أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلاقات الجنسية والاسرية - مازن كم الماز - الأناركية و الجنس















المزيد.....


الأناركية و الجنس


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 2404 - 2008 / 9 / 14 - 08:25
المحور: العلاقات الجنسية والاسرية
    


المواقف الأناركية من الجنس يمكن أن تتراوح من فكرة أن "أي شيء" يمكن أن يدور بين الناضجين باتفاقهم , إلى مقاربات أكثر تقليدية لما يمكن أن يشكل الحب الحر بين الأفراد . شيء واحد يجمع بين هذه الآراء المختلفة , هي فكرة الحرية الجنسية و معارضة الاستغلال الجنسي . لكن أن تكون مؤيدا للحرية الجنسية و معاديا للاستغلال الجنسي هو شيء مفتوح لتفسيرات واسعة و يمكن أن يشمل تحليلات متنوعة , حتى متناقضة أحيانا , من أناركي إلى آخر .
في إطار تقاليد أناركية تاريخية خاصة ( إضافة إلى تلك الموجودة عند اليسار ) كان هناك غالبا موقفا هاما "طهريا" من الجنس و أية ممارسات اعتبرت عموما طائشة أو عابثة .
نعرف جميعنا قصة إيما غولدمان ( ناشطة أناركية روسية الأصل أمريكية – المترجم ) و قد رقصت طول الليل مع الشبان في اجتماع أناركي اجتماعي , و بعدئذ معاقبتها لهذا السلوك الذي لا يناسب الثوريين ( كما نعرف أيضا عن غضبها التالي ) . و نعرف أيضا أن بعض أقسام الحركة الأناركية أثناء الثورة الإسبانية قد اتهمت بطهرية مشابهة , و فكرة أنه على الثوريين الأناركيين و الشيوعيين أن يعيشوا حياتهم كالرهبان أو الراهبات المتنسكين , ما تزال موجودة حتى يومنا في بعض الأوساط .
لقد صنفت قصص الكتاب الأناركيين من القرن التاسع عشر مثل أوكتاف ميرابو على أنها كتابات إباحية من قبل المؤسسة الأدبية لذلك الوقت . في "يوميات خادمة مهجع" جرى وصف العادات الجنسية للبرجوازية بطريقة دفعت جي غريف للتعليق بقوله "كم يوجد من بذاءة و انحلال تحت السطح الجميل لمجتمعنا" . لنكن منصفين فإن بطل ميرابو البروليتاري سيليستين لم يكن قديسا أيضا فيما يتعلق بالجنس , لكن التأكيد على ما يسمى "بالفساد" أو "الفسق" الجنسي للأغنياء في الممارسة يتضمن بوضوح فكرة وجود التمرد الجنسي لدى البرجوازية بطريقة ما . هذا لا يختلف حقا عن ما كان تيار المناضل القديم ( الحزب الاشتراكي الآن ) يردده قبل عدة سنوات عن أن المثلية الجنسية ليست إلا مرض برجوازي .

