أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جهاد نصره - أنا أفكر اذاً أنا غير موجود














المزيد.....

أنا أفكر اذاً أنا غير موجود


جهاد نصره

الحوار المتمدن-العدد: 833 - 2004 / 5 / 13 - 08:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعتمد فلسفة الأنظمة الشمولية الممّوهة بحزب أيديولوجي يتبنى شعارات براقة، وأهداف عظيمة، ورسائل خالدة.. و التي ودَّع معظمها الحياة إلى مكبّ نفايات التاريخ الإنساني التي لطخته بجدارة- ومن المؤكد أنَّ الباقي من نوعية، وفصيلة تلك الأنظمة سيلقى نفس المصير لا محالة-، على احتكار التنظير الأيديولوجي، والعمل السياسي وقوننتهما تشريعياً، ودستورياً، وتغليف ذلك بقوانين عرفية رادعة.. ثم لا تلبث أن تقوم السلطة الاحتكارية بتسخير جزء كبير من موارد البلاد لضمان ترجمة فلسفتها هذه على الأرض عبر المؤسسات الإعلامية الضخمة،واحتكارها لكلِّ ما يمُّت للإعلام بصلة..وأيضاً - وهو أكثر أهمية- من خلال إنشاء العديد من الأجهزة الأمنية، والشرطية، وحتى العسكرية..والأحدث على هذا الصعيد قيام البعض بتشكيل ميليشيات عسكرية وأمنية خاصة شبه سرية خارج الهيكلية العسكرية والأمنية المعروفة مرتبطة مباشرة بقيادة أفراد من الأسر الحاكمة..! إضافة إلى تجييِّش المنظمات الملحقة بالحزب الحاكم بعد تشويهها وتنصيب قيادات حزبية في هيكليتها مع نفر محدود ممن يطلق عليه تمويهاً حياديون وعادة يلعب هذا الصنف دور الممسحة التي ترمى في سلة القمامة بعد حين..! والحقيقة المسكوت عنها أنَّ قيادات المنظمات النقابية، والمهنية، والشبابية، والنسائية وغيرها تثرى بسرعة مذهلة من خلال فعاليات وأنشطة وهمية وقد التحقت بمعسكر القطط السمان بمدة قياسية..! هذه المنظمات هي نفسها التي يطلق عليها فلاسفة السلطة من منظِّرين، ومثقفين [ ثور وجين ] ومحلِّلين وهي آخر صرعة و (أخراها ): منظمات المجتمع المدني ما شاء الله وحي على الفلاح..! وكثيراً ما يغشى بعض الأعضاء القاعديين في تلك المنظمات من شدة الضحك لأنهم أكثر معرفة بمهامهم في تلك المنظمات التي لا تزيد عن ترويج فلسفة السلطة، وتلميع شعاراتها، والعمل على إخماد حماسة أعضائها بتحويل اهتماماتهم المطلبية إلى وجهة أخرى..! وقسرهم على المشاركة في الكرنفالات، والمسيرات و (البيعات).. إضافة إلى ذلك، ما يقوم به الحزب نفسه وبخاصة أنه يغطي كامل الجغرافيا الوطنية من خلال المسح السياسي التقييمي السنوي لعباد الله أجمعين..ومن الطبيعي في مثل هذا المناخ أن تصبح ضريبة التفكير من خارج السياق باهظة الثمن الأمر الذي يدفع الغالبية إلى الانصراف بعيداً عن الخطر المحدق بالخارجين على الركب وذلك بالهجرة الداخلية أولاً.. ومن ثمَّ بالهجرة الخارجية حسب توفر الفرص ..وهكذا تتقلّص الكتلة الاجتماعية الحيوية، ويتراجع الاهتمام بالشؤون العمومية ليتقدم ما هو نقيض المصلحة الوطنية والتمدن الاجتماعي، حيث يتمدد مناخٌ غرائبي عبثي لا يمكِّن عقل الإنسان من القيام بوظيفته المفترضة و التي يترتب عليها مخاطر معلنة من خلال قوانين الطوارئ ، والأحكام العرفية، والمحاكم الاستثنائية وغير ذلك من موبقات الأنظمة القمعية..والخطر الأكثر بشاعة في حزمة المخاطر المعلنة هذه، هو الاختفاء القسري بحيث ينتفي وجود الإنسان المادي كواقعة ملموسة ، وبرهان عملي تقدمه الأنظمة لتفعيل وتأكيد مستمر لنظريتها المعمَّمة على كامل الجسم الاجتماعي والتي تتطلب من كل مواطن يتعرض لمحرِّضات، ومؤثرات تدفعه خارج القطيع إلى تذكر المقولة السياسية الأمنية السائدة : أنا أفكر إذاً أنا غير موجود..!
