتى يتسنى له أن ينفرد بها بعد أن يسجن أو يعدم .. كانت دلال فتاة ساحرة تملك طولا وخصرا تفتقر له كل فتيات محلة السراي التي يسكنها أبو عراق ولكنها لا تمتلك سلطان على الانتقام من ( خالد ) الذي وشى بحبيبها من خلال تقرير بعث به إلى مسؤول الفرقة الحزبية ليبلغه عن مكتبة أبو عراق التي تحتوي على مجموعة كبيرة من الكتب الممنوعة للحزب الشيوعي وصورة لفهد أخفيت خلف المكتبة التي كانت تحتل مكانا كبيرا في عقل وقلب أبو عراق .. لم يتوقف هذا أبن الكلب ( الشرموط ) عن الصراخ دون أن ينطق باسم أبو عراق سوى مفردة واحدة ورثها عن والده وتاريخ حزب البعث الذي يمجده ويسبح بحمده طيلة ساعات يومه الأسود .. لم يتوقف عن صراخه . حمار .. حمار .. حمار .. إلى أن خرج الضابط ليسأله عن سبب هذا الصراخ السخيف الذي يمارسه داخل دائرة أمن مدينة الناصرية ؛ توقف عن الصراخ مثلما تتوقف أمي عندما يجلدها أبي ( بعقاله ) .. هكذا تربوا هؤلاء السفلة على مثل هذه الأساليب المذلة .. هجم على أبو عراق كأنه ثور هائج من ساحة الذبح مستخدما قدمه اليمنى في عقابه بعد أن صرخ به الضابط.. لماذا لا ترد حينما أنادي عليك ؟! أنت لم تنادي علي .. لا يا حمار أنا أنادي عليك .. أنت أخي الكبير؛ قالها أبو عراق وهو يبتسم .. ادخل .. ادخل .. حتى تشوف شلون جامع دفاتر فهد والشيوعيين هذوله إلي حتى ما عدهم شوارب مثل الناس!! .. ادخل خلي أراويك نجوم الظهر يا شيوعي يا ملعون دنيا وآخره ؛ أدخل .. تعال أنت أبن الكلب الأخر ؛ يشير بيده علي .. تعال أنت شنوا المصيبة إلي حاط رأسك فيها .؟! والله يا حضرة المفوض ما أدري أنت أعرف ؟! انه أعرف عرفك البين يا سختجي ... واحدكم بكبر ( الخرية ) وطراكيعكم طراكيع ثيران .. (مناو... ) .. تعال ...تعال هنا ..وين أروح ؟ تعال مع صاحبك هذا الكافر إلي ما يعرف الله وين ما وين .. تعال يا أبن المداس .. دش .. دش .. صار يا حضرة المفوض .. دش لا دشت روحك الجنة ..
لم أسمع صراخ أبو عراق ولكني أسمع حفيف الضربات التي تنهال عليه من الجلادين بعد أن عصبت عينه كي لا يرى من هم هؤلاء .. ومن الممكن جدا أن يكون بينهم من كتب التقرير لكي ينفرد في دلال بعد سجنه أو إعدامه خاصة في هذه المرحلة كانت حفلات الموت على قدم وساق لا يسلم منها إلا من ( أتى الله بقلب سليم .!!) ولم أعرف ماذا تعني هذه الجملة من أتى الله بقلب سليم ؟!
خرج الشيخ سعيد من الغرفة التي كان فيها أبو عراق .. ماذا يفعل شيخ سعيد هنا ؟ هل جاءوا به لأنه ملتزم دينيا أو ماذا ؟ لم يلاحظ شيخ سعيد وجهي بعد أن حاولت أن أتدارى خلف الباب الأخر للغرفة المقابلة لغرفة التحقيق التي دخل بها أبو عراق؛ لكن كانت على قسمات وجهه علامات الإرهاق وبعض قطرات العرق تعلو جبهته . ( مسكين شيخ سعيد ) جاءوا به .. لكنه يتحرك بحرية داخل مبنى مديرية الأمن ؟! هل يعقل أن شيخ سعيد يعمل هنا .؟! لا .. لا أعتقد ؟! لم أصدق في باديء الأمر أن شيخ سعيد الرجل المؤمن الورع ذو السنوات الثلاثين يعمل جلادا في مديرية أمن الناصرية التي ننام فيها منذ أربعة شهور .. عندما يسير شيخ سعيد في الشارع تحف به كل ملائكة الرحمن وتطوف حوله الحوريات والولدان والغلمان .. هذا ما يقوله عامة الناس في محلة السراي التي نقطن فيها أنا والشيخ الجليل سعيد الذي أراه اليوم غير ما كنت أشاهده قبل هذا اليوم .. أتذكر عندما كنا ندخل موكب النهضة الحسيني في عشرة عاشور إلى ساحة اللطم لمشاهدة اللطامين كان هذا الشيخ يتوسط الحلبة ويلطم بكل ما يمتلك من قوة ولم يتوقف إلى آخر هؤلاء الذين يذهبون إلى الله بقلب سليم !! .. ما هو السبب الذي جاء به هنا ؟!
