|
الكورد و العملية الديموقراطية
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2751 - 2009 / 8 / 27 - 07:58
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
ربما هناك من يستهزأ بمن يتكلم عن العملية الديموقراطية في اقليم كوردستان و النقلة النوعية التي حدثت لها في الاونة الاخيرة ، و بالاخص في هذه المرحلة الانية التي جرت فيها العملية الانتخابية لبرلمان اقليم كوردستان ، و شاهدنا المستجدات التي ظهرت على الساحة ، من توفير الارضية المناسبة للانتخابات النزيهة الى ترسيخ العوامل السائدة لنجاح الديموقراطية في تحقيق اهدافها ، و من اهمها ضمان الحرية النسبية الى حدما للادلاء بالاصوات و انبثاق المعارضة الحقيقية من رحم الشعب ، هذا و يجب ان لا ننكر ما شابها من الخلل هنا و هناك ، و هذا طبيعي بشكل عام و ذلك لحداثة التجربة و انعدام الخبرة الكافية لدى شعب تاريخه مليء بالمآسي و الكبت و انعدام الحرية و حتى وصل ضيق التنفس الطبيعي للسياسة و الفكر، و لم يفتح عينيه الا من خلال النضال المسلح و ما اصابه من التشرذم و ما وقع عليه من الظلم و التعدي على حقوقه الطبيعية ، و لم يفكر يوما انه يصل لوضع و ظروف يختار بنفسه النظام الديموقراطي التعددي . و لو فكرنا في اهم العوامل الرئيسية لنجاح اي مجتمع ان اراد الخوض في العملية الديموقراطية ، و نلقي نظرة على ما يتمتع به الشعب الكوردي من المواصفات المطلوبة فيتملكنا الخوف من عدم تاهله لحد اليوم في الانخراط في مثل هكذا نظام . و كما نعلم ان الديموقراطية هي عملية تاريخية تراكمية متواصلة و تزداد صقلا و نجاحا كلما ازدادت التجارب و تكررت تطبيقها في كافة المجالات و النواحي . ان قرانا الوضع العام للشعب الكوردي من ناحية توفير المقومات الاساسية المطلوبة لنجاح العملية الديموقراطية ، فاننا نتشائم لحد كبير عند تقييمه من جانب المستوى الثقافي العام المناسب و المطلوب مع نسبة الوعي العام و المستوى العلمي له مقارنه مع بقع و مواقع اخرى في العالم ، و ما يفرض علينا هذه النظرة هو وجود نسبة الامية العالية المنتشرة بين صفوفه ، و مستوى النخبة و طبيعة النظام غير المؤسساتي و انتشار الفساد في كل زاوية ، مع اختلاط كافة الاوراق ، اي عدم وجود الاختصاص في العمل و سيطرة الحزب على عمل السلطات ، و هذه الاسباب تدخلنا في دائرة مغلقة ندور فيها و لا مفر منها الا اذا عدنا الى ما نؤمن بان رحلة الف ميل تبدا بخطوة . لسنا لوحدنا، ربما هناك من يعتبرنا شعب متخلف و ما اكثرهم من الذين ينظرون باستعلاء و غرور الى الاخرين ، نشكك نحن واياهم بقدرة عقليتنا في التعامل مع الصحيح في هذا المجال من الوضع الراهن و المتطلبات السياسية ، و ان احسسنا نحن اننا لازلنا تحت خيمة القوى الاخرى ، او خوفنا من الماضي المستقر في لاشعورنا و من عدم ضمان المستقبل ، او من استخفاف الاخرين بنا كما تعمدت الحكومات السابقة في زرع هكذا افكار بين الشعوب لاسباب سياسية يعلمها الجميع، و هو نوع من الحرب النفسية و المخابراتية ، و ما اكثر النكات السياسية التعصبية التي اخرجتها المخابرات و فبركت سيناريوهات و بثتها من اجل اهداف مستورة في عمق تفكيرها و صراعاتها اللاانسانية ، و على العكس مما ادعتها في العلن، اي في جو لم يترسخ فيه لحد اليوم فكر و فلسفة قبول الاخر و احترامه كمواطن و شريك و الذي يوفر السلام و الهدوء و الرخاء في التعامل ، فكيف