أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - مازن كم الماز - أحياء دمشق الفقيرة كمنتج للثورة














المزيد.....

أحياء دمشق الفقيرة كمنتج للثورة


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 2433 - 2008 / 10 / 13 - 09:36
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


ينتج نظام الاستغلال عدوه الأول في المضطهدين الذين يصبح صراعهم معه , خفيا كان أو علنيا , جزءا أساسيا من صورة الواقع القائم مهما بدا أن الاستبداد و الاستغلال يتمتع باستقرار كبير و مهما بدا قويا , فهذا الاستقرار يبقى مهددا في كل لحظة ما أن يقرر ضحايا الاستبداد الثورة..إن الظروف التي تعيشها الجماهير نتيجة استغلال و استبداد الدولة – الطبقة السائدة تخدم موضوعيا هدفين متناقضين : الأول هو العمل على خلق حالة تدجين للجماهير و بالتالي استمرار النظام السائد , و الثاني هو خلق و تراكم عوامل الثورة ضد نفس هذا الوضع القائم , فالطبقات الحاكمة و المؤسسات القمعية القائمة تستفيد من فقر الجماهير لخلق و تكريس الانتهازية كأساس لتبعية أقسام كبيرة من نخبها للسلطة , و من جهة أخرى تشكل الظروف التي يخلقها الاستبداد حافزا للثورة اليومية و مقاومة الاستبداد..في سوريا كما في كل مكان آخر لا تقتصر هذه الظروف على المعاناة اليومية التي تعيشها الجماهير, بل في ذات بنية الأحياء الفقيرة "الناشئة" التي ظهرت جراء هجرة قطاعات واسعة من الريف إلى المدينة و خلق أحزمة فقر حول المدن الكبرى و التي تتحول بشكل موضوعي إلى تربة مناسبة لنمو بوادر نضال جماهيري ضد النظام..إن أحياء حزام الفقر حول العاصمة دمشق ( من القدم – عسالي إلى حي التضامن إلى الدويلعة و الطبالة و وادي المشاريع – دمر ) تتميز بأنها أحياء حديثة نسبيا , مكتظة السكان , تتألف من مساكن متراصة قريبة من بعضها , واطئة ( تتألف غالبا من طابق أوطابقين ) عدا عن أن مساحة كل منها صغيرة تستوعب أعدادا كبيرة عادة من السكان , إلى هذا فإنها على الأغلب متعددة القوميات و الطوائف , رغم أن قسما منها ذا لون طائفي أو قومي واحد ( الدويلعة : مسيحيين , وادي المشاريع : أكراد ) لكن حتى هذه الأحياء تضم أسرا من طوائف و قوميات مختلفة بأعداد هامة مما يجعلها مختلفة عن وضعية القسم الأكبر من الريف الذي نشهد فيه فصلا , و إن كان غير كامل , بين الطوائف و القوميات , كما أن ظروف حياة الأغلبية الساحقة من سكان هذه الأحياء هي تعبير جيد و حقيقي عن الأوضاع الرهيبة التي تعيشها الجماهير السورية , إضافة إلى ارتفاع نسبة الشباب بين سكان هذه الأحياء..هذه كلها عوامل تعزز دور هذه الأحياء كحاضنة للمقاومة الجماهيرية ضد الاستبداد..هنا يبدو أن هذا التعدد المذهبي الديني القومي في أحياء الفقر هذه يوفر أرضية مناسبة لتجاوز الوضعية الراهنة في العلاقات بين الطوائف و القوميات داخل الشعب السوري التي خلقها النظام و يستفيد هو منها أو التي تحول الصراع ضد النظام إلى صراع طائفي و ليس صراع بين نظام الاستبداد و ضحاياه , يبقى من الضروري هنا الإشارة بالمقابل إلى أن النظام يحضر بمؤسساته القمعية مباشرة أو بشكل غير مباشر كما في كل مكان , هذا ضروري طبعا لضمان سيطرته على تجمعات الفقراء هذه و استئصال عناصر و بوادر الرفض و المقاومة الجماهيرية ضده و الوقاية من ظهورها أو انتشارها..عدا عن كونها بيئة مناسبة لظهور و نمو أشكال المقاومة الجماهيرية ضد نظام الاستبداد فإنها أيضا أماكن مناسبة لصراع مفتوح بين الجماهير و قوات النظام , حيث تشكل شوارعها و أزقتها الضيقة موانع "طبيعية" في وجه العربات الثقيلة و الدبابات القوة الضاربة لقوى حماية أنظمة الاستبداد , مما يفرض على هذه القوى التركيز على استخدام أفراد المشاة في شوارع ضيقة معادية بما في ذلك مخاطر استدراجهم لمعركة طويلة تتضاعف معها احتمالات انضمامهم إلى الجماهير الثائرة..تختلف هذه الأحياء عن المعامل مثلا في أنها لا تضم أشخاصا متجانسين طبقيا تماما , هذا يطرح صعوبة أكبر في توحيد الجماهير حول مطالب معينة , لكن تشارك معظم سكان هذه الأحياء في كونهم ضحايا لاستغلال النظام يتيح فرصة هامة لتوحيدهم حول مطالب أكثر عمومية تتعلق بالجماهير عامة لكنها ستكون في هذه الحالة أكثر جذرية بالضرورة من بعض النضالات المطلبية الخاصة بفئات محددة من الطبقات المضطهدة..بعيدا عن الجدال النظري عن أن الجماهير المضطهدة هي وحدها من يمكنها أن تضطلع بمهمة تحرير نفسها من الاستغلال و الاستبداد و أن هذه الحرية لا يمكن أن تأتي عن طريق أية قوة تقوم على الاستبداد أو الاستغلال حتى لو كانت مصالحها تتناقض مرحليا مع مصالح النظام السوري كالإمبريالية الأمريكية أو الأوروبية مثلا أو أية أقسام من الطغمة الحاكمة أو عن أن المقاومة الجماهيرية ليست شيئا يخضع للإرادة الذاتية لثوريين معزولين يمكنهم أن يكونوا مجرد حفازين في أفضل الأحوال , فإن الحياة في هذه الأحياء تقوم بمهمة صهر الجماهير معا , توفير بيئة ضرورية للمقاومة , و المقاومة موجودة بالفعل , لكنها ما تزال غير منظمة , تائهة أحيانا في متاهة تعقيدات الوضع القائم و تحت المراقبة الحثيثة لأمن النظام و مؤسساته القمعية , و بالتالي غير فعالة حتى اليوم , هذا يعني أنه على هؤلاء الحفازين أن يكونوا أكثر إبداعا في مواجهة مؤسسات النظام المسؤولة عن تدجين الجماهير و في تحييدها و أكثر جرأة في المشاركة في أشكال و حالات المقاومة القائمة بالفعل , هذا هو جدل الحياة نفسها , جدل الوصول إلى حياة أفضل كما مارسه الإنسان منذ خلق على هذه الأرض.....