القيم الفيكتورية

أضف إلى ذلك التأثير المتبقي لعناصر معينة داخل حركة تحرير المرأة , التي قادت الكثير من المدافعين عن حقوق المرأة من النساء و مناصريهم الذكور لتبني مواقف "طهرية" من الجنس و النشاط الجنسي , و ليطالبوا بتطبيق المراقبة ضد الكتابات الإباحية و كل أنواع الغزل .
من دون شك أن الكثير من الأشياء الإيجابية قد جاءت من الحركة النسوية و حركة تحرير المرأة عامة , لكن كان هناك تراجع كبير في نمو الاعتقاد بأن الرجال عموما مستغلون بشكل فطري تجاه النساء ( هذا الاعتقاد الذي يقوم بحق على الحقيقة الأكيدة بأن الكثير من الرجال يتصرفون بهذه الطريقة بالفعل لمعظم أو بعض الوقت على الأقل ) , فيما يتم تصوير النساء دوما كضحايا لهيمنة الذكر و اضطهاده . ينتج عن هذا الموقف قفزة هائلة في الاعتقاد , ينتهي إلى الزعم بأن كل الرجال يؤذون المرأة جنسيا إما فعليا أو بشكل كامن محتمل على الأقل , فيما النساء على الجهة المقابلة ينظر إليهن على أنهن قديسات أساسا و لا جنسيات تقريبا تتعرضن للإفساد من قبل الرجال , و أن النسوة اللاتي يقمن بأفعال مثل الخروج من البيت و التعرف على الرجال و ممارسة الجنس معهم ( أو حتى الدخول في علاقات مع "العدو" ) كن في الحقيقة يعشن كدمى للرجال و نظامهم البطريركي . بالنتيجة فإن نظرة "المستغلات اللا جنسيات" هذه تتشابه أكثر مع الميثيولوجيا المنحطة التقليدية الدينية "للنساء على أنهن إما مريم العذراء أو عاهرات" و تتضمن أكثر من إشارة إلى "القيم الفيكتورية" الجيدة القديمة . من المحزن أنه حتى الأناركي عرضا ما يزال يتعلق ببعض هذه الرزمة الأخلاقية السائدة .
في ظل الرأسمالية فإن كل شيء و كل فرد هو سلعة , لكل منا سعره في السوق . سواء ببيع قوة عملنا كعمال , أو بشراء الأشياء الضرورية ( و بعضها ليس ضروريا إلى هذا الحد ) كمستهلكين , فإننا جميعا نوجد كجزء أو قطعة من نظام السلع , أي من عالم الرأسمالية .
الجنس إذا لا يختلف و هو شيء ليس فقط صالح للعرض بل إنه شيء يجري تسويقه بشكل هائل جدا في ظل الرأسمالية ( كما نعرف جميعا فإن الجنس يسهل إتمام البيع ) . لكن عندما يباع الجنس و يشترى – سواء من خلال الأدب الإباحي , ممارسة الدعارة , الخ – فإن اليسار , مناصرات الحركة النسوية اللواتي يؤيدن فرض المراقبة و بعض الأناركيين يذهبون لرؤية هذه التجارة على أنها أكثر سوءا من كثير من أشكال الاستغلال الرأسمالي الأخرى .

