|
المقرحي والأربعاء الدامي
محمد الحداد
الحوار المتمدن-العدد: 2747 - 2009 / 8 / 23 - 01:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الجمهورية الخامسة ج 3 حالتان إنسانيتان مختلفتان حدثتا بيوم واحد وبمكانين مختلفين بالعالم ، حالة إطلاق المقرحي المسجون مدى الحياة في اسكتلندا بسبب تفجير طائرة ألبان آم فوق لوكربي الاسكتلندية ، هذه الحالة التي دعت القضاة الاسكتلنديين الى نظر الرحمة بحق المقرحي لدواعي إنسانية وصحية بسبب إصابته بسرطان البروستاتا بحالته المتقدمة ، فبرغم إدانة المقرحي بتفجير لوكربي ، وبرغم دفع ليبيا لتعويضات عالية تعويضا لأهل الضحايا ، ولكن كان القضاء الاسكتلندي أكثر رحمة من المقرحي نفسه ، وقائده الليبي معمر ألقذافي ، حيث نظر القضاء للحالة الإنسانية والصحية للسجين رغما أنه كان السبب بمقتل 275 راكبا كانوا على متن الطائرة المحطمة . هنا نرى الحالة الإنسانية بأعلى درجاتها ، وأنهم كانوا أكثر رأفة من السجين نفسه . ولكن قوبل هذا العفو الاسكتلندي باستقبال الأبطال للمقرحي في طرابلس الغرب ، وكأنه بطل من الأبطال الأشاوس كعمر المختار مثلا ، برغم أنه مجرم دولي ، وأحد رموز الإرهاب الدولي وأدواته المنفذة لأجندات قائده الفذ الملهم ألقذافي ، التي لم تلد النساء ولن تلد رجلا ببطولته وفكره الثاقب ونظريته العالمية الثالثة . هذا الغسل الدماغي الخطير للفكر الجمعي للمجتمع الليبي بأكمله عن طريق تزوير الحقائق وتحويل مجرمي الإرهاب أبطالا قوميين ووطنيين ، لهو دليل ساطع على مدى الانحطاط الفكري الجمعي في مجتمعاتنا ، وتغييرها لوقائع الحال لسد النقص الذاتي والمعنوي الرهيب . وبنفس يوم الأربعاء حدثت تفجيرات إرهابية عديدة بمدينة بغداد ، استهدفت وزارتي الخارجية والمالية ، كذا بعض المناطق السكنية ، واستخدمت العربات المفخخة ، وصواريخ ، وقذائف ، ولم تراعي التفجيرات عدم وقوع ضحايا بين السكان ، بل كان التفجير يستهدف إلحاق أكبر عدد من الضحايا ، وإلا ما الداعي لاستخدام قذائف الهاون الغير دقيقة بإصابة أهدافها . وكالعادة لم تظهر أي فئة وتعلن مسؤوليتها عن الحادث ، بل وجدنا اتهامات من هنا وهناك ضد أطراف عديدة ، فالحكومة كما عودتنا دائما بعد كل تفجير أن تقول أن ورائها البعثيين والتكفيريين ، وخرج من قال أن وراء التفجير فيلق القدس الإيراني بقيادة حجي مهدي كناني ، وغيرها كثير . ما اتسمت به تفجيرات الأربعاء الأسود الدامي هو التنسيق العالي بين كل التفجيرات ، ووضوح الهدف السياسي منها أنها ضد حكومة المالكي ووزارات السيادة العراقية ، وأنها أتت مباشرة بعد زيارة المالكي لسوريا وتوقيعه لجملة من الاتفاقيات ، أهمها الأمنية ، كذا لقائه بشار الأسد . ما حدث بعد التفجيرات هو الداعي للاستغراب والتأمل بكيفية تفكير سياسي الجمهورية الخامسة ، فوزير خارجيتها يقول أنهم باشروا مباشرة بعد التفجير بإعادة أعمار وزارته ، غير عابئ بما حدث على بعد خطوات معدودة لا تتجاوز عشرات الأمتار من دمار لبيوت عوائل فقيرة تسكن بيوت السكك التي تملكتها أو أجرتها من سكك حديد العراق أيام زمان ، وهم عمال وموظفي هذه الدائرة الحكومية ، والكل يعلم بمقدار ضعف وقلة أجور موظفي السكك الحديدية ، فكيف بهذه