أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - أسئلة ما بعد - انتصار - حماس















المزيد.....

أسئلة ما بعد - انتصار - حماس


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 2605 - 2009 / 4 / 3 - 09:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا شك أنّ الأوضاع الفلسطينية بعد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة لن تكون كما قبلها، لا على صعيد مفاوضات السلام أو خيار المقاومة، ولا بالنسبة إلى شكل النظام السياسي الفلسطيني. وبعد الاستحقاقات الفلسطينية المستجدة، ثمة أسئلة عديدة تطرح نفسها على حركة " حماس ": لماذا استطاع الجيش الإسرائيلي تدمير ما لا يقل عن 15 في المائة من غزة ؟ هل غزة " هانوي العرب " التي يمكن استخدامها نقطة انطلاق لتحرير فلسطين، كل فلسطين ؟ ما هي استراتيجيتها السياسية والعسكرية للمرحلة المقبلة ؟ هل ستقوم بقراءة نقدية لاستخلاص الدروس المستفادة من محرقة غزة‏,‏ وأن تضع تلك الدروس نصب أعينها في أية تحركات مستقبلية أم لا ؟
وبعيدا عن الكلفة الإنسانية الباهظة التي دفعها أهل غزة، وبعيدا أيضا عن سجالات النصر والهزيمة العسكرية، فإنّ السؤال المطروح هو: هل خرجت " حماس " أقوى سياسيا بعد العدوان أم أضعف ؟ هل ما زالت التهويمات الأيديولوجية توجه سلوك قادتها أم الوقائع السياسية ؟
يبدو أنّ خطاب أغلب قادة " حماس " ما زال على حاله وبؤسه، يتحدث عن انتصار مبهر‏,‏ وما زال يتحدث أيضا عن شروط يمليها على العدو وعلى الصديق وعلى الشقيق، وكأن الحركة هي اللاعب الوحيد في الميدان الفلسطيني والإقليمي‏.‏ لقد غيّبوا منهج التحليل والاستنتاج، وجعلوا الشعارات برنامج عمل واستثارة العصبيات الدينية وسائل حشد وتعبئة. ويبدو أنهم لم يدركوا – بعد - أنّ ما يصفونه بالانتصار على العدو، وبقاء الجزء الأكبر من قدرات حركتهم وبنيتها وأسلحتها، جاء بثمن فادح دفعه الناس الأبرياء من أرواحهم وممتلكاتهم ومعاناتهم‏.‏
ففي حساب الصراع بالصواريخ، باستثناء الأثر المعنوي الذي تتركه على الإسرائيليين، تتبدى إحدى المعضلات المزمنة للكفاح الفلسطيني، ليس فقط لجهة التفوق الفادح بالسلاح للجانب الإسرائيلي، والخسائر البشرية العالية للفلسطينيين، وإنما أيضا لجهة أنّ عمليات القصف الصاروخي أدت إلى تكبيد الفلسطينيين خسائر فادحة على المستويين السياسي والإنساني، وبينت عدم إدراك " حماس " للمعطيات الدولية والإقليمية المحيطة بها، وتخبطها ومزاجيتها في إدارة الصراع مع العدو الإسرائيلي.
ولكن، في المقابل، فإنّ عزلة " حماس " الإقليمية والدولية بدأت تتفكك. إذ لا شك أنها تبدو في وضع أقوى سياسيا، حتى على صعيد العلاقة بالمحيط الإقليمي والمجتمع الدولي. وبعيدا عن إعادة تأكيد الإدارة الأمريكية الجديدة على عدم الحديث معها إلا بعد الاعتراف بشروط الرباعية الدولية، فإنّ المؤشرات الواقعية تدفع إلى أنّ العديد من الشخصيات والمؤسسات والدول الأوروبية تتجه نحو الحوار مع الحركة واختبار مواقفها وسياساتها المقبلة. مما يؤشر إلى مرحلة جديدة تحولت فيها إلى لاعب لا يمكن تجاهله أو تجاوزه، كما يؤشر أيضا إلى الصراع الجاري والمتوقع على حركة " حماس " بين الأطراف السياسية والإقليمية من اللاعبين في مشهد الشرق الأوسط، لأجل دمجها في المشروعات السياسية المتنافسة فيما بينها والمتناقضة في بعض الأحيان.
لقد تحولت إلى جزء من الصراع والتنافس والتعاون الإقليمي والدولي، وهذه " النجاحات "، المتعلقة بإعادة تشكيل البيئة الإقليمية الاستراتيجية‏,‏ هي في الواقع جزء أساسي من أهداف العدوان‏,‏ وإن لم تكن تتعلق بتحولات ميدانية مباشرة‏,‏ فهي تتعلق بترتيبات مستقبلية وبمشاركة دولية، تعني في المحصلة أنّ رفع الحصار عن قطاع غزة لن يكون كاملا‏,‏ فهناك حصار من نوع آخر سيتم بناؤه دوليا في دائرة جغرافية وبحرية واسعة جدا‏,‏ من شأنه أن يؤثر على القدرات المستقبلية لمنظمات المقاومة الفلسطينية‏ المسلحة. مما يقتضي استمرار " حماس " في تسييس نفسها على حساب عسكرتها، بغية تقوية احتمال حصولها على الشرعية الإقليمية والدولية، وتعزيز شرعية السلطة الفلسطينية التي ستكون شريكة فيها. أما إذا بقيت على حالة التصلب الحالية فإنّ " الفيتو " الدولي سيبقى قائما، مهما اكتسبت الحركة من اعتبارات سياسية بعد المحرقة.
