|
في حضرة المسؤول الشرقي المبجل
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2355 - 2008 / 7 / 27 - 11:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بداية و بشكل عام، ليس هناك مسؤول صاحب سلطة في شرقنا هذا قاطبة الا و يعتبر نفسه آمرا و ناهيا و قائدا و ليس غيره (الناس و العامية) الا مطيع لما يصدر منه و من سلطته المتنفذة و من يمثلها سواء كان صائبا في اوامره و تقديراته او مخطئا في حساباته الى