أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - طارق حربي - دموع حرّى على قبر الصديق أمير الدراجي














المزيد.....

دموع حرّى على قبر الصديق أمير الدراجي


طارق حربي

الحوار المتمدن-العدد: 2542 - 2009 / 1 / 30 - 09:07
المحور: سيرة ذاتية
    


كلمات -236- شاهدت الفقيد أمير الدراجي مرتين أو ثلاثة في الناصرية أوائل السبعينات من القرن الماضي، كان يكبرني بنحو عقد (هو من مواليد 1948)، فتى وسيم و(إبن ولاية)، والده داود الدراجي رحمه الله كان خياطا معروفا في (القيصرية)، مختصا بخياطة ملابس العسكريين، عائلته طيبة ومعروفة تقيم في منطقة الاسكان.
هاجر الفقيد إلى سوريا فلبنان (صيدا) ملتحقا بالعمل الفدائي مع المقاومة الفلسطينية، وكان منظرا ومقاتلا غادر الناصرية التي ماتزال تنتج أجيالا من المفكرين والثوار والمتمردين والمثقفين والفنانين، ملتحقا ضمن جماعات كانت متحمسة للعمل الثوري، والعالم العربي مايزال حينذاك يعيش مرحلة انطلاقة الثورة الفلسطينية والمد القومي الناصري والرومانسية الثورية، وكانت أعداد غير قليلة من أهالي محافظة ذ ي قار خاصة والعراق عامة، التحقت بالعمل الفدائي، فتزوج منهم هناك من تزوج ومن قام بعمليات فدائية جريئة خلدها التاريخ في عقر دار إسرائيل.
أصيب الأمير إصابات بالغة، خلال اجتياح إسرائيل لجنوب لبنان سنة 1982 برجله ويده وأجزاء من جسمه، في نفس المعركة التي أصيب فيها إبن مدينته الناصرية علي طاهر محسن، الذي سفح هو الآخر قبل ساعتين دموعا حرى على قبر الفقيد، علي صديق الطفولة في شارع الحبوبي وإبن مدرستي قرطبة الابتدائية للبنين تأسست سنة 1961، قبل أن نكبر قليلا، ويتفرق الشمل لتأخذنا في نزهاتٍ حروبُ الشرق الأوسط، المخطط لها في الدوائر الاستعمارية منذ عشرات السنين، وكان أبشعها على الاطلاق الحرب العراقية الايرانية، التي أبادت أجيالا من الشباب العراقيين، وجريمة ضياع فلسطين واجتياح لبنان سنة (1982) في أعقاب الحرب الأهلية التي بدأت سنة 1974، وعاش السومري الأمير فصولا مرعبة فيها، وكان تزوج من سيدة فلسطينية وعاشا معا في مخيمات لبنان، وأنجبا ثلاث بنات (رحيل وبغداد والموصل)، قبل أن يحصل على حق اللجوء السياسي في النرويج سنة 1999، ليقيم مع عائلته في مدينة (KONGSVINGER) وتعني في اللغة النروجية أجنحة الملك، وتقع غرب العاصمة أوسلو بمسافة ساعة ونصف بالسيارة.
حدثني هنا في أوسلو عن بعض صفحات آلامه وخيباته في العمل مع الفصائل الفسطينية، كان يتكلم بمرارة عن تلك الأيام الذي باع فيها الحكام العرب مستقبل شعوبهم، لينكسر حلم الانسان العربي الذي جسّدَ الثوار - وفقيدنا أحدهم- طليعته.
أمير إبن الناصرية السومري الشجاع، والمثقف العضوي الذي تجاوز بفكره الراقي ومواقفه، آلام شعبه - على عِظَمِها - إلى آلام الانسانية الكونية وجرحها النازف (فلسطين)، هذا المناضل الثوري الذي أبى أن يكتب إلى الحكومة العراقية عن مرضه العضال، وكان أنهكه في الفترة الأخيرة، ترك الكثير من الكتابات المؤثرة المعمدة بتجارب ثورية ودراماتيكية، التي يصعب فهمها أحيانا، لاشتغالها على مناطق بعيدة في المخيال الثوري والتجارب الحية النابضة، وكان شاهدا على حقبة زمنية، مازالت آثارها باقية سواء في أجساد شهدائها الأحياء، أو سارية على صعيد الكتابة والتوثيق والسرديات.
كانت المقبرة مغطاة بالثلوج التي انقطعت عن أوسلو منذ يومين، وتقع بين التلال في ظاهر مدينة أجنحة الملك، وكان العالم أبيض أبيض مثل قلب أمير الدراجي، أجهشت إبنته الكبيرة رحيل (20 سنة) بالبكاء ذرفنا دموعا حرى، وارينا الثرى آخر فصول الحكاية الدرّاجية من الناصرية إلى المدينة النائية، من هذا العالم الواسع الحائر أمام لغز الموت وجبروته، وأجهش علي طاهر في بكاء مرّ، وفيما قرفصنا نقرأ سورة الفاتحة تناول الصديق علي قبضة تراب لينة، فركها بحرقة وألم بالغين وانتحب : آه ياأبو جودت الناصرية تريدك..ياأبو جودت الناصرية تريدك، في إشارة واضحة إلى رحيل فقيدنا وهو في المنفى البارد، بعيدا عن الناصرية التي أحبها وأحبته، رحيل غربة متصل، وأيضا إهمال الحكومة العراقية لمثقفي البلد ومبدعيه ومفكريه، لأنه لم يكن يوما إبن حزب أو محاصصة طائفية، بل زهد بها كلها ورحل في تضاريس المنافي، فيما حملت روحه الطاهرة أجنحة ملائكة بيضاء إلى عالم بعيد.



