أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نعيم عبد مهلهل - ساهر الناي وشارب الشاي وغولدا مائير ..















المزيد.....

ساهر الناي وشارب الشاي وغولدا مائير ..


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 2458 - 2008 / 11 / 7 - 09:35
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


أيام حرب تشرين عام 73 كنت في الصف الأول متوسط عندما كلفني أستاذ مادة اللغة العربية بكتابة مادة خطابية تمجد مصر وجيشها الذي عبر خط باريف وأعاد ضفة السويس الأخرى وبعضاً من سيناء المحتلة ، وكذلك الجيش السوري الذي يقاتل في جبهة الجولان ، والجيش العراقي الذي هَبَ لنصرة اخوانه العرب في سوريا ومصر ، وكان لنا لواءً مدرعاً وآخر آلي على الجبهة السورية ، وسرب طائرات الميغ 21 وسوخوي على الجبهة المصرية ، وقد تحدث عن هذا الدور بالتفصيل والوثائق والصور والمخططات الفريق صالح مهدي عماش في كتابه ( رجال بلا قيادة ) ايام كان نائباً لرئيس الجمهورية في بداية السبعينيات قبل ان يُبعد عن الواجهة الرسمية والسياسية ويعين سفيراً للعراق في أحدى البلدان الأوربية.. ..كانت ورقتي عفوية وحماسية أوعدُ فيها نفسي والعرب من تطوان الى مسقط أننا سنحقق حلم الرئيس عبد الناصر ونرمي اليهود في البحر المتوسط والبحرالأحمر والبحر الميت وبحيرة طبريا ، وكنت واثقاً أن جيوشنا ستفعلها ، وهو مالم يتحقق ولن يتحقق.
ويبدو إن فلسطين ظلت بعضاً من مشاغل خواطرنا ، وظلت غولدا مائير ذاكرة لعجوز لا نعرف طاقتها الهائلة لقيادة دولة بقدر ما نعرف إنها يهودية
ورئيسة وزراء وتغتصب أرضاً عربية ...تقول كتب التأريخ المدرسية إنها لنا منذ أن وطئ أرضها النبي إبراهيم ع .
وبقينا لا نؤمن في الآخر اليهودي ولا نريد ان نفهم حتى عقده وضعفه لننتصر عليه ، بل كنا نتعامل معه من خلال الهاجس الحماسي واغنية ام كلثوم الشهيرة ( راجعين بقوة السلاح ..راجعين كما رجع الصباح من بعد ليلة مظلمة )..
في منتصف السبعينيات نشرت مجلة الموقف الأدبي السورية ترجمة لرواية ( غبار ) للكاتبة اليهودية آيل دايان وهي ابنة وزير الدفاع الأسرائيلي موشي دايان ، ذو العين الواحدة التي حفظ صورتها عن ظهر قلب كل عربي ، وهو يغطيها بقطعة من الجلد الأسود كما القرصان الأعور ..حتى كنا نسمي كل أعور ب( موشي دايان ) ، ولم نكن نعرف من الرجل سوى هاجس الرعب والصلابة التي في عينيه ، غير إن رواية أبنته الموسومة ( غبار ) اظهرت جرأة في كشف النفسية والتركيبة التي تصاحب الشباب اليهودي نتاج عقد المكان والحرب ولقاء الشتات وأختلاف حضاراته وبنادق رجال ياسر عرفات والمنظمات الفلسطينية المختلفة التي خف حماسها كثيرا في هذه الأيام ولم يبق منها سوى حماس وهي لم تكن وليداً تاريخياً للمقاومة مثلما فتح التي فضلت طريق المفاوضات السلمية مع أسرائيل حتى بات كل من يريد أن يرد على الذين لا يزالون مع خيار تحرير فلسطين بقوة السلاح من العرب القوميين عندما يقال لهم : ما بالكم تلتهبون حماسا وتمتلئون غضباً من التطبيع مع اسرائيل ، والرئيس الفلسطيني الذي يمثل فتح وهي واحدة من اكبر فصائل المقاومة له في كل شهر مائدة أفطار وعناق مع اولمرت رئيس الوزراء الأسرائيلي .
