أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - جواد البشيتي - -قضاءٌ- وظَّف عنده -القضاء والقدر-!














المزيد.....

-قضاءٌ- وظَّف عنده -القضاء والقدر-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2357 - 2008 / 7 / 29 - 10:06
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


مَنْ أراد أن يقف على الحقيقة العارية (من كل وهم وخداع وتضليل.. وتجميل) لـ "القضاء"، نظاماً ومؤسَّسات وأشخاص، في عالمنا العربي، فها هي محكمة مدينة سفاجا (جنوب مصر) تُهيِّئ له الفرصة، وتساعده كثيراً.

أعْلَم أنَّ هناك من رجال القانون، المتعصِّبين للقضاء، والمنافحين عن نزاهته وموضوعيته واستقلاله، مَنْ سيعترِض قائلاً إنَّ حُكْم تلك المحكمة، مع حيثياته، يصلح، أو قد يصلح دليلاً، على صحَّة وصدق "الصورة الرمزية" لـ "العدالة (القضائية)"، والتي تَظْهَر فيها تلك العدالة على هيئة شخص معصوب العينين، يُمْسِك بيده ميزاناً تتوازن كفَّتاه، فـ "العدالة" إذا أخذت مجراها الطبيعي والسليم في قضية ما قد تُصْدِر حُكْماً لا يقع موقعاً حسناً من نفوس أُناسٍ كُثْر، فتُبرِّئ فيه مُتَّهماً؛ لأنَّه يستحق التبرئة، وتُجرِّم الضحية؛ لأنَّها تستحق التجريم.

ولكنَّ التاريخ الواقعي للقضاء في عالمنا العربي، الذي فيه من الظُلْم والغبن وضياع الحقوق وفساد العدالة ما يجعله مملكة للاستبداد الشرقي، لا يُثْبِت دائماً إلاَّ شيئاً واحداً هو أنَّ "الفصل بين السلطات الثلاث"، و"استقلال القضاء"، ليسا سوى أُكذوبة وخرافة ووهم خالص، فأصغر عضو في السلطة الفعلية الحقيقية يستطيع أن يُسيِّر رياح العدالة (القضائية) بما تشتهي سفينته، أو "عبَّارته".

كبير المتَّهمين في قضية موت أكثر من ألف مواطن مصري بسبب غرق العبَّارة "السلام 98"، والتي لم يُغْرِقها سوى الفساد، ليس بالمواطن العادي، فهو المالك للشركة التي تملك تلك "العبَّارة"، والذي بفضل ما يملك من مال وثراء ونفوذ اقتصادي اشترى منصب "العضو في مجلس الشورى"، واشترى نفوذاً له بين كبار أعضاء السلطة الفعلية الحقيقة، فمكَّنوه، أوَّلاً، من الهروب إلى بريطانيا، ثمَّ زجوا بكل قواهم في معركة تبرئة ساحته، وكأنَّهم في دفاعهم عنه يدافعون عن أنفسهم، وعن المصالح المشتركة بينهم وبينه، فأنطقوا القاضي، في تلك المحكمة، إذ أروه ما يكفي من "الجَزَر" و"العِصِيِّ"، بما يُبرِّئ ساحته، ويُجرِّم أحد الضحايا وهو رُبَّان العبَّارة الذي اعتقد أنَّه قادر وحده على مكافحة الحريق الذي اندلع فيه، رافضاً، على ما زُعِم، العودة إلى الميناء السعودي الذي منه غادرت العبَّارة المنكوبة، فـ "الحقيقة"، كلها أو معظمها، تسكن دائماً جثَّة القتيل، ولا بأس، بالتالي، من تجريم الضحية، والضحايا جميعاً!

القاضي "المستقل النزيه"، لم يرَ من جريمة في ذلك الذي حدث قبل نحو سنتين، فكيف له، بالتالي، أن يرى مجرماً حقيقياً، أو مجرمين حقيقيين؛ ولقد حَمَلَتْهُ "العدالة"، التي يزنها بـ "ميزان الذهب"، في معناه الحقيقي لا المجازي، على أن يُصوِّر الجريمة على أنَّها "حادث"، تضافر "القضاء والقدر" و"الضحايا" على إحداثه!

وإنْ كان لا بدَّ من "مؤاخَذة" أحد على ما حدث فَلِمَ لا يؤاخِذ ربَّان باخرة أخرى على تقاعسه عن مساعدة تلك العبَّارة عندما أرسلت نداء استغاثة غير مرَّة، فاتُّهِم هذا الربَّان بأنَّه كان "عديم الرحمة"، ثمَّ عوقِب بالسجن ستة أشهر مع تغريمه غرامة قيمتها 1200 يورو.

حتى "العبَّارة" نفسها بُرِّئت ساحتها، فـ التحقيق الفنِّي" أثبت أنَّها كانت سليمة، خالية من العيوب والأعطال، فالحقُّ كل الحقِّ على الضحايا أنفسهم، وعلى ربَّان العبَّارة الذي قضى نحبه وهو يحاول إخماد الحريق، مع التذكير، إنْ نفعت الذكرى، بيد "القضاء والقدر"، الذي هو "موظَّف" عندنا، وظيفته الدائمة هي توزيع "صكوك البراءة"!

الجريمة كانت كبيرة؛ أمَّا "الجريمة الكبرى" فوقعت إذ صَدَر ذلك الحُكْم القضائي، الذي على ما ألحقه بالعدالة والضحايا من ضرر أفادنا كثيراً إذ جاء بمزيد من الأدلة على أن لا معنى لـ "الفصل بين السلطات" و"استقلال القضاء" سوى المعنى الآتي: انفصال واستقلال السلطة التنفيذية، في عالمنا العربي، عن المجتمع والشعب.





#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جريمة في حقِّ -العقل الفلسطيني-!
- تفاؤل رايس!
- ثلاثية -الإيمان- و-العقل- و-المصلحة-!
- -المجلس الأعلى للإعلام- إذ حسَّن -مسطرته-!
- ادِّعاء القدرة على -تثليث الاثنتين-!
- -نور-.. صورتنا!
- رايس تدير الحملة الانتخابية لماكين!
- -أزمة المعلومات- في جرائدنا اليومية!
- -الدولة-.. عربياً!
- -اتِّفاق التهدئة-.. نتائج وتوقُّعات!
- غساسنة ومناذرة ذهبنا إلى باريس!
- تسلُّح مُنْتِج للضعف!
- توقُّع الأسد.. و-مبادرة- فياض
- هل يخضع نفط العرب ل -انتداب دولي-؟!
- بيريز الغاضب على عباس!
- مهاجمة إسرائيل لإيران.. متى تغدو حتمية؟
- خبر له وقع الصاعقة.. من -فينيكس-!
- من أجل صحافة على هيئة -منشور زجاجي-!
- مدراء وموظَّفون!
- لماذا تردُّ طهران على -التهويل- ب -التهوين-؟


المزيد.....




- نادي الأسير الفلسطيني: عمليات الإفراج محدودة مقابل استمرار ح ...
- 8 شهداء بقصف فلسطينيين غرب غزة، واعتقال معلمة بمخيم الجلزون ...
- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - جواد البشيتي - -قضاءٌ- وظَّف عنده -القضاء والقدر-!