يتاكد الانسان من النتائج المرجوة لهذه العملية المعقدة . و هنا يبرز التساؤل ،هل هناك بدائل اكثر واقعية و نجاحا من العملية الديموقراطية . انني اعتقد ان احسن و افضل الطرق و الوسائل المتاحة في هذه اللحظات هي الخوض في بداية العملية و التوجه الصحيح لتجاوز الاخطاء المعيقة و به يمكن التقدم خطوة و الا لا توجد بدائل اكثر ملائمة من العملية الديموقراطية لما فيه الشعب من الخصائص و السمات . المسائل المتعلقة بجوهر العملية يمكن ان يتعلمها الفرد من خلال تكرار العملية و زيادة التجارب و تكرارها ، او نتيجة طبيعية لتفكير الفرد في قسوة البدائل التاريخية التي مرً بها قديما و حديثا ، و الدروس التاريخية هي عبرة لمن يرفض الحاضر ، اما الانتقاد البناء لهو احد الاعمدة الاساسية المطلوبة لتوازن العملية و فرض الاصلاح المستمر من اجل التغيير و الانتقال من مرحلة لاخرى بسلاسة ،و هي الخطوات الناجعة لتسهيل العملية . من العوامل الرئيسية المساعدة و المطلوبة هي العلمانية و الحداثوية و المدنية في ظل الحرية و العمل على ضمان العدالة الاجتماعية و الاقتراب من المساواة ، اضافة الى التعبئة المستمرة المطلوبة من اجل قطع الطريق امام المشوشين و المتجاوزين ، و هذه من اهم مهام السلطة و النخبة المتنوعة على حد سواء . و من هنا يمكننا ان نقول انه رغم التشاؤم المسيطر الا اننا نعتبر انفسنا قد عبرنا مرحلة صعبة و معقدة و هي البداية للرحلة الطويلة الامد .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدور المطلوب للاعلام بعد انتخابات اقليم كوردستان
-
من لا يريد السلام في العراق
-
اهم مهام سلطة اقليم كوردستان محاربة الفساد في هذه المرحلة
-
الاعتدال ليس استسلام للامر الواقع
-
لماذا يفضل السياسي السلطة التنفيذية على التشريعية في منطقتنا
-
هل المبالغة في التعددية مفيدة دوما
-
هل تتاثر اخلاقية المجتمع باستقلالية الفرد المادية
-
من اجل انصاف الجميع و منهم الفيليين
-
عدم الاستفادة من الاطروحات العلمية في هذه المنطقة
-
حان الوقت لكشف الحقائق كي نعتبر منها
-
الانتهازية صفة يكتسبها الفرد في المجتمعات المضطربة
-
التنافس السلمي عامل لتقدم المجتمع
-
اسباب ضعف دور المثقف في الحياة العامة لاقليم كوردستان
-
الاوضاع السياسية في ايران الى اين؟
-
ما مصير مجاهدي خلق في العراق
-
هل نعترف بولادة الديموقراطية في كوردستان
-
لماذا وصلت الحال لحد احراق الكتب
-
مَن وراء استمداد العنف و الارهاب في العراق
-
كان الخلل في التطبيق و التفسير و التاويل و ليس النظرية بكامل
...
-
افاق زيارة المالكي و ذوبان ثلج حاجز العلاقات بين الاقليم و ا
...
المزيد.....
-
بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير
...
-
الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي
...
-
السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن
...
-
التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد
...
-
-السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل
...
-
البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
-
بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب
...
-
هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
-
تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
-
إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|