أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبدالله تركماني - المفكرون الماركسيون والمسألة القومية (1)















المزيد.....

المفكرون الماركسيون والمسألة القومية (1)


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 2574 - 2009 / 3 / 3 - 09:33
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


إنّ أول ما تنبغي الإشارة إليه أننا لا نتناول الماركسية كفلسفة متكاملة، وإنما ما يهمنا، في إطار هذه المقاربة، هو المقاربة الماركسية للمسألة القومية. مع العلم أنّ الماركسية تدور حول محور أساسي هو الصراع الطبقي، إذ تعتبره القوة المحركة للتاريخ. ومن هنا، فإنّ موقع المسألة القومية في الفكر الماركسي لا يخرج عن مراحل التطور الرأسمالي، فكل مرحلة من هذا التطور كان يقابلها تطور سياسي للطبقة البورجوازية، فتطور سيطرة رأس المال على الصناعة أدى إلى ظهور الدول القومية الأولى. ومع بداية هذه المرحلة ستتداخل، حسب التوصيف الماركسي، مصلحة الأمة مع مصلحة البورجوازي الصناعي، وتصبح مصالح البورجوازية هي نفسها المصالح القومية. فحسب البيان الشيوعي الصادر سنة 1848، فإنّ البورجوازية تمركز ملكية وسائل الإنتاج، وتأتي المركزية السياسية ( الدولة القومية ) كنتيجة محتومة لهذا التمركز.
لقد وضعت الماركسية لنفسها هدفا رئيسيا هو تدعيم الوعي الطبقي، وتشجيع التضامن الأممي بين صفوف الطبقة العاملة في العالم. ومن هذا المنظور، عارضت الأيديولوجية القومية ومناورات الفئات الرجعية، التي وظّفت، في كثير من الأحيان، هذه الأيديولوجية من أجل تأخير إنضاج الوعي الطبقي.
وبالرغم من التغيّرات التي شهدتها الماركسية في المرحلة اللينينية، فإنها لم ترَ، على الصعيد الحضاري - الثقافي، سوى طريق واحد لخلاص الإنسانية، بما فيها الحضارات الشرقية " التأورب ". ويعود ذلك أساسا، إلى أنّ مكوّنات الماركسية هي: الاقتصاد السياسي الإنكليزي، والفلسفة الألمانية، والاشتراكية الفرنسية. أي أنها كانت تركيبة ضمت أكثر الأفكار ديناميكية وراديكالية في الفكر الأوروبي الحديث.
وبالنسبة للمسألة القومية، فقد انساقت الماركسية إلى الاعتقاد بأنّ التدويل المتسارع للحياة الاقتصادية في ظل النظام الرأسمالي، وخاصة في مرحلته العليا الإمبريالية، سيؤدي إلى الاندماج التدريجي للقوميات. لذلك، واجه الماركسيون بعد كارل ماركس وفريدريك أنجلز سؤالا جوهريا هو: هل يجب عدم التعاطي مع المسألة القومية وطرح مسألة سعي الطبقة العاملة إلى السلطة طرحا طبقيا فقط ؟ أم يجب توظيف المسألة القومية في خدمة الثورة الاشتراكية ؟
لقد واجهت الأمميتان الثانية والثالثة المسألة القومية مواجهة مباشرة، فالأممية الثانية واجهتها في إطار الدولة المتعددة القوميات، خاصة الإمبراطورية النمساوية - المجرية، والأممية الثالثة واجهتها في إطار الإمبريالية وحقوق الشعوب المستعمَرة في تقرير مصيرها ونيل استقلالها القومي. وفي كلتا الأمميتين أثارت مسألة حقوق الشعوب المستعمَرة بوجود قومي مناقشات واسعة، وقد بلغت هذه المناقشات درجة عالية أثناء الحرب العالمية الأولى، وكان لها دور كبير في انحلال الأممية الثانية وقيام الأممية الثالثة.
وقبل أن نتعرف على الاتجاهات الماركسية من المسألة القومية يجدر بنا أن نتوقف عند الرؤية الماركسية العامة لأهم القضايا التي تثيرها هذه المسألة، إذ تؤكد الماركسية على المنشأ الطبقي للأمة من جهة، وعلى ماهيتها الاقتصادية - الاجتماعية من جهة ثانية، وعلى دورها كشكل لتطور المجتمع من جهة ثالثة. فعملية تشكّل الأمة بدأت قبل ترسّخ الرأسمالية، حين صارت السلطة المَلكية تلعب دورا تقدميا من الناحية الموضوعية، إذ كانت، في صراعها ضد التمزق الإقطاعي، تعوّل على الطبقة البورجوازية الناشئة. أما التلاحم النهائي للأمة فيجري عندما ينخرط الريف في العلاقات الاقتصادية الرأسمالية، وبنتيجة القضاء على التمزق الإقطاعي لوسائل الإنتاج والمُلكية والسكان.