الأسر أن تعيد ترميم ما تهدم من بيوتهم ، علما أن أكثرهم فقد كل ما موجود ببيته ، بل فقد داره كله . ووزيري داخلية ودفاع الجمهورية الخامسة يقولا أنه لم يمت بالحادث سوى شخصين ، أحدهم بسكتة قلبية نتيجة الخوف بعد التفجير ، والآخر بسبب جروحه ، أما الباقون فماتوا نتيجة الزجاج المتكسر ، أي ليس بسبب التفجير ، فلا يمكن عدهم من ضحايا التفجيرات ، عجبا !! فمن يموت نتيجة العصف بعد التفجير لا يعتبر مات بسبب التفجير ، بل ربما بسبب وقوفه قرب زجاج النوافذ !!! والأدهى هو حال برلمان الجمهورية الخامسة ، فمن قيام نائب رئيس البرلمان العطية والذي ترأس الجلسة الخاصة بالتفجير ، من قيام هذا العطية بطرد الصحفيين والإعلاميين كافة خارج قاعة البرلمان خوفا من نقل ما يحدث داخله ، إلى استمرار التنازع والتصارع داخل البرلمان ، حتى عدم توصلهم لإدانة للتفجيرات ، ما يدعونا للشك بان هناك من هو داعم للتفجيرات داخل القبة نفسها ، بل ربما من هو مخطط للتفجير ومشارك به . لاحظوا الفرق بين حالتي قضاة اسكتلندا ورأفتهم بمجرم مدان ومسجون ، وحالة رأفتنا نحن من جميع قومياتنا وألسنتنا بأفراد داخل مجتمعاتنا نفسها وقع عليهم الحيف والظلم والإرهاب .
محمد الحداد 22 . 08 . 2009
#محمد_الحداد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجمهورية الخامسة ج 2
-
الجمهورية الخامسة
-
قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 7
-
مروة و التمييز العنصري
-
قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 6
-
قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 5
-
قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 4
-
قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 3
-
قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 2
-
قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة
-
اعترافات البغدادي تشمل سوريا ، مصر والسعودية
-
من الشمولية الى الديمقراطية – الجزء الثاني
-
من الشمولية إلى الديمقراطية
-
الإرهاب من منظور ليبرالي – الحلقة الأولى
-
أدياننا ومعتقداتنا في العراق - الجزء الثاني
-
أدياننا ومعتقداتنا في العراق
-
الطقس الديني وسيلة لغسل الدماغ الجمعي ، الليبرالية - الجزء ا
...
-
التترس والدماء الرخيصة
-
أحمد السيد عبد السلام الشافعي ...والثور الأبيض
-
عادل إمام و النصر
المزيد.....
-
بالخيام والأعلام الفلسطينية.. مظاهرة مؤيدة لغزة في حرم جامعة
...
-
أوكرانيا تحوّل طائراتها المدنية إلى مسيرات انتحارية إرهابية
...
-
الأمن الروسي يعتقل متهما جديدا في هجوم -كروكوس- الإرهابي
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1005 عسكريين أوكرانيين خلال 2
...
-
صحيفة إسرائيلية تكشف سبب قرار -عملية رفح- واحتمال حصول تغيير
...
-
الشرطة الفلبينية تقضي على أحد مقاتلي جماعة أبو سياف المتورط
...
-
تركيا.. الحكم بالمؤبد سبع مرات على منفذة تفجير إسطنبول عام 2
...
-
صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى وجرحى القصف الإسرائيلي
-
-بلومبيرغ-: إسرائيل تجهز قواتها لحرب شاملة مع -حزب الله-
-
بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|