وهكذا، هناك خياران أمام " حماس ": أولهما، التصرف بما يتفق وموازين القوى الإقليمية والدولية، مع ما يعنيه ذلك من التزام بالبرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، ووجود سلطة وطنية فلسطينية قادرة على تحديد الأولويات، بما في ذلك أنّ غزة تحتاج، قبل مساعدات إعادة الإعمار، إلى أن تكون جزءا من مشروع سياسي وطني فلسطيني ذي هدف واضح ومحدد يتجه نحو الدولة الفلسطينية المستقلة، يحمي مستقبل أهل غزة، ويمنع تكريس وجود كيانين فلسطينيين مستقل كل منهما عن الآخر.
إنّ صمود غزة يتطلب أفقا سياسيا ممكنا، حتى لا يجري تبديده. ففي النهاية، لا بد من الاعتراف بأنّ كارثة لحقت بغزة وأنّ حديث "حماس" عن " انتصار "، مبني على وهم، لا يجرُّ سوى إلى كارثة أخرى ما دام العدو الإسرائيلي على استعداد يومي لاستخدام غزة في لعبة التجاذبات الداخلية.
وثانيهما، أن تستمر في العزف على الوتر العاطفي والديني لحشد عشرات ومئات الألوف خلفها في المعركة مع إسرائيل، لكن حتى يكون لكل ذلك معنى، ولتضحيات الفلسطينيين الكبيرة فائدة حقيقية، وحتى يخرج خطابها السياسي من نطاقه الحالي الضيق إلى الفعل السياسي المجدي، عليها أن ترفع شعارا سياسيا واقعيا يمكّنها من كسب حلفاء دوليين وتحييد آخرين، وإضعاف الجبهة الداخلية الإسرائيلية لا توحيدها، وإحراج آخرين في العالم العربي ودفعهم إلى إسناد المقاومة أو " كف شرهم " عنها على الأقل. وبخلاف ذلك فإنّ ما تطرحه "حماس" هو مشروع حرب ومعاناة وتضحيات دائمة، ولا يعكس ذلك بأي حال بصيرة سياسية لدى قيادتها. فالمهم بعد أي معركة هو التفتيش عن العناصر التي تتيح تحويل الواقع إلى نصر سياسي متين، لأنّ " النصر الشعبوي " غير مهم في حسابات القوى لأنه ربما يتبخر في ما بعد، ولا سيما أنّ مجتمعاتنا هي مجتمعات احتجاجية وغاضبة إلى حد كبير. والاحتجاج والغضب، على أهميتهما المعنوية النسبية، لا يصنعان سياسة بقدر ما يعبران عن الرغبات السياسية.
وبعد أن حصل ما حصل في غزة، وبغض النظر عن التقويمات المتباينة، فإنّ الفلسطينيين معنيون بإثارة الجدل بينهم، واستكمال حوارهم الوطني، بشأن طريقة إدارتهم لصراعهم ضد إسرائيل، وضمن ذلك دراسة جدوى عمليات القصف الصاروخي، والتمعن في التداعيات الكارثية التي تعقبها، والانطباعات التي تطرحها.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الماركسيون العرب والمسألة القومية العربية (2)
- الماركسيون العرب والمسألة القومية العربية (1)
- أي سلام مع حكومة نتنياهو ؟
- موسم المصالحات العربية
- المفكرون الماركسيون والمسألة القومية (6)
- زمن المحاكمات الدولية
- آفاق التحول الديمقراطي في العالم العربي
- المفكرون الماركسيون والمسألة القومية (5)
- القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية
- المفكرون الماركسيون والمسألة القومية (4)
- المفكرون الماركسيون والمسألة القومية (3)
- المفكرون الماركسيون والمسألة القومية (2)
- توجهات السياسة الخارجية التركية
- المفكرون الماركسيون والمسألة القومية (1)
- الاتحاد المغاربي .. إلى أين ؟
- الأسس النظرية لأهم قضايا المسألة القومية (4)
- الأسس النظرية لأهم قضايا المسألة القومية (3)
- مفاهيم ومصطلحات أهم قضايا المسألة القومية (2)
- محاولة تحديد أهم قضايا المسألة القومية (1)
- الانتخابات الإسرائيلية تشرعن التطرف والعنصرية


المزيد.....




- السعودي المسجون بأمريكا حميدان التركي أمام المحكمة مجددا.. و ...
- وزير الخارجية الأمريكي يأمل في إحراز تقدم مع الصين وبكين تكش ...
- مباشر: ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب ع ...
- أمريكا تعلن البدء في بناء رصيف بحري مؤقت قبالة ساحل غزة لإيص ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة (فيدي ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /26.04.2024/ ...
- البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمق ...
- لماذا غيّر رئيس مجلس النواب الأمريكي موقفه بخصوص أوكرانيا؟
- شاهد.. الشرطة الأوروبية تداهم أكبر ورشة لتصنيع العملات المزي ...
- -البول يساوي وزنه ذهبا-.. فكرة غريبة لزراعة الخضروات!


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - أسئلة ما بعد - انتصار - حماس