إنّ الشرط الحاسم لتشكّل الأمة هو تذليل التمزق الإقطاعي للاقتصاد، مما يهيء لظهور الروابط الاقتصادية الرأسمالية بين جماعة كبيرة من الناس، تمثل وحدة الأرض واللغة أمرا ضروريا لنشاطهم المشترك. وعلى ضوء هذا الشرط، فقد تشكلت الأمم في أواخر العصر الوسيط وأوائل العصر الحديث، حين أضحت الرأسمالية تتطلب إقامة سوق داخلية ولغة موحَّدة كأداة رئيسية للعلاقات التجارية، وبالتالي لإقامة الدولة القومية.
لقد تأثر تشكّل الأمم بالصراع بين جميع طبقات وفئات المجتمع الإقطاعي المحتضر، فكان الإقطاعيون يعارضون التلاحم الاقتصادي والمركزة السياسية، في حين كانت البورجوازية تتزعم عملية توحيد الأمة.
وهكذا، فإنّ تشكّل الأمة يغدو ممكنا بفعل وحدة الروابط الاقتصادية والأرض واللغة، أما العوامل الأخرى، مثل الدولة القومية والخصوصيات الثقافية، وإن كانت تلعب دورا كبيرا في تشكّل الأمة وتطورها، فإنها ليست مؤشرات أساسية للأمة. وإذا كانت وحدة الروابط الاقتصادية المتينة مؤشر جوهري للأمة المكتملة التشكّل، فإنّ وحدة الأرض مؤشر ضروري لوجود الأمة ولنشاطها كعضوية إثنو - اجتماعية متكاملة. فالأرض تمثل القاعدة المادية لتشكّل الروابط الاقتصادية بين شعب الأمة، وميدان نشاطه وتطوره. وهنا تبدو أهمية مسألة الحدود الجغرافية للأرض، التي في إطارها تمارس الأمة وجودها ونشاطها. فإذا كانت للأمة دولتها فإنّ هذه الحدود تغدو حدودا للدولة، ويصبح الدفاع عنها أمرا يمس الأمة كلها، مما يجعل النضال من أجل وحدة الأرض عامل تعزيز للوعي القومي، وعامل توحيد صفوف الأمة .
ومن الأهمية بمكان الأخذ بالحسبان أنّ الأرض القومية " ليست مجرد بقعة جغرافية، وإنما ترتبط عضويا بالنمط الاجتماعي للأمة التي تعيش فوقها... وفي هذه الظروف تغدو الجوانب الاجتماعية الطبقية عوامل حاسمة في تحديد سمات الأمة ".
أما وحدة اللغة فتكمن أهميتها في تأمين الاتصال وفي التوحيد، بهدف السيطرة على السوق الداخلية وتأمين الحرية الكاملة للتداول الاقتصادي. وفي مجرى تلاحم الناس في الأمة تصاغ اللغة المشتركة كأداة في ترسيخ الصلات القومية الاقتصادية - الاجتماعية، وكشرط أهم في تطور الأمة، الاقتصادي والسياسي والثقافي، وتغدو اللغة مؤشرا للأمة.
أما عن الأمة والطبقة، فإنّ الماركسية ترى أنّ الطبقة القائدة للأمة هي الطبقة الحاملة لأسلوب الإنتاج المهيمن في صلب منظومتها الاقتصادية، وأنّ هذه الطبقة هي التي تتزعم النضال من أجل إنجاز المهمات التاريخية لتطور الأمة، وتلعب الدور الحاسم في تحديد معالمها السياسية والاجتماعية، وكذلك علاقاتها بالأمم الأخرى. وأنّ زعامة الأمة يمكن أن تنتقل من طبقة إلى أخرى، حتى في إطار الرأسمالية نفسها، ولكن مع استبعاد إمكانية قيام وحدة قومية حقيقية بين الطبقات المتناحرة.
أما عن علاقة الأمة بالدولة، فإنّ الماركسية ترى أنّ الدولة تتشكل قبل تشكّل الأمة بوقت طويل، فهي، كأداة للسيطرة الطبقية، ظهرت منذ قيام المجتمع العبودي، وبقيت كذلك في كافة التشكيلات الاقتصادية - الاجتماعية التناحرية. ولكن، مع ظهور وتطور العلاقات الاقتصادية الرأسمالية ظهرت لدى الدولة وظيفة جديدة هامة، تمثلت في تجميع شعب كل دولة في إطار أمة واحدة.
كما أنّ وجود الدولة، وإن لم يكن مؤشرا ضروريا للأمة، يشغل مكانة هامة في الوعي القومي. ففي الأمم، التي لها دولتها، تنظم الدولة وتوجه تطورها الاقتصادي والسياسي والثقافي، فالدولة القومية كانت مرحلة ضرورية في تطور الرأسمالية. ومع مسألة الدولة القومية يرتبط حق الأمم في تقرير مصيرها، ففي حركة التحرر الوطني لشعوب آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية صار العزم على تشكيل وتطوير الدولة القومية المستقلة عاملا في تشكيل الأمة لدى الكثير من الشعوب المستعمَرة والتابعة سابقا.