الرقص الإباحي

كمثال فقد افتتح مؤخرا نادي للرقص الإباحي في نوتنغهام و قد نظمت على الفور حملة لإغلاقه . أنا لا أعرف الآن فيما إذا كان الأناركيون مشاركين بالفعل في هذه الحملة أم لا , لكني أعرف أن بعض الأناركيين يرى في حملات كهذه قضية تستحق المشاركة .
إنني أتفهم دفاع مناصرات الحركة النسوية المؤيدات لفرض الرقابة . لكن فكرة أن الفن الإباحي ( و في هذه الحالة الرقص الإباحي ) يحرض الرجال بطريقة ما على التصرف بعدوانية تجاه النساء أو اغتصابهن مشكوك فيه جدا . كما أن النظرة التبسيطية للفن الإباحي و صناعة الجنس عامة – الذي يرى كمكان تشارك فيه النساء كضحايا يتعرضن للاستغلال المضاعف – تبدو بالنسبة لي قائمة على شكل من المحافظة أو التحرر , من الأخلاق الدينية المتخفية , مع مساعدة هائلة من الأساطير الحسية للإعلام التي تضاف إلى درجة كبيرة . لكن وحدها المعرفة السطحية لهذه النظرة تقوم على الواقع الفعلي لمهنة الجنس أو لصناعة الجنس , التي هي في الواقع واسعة بشكل هائل و ذات وجوه عديدة . نعم إن أجزاء منها استغلالية بشكل مرعب , و أحيانا هي بمثابة تعبير عن عبودية ( غير مأجورة ) حقيقية , و ليست إلا وسيلة للمصالح التجارية الصغير منها و الكبير , الشرعية وغير القانونية , التي تشكلها .
لكنني سأقول ( خاصة في هذا البلد ) أن أقسام عديدة من صناعة الجنس ليست أكثر و لا أقل استغلالية من أي شأن رأسمالي آخر و هناك فروع أخرى لا استغلالية بقدر ما يمكنك أن تجد في ظل الرأسمالية .
لذلك فإن التعميم الكثير جدا فيما يتعلق بصناعة الجنس يقود إلى فهم محدود جدا و ساذج لها و لن يقول أي شيء عن الظروف الحقيقية هنا .
الآن إنني أميل للتفكير في نوادي الرقص الإباحي على أنها , حسنا , شيء كريه . لكن في المخطط الاجتماعي الاقتصادي للأشياء داخل الرأسمالية فإنني أضعها في الصنف المذكور أعلاه "لا أكثر و لا أقل" من صناعات النظام الاستغلالية . في نوادي الرقص الإباحي هناك عادة قواعد صارمة عادة للسلامة "لعدم السماح باتصال جسدي" بين الراقصات و المتفرجين و إذا لم تكن تمانع بأن يلمسك أحدهم فإن ما ستحصل عليه من مال ليست بهذا السوء و ستكسب أكثر من معظم وظائف الطبقة العاملة الأخرى . إنه أيضا ذاك النوع من العمل الذي يمكنك فيه أن تأتي و تذهب عندما تريد و حيث ساعات العمل مرنة غالبا . من الصحيح أن أرباب العمل يمارسون التمييز بتشغيلهم فقط للنساء اللواتي يعتبرن "جذابات" أو "مثيرات جنسيا" و باعتبار حد أعلى للعمر – على أساس أن هذه الأشياء هي التي تجتذب الزبائن الذين يدفعون .
لذلك كشيوعيين أناركيين يجب على موقفنا من نوادي الرقص الإباحي أن يقوم بنفس الدرجة على أساس موقفنا من السينما مثلا أو مكان صب المعادن أو سوق تجاري – بكلمات أخرى , إنه يتعلق بالرأسمالية كالمعتاد . لكن بالتأكيد أن الموضوع ليس بهذه البساطة , أليس كذلك ؟ لماذا ينهض الناس بالسلاح في مواجهة هذه النوادي بحيث أنهم يريدون القيام بحملة لإغلاقها أكثر مما يفعلون تجاه متجر لبيع الألبسة المستخدمة يدفع للعمال "غير الشرعيين" 15 جنيها في الساعة ل 12 ساعة يوميا ؟ لأنه في الأول تقوم امرأة ما بالرقص باستهتار عارية أو شبه عارية لعدة ساعات مقابل أجر أكثر إنصافا ؟ أم لأن القائمين بالحملة لا يريدون حدوث أشياء سيئة ( ليست كثيرة بما لا يمكن إنكاره ) خلف أبواب مغلقة في الجوار ؟
الآن عند الحديث عن ما أسميه بالحد المتوسط من الأقسام الاستغلالية "لا أكثر و لا أقل" من صناعة الجنس ( مثل نوادي الرقص الإباحي ) , فلدي شك خفي أن كل القضية تنتهي أخيرا إلى الأخلاق . القضية هنا في الحقيقة أن الناس يستخدمون أجسادهم بطريقة جنسية من أجل المال . " وفقط شخص مستغل يمكنه القيام بذلك , أليس صحيحا ؟ أو شخص مضطرب عاطفيا ... تعرض للإيذاء الجنسي عندما كان طفلا ... ساذج عاجز ... شخص إلى جانب العدو ... حسنا , كيف يمكن لأي امرأة تحترم نفسها أن تشييء جسدها بهذا الشكل ؟ " .
حسنا أشعر بالأسى لقول ذلك , لكن و كأن بعضنا لم يغادروا فعلا أيام الملكة فيكتوريا و أن الجنس ما زال "تابو" ( محرما ) كما كان دوما . الجنس للبيع , الجنس كسلعة , الجنس علنا , الجنس مطبوعا و مصورا , الجنس الشاذ الغريب الفيتشي العاصي , الجنس و كأنه مبشر , في الواقع كل نمط من الجنس في المجال العام هو القضية .
أولئك الذين يختارون مهاجمة نوادي الرقص الإباحي لكن ليس محطات البترول المحلية يفعلون ذلك بسبب الأخلاقية الشخصية عن الجنس . الجنس يجعل من هذا موقفا أخلاقيا لأننا لو كنا نتكلم عن علاقة اقتصادية بسيطة فقط , فإنه يكون عندها حقا بنفس رتابة الصناعات الأخرى . لكننا لا نفعل ذلك ببساطة , أليس كذلك ؟ لذلك عندما يخصص بعض الأناركيين نوادي الرقص الإباحي أو الكتب المخصصة للكبار , فإنهم لا يؤسسون أفعالهم هذه على تحليل طبقي , بل على ما يعتقدون أنه جيد أو سيء أخلاقيا لبقيتنا ( الأمر الذي يطرح السؤال عن تفسيرهم عن الأناركية ) . هذه المبالغة في معارضتهم لصناعة الجنس هو خيار شخصي أخلاقي , لكن لا شيء يجمعه مطلقا مع التحليل الطبقي الثوري أو مع الأناركية نفسها .