أنا فقط أردت أن اشرك هذا الهاجس الذي يسكن ذاكرة العربي منذ وعد بلفور وحتى اليوم عندما شاهدت على شاشات التلفاز عراك الألسن والأيدي بين النائب ( مثال الآلوسي ) وبعض النواب الأسلاميين في مجلس النواب العراقي على خلفية حضوره لمؤتمر ضد الإرهاب في اسرائيل ،وهي ثاني زيارة للرجل من عمره السياسي في العراق ، والمشهد الثاني في لقاء تلفزيوني من جزئين أجرته قناة الفيحاء الفضائية مع الشاعر العراقي المقيم في لندن ( عدنان الصائغ ) وضمن ما يذكره إنه اتهم بزيارة أسرائيل وموالاتها ، وظل في اكثر من مناسبة في هذا اللقاء يؤكد على هذا الأمر ، بالرغم من أنه ينفيه نفياً قاطعاً ، وانا نفسي لا اعتقد ان عدنان الصائغ لقادر أن يذهب الى هناك لأنه كأي عراقي شرب من ماء الفرات ،لايهوى ، لا روحيا ولا فسلجياً ولا تاريخياً أن يذهب الى أسرائيل ، وربما حسب تقديري تزور مثل هذه الرغبة احدهم وخاصة في تسعينيات القرن الماضي عندما تنقطع عليه كل السبل في الوصول الى العالم الحر هرباً من النظام الذي كان يعاديه ،وبعدما صار الجوع والتشرد والضياع هي العناوين الرئيسية لثقافة العراقي المهاجر والمنفي في عمان على وجه الخصوص ، واعتقد أن الصائغ من مؤمنيَّ ذلك المأثور العربي الذي يقول : تجوع الحرة ولا تأكل ثدييها . غير إنه وكما اعتقد أن البعض وربما منهم الصديق الصائغ قد تستهويه أضواء شهرة جاءت من فعل لم يقدم عليه هو ، مادام كل محضور مرغوب ،وانه ربما يستفيد مما يقال عن هذا الموضوع في محافل اخرى بقي يردد هذا الأتهام وينفيه عن نفسه في امكنة ومناسبات أخرى ، وعموما هو يعرف وليته لا يعيد هذه القصة في محفل آخر ، إن الأبداع ليس في هكذا زوايا ، الأبداع في منتج الأنسان وأصالته ، والصائغ منتج حريف لبضاعته الشعرية ومسوق جيد لها من هذا الباب وذاك ، عدا إنه يمتلك صوتاً شعرياً مميزاً وجملة لها حزن الموسيقى وحسيتها وبعضاً من أمكانيات اللغة الممسوكة بعناية الحرف والذوق. واعتقد إن من يقرا كتابه الشعري الفخم ( نشيد اوروك ) يكتشف الروح الحقيقية لهذا الشاعر وقلق الأزمنة التي عاشها وقراءته الشعرية المتمكنة لرؤى العصر ومتغيراته وكأنه في هذا الكتاب يسجل عصرنة لذاكرة الوطن ومخاضاته التي لاتحصى ..ومنها ما كان في ازمنة غابرة ، ومن مشاهدها السبي البابلي لليهود على يد نبوخذ نصر ..وفي نشيد اوروك يعيد الصائغ رؤى كافكا المتضاربة حول امكانية لملمة حزن الوطن في عقل انسان متفاءل ،وهذا مالم يحصل عليه الصائغ في كتابه سوى المديح الهائل لأمنيات هذا الوطن الملتصق بروح الشعر وكأنه يعيد مرة اخرى الصدى الأثير لشاعر ملحمي يحبه الصائغ هو الفرنسي ( سان جون بيرس ) في قصيدته القائلة :
(( لكنك تمضي ، جاهلاً أيانا ، مدحرجاً كثافة لغتك فوق كآبة أمجادنا وشهرة الأماكن المغمورة ..
أينبغي أن نصرخ ؟ ..أينبغي أن نصلي ..؟ ..تمضي ، تمضي أيها الضخم ، الباطل ، وتتبختر أنت ونفسك على عتبة ضخامة أخرى )..
وانا اعتقد إن عدنان الصائغ في كل هذا يتبختر ويكتب الشعر الجيد..
قضية النائب مثال الالوسي كما اراها انا في مغايرة تامة مع الرؤية الأولى ، فالرجل يمتلك قرار المودة مع أسرائيل حتى قبل أن يكون نائباً وهو ربما أول داعية علني عراقي للتطبيع معها بعدما كشفت تقارير قديمة عن علاقات سرية بين عراقيين وأسرائليين على مستويات شتى ، بعضهم مدفوعين برغبة محفلية والآخر خضع لرغبة المال والأسناد والخبرة وغير ذلك ، وهناك ما يمكن ان يشار اليه حقيقة بوجود الكثير من الشركات الاسرائلية تعمل اليوم في العراق تحت مسميات وجنسيات غير جنسيتها واتخذت من فنادق الكرادة مقرات لها ويقال إن الكثير من اليهود العراقيين الذين هجروا عن بيوتهم او هم هاجروا عنها بعد عام 48 من القرن الماضي قد بدأوا يراجعون دائرة طابو بغداد للسؤال عن مصير املاكهم والتي معظمها يقع في منطقة البتاوين المحاذية لشارع السعدون واغلبها اليوم مهجور وآيل للسقوط ولكنه في القياس المعماري يعد تراثاً وطنياً لأن اغلب هذه البيوت بنيت على طريقة الشناشيل الخشبية وثمة دعوات الى امانة العاصمة للحفاظ عليها وصيانتها.