كان له صوت مميز يخرج من أنفه . حتى كان البعض يطلق عليه لقب ( الشيخ أبو خنه ) نسبة للخنة التي تصاحبه عندما يتحدث .. ولكن ليس غريب أنه يعمل رجل أمن فهؤلاء هم أفضل من يخدم الحكومة المجرمة التي جاءت بنا إلى هنا بتهمة التآمر على أمن البلاد مثلما قال ضابط الأمن الذي حقق معنا .. ولا أدرك ماذا يعني نحن نتآمر على أمن الوطن ؟ أي وطن هذا الذي نتآمر عليه خاصة بعد أن أصبح وطن تابع لفئة معينة من سكانه ؛ يتحكمون بنا مثلما يبتغون !! أي وطن هذا الذي يقتل أبنائه في كل صباح بحجة التآمر والخيانة ؟!!
خرج أبو عراق منحني الظهر ويضع يده على أسفل بطنه . يلتوي كأنه تجرع كمية من السم تقطع في أمعائه .. حاول أن يتكأ على الباب دون أن يدرى أين يضع يده .. لا أستطيع أن أتحرك لمساعدته بعد أن ربطة إلى قنينة الغاز التي خلف السلم ؛ ولكني أستطيع أن أرى ما يدور أمامي .. هذا شيخ سعيد يعود مرة أخرى باتجاه أبو عراق .. وجه ضربة بقدمه إلى منطقة البطن التي يتألم منها أبو عراق .. ها .. ها .. ها . شيخ سعيد .. شيخ سعيد .. لم يتوقع شيخ سعيد أن سجين في مديرية أمن الناصرية يعرفه . كان يتصور أن كافة السجناء هم من مناطق الأهوار أو الأقضية الأخرى التابعة لمدينة الناصرية .. نظر لي مندهش . هل تعرفني ؟ كيف لا أعرفك يا شيخ سعيد أنا فلان بن فلان .. نعم ماذا فعلت حتى جاءوا بك إلى هنا ؟! .. يقولون إني أتآمر على أمن الوطن .. متآمر على أمن الوطن ؟ هكذا يقولون .. إذا كانوا هكذا يقولون ؛ فأنت فعلا متآمر .. خذ .. خذ .. خذ حتى نزف أنفي من ضربات الشيخ سعيد ( مؤذن المسجد وخادم المنبر الحسيني ) ..
