|
اليسار الكوردستاني بين الواقع و الضغوطات المختلفة
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2755 - 2009 / 8 / 31 - 14:03
المحور:
القضية الكردية
لا يوجد اي شك على التاريخ العريق لليسار و دوره البارز في الحياة الاجتماعية الثقافية السياسية في كوردستان ، و هو مشهود له و للشخصيات المنتميه اليه و الحاملة لذلك الفكر و الفلسفة و التي كانت لها اليد الطولى و العقلية المتنورة ليس في كوردستان فحسب و انما في المنطقة باكملها . يمكن استبيان عمل و مهام اليسار على مرحلتين اساسيتين و هما قبل ثورة 14 تموز 1958 و تاثيراتها المباشرة على الحياة العراقية و بعدها بما مرً بها من الظروف و ما واجه اليسار من المعاناة و التحديات العديدة، اما في كوردستان ، فيمكن ان نقول انه كان على نوعين و مر بمراحل متعددة ، اي اليسار اثناء الحركة التحررية الكوردستانية و دوره البارز في فكر و فلسفة و تنظيماتها ، ان لم نقل قاطبة و انما الاكثرية الساحقة من الاطراف الرئيسية فيها كانت تؤمن باليسارية و الفكر الماركسي و تمتعت بفلسفة و نهج عمل و تنظيمات لينينية ، و اثرت بشكل مباشر بالثورة و التنظيمات البلشفية ، و هذا واضح للعيان و لا يخفى على احد . المنحنيات البيانية للحركة اليسارية توضح لنا مدى تاثرها بما كان يجري في الاتحاد السوفيتي و ما حملها من المستجدات و المتغيرات . اما اليسار بعد اخماد الثورات و الحركات التحررية الكوردستانية فهومن النوع الاخر و المرحلة الاخرى، نظرا لبقائه بعيدا عن السلطة و عدم استلامه لها في العراق لاسبابه المتعددة لا يسع هنا شرحها . اليوم و بعد التغييرات العالمية و ما جرى للمنطقة بشكل عام متاثرا بانهيار المعسكر الشرقي و ما حدث في العراق ، و ما نشاهده في كوردستان و نلمسه بعد انتفاضة اذار 1991 و تحررها من قبضة الدكتاتورية و ما بعد سقوطها ، فان اليسار لازال يتراوح في مكانه لاسبابه الموضوعية و الذاتية العديدة . ان الوضع السياسي العالمي و متطلبات العمل السياسي لها ضروراتها في كافة بقاع العالم ، و تتاثر اية منطقة بما يجري على الساحة الدولية ، و ما حصلت كانت جذرية التغيير و استجدت معها الظروف العالمية العامة في كافة الجوانب ، و هذه بديهية منطقية لا يمكن استثناء اية بقعة عنها و منها كوردستان و ما فيها من اليسار و اليسارية ، و كل ما يمس بها من حيث الفكر و الفلسفة و الايديولوجيا و الية العمل . دور النظام العالمي الجديد و تاثيرات العولمة و التطورالتكنولوجي و الاتصالاتي و سيل فيضان الثقافة الغربية و انجراف ما موجود امامها اينما وصلت بحيث غيرت معالم العديد من الدول بشكل كبير ، و هذا لا يمكن ابعاده عن كوردستان و ما فيها من الافكار و التنظيمات و منها اليسار بالذات . لو بقينا في هذه البقعة بالذات نتلمس التغييرات الجذرية في بنية الكيانات و كذلك المجتمع بشكل عام و سريع لا يمكن تصوره ، ما هو الحال وصول ما تتمتع بها الراسمالية من المواصفات الى المنطقة و اثرت على تركيبتها ، فهناك في المقابل وصلت ما يخرج مما هو منتعش من الافكار و الفلسفات السلفية من الدينية و المذهبية و حتى العرقية بشكل مباشر و سريع لكونها تنبع من المنطقة ذاتها او القريبة لها و لها تداخلاتها و تماساتها مع كوردستان، و ما يتمتع به مجتمعه من العادات و التقاليد و العقائد و الثقافات متوائمة معها فان كانت لم تؤيد الشواذ و ما تصدر من التطرف و التشدد فانها لا تعارضها بشكل كامل ، و هذا ما احدث خرقا في الطبيعة الاجتماعية لشعب كوردستان متلازمة مع الثقافة العامة و مستوى الوعي العام و الوضع الثقافي الاقتصادي غير المستقر و ما حملها لنا التاريخ من الترسبات و لتراكمات مما مر به من الناحية السياسية و الثقافية . اليوم نحن في كوردستان نحس بان الارضية الموجودة غير متهيئة لعمل اليسار بشكل جيد و المساحة ضيقة ، و هي تمر بفترة عصيبة و محصورة بين مطرقة الضغوطات العالمية و متغيراتها و تاثيراتها الفكرية الفلسفية الثقافية المباشرة على المنطقة باجمعها و منها كوردستان ،و سندان الواقع الكوردستاني المليء بالتناقضات العديدة و من كافة النواحي المتصلة باليسار . يمكن ان نتصور بان المرحلة متنقلة و لا يمكن ان تظل على هذه الحال من كافة النواحي ، و ما على اليسار الا الجهد و العمل المضني و القراءة الواقعية الدقيقة لما نحن فيه و اتباع التكتيكات الانية المتعددة من اجل تحقيق الاستراتيجيات البعيدة المدى و الاهداف الخاصة بما يهم الفكر و الفلسفة اليسارية، و العبور بامان الى المرحلة الاخرى لحين تطبيع الاوضاع و الظروف العامة و يعود العمل السياسي و الفكر اليساري الى سكته الطبيعية و نامل ان يصل الى اوج حيويته و تنمية قدراته و تطوره .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
متى يتجه العراق الى العمل الجماهيري و ليس الحزبي القح
-
ما هي المعارضة الحقيقية في الدولة الحديثة
-
الكورد و العملية الديموقراطية
-
الدور المطلوب للاعلام بعد انتخابات اقليم كوردستان
-
من لا يريد السلام في العراق
-
اهم مهام سلطة اقليم كوردستان محاربة الفساد في هذه المرحلة
-
الاعتدال ليس استسلام للامر الواقع
-
لماذا يفضل السياسي السلطة التنفيذية على التشريعية في منطقتنا
-
هل المبالغة في التعددية مفيدة دوما
-
هل تتاثر اخلاقية المجتمع باستقلالية الفرد المادية
-
من اجل انصاف الجميع و منهم الفيليين
-
عدم الاستفادة من الاطروحات العلمية في هذه المنطقة
-
حان الوقت لكشف الحقائق كي نعتبر منها
-
الانتهازية صفة يكتسبها الفرد في المجتمعات المضطربة
-
التنافس السلمي عامل لتقدم المجتمع
-
اسباب ضعف دور المثقف في الحياة العامة لاقليم كوردستان
-
الاوضاع السياسية في ايران الى اين؟
-
ما مصير مجاهدي خلق في العراق
-
هل نعترف بولادة الديموقراطية في كوردستان
-
لماذا وصلت الحال لحد احراق الكتب
المزيد.....
-
الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس
...
-
مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال
...
-
مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما
...
-
فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
-
لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
-
اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا
-
شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق
...
-
الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير
-
صحف عالمية: خيام غزة تخنق النازحين صيفا بعدما فشلت بمنع البر
...
-
اليونيسف تؤكد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الأطفال الأوكرانيين
...
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|