أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تحسين كرمياني - الرقيب الداخلي














المزيد.....

الرقيب الداخلي


تحسين كرمياني

الحوار المتمدن-العدد: 2431 - 2008 / 10 / 11 - 06:04
المحور: الادب والفن
    


لن نفهم أنفسنا،إلاّ عندما نجد أنفسنا في ضياع] ـ هنري دافيد تورو ـ
.. هو كائن لا مرئي،محسوس غير ملموس،يتواجد ريثما نبادر أو نبغي تحرير إفرازاتنا لسانياً أو كتابياً وأحياناً عينيّاً،قرين ساهر،لا يكل أو يمل من تشتيت كل ما لا يروق للآخر،ليس بوسع علم النفس الفرويدي فك ارتباطه أو تشريح ماهيته أو إعطاء تفسيراً مقنعاً حول كيفية ولادته أو اتخاذه من النفس البشرية عريناً مرعباً،يمتلك برج مراقبة تفوق دقته في التحسس أدق الأجهزة الحديثة،قنّاص يخنق المبادرة في شرنقته،لا يدع أدنى فرصة لبرعم يريد أن يتوالد علناً،كاتم النفس هو،قبيح رغم تواجده الأزلي الأبدي فينا،لا نملك الحق في إلغائه،له الحق في توجيهنا،يستفرد بمشاعرنا،يتواجد أينما نكون في يقظتنا المرتبكة ونومنا القلق،لا تأتي هواجسنا إلاّ من بين مخالبه،لا يمر حلم من دون تفكيكه وتبديده،أنه قرين فوق كل احتمال،تغذى بنا على مرأى من أعيننا،ورحنا نجامله رغم قسوته،وربما أكثر المتضررين هم الصفوة الحالمة،أصحاب الآمال العريضة،الساهرون وسط براكين العذابات،الحالمون بحياة بلا تعقيد،حياة متواضعة يمارس اللسان سلطته فيها بلا تابوهات،وحدهم الكتّاب ينزفون دماءهم وعرق أجسادهم من أجل تعبيد دروباً للحرية،من أجل أن ترفرف الحياة بأجنحتها الحقيقية، يا له من وبال وخيم،علّة دون علاج،كثيرون يجهرون أنهم قتلوا هذا المارد الشبحي،لا يتورعون من تكرار تباهيهم،وحين نستطلع مزارعهم نجد أن الرقيب من شاهق يقهقه،هل حقاً اللجوء إلى ترميز وتقنيع الحق هو هروب أو عبور حواجز رقيب الداخل..؟؟ وهل تلبيس الكتابات بأسماء مستعارة حرب في وضح النهار مع السلطات الغوبلزية..؟؟ من جعل الصحافي يكتب عن ساخن الأحداث دون ذكر أسمه الصريح..؟؟ كتّاب ذات يوم كانوا أصحاب نظريات وآراء وطروحات فكرية،أعمالهم كانت تؤسس لبنات أولى لبناء هرم الثقافة الصادقة من دفعهم اللجوء إلى منابت لا تدر غير عواطف مستهلكة وفلاحة في أرض قاحلة..؟؟ لا تقولوا الخوف..!! فهذا الخوف هو الذي جندل الحرية وخنق الحياة داخل الفوضى وسد الأفق بوجه النور المتنامي داخل ذواتنا،هو رقيب الداخل العنيد،هو(غوبلزنا)الذي تناول عشبة الخلود،فمهنة الكتابة هي حرفة الشجعان،حرفة مكانها أفران ومراجل لا تعرف الانطفاء،ليس الكاتب وحده من يخضع لنير الغول القابع فينا،وأن كان هو من أكثر المستهدفين رصداً،أينما نجلس،أينما نقف،داخل المقاهي والكراجات،داخل حافلات النقل،في الدائرة،وحتى أوان السهرات العائلية،دائماً يرن جرس،يدير دفة الحوار ويوجه سفن النقاش صوب أمكنة رثة،لا أحد يتفوه بالسياسة أو يشير إلى نقيصة من نقائص المجتمع،فكل شيء محدد،وكل كلام يمر بغربال رقيب الداخل،وكل غموض يقود إلى متاهات،انقرضت السلطة ولم يرحل ماردها،وظلّ الواحد منّا يتلون كما تتلون الحرباء،تارة نلعن من تسبب في فجيعتنا،وتارة نحن لأيامه،صار اللسان لسانين،وكلما جاء عابر غريب ـ أينما نكون في مقهى أو داخل مركبة نقل ـ وحين يطرح غضبه أو تأيده لفئة ما،يتسارع الجميع لإسناد كلامه وتفعيل ذاته بمجاملة تدفعه أن يسادر ويؤسس لإنبات شوكة تأخذ جذورها بالتوسع،ويحصل التناقض بعد برهة حين يغادر صاحب الرأي المتطرف،يجيء واحد ويطرح آراء مناقضة لمن جلس قبله في ذات المكان،تصفق الأيدي وتشاطره الألسن فيما يجهر به،عجيب غريب أمر هذا العصر،من المسؤول عن هذا التبدل الجوهري للذات،يقيناً أنه القرين اليقظ،الرقيب العتيد،ترى من حقنه بهذه الفراسة ومن مدّه بطول العمر..؟؟ من أهّل له أرضية خالدة وألبسه تاج الأزلية..؟؟ هذا الحاضر اللامرئي،يذكرنا برائعة (جورج أورويل) (1984) ،سلطة الأخ الأكبر ونفوذه الراسخ في داخل كل فرد،هل من الممكن أن نقول أن الكاتب أستشرف عصرنا وجال بيننا وسطر روايته،لم لا مادام الكاتب أوّل الملاحقين والمطلوبين من قبل ساسة الظلام،ربما ذهب البعض أن الرواية كانت تنبؤية وأن الحياة ستؤول إلى تلك النهاية الحتمية للإنسان،ويمكن إضافة فكرة أخرى،أن الروائي كان يعيش عصراً غامضاً مليء بالتناحرات وإلغاء للآخر،تيارات سياسية تتوالد وتتخذ من الإنسان جسور وقرابين للوصول إلى ثروات البلدان،لقد كان الإنسان أسير قوّة خفيّة تضبط منظوماته ومؤهلاته الإنسانية،يمنع ويبيح هذا القرين الساكن وفق دستوره الذي هو دستور الشر الراكب صهوة جواد الغرور والتفرد،بات واحدنا فريسة لمجسات تمتد في لحظة حاسمة،لحظة ولادة رغبة أو حلماً ينوي التغريد والتحليق،ياله من كائن شمولي يجيد لغات الأرض كلها،لا يفرق بين كهل وطفل أو ولد وبنت،ليس في قاموسه سوى كتم أنفاس كل ما هو نبيل،أو شجرة تمد الحياة بظل للحالمين،فهو وصل إلى برجه الخالد بوسائل تدميرية وعمليات تطهيرية معقدة لا يمكن في راهن العصر من تفكيكها كما يتم تفكيك خلايا الإرهاب السرطانية،لقد بدأت أقلام معروفة بحملة كبيرة للنيل من السلطة البائدة،وربما هي محاولة لأبعاد التلوث من سيرتهم الكتابية،سرعان ما تراجعت الأقلام من رحلة الحصاد بمحصول خائب،وصارت تتاجر برخيص مواضيع أو قميء أفكار،كما تراجع (السيد القمني) وتنصل علناً من كل ما كتب سنوات ما قبل التفخيخ والاعتقال الدولي للناحتين في أصل الحضارات القديمة،(والعهد على الخبر المنشور في صحيفة عراقية)،من ينقذ النفس من براثن هذا المارق..؟؟ من يعيد للّسان صوته وللقلم دبيبه في أرض الحرام..؟؟ لا بد من حملة عظمى تكفلها الأمم والإستعانه بخبرات علماء النفس وإنشاء قنوات إعلامية مع ضرورة توظيف موارد وأعداد مناهج دراسية ربما بعيدة المدى من أجل تفكيك شبكة هذا الرقيب الأزلي المتطفل فينا،لقد آن الأوان لإحالة هذا الرقيب على التقاعد بعد انتفاء الحاجة إليه،رحيله يحرر ضمائرنا من كوابيس تعايشنا،ووجوده يفتك بما نحمل من أحلام،ولدينا المفتاح الذي لا يخطئ،مفتاح الولوج إلى قمقم هذا الرهيب وزعزعة طغيانه وإزالته من دواخلنا،لقد آن الأوان لإعلان النفير من أجل تغيير ما بأنفسنا لكي يتكفل صاحب المفتاح العليم ببقية المهمة المستحيلة..!!
***



#تحسين_كرمياني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أجل صورة زفاف//مسرحية//المشهد الأول
- من أجل صورة زفاف//المشهد الثاني//
- من أجل صورة زفاف//المشهد الثالث//
- من أجل صورة زفاف//المشهد الرابع//
- من أجل صورة زفاف//المشهد الخامس والأخير//
- هل لي أن أتكلم قليلاً بوضوح
- نرجس وقنابل
- شاعر البلاط الرئاسي
- أراد أن يأكله الكلب..//مونودراما//
- سيرة يد
- احتفاء بموت عصفور
- رجل الفئران
- اندحار قلاع الصبر في(جولة في مملكة السيدة..هاء..)لعدنان حسين ...
- قراءة في قصة(أحماض الخوف)ل(جليل القيسي)
- لا كلب ينبح بوجه مولانا
- ما رواه عبيدال//قصة قصيرة
- من أجل سلّة رغيف
- أحزان صائغ الحكايات..حين يفضح النقد أسرار السرد
- خوذة العريف غضبان//مونودراما//
- مواسم الهجرة إلى الأمان


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تحسين كرمياني - الرقيب الداخلي