وترى الماركسية أنّ الوعي القومي ينمو مع الظروف التي تلعب الدور الحاسم في ظهور الأمة وتطورها، إذ أنّ " وحدة الروابط الاقتصادية والأرض واللغة، وكذلك وحدة السمات الإثنية والقومية للنفسية وللثقافة، والعادات والتقاليد، تولّد لدى أفراد الأمة المعنية وعي وحدتهم القومية - وعي الذات القومي ". وينطوي الوعي القومي على: وعي الوحدة الإثنية والموقف من الإثنيات الأخرى، والولاء للقيم القومية ( اللغة والأرض والثقافة )، ووعي الوحدة الاجتماعية، والنزعة الوطنية، ووعي الوحدة في النضال الوطني التحرري.
كما يرتبط الوعي القومي ارتباطا وثيقا بالمشاعر القومية، التي تلعب دورا هاما جدا في سلوك الناس. وتنطلق المادية التاريخية في فهمها للمشاعر القومية من أنّ هذه المشاعر حصيلة الممارسة الاجتماعية التاريخية للناس الذين يفعلون على أرضية وحدة الروابط الاقتصادية واللغة والأرض. فالناس، الذين تربطهم هذه الوحدة، يتفاعلون مع الوسط الطبيعي والاجتماعي، فتتولد لديهم مشاعر مشتركة، تسمى بالمشاعر القومية، وتشكل لونا من المشاعر الاجتماعية. وبما أنّ الإنسان لا يعيش في وسط اجتماعي مجرد، بل في وسط اجتماعي قومي، فإنّ متطلباته ومشاعره تتسم بصبغة قومية معينة.
ويعتبر أغلب المفكرين الماركسيين أنّ مفهوم الأمة أوسع من مفهوم القومية، ذلك أنّ القومية تدل على المواصفات الإثنية للأمة أو للشعب، أي على سمات لغتها وثقافتها وتقاليدها وعاداتها، بينما تدل الأمة عل مجمل روابطها الاقتصادية والاجتماعية. وتدخل اللغة ووعي الانتماء الإثني في تعريف الأمة والقومية على السواء، ولكنّ الفرق هنا يقوم في أنّ اللغة والوعي يحضران في تعريف الأمة كمؤشرين ملازمين لأية أمة، يميزانها عن الظواهر الاجتماعية الأخرى، كالطبقات مثلا، أما في تعريف القومية فيحضران كمؤشرين يميزان القوميات إحداها عن الأخرى من الناحية الإثنية.
وسوف نتناول مواقف المفكرين الماركسيين من المسألة القومية تبعا لستة اتجاهات هي: الاتجاه الماركسي الكلاسيكي، الاتجاه البلشفي، اتجاه الاستقلال الثقافي في الإمبراطورية النمساوية - المجرية، اتجاه العدمية القومية، اتجاه " الاقتصادية الإمبريالية " بشكليه الأوروبي والآسيوي، الاتجاه الماركسي القومي، الاتجاه الماوي.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاتحاد المغاربي .. إلى أين ؟
- الأسس النظرية لأهم قضايا المسألة القومية (4)
- الأسس النظرية لأهم قضايا المسألة القومية (3)
- مفاهيم ومصطلحات أهم قضايا المسألة القومية (2)
- محاولة تحديد أهم قضايا المسألة القومية (1)
- الانتخابات الإسرائيلية تشرعن التطرف والعنصرية
- مدلولات الانتخابات العراقية
- مجتمع المعرفة وتحدياته في العالم العربي (2)
- مجتمع المعرفة وتحدياته في العالم العربي (1)
- مجتمع المعرفة وتحدياته في العالم العربي (3)
- أولوية ترتيب البيت الفلسطيني
- تركيا الصاعدة في الشرق الأوسط
- هل يكفي الغضب العربي لنصرة أهل غزة ؟
- القوة - الذكية - للسياسة الخارجية الأمريكية
- محرقة غزة .. إلى أين ؟
- المخاطر المحيطة بعرب إسرائيل
- الحل الوسط في الصحراء الغربية
- هل يكسب الفلسطينيون الرهان ؟
- حسيب بن عمّار .. وداعا
- حقوق الإنسان .. تراث مشترك للإنسانية


المزيد.....




- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...
- للمرة الخامسة.. تجديد حبس عاملي غزل المحلة لمدة 15 يوما


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبدالله تركماني - المفكرون الماركسيون والمسألة القومية (1)