|
الطائفية بين الواقع الاجتماعي و السياسة الحزبية الضيقة
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2381 - 2008 / 8 / 22 - 09:14
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ليس لاحد ان ينكر ان الواقع الاجتماعي في العراق موزائيكي، فيه من مختلف الاطياف و الاعراق و لكن الوضع الاقتصادي و حال الطبقات متشابهة في جميع الاطياف ، و المستوى الثقافي و السياسي كما هو و ليس هناك فروق في كيفيته و كميته في جميع انحاء العراق . اي الامكانيات و الحالة الاقتصادية للمجتمع بشكل عام من حيث الغنى و الفقر غير منقسم بين طائفة و اخرى و الفروق الطبقية غير متباينة على الاكثر و انما توزعت الى حد كبير بشكل متساوي ، اما الحكام المتعاقبة التي حكمت العراق كانت معاملاتها و حكمها متباينة مستندين على انتمائاتهم الفئوية و هذا ليس بذنب الشعب و انما الفئة المتسلطة اعتمدتها على اساس السيطرة و حماية النفس و هي وزعت الظلم و الغدر بشكل غير متساوي و انما ناصر اخاها في العرق ظالما او مظلوما و هذا ما اثر على طبيعة الحكم، و كل ذلك من اجل السيطرة و القدرة على البقاء في الحكم لمدة اطول. و تغيرت الاحوال من حقبة لاخرى و اختلطت الاوراق و هكذا برزت مشاكل متباينة و كانت الضحايا طوائف و طبقات و الاحتماء بالحلقات القريبة من اخطر الاسباب المؤدية الى الفروقات الحاصلة في الحقوق و الواجبات بين مكونات الشعب، و اخطا الحكام الجدد ايضا في تحليلهم للوضع و قياساتهم لمقدار التباين بين الاطياف و المكونات ، و ارادوا ان يعيدوا النصاب الى وضعها و لكنهم اصلحوا الخطا بالخطا الذريع،و كان المصطلح الاكثرشؤما و سوءا الذي استعمل في تبرير الاهداف و النوايا و الاعمال في سياق تطبيق الية عمل السلطة و الاحزاب المتنفذة و منها بشكل سري و ربما في بعضها من غير قصد هو الاستناد على الطائفية و مغدورية البعض في الحقبات الماضية و قصد اعادة الحق الى اصحابه، مما ادى الى تتفيه الاهداف التي كافح الشعب من اجلها، و احلوا مكانها مجموعة من المفاهيم المستوردة، و لم ينظروا الى الواقع المعيشي لجميع ابناء الشعب منذ عهود ، و لم يعملوا على التساوي و العدالة الاجتماعية كمقياس لتنفيذ الاعمال و الاهداف ، بل تم الفصل بين المكونات نتيجة الصراعات و اثر سلبيا على التعايش و الثقة المتبادلة بين الاطياف و تكونت ثغرات واسعة لا يمكن ردمها بسهولة. هنا يجب ان لا نغمض اعيننا في الواقع المتخلف و ما كان موجودا، و لكن السياسة و التحزب و استعمال الوسائل و الالية غير المناسبة للكسب الحزبي هو من اهم اسباب انتشار الظاهرات غير المالوفة من قبل، بحيث حتى الجيرة و القربى تتعامل مع بعضها في الحالات الاعتيادية و المناسبات استنادا على ما يتبناه الاحزاب و التيارات و الافكار المتقوقعة على بعضها و المؤثرة على الوضع الاجتماعي للشعب و المنتمين اليها ، و هذا من اخطر النتائج التي حصلت عليها الجهات و عملت عليها من اجل نوايا معروفة للجميع و نجحت الى حد كبير. ان الحساسيات التي ابرزها الواقع الجديد بعد سقوط الدكتاتورية اساءت للقضية الرئيسية للشعب العراقي و هي نشر الحرية و الديموقراطية و تحقيق نسبة عالية من العدالة الاجتماعية و رفع المستوى الثقافي و الخدمي لجميع مكونات المجتمع بشكل عام و هو العامل و القاسم المشترك لخدمة جميع الاطياف، و مثل هذه الحساسيات لا تعود بالنفع الا لمن يعمل جاهدا لفرض الاجندات على الموالين و من ثم على الشعب من اجل اهداف سياسية و اثبات الوجود في العراق الجديد، و بفرض هذه الوسائل يعمل على كسب ود بعض المكونات دون الاخر و على حساب الاخر ، و هذه الاستراتيجية تدخل في الخانة التي تخدم الانتهازيين و المصلحيين و الدول التي لها مصالح داخل العراق بشكل عام، فان كان النظام الدكتاتوري يميٍز بين الفئات و الطوائف في ابعادهم عن المواقع الحساسة للدولة و الاعتماد على حلقته الخاصة ، فيجب ان لا يعيد اي كان ما اقترفه النظام السابق و بتغطية اخرى و بطرق و وسائل جديدة و هنا تدخل العقائد و تحل محل الحلقات الموالية ، و هذا العمل و الهدف لا