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاقتصاد السوري و أزمة النظام الرأسمالي و رأي الحكومة
- قتل فيل
- 1958 : الثورة الهنغارية
- ما هو جبد لوول ستريت جيد لوول ستريت فقط
- تضامنا مع إبراهيم عيسى
- تأثير اللبرلة الجارية على أنظمة رأسمالية الدولة
- شيزوفرينيا رمضان
- الوصايا الثابتة للأناركية بقلم ألبرت ملتز
- لا لحرب جديدة في القوقاز !
- المحاصصة كشكل للخروج من أزمة الأنظمة الشمولية
- نحو الحرية لا إحياء الحرب الباردة
- تعليق على أستاذنا عبد الرزاق عيد
- الأناركية و الجنس
- التابو , السلطة , النخبة و نير الاستبداد
- المعارضة العمالية 1919 - 1922
- هكذا يموت الفقراء !
- هذا الكلام الفاشي
- سادة من دون عبيد ( من وثائق الأممية الموقفية )
- ميخائيل باكونين : بنية الدولة في معارضة بنية الأممية
- لا للصواريخ الروسية في سوريا أو الأمريكية في بولندا و تشيكيا


المزيد.....




- روسيا توقع مع نيكاراغوا على إعلان حول التصدي للعقوبات غير ال ...
- وزير الزراعة اللبناني: أضرار الزراعة في الجنوب كبيرة ولكن أض ...
- الفيضانات تتسبب بدمار كبير في منطقة كورغان الروسية
- -ذعر- أممي بعد تقارير عن مقابر جماعية في مستشفيين بغزة
- -عندما تخسر كرامتك كيف يمكنك العيش؟-... سوريون في لبنان تضيق ...
- قمة الهلال-العين.. هل ينجح النادي السعودي في تعويض هزيمة الذ ...
- تحركات في مصر بعد زيادة السكان بشكل غير مسبوق خلال 70 يوما
- أردوغان: نتنياهو -هتلر العصر- وشركاؤه في الجريمة وحلفاء إسرا ...
- شويغو: قواتنا تمسك زمام المبادرة على كل المحاور وخسائر العدو ...
- وزير الخارجية الأوكراني يؤكد توقف الخدمات القنصلية بالخارج ل ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - مازن كم الماز - أحياء دمشق الفقيرة كمنتج للثورة