الأفلام الإباحية الثورية

شيء آخر مزعج فيما يتعلق بإيديولوجية الرقابة هو تجاهلها ( المقصود ربما ) للتحرر الجنسي كقوة محررة و حتى ثورية . ليست مصادفة أنه في خلال الكثير من الأحداث الثورية لعب الفن الإباحي و الشهواني دورا مؤثرا في الثقافة الشعبية الثورية . بالطبع أن الصور الجنسية التي خلقت في سبيل المتعة كانت موجودة لقرابة ألف عام لكنها كانت عادة في متناول الأغنياء , المتعلمين , و الطبقة الأعلى من الإكليروس . لكن أثناء الثورة الفرنسية حدث تعبير جنسي أكثر حرية و توزيع أكثر حرية أيضا للفن الإباحي . بكلمات أخرى أصبح متوفرا بحرية لنا نحن العامة أيضا . أتذكر أنني قرأت عن الأيام الأولى من الثورة البرتغالية عام 1974 , عندما كانت الديكتاتورية الفاشية قد سقطت للتو و أصبح كل الأدب المحظور متوفر فجأة بحرية , بحيث أنه يمكن للمرء أن يجد أعمال باكونين , كروبوتكين , ماركس و لينين توجد إلى جانب مجموعة من مجلات الفن الإباحي !
و تاريخيا ليست مصادفة أنه عندما تبدأ الرجعية بفرض نفسها من جديد فإن باكونين و المجلات الجنسية تكون أول ما تختفي تحت تأثير الردة القائمة على المثل . كما أنه ليس مصادفة أن الفن الإباحي و ما يسمى "بالجنس المحرم" هو غير قانوني و يعاقب عليه بشدة تحت بعض أكثر الأنظمة القمعية ( و التي هي بالمصادفة معادية للمرأة ) في العالم .
هذا لا يعني القول بأن الفن الإباحي هو شيء رائع و يؤدي إلى التحرر في نفسه . إنه ليس كذلك . إن الغالبية العظمى من الفن الإباحي ( خاصة النوع الأقل فضحا الذي تنتجه إمبراطوريات الإعلام الاحتكارية الكبرى ) هو بالتأكيد مروع , يعكس القيم الرأسمالية الجنسية نفسها و يبدو أنه معد فقط ليجتذب أكثر الذكور المروعين المكبوتين الامتثاليين ( للكنيسة أو للأخلاق – المترجم ) . لذلك إذا كان الفن الإباحي طعام الحب , فإن هذه ستكون البيغ ماك ( وجبة سمينة تقدمها مطاعم ماكدونالدز الأمريكية – المترجم ) .
من الممتع ملاحظة أن هذه النفاية الأقل فضحا متوفرة بشكل حر تماما عند أي محل لبيع الصحف و المجلات أو المحلات الواقعة على الطرق السريعة , و يجري الترويج لها بنشاط من قبل شبكات الإعلام و التوزيع السائدة و تراها المؤسسة على أنها مقبولة و يقوم بالقوادة له بعض أكثر المؤسسات محافظة . من جانب آخر يرى الفن الإباحي الأكثر فضائحية على أنه خطير , مخرب و قضية يجب أن تتعامل معها الشرطة تحت طائل قانون اللغة الخلاعية . فيما أن بعض المواد التي تصنف على أكثر فضائحية هي مراوغة من دون ريب و حتى خطرة , فليس من المدهش أن بعض المواد الأكثر تشويقا , التي لا تتماشى مع السائد , و أقلها نمطية و ابتذالا و المتنوعة جنسيا توضع تحت هذا العنوان .