بناءاً على ما تقدم تصبح الصورة واضحة المعالم فحيثما وجد النظام الإستفرادي تكثر المآسي الإنسانية بدءاً من الزحام الذي تشهده المعتقلات والسجون وانتهاءً باختفاء الناس وتبخرهم الغامض، أو بقاء مصيرهم مجهولاً أو معلَّقا مما يعزز من سرعة اندفاع المجتمع نحو الخلف محتمياً بانتماءاته الماضوية من عائلية، وقبلية، ومذهبية ومتحولاً إلى مجتمعٍ قطيعيٍ غير سياسي يناقض كلياً مضمون الشعارات والأهداف المعلنة، وهي الحالة المثلى، والنتاج المثمر الذي يبتغيه كلُّ نظامٍ ديكتاتوري حيث تنعدم كل أشكال الممانعة الفعَّالة كنتيجة حتمية لانعدام الحياة السياسية.. وبهذه الوضعية الاجتماعية الخامدة، تضمن السلطة استمراريتها إلى آماد طويلة تسهر على ذلك الأجهزة القمعية المتضخمة التي ثبت أنها تتحول إلى أجهزة ورقية حال تبدل تلك الحالة و توفر حضور جماهيري في الشارع السياسي..!
أما على صعيد الإنجازات التي تحققت على مدى ثلث قرن فإنها تساوي الصفر داخلياً بالمعايير التنموية الدولية بالرغم من القائمة الطويلة جداً جداً التي يشهرها، ويقوم بعدها وتكرار العدّ بمناسبة ومن غير مناسبة، مع إضافة ما يستجد منها لكونها متواصلة بلا هوادة: أساتذة الاحتفالات، والبرامج الحوارية على الأرض وفي الفضاء، وكتاب الافتتاحيات وكل صاحب رزق أو مصلحة ..! وتحت الصفر على الصعيد الوطني حيث يرزح جزء من الوطن تحت الاحتلال منذ عشرات السنين في حين لا تنفك جوقة النظام الإعلامية، ومدعي الثقافة والفكر المتعيِّشين على مائدة السلطة بأبخس الأثمان.. لا يكّف جميعهم عن الثرثرة التمجيدية،والتضليلية، والتبشيرية ومؤخراً اتهام المثقفين الديموقراطيين بكلِّ صفاقة بما لا يقبله عقل المواطن البسيط الذي يرى في ذلك مسخرة، وغوص مستنقعي ذاتي يقدمون عليه للتخفي من تاريخٍ لن يرحمهم كمالم يرحم من قبل من كان على شاكلتهم..! ومما لا شكَّ فيه أنَّ هذا الوباء يزيد من قتامة المشهد، ويراكم حالات الإحباط، واليأس ، والتشاؤم وصولاً إلى السلبية الكاملة عند أغلبية سكان البلاد.
10/5/2004



#جهاد_نصره (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المدرسة السورية لاعطاء الدروس المجانية
- عندما يصبح الكيلو: غراماً واحداً
- الله و الإصلاح والتشيؤ
- الوحدة الأوروبية والببغان العربي
- عفواً سيادة الرئيس
- شخصنه الأحزاب والمنظمات في سورية
- إشهار الحزب
- عطوان في تطوان يا حادي العيس
- حين تلعب السلطة بالجميع
- نداء عاجل لا تعقدوا القمة
- العبور المستحيل
- عن جدوى الكتابة
- صاحب الكلكة وربيع سورية
- ماهية الانتصار في الزمن الراهن
- المتاجرة لبنانية والتاجر ميخائيل عوض
- غباء القوة
- المراهنة الخاسرة
- التغيير بين مؤثرات الداخل والخارج
- ميليشيا الصدر ووحوش الفلوجة وجهان لعملة واحدة
- حكايات سياسية من هذا الزمن بمناسبة الإفراج عن:محمد غانم _ 1 ...


المزيد.....




- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جهاد نصره - أنا أفكر اذاً أنا غير موجود