#طارق_حربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التطبير والتعشير والانتخابات!
- نداء عاجل لإنقاذ أرواح (600 لاجئا) في السجون الوهابية السعود ...
- حتى يعلو الدخان الأبيض من قبة البرلمان العراقي!؟
- السيد زاهي حواس الامين العام للمجلس الاعلى للآثار المصرية .. ...
- موسم الانتخابات : هل تصوت عشائر ذي قار للوطن دون الطائفة وتم ...
- إستخارة رئيس البرلمان العراقي!
- إنطلاقة جديدة للعراق بخروجه من طائلة البند السابع
- حقا..ماالعلاقة بين خطبة الوداع وحفل افتتاح مدينة الألعاب في ...
- بوش والزيدي : هل هذا هو واجب الصحافي في العراق الجديد!؟
- في مزاد كريستي العالمي : مسؤولون عراقيون متهمون ببيع آثار عر ...
- مطاليب صدام من قبره تؤجل التوقيع على الاتفاقية الأمنية!
- موسم الهجرة إلى العشائر!
- اليوم الموعود لنهاية كل الأحزاب والتيارات الدينية والطائفية ...
- جمهورية رفحاء : تغلق أبوابها بعد 17 عاماً.. بوداع آخر 77 لاج ...
- الشاي في الناصرية : سيلاني إيراني شكل تاني!
- أوباما والعراق!
- إنزال جوي في شارع الحبوبي.. ومقتل قائد القوة المهاجمة على يد ...
- فتاوى شرعية في محطة كهرباء الناصرية!
- مايزال زعماء الشيعة والأكراد يبددون ثرواتنا الوطنية!
- اليعقوبي مرجع ديني أم سياسي أم نفطي!؟


المزيد.....




- أفوا هيرش لـCNN: -مستاءة- مما قاله نتنياهو عن احتجاجات الجام ...
- بوريل: أوكرانيا ستهزم دون دعمنا
- رمز التنوع - صادق خان رئيسا لبلدية لندن للمرة الثالثة!
- على دراجة هوائية.. الرحالة المغربي إدريس يصل المنيا المصرية ...
- ما مدى قدرة إسرائيل على خوض حرب شاملة مع حزب الله؟
- القوات الروسية تقترب من السيطرة على مدينة جديدة في دونيتسك ( ...
- هزيمة المحافظين تتعمق بفوز صادق خان برئاسة بلدية لندن
- -كارثة تنهي الحرب دون نصر-.. سموتريتش يحذر نتنياهو من إبرام ...
- وزير الأمن القومي الإسرائيلي يهدد نتنياهو بدفع -الثمن- إذا أ ...
- بعد وصوله مصر.. أول تعليق من -زلزال الصعيد- صاحب واقعة -فيدي ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - طارق حربي - دموع حرّى على قبر الصديق أمير الدراجي