الجنس الأناركي مع الخبز و الزبدة

بعد أن قلنا كل هذا , فإن الفن الإباحي ( الجيد و السيء ) هو بالطبع أكثر من استعراض , أو شيء يستخدمه مراقب سلبي ( عادة ) . لكن الجنس و النشاط الجنسي ليسا سلبيان , بل أشياء نفعلها , أشياء نشارك فيها بفاعلية . مما يقودني إلى السؤال , هل توجد أشياء مثل نظرة أناركية للجنس أو حتى طريقة أناركية للنشاط الجنسي ؟
واقع أن بعض القراء قد يختلفون بشدة مع بعض النقاط التي أثيرت في هذا المقال يعني أن هناك إغراء شديد في الإجابة بلا .
أيضا قد يعترض بعض الرفاق أن كل هذا هو تحويل الأنظار عن النضال الحقيقي ضد الرأسمالية و قضايا الخبز و الزبدة الطبقية .
لكنني لا أعتقد أن موقفا أناركيا من الجنس و النشاط الجنسي هو بأي حال من الأحوال تحويلا للاهتمام .
أكثر من ذلك فإنني أعتقد أنها ليست بعيدة عما تسمى قضايا "الخبز و الزبدة" الطبقية كما قد يعتقد بعض الرفاق .
إن الطعام , الشراب , وجود سقف فوق رؤوسنا , و الجنس كلها حاجات إنسانية أساسية . حسنا , إن نقص الجنس لن يقتلك عموما ( كما في حالة الجوع ) , لكن أن تكون جائعا للجنس يمكن أن يعبث بعقلك . مع هذا القول فإن الكثير يشاركون في نشاط جنسي منتظم نسبيا و هو أحيانا بالطبع جيد جدا , بينما في أحيان أخرى ليس ممتعا بالمرة . إضافة إلى هذا فإن حقيقة أن ممارسات جنسية أكثر انفتاحا و تنوعا تقمع بقوة ليس فقط من قبل العائلة , الكنيسة , الدولة , نظام التعليم , ضغط مجموعات الإشراف , وسائل الإعلام الجماهيرية , و بالطبع الرأسمالية عموما , بل أيضا من قبل بعض أولئك الذين يلتزمون بإيديولوجيات أكثر تقدمية ظاهريا , المتمردين , الراديكاليين , اليساريين , الأناركيين و الشيوعيين .
بالنتيجة , رغم أنهم ليسوا جائعين بالضبط , فإنني أخمن أن أغلب سكان العالم الناضجين هم على الأقل عرضة لسوء التغذية الجنسية أو تغذية جنسية أقل ( مما يمكن أن يؤدي إلى مشاكل مثل نقص الثقة في النفس , الاكتئاب , و سائر الأمراض العقلية , الكحولية , الإدمان على المخدرات , الانتحار ) . لذا فإنني أقول أن هذا الموقف هو شيء يستحق بالقطع المعالجة من قبل الثوريين .