قبل أن أنهي سنوات الحكم السبعة التي حكمني بها عواد البندر ( رض ) رئيس محكمة الثورة بتهمة حيازة كتب ممنوعة ؛ خرجت بمكرمة القائد سيف العرب الذي دعونا له طيلة الطريق من أبو غريب إلى أن وصل بنا الباص إلى معسكر المحاويل في مدينة بابل لغرض أن نشارك في الحرب العراقية الإيرانية ( معركة القادسية ) كانت فرصة طيبة لقائد الأمة العقيمة أن يتخلص منا في أقرب هجوم عسكري يقوم به الأشقاء في الدين ؛ وقف الباص أمام غرفة النائب الضابط الذي أخذ يعد بنا كما تعد الأغنام عند عودتها من المراعى .. هؤلاء مساجين سيدي .. ولكم أنت ليش كنت مسجونين يا أولاد القحاب .. يلا رددوا خلفي . عاش القائد صدام حسين فارس العرب.. عاش حزب البعث.. عاشت الثورة .. ونحن نردد خلفه مثل الببغاوات دون أن نعي ما خلف هذه الهتافات من مصائب .. خاصة ومصائب العراق لا تعد ولا تحصى . وكل هذه المصائب تعد مكرمة من مكارم سيف العرب حامي البوابة الشرقية ؛ وكلها تقيد باسم الوطنية والردح . أول ليلة من ليالي السنوات الخمسة أنام وأنا أفكر ماذا أعمل غدا ؛ بعد خمس سنوات من توقف عقلي .. كيف أتخلص من هذه المهزلة التي أعيش بها .. في صباح اليوم الثاني وفي الخامسة والنصف صباح نهض الجميع وأنا أحاول النهوض دون قدرة على هذا الصباح الأسود نتيجة لطول السهر الذي عانيته ليلة البارحة .. أمام أحد الجنود الذين ينتسبون للمعسكر يقال له ( آمر حظيرة ) وقف الجميع وأخذ يعدنا كما تعد البهائم وبعد نهاية المذلة في التعداد طلب منا أن نسير خلفه إلى غرفة الحلاق لغرض حلاقة الشعر واستلام الملابس وبعدها نذهب إلى أهالينا .. ها أنا أصبحت أقرع وأسمي الجديد الجندي سلام كوبع .. ولكن أبن كوبع قرر الهروب حتى لو كان ثمن هروبي طلقة في الجمجمة .. وصلت إلى بيتنا الساعة السادسة صباحا من اليوم الثاني لتسميتي الجندي الكلف ؛ وكان آخر يوم لي وأنا أحمل هذا القلب الذي يجب على كل من حمله أن يدفع عمره ثمن له ؛وللقائد صدام حسين وحزب البعث ..



#سلام_كوبع_العتيبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيوت التراب نساء يملكها الشيخ .. أنا والمعلم أخوة ...!!
- أرد للناصرية ردود مخنوق بألف عبره ...!!
- أليس الجولان المحتل أقرب إلى السوريين ... أم إنه العهر ..؟!!
- هل الولايات المتحدة الأمريكية قادرة على تدمير شبكة القاعدة . ...
- فرج الله الحلو ....سفينة الشهداء إلى السماء تحمل ملائكة ..!!
- سرقات وفضائح تسجل على جثث العراقيين من قبل اللصوص ..!!
- أمريكا نقلت حربها مع الإرهاب إلى العراق ...!!
- فضائح المسلمين تجاوزت الحد المعقول ..!!
- سقوط أخر أوراق التوت لدى لحكومات العربية ..!!
- الاستهتار في عقلية المشاهد العربي ... قناة الجزيرة الفضائية ...
- هلع الدول الإقليمية من العراق ... بات واضحا ..!!
- هل المذاهب الإسلامية أحزاب سياسية كبيرة ..؟!!!
- قرأة مختصرة في كتاب نذر العولمة للدكتور عبد الحي زلوم ...!!
- تف عليكم خنازير .. لا .. الخنازير أشرف ...!!
- رياض الزبيدي .. رد موفق وتعليل ...
- مهزلة الموت ياجبار شدود ...إذن سنلتقي ......
- آغا شو المشكله ... القنادر تتطاير ..؟؟؟!!!
- الماسونية في الوطن العربي ... من البحر إلى النهر ....!!!
- إعلان .. يعلن الحاج منقاش عن بيع طائرة أباتشي ..!!
- سوف أتحول إرهابي .... ضد سلطة بغداد ..!!!


المزيد.....




- ماذا قال الحوثيون عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجام ...
- شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول ...
- الجيش الأميركي بدأ المهمة.. حقائق عن الرصيف البحري بنظام -جل ...
- فترة غريبة في السياسة الأميركية
- مسؤول أميركي: واشنطن ستعلن عن شراء أسلحة بقيمة 6 مليارات دول ...
- حرب غزة.. احتجاجات في عدد من الجامعات الأميركية
- واشنطن تنتقد تراجع الحريات في العراق
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- جامعة جنوب كاليفورنيا تلغي حفل التخرج بعد احتجاجات مناهضة لح ...
- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سلام كوبع العتيبي - مابين الشيخ سعيد وسعدون الشرطي ضاع أبو عراق ..!!!