يضر بصاحبه فقط و انما الجميع يكوي ناره في النهاية. على الجميع ان يدركوا قبل الاوان انه عن طريق تجنب الاعمال و الافكار المؤدية الى خدمة التمييز الطائفي العنصري، يمكن ان يخدموا كافة الفئات على حد سواء و ياملوا بناء بلدهم و خدمة اجيالهم المستقبلية، و عدم غرق البلد في الافكار و الاعتقادات البالية. عندما لا ننكر وجود عدة طوائف بين مكونات الشعب العراقي في الاساس ، فهو الواقع الموجود منذ عهود و لكن استغلال هذه الصفات و الانتمائات بين فترة و اخرى من قبل هذا و ذاك و لاهداف متباينة و تدخل جميعها في خانة الاضرار بالشعب ، هو الذي يبرز ما يخفيه الزمن و التاريخ من العوامل السلبية و المفرقة لصفوف المجتمع و الذي يضعف روح العلاقات و يخلق الافكار و الاعتقادات التخلفية بين المكونات و يضرٌ بها، و هذا ما تعمل عليه سياسات البعض و ليس من فعل الواقع . كما نرى وصلت الحال الى ما لا يطاق و اثرت سلبيا على الواقع بشكل جذري على الرغم من ابتعاد الحرب الاهلية شيئا ما الا ان التميز و التعنصر الطائفي الاجتماعي من حيث ترسيخ بعض العادات و التقاليد و تضخيم الفروقات اخطر من الحروب في نخر نفوس المجتمع. و على ما اعتقد، فانه من اليوم و ذاهبا فان من كتم فمه و ربما لخطورة الوضع و لاجل المصالح العامة في وقته و الظروف الخاصة التي مرت بها المنطقة و العراق بشكل خاص و الوضع الداخلي على الاخص، الواقع الجديد يفرض نفسه على الخيرين و في مقدمتهم النخبة المثقفة ان تتكلم وتصرخ عاليا ضد هذه الظاهرات الشاذة و المفروضة سياسيا و عن طريق الوضع الاجتماعي و بطرق سياسية و اجتماعية و تشريعية سلسة و باختلاطها بالعقائد و الشرائع ، و انها مستوردة في اكثرها، و لتكن العلاقات الاجتماعية الثقافية مبنية على المباديء الانسانية و ليست على الافكار البالية و العقائد المستغلة للشعب لاغراض خاصة، و وضع اليوم يطلب من الجميع ان يبدي رايهم فيما نحن عليه لانهكما نرى طفح الكيل و بلغ السيل الزبى.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
محمود درويش شاعر الانسانية انصف الكورد و قضيته ايضا
-
ثقل الكورد في الصراع الدولي و اهميته في قضية كركوك
-
التشاور و التحاور و ليس التحالف المصلحي الضيق
-
الوعي يزيل روح الانتقام من عقلية الشعب بشكل عام
-
الشباب و دورهم في تغيير و تطوير الوضع و الخروج عن المالوف
-
هل المراة قادرة على تحقيق اهدافها العامة لوحدها
-
الاقلام المحايدة مراقِبة للسلطة دائما و ليست موالية لها
-
بدا موسم المزايدات الانتخابية في العراق
-
الانسان اولا هو الشعار الانسب لجميع العراقيين
-
تدهور الوضع العام فرض نقض نظام التخلي عن المواطن
-
تاثيرات الخطاب السياسي و الثقافي على بعضهما في العراق اليوم
-
كيف تواجه المراة التحديات المفروضة عليها في العراق اليوم
-
افتعال ازمة كركوك في هذا الوقت، من اجل اهداف مخفية
-
دور المؤسسات التعليمية في توعية المجتمع
-
في حضرة المسؤول الشرقي المبجل
-
الاعتراف بتقرير المصير للشعوب كحق من حقوق الانسان
-
ما بين مؤتمري نقابة صحفيي كوردستان و العراق
-
مجتمع مدني و فلسفة نظام حكم جديد في العراق
-
نحتاج الى الاشتراكية ام الليبرالية في العراق اليوم?
-
نعم انها انسانة حقا
المزيد.....
-
هل يستفيد الإسلاميون من التجربة السنغالية؟
-
عمارة الأرض.. -القيم الإسلامية وتأثيرها على الأمن الاجتماعي-
...
-
وزير الخارجية الايراني يصل الى غامبيا للمشاركة في اجتماع منظ
...
-
“يا بااابااا تليفون” .. تردد قناة طيور الجنة 2024 لمتابعة أج
...
-
فوق السلطة – حاخام أميركي: لا يحتاج اليهود إلى وطن يهودي
-
المسيح -يسوع- يسهر مع نجوى كرم وفرقة صوفية تستنجد بعلي جمعة
...
-
عدنان البرش.. وفاة الطبيب الفلسطيني الأشهر في سجن إسرائيلي
-
عصام العطار.. أحد أبرز قادة الحركة الإسلامية في سوريا
-
“يابابا سناني واوا” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي ال
...
-
قائد الثورة الاسلامية: العمل القرآني من أكثر الأعمال الإسلام
...
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|