الانحراف

هناك أيضا موقف مثير للجدل ذكرته سابقا , أن أي تمرد جنسي ( يوصم عادة "كانحراف" , "فساد" أو "تشويه" ) هو بطريقة ما نتاج للرأسمالية , أو سمة برجوازية . إذا كانت هذه هي القضية فهل سيكون الجنس في مجتمع أناركي فقط ذاك النوع المتجذر بقوة في الواقع الاجتماعي الأناركي الشيوعي ؟ أو بشكل أكثر وضوحا هل يعني هذا أن أي مجتمع أناركي شيوعي مستقبلي محتمل سيكون "خال نسبيا من أية غرابة في الأطوار" ؟ أنا كفرد ( بصفتي الفردية ) أرجو ألا يكون ذلك . إن مستقبلا جنسيا كهذا , يذكرني نوعا ما بالنظرة الطفولية لل"جنة" المسيحية , حيث عليك أن تجلس على سحابة طوال الوقت و أنت تعزف على القيثارة ( هنا يقارن الكاتب هذه النظرة بالنظرة التبسيطية عن المجتمع الشيوعي المستقبلي – المترجم ) . و بشكل محق جدا فإن الجحيم يبدو دوما أكثر جاذبية بكثير بالنسبة لي . حسنا , ما لم تكن تعيش خيالات جنسية تقوم على العلاقات و السلوك المنصف و القائم على المساواة الاجتماعية بين عضو جمعية العمال و المندوب المحلي المفوض ... أو ربما قد يجتذبك بعض "النشاط الجماهيري" ؟
يمكن للجنس بالطبع أن يعكس غالبا الوقائع الاجتماعية , لكن لا يجب عليه أن و يمكنه أن يكون منفصل تماما عن أي شيء نعرفه أو جربناه فيما سبق . على كل دعونا نواجه الموضوع , لا يعمل الجنس دوما بشكل جيد جدا على المستوى العقلاني أو الفلسفي ( إلا في مقالات كهذه ) . و يقوم الناس بكل أنواع الأشياء التي يتعذر تفسيرها , الغريبة و الحمقاء عندما يكونون في مزاجهم الجنسي البحت . قد يشمل هذا أشياء مثل ممارسة خيالات تبادل القوة الجنسية , فيتشية الجنس و النشاطات العابرة للجنسين الخ . غالبا ما لا يمكننا تفسير أسباب رغبتنا بالقيام بهذه الأشياء بالفعل , و لا نريد غالبا تفسيرها أيضا ( كما في حالة شيء ما نراه مثيرا بالفعل , يبدو فجأة أرضيا أو دنيويا ) . و لا يعني هذا أيضا أن الأذواق أو النشاطات الجنسية التي نطلق العنان لها هي غير صحية .
لسوء الحظ أن الطب النفسي قد قدم الأدوية و مستشفى المجانين لكل ميل جنسي "متمرد" أو غريب بين الناس ( خاصة بين أناس الطبقة العاملة ) و يحب المجتمع البرجوازي و إعلامه أن يوصم هؤلاء الأشخاص المختلفين على أنهم "منحرفين أو شواذ" .
من الضروري ألا نوافق على هذا النمط من التفكير . إذا كان على الأناركيين الثوريين أن يبدؤوا بإدانة أي كان ذا ميل أو تفضيل جنسي "غير سائد" فإن هذا سيكون كارثة حقيقية ليس فقط بالنسبة للأناركية كفلسفة بل أيضا لطبقتنا و مستقبل البشرية . بالنسبة لي يجب على الموقف الأناركي الثوري من الجنس و الجنسية أن يتضمن الاعتقاد بأن النشاطات و العلاقات الجنسية يجب أن تكون مأمونة و حرة و متنوعة و تتم بالرضا الكامل لأطرافها أن تعترف بأن الناس قد يكونون غريبي الأطوار , مثليين , أو يمارسون الجنس مع الجنس الآخر , من أحاديي الزواج إلى متعددي الأزواج , من غير المهتمين بالجنس إلى من يمارس الجنس بشكل مفرط , من الجنس المعتدل إلى أكثره تطرفا . في النهاية , إذا كان مأمونا و يتم برضا الطرفين الكامل ( مهما بدا غريبا ) و أن الجميع يمتعون أنفسهم , فما المشكلة في ذلك ؟
أرجو أن تكون الأناركية إلى جانب الحرية الجنسية , التحرر الجنسي , الصدق و المساواة في الجنس . و عندما أقول هذا فإنني لا أتحدث عن قيام كل فرد بوضع القوائم لمعرفة من سيكون التالي . الصدق هو عندما يكون الناس حقا و دون أن يحكم عليهم أي كان في وضع يسمح لهم بالتعبير الجنسي بحرية عن أنفسهم دون خوف من أن يوصموا بالانحراف أو الشذوذ .
و عندما يكون الناس صادقين جنسيا قد تحدث بعض الأشياء الغريبة , و سيكون هذا بطريقته الخاصة ثوريا بالفعل .
( جرى تعديل كثير من الألفاظ الواردة في النص الأصلي ذات الدلالات الجنسية المباشرة ) .