ولهذا فلم تعد الغرابة واردة في زيارة الالوسي ،والرجل يمثل حزباً يسمى ( حزب الأمة العراقية ) له عضواً واحدا في البرلمان هو الآلوسي نفسه ، ويرى أيالسيد الالوسي أن خيارات هذا الطريق ربما تفتح له أفاق مجد سياسي بعد ان رأى الولاءات تتبعثر يمينا ويسارا ،بدءاً من الولاء الى ايران وانتهاء بالولاء الى دولة زمبابوي ،فأختار اخطر الولاءات واشدها حساسية ،وهذه المغامرة كلفته نزع الحصانة البرلمانية عنه ،ولدى الاخرين ربما حساب مؤجل معه ،لاسيما أن الرجل كان قد ابتلى بكارثة سابقة عندما تم اغتيال نجليه بالقرب منه ، وقبل اشهر تم أحراق منزل والدته.
وسط فوضى ما يحدث ..تاه منا الخيط والعصفور غير إن ثبات حلم الامس بقدس عربية مسالمة يظل يسكن هاجس الفطرة التي فينا ، ونظل رغم عولمة كل مايحدث ننظر الى اسرائيل بريبة وحذر عندما تعنصر فكرتها وتصهيونها في محاولة رد الاعتبار لكهنة اورشليم الذي تم سبيهم وماتوا في العراق ومنهم من هم مقدسون وأصحاب كرامات عندنا وعند اليهود ماداموا هم من صلب موسى ع ، وموسى نبي من أنبياء الله مقل الكفل والعزير ..واحد مدفون في الحلة والأخر على ضفاف دجلة في اهوار العمارة على الطريق بين الكحلاء والقرنة. ولكن كدين يهودي، فالعراقي منذ الأزل كان طيباً بالتعامل مع جميع مكونات المجتمع من مسلمين ومسيحين ويهود وصابئة وغيرهم ،وللعقل اليهودي فضل في النهضة العراقية الحديثة وكان اغلب معلمي المدارس العراقية في نشأة التحضر الجديد من اليهود ، وأول وزير مالية في الدولة العراقية هو ( ساسون حسقيل )..الذي أرسى سياسة مالية رصينة للعراق ، وحتى العلامة الكبير ومنظم الري الحديث في العراق ( أحمد سوسة ) كان يهودياً قبل ان يعلن أسلامه ، وحتى الحركة اليسارية في العراق الجديد ومنها نشأة الحزب الشيوعي العراقي كان الكثير من كوادره الأولى من اليهود.
بين زمن حرب تشرين وذكريات الرعب الذي يعكسه جهامة وجه مائير وتلك الورقة الحماسية التي كتبتها في حب فلسطين وجيش العراق وياسر عرفات والرئيس السادات ، وبين مايحدث اليوم ، أزمنة من ذكريات لاتحصى كان فيها الشاي والناي يتنغمان في صحة الوطن والراتب وبطاقة التموين..



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صيف مدينة العمارة
- الموت في العراق هو ثمن الشجاعة
- نعوم جوميسكي ..والمستكي ...
- أفارقة البصرة ..وأغنيات الهله هولو ..
- اليوم العالمي لغسل اليدين بالماء والصابون ..
- أسد وعلى خده شامه ...
- تفاحة الخد .. وشفاه البنت والولد..!
- القناة الفضائية للحزب الشيوعي العراقي..
- بعض غنوص يحيى المندائي ...
- 11 سبتمبر كما تخيلهُ جَدُنا جلجامش
- سيكولوجية رموش العيون
- الرؤيةُ فيما يَرى الرَغيف...
- قصائد ، للناس ، وخبز العباس . وخضر الياس
- عاشوراء.. القضية بين الرؤية وسرفة الدبابة
- رؤى عن الجمال وعطر البياض
- عكاز قاسم حداد
- الحسين ع - العراقي الأصيل الأصيل أبداً
- النبي الأب ..والعمُ النفري
- قصيدةٌ عن عُطاس الخبز
- دمعة على مدرج ملعب كرة قدم


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نعيم عبد مهلهل - ساهر الناي وشارب الشاي وغولدا مائير ..