أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي العامري - تميمةٌ لفخرِكَ الجريح !














المزيد.....

تميمةٌ لفخرِكَ الجريح !


سامي العامري

الحوار المتمدن-العدد: 2722 - 2009 / 7 / 29 - 10:52
المحور: الادب والفن
    



فصل من كتاب (*)
---------------------




تصادف الأحلامْ
تفسيرَها في لحظة اليقظهْ
تصادف اليقظة تفسيرها
في حلمٍ تدفنهُ الذاكره
مَن يُخرج الأنسان
مِن هذه الدائره ؟ (1)


كنتُ على علاقة بامرأة من هذا البلد ولكن الذي كان يثلم العلاقة نفسياً هو أن المرأة كانت وبدون وعي منها تختار أحياناً عند الحديث معي – وربما مع غيري أيضاً- تعبيرات فوق احتمالي , تعبيراتٍ تفوح منها رائحة الرفعة والعنصر الراقي والعِرق المثالي ناهيك عن كونها شقراء على نحوٍ صارخ !!
وطبعاً هذه النقطة الأخيرة كانت ستصبح فارغة الدلالة لو أن هذه المرأة كفت عن استخدام تلك المفردات ولكنها كانت تلفظها من حيث لا تدري .
وتلك الصلة , العلاقة انتهت سريعاً بسبب هذه الحالة وما زلتُ أحمل شعوراً بالذنب غير أنها الحساسية التي تقرب من المرض , وهذه الحالة الوجدانية المتوترة كثيراً ما أجد لها - حين أفكر مع نفسي - تبريراً من أجل مواصلة الحياة التي تلوح أشبه بالورطة أحياناً .
ومع أنني أنتمي للإنسان أولاً وقبل كل شيء إلاّ أنَّ اعتدادي الجريح بعراقيتي , بكوني عربياً شرقياً أمرٌ لا يفارق هذه الروح المتعَبة
وكم تعجبني مقولة الكاتب الفرنسي هنري باربوس : ( لو كان كل الناس مثلي لسار كلُّ شيءٍ على ما يرام ) !
والأحلام ؟ حين أنقطع عن تناول الخمر والذي يستمر معي تناولُهُ عادةً ثلاثة أيام , أرى أحلاماً تختلط فيها تفاصيل دنيوية صرفة وحتى كوابيس وهذه تستمر أيضاً ثلاثَ ليالٍ حتى أنني أحسُّ بالكراهية لنفسي قائلاً : أين هذه الماديات والحسيّات الممجوجة والصور البشعة ممّا يُفترض بي أن أتحلّى به من نظرة شاعرية للعالم والأشياء ؟
غير أنني أعود فأجيب نفسي بالقول : لعلَّ هذه ضريبة الجمال والحيوية والبهجة التي يوفرها لي رحيق إبليس !

زهرةٌ تحيدُ عن مركبها المائيِّ ,
شَممِْتُها مِن على مَبعدةٍ
وعصفورةٌ حطَّت في مكانٍ ما داخل قلبهاِ , تلاشت
وتَبَدَّتْ إثْرَها قريةٌ تنتمي طواعيةً الى أرياف بايرن ,
الى متاحف ميونخ !
كان ذلك قبلَ عشرين عاماً
ومئتَي صندوق فودكا !
لو شمَّرَتْ مخالبي عن غرائزِها
أو لو تطاولتُ بالمشارطِ البلهاءِ على نهار القرية تلك ,
أو لو أحصيتُ على هوائِها أنفاسَهُ !

---------------

أنا الذي ولدَ في قريةٍ هنيَّة شذية كيف أُتيحَ لي أن أتطيَّر من القرى !؟ كيف يمكن لها أن تحاصرني كحلمٍ مزعج لعدة سنوات وأن تتسبب في دفعي لتناول الخمر بشكل متطرف !؟
لم أكن أحسب أن الإنغلاق أو الأنف الضيق , بتعبيرنا , يمكن أن يمتد الى هنا حيث التسامح والتحضر .
كان هذا في منتصف ثمانينيات القرن الماضي , تلك السنوات ما زلتُ أحمل آثارها الأليمة وكلما رجعتُ بذاكرتي اليها أحس برغبة قوية بالبكاء أو التقيُّؤ , تلك الأعوام حين فرزونا من مركز توزيع اللاجئين الى قرية هكذا بكل عشوائية حيث لا يمكن أن تكون حافلة ملأى بالاجئين ومن مختلف الجنسيات , لا يمكن لها أن تكون من الرجال فقط !!
المْ يأخذوا بالإعتبار حجم القرية وطبائع الناس فيها ؟
فهؤلاء الناس بقريتهم ( فلس هوفن ) هذا اسمها , كانوا أشبه بعلبة تتكدس فيها الفئران حيث قاطعونا منذ الشهر الأول وكأننا نعجة جرباء ,
وضاع الذهب بسعر التنك او الصفيح !
وأنت في حيرة خرافية فإذا عدتَ الى وطنك فالتعذيب والقتل بانتظارك وإذا بقيتَ هنا فالتعذيب يأخذ ألواناً براقة بمسميات الحرية والأمن
آه لتلك السنة والسبعة شهور ...
ولكنها في الواقع علَّمتِ الإنسانَ فيَّ كيف ينضح بسرعة قياسية حاملاً احتياطياً
من الشقاء ما يكفي لعدة قرون !

سأرحلُ عنكِ معتصماً بيأسٍ
وأقنعُ بالذي لي فيه قوتُ
وآملُ دولة الأيام حتى
تجيء بما أؤمّل أو أموتُ (2)

إستغربتْ حمامةٌ من فاختة لمّا وجدتْها لا تقترب من الناس ولا تنعم بما يرمونه
كلَّ يومٍ من نثار خبزٍ وحَبٍّ فلحقتْ بها
وسألتها مِن على غصن : فيمَ تكدحينَ طيلة النهار بحثاً عن طعامٍ وها هو دونك يرمي به الناس دون حسابٍ ؟
أجابت الفاختة : بل أنا أسألك فيم الكسل والثقة المفرطة بالناس ؟
فهؤلاء الذين يرمون الطعام لك ولغيرك من الحمامات هم أنفسهم يقولون في مَثَلهم : الثقة جيدة ولكن الرقابة أجوَد .
أنا الفاختة ورثتُ عن أجدادي الريحَ والأفق
لن أحتاجَ الى مِنَّةٍ ولي جناحان !




--------------------------------------------------------
(*) فصل من كتاب قصصي نثري شعري بعنوان : النهرُ الأول قبل الميلاد
(1) محمود البريكان
(2) البحتري


----------------
كولونيا – صيف - ‏2009‏‏
[email protected]



#سامي_العامري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا أعشقُ والدانوبُ يُدوِّن !
- حُبٌّ بكفالة الريح !
- أشرعة كأجفانٍ دامعة
- الحظُّ يذكرُ خيمتي
- المجموعة الشعرية الثالثة ( أستميحكِ ورداً )
- المجموعة الشعرية الثانية ( العالَم يحتفل بافتتاح جروحي )
- بساتين تتمايلُ كالفساتين !
- مُتعصِّبٌ للخمرةِ أنا !
- نسائمُ في وِعاء الصباح
- شهابٌ ملتصقٌ بغيمة
- الدالية
- أرَقٌ وغَرَق ! (*)
- إنضباط الحارثية ... حنين ومَواجد !
- شُغِفتُ بها
- السكسفون المُجَنَّح / مجموعتي الشعرية الأولى - نسخة منقحة -
- ولائم من نار !
- مساءاً أُمَجِّدُ الهاوية !
- البنت , الأب , الشرق , الحُب !
- رحيق سيجارتي !
- حوار مع الشاعر والكاتب سامي العامري – بغداد


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي العامري - تميمةٌ لفخرِكَ الجريح !