نشر المقال في نشرة تنظم ! العدد 59 الذي تصدره الفيدرالية الأناركية في بريطانيا
ترجمة / مازن كم الماز
نقلا عن //libcom.org/tags/sex-indestry



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التابو , السلطة , النخبة و نير الاستبداد
- المعارضة العمالية 1919 - 1922
- هكذا يموت الفقراء !
- هذا الكلام الفاشي
- سادة من دون عبيد ( من وثائق الأممية الموقفية )
- ميخائيل باكونين : بنية الدولة في معارضة بنية الأممية
- لا للصواريخ الروسية في سوريا أو الأمريكية في بولندا و تشيكيا
- من وثائق الأممية الموقفية الإصلاح و الإصلاح المضاد في الكتلة ...
- ما هي مجموعة الألفة ؟
- فيما يتعلق بحرية الرأي و الفتنة المذهبية
- من القمع الموجه ضد إعلان دمشق إلى إعادة بنائه كائتلاف واسع
- وداعا محمود درويش
- مصير الشعوب و الناس في صراعات الكبار
- شتيرنر , الفرد و الأناركية
- نقاش حول البرنامج التنظيمي للاتحاد العام لأناركيين
- لا ديمقراطيين , و لا ديكتاتوريين : بل أناركيين .
- من حكم البيروقراطية إلى البرجوازية أو المتبرجزين التابع للرأ ...
- عارف دليلة و فداء الحوراني و أخيرا محمد موسى : قمع النظام ال ...
- من تحليل البيروقراطية إلى سلطة العمال
- لماذا يحتفي النظام السوري بالشهداء ؟..


المزيد.....




- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...
- هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟
- اغتصاب وتحويل وجهة وسطو وغيرها.. الأمن التونسي يوقف شخصا صدر ...
- “الحكومة الجزائرية توضح”.. شروط منحة المرأة الماكثة في البيت ...
- جزر قرقنة.. النساء بين شح البحر وكلل الأرض وعنف الرجال
- لن نترك أخواتنا في السجون لوحدهن.. لن نتوقف عن التضامن النسو ...


المزيد.....

- الجندر والجنسانية - جوديث بتلر / حسين القطان
- بول ريكور: الجنس والمقدّس / فتحي المسكيني
- المسألة الجنسية بالوطن العربي: محاولة للفهم / رشيد جرموني
- الحب والزواج.. / ايما جولدمان
- جدلية الجنس - (الفصل الأوّل) / شولاميث فايرستون
- حول الاجهاض / منصور حكمت
- حول المعتقدات والسلوكيات الجنسية / صفاء طميش
- ملوك الدعارة / إدريس ولد القابلة
- الجنس الحضاري / المنصور جعفر


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلاقات الجنسية والاسرية - مازن كم الماز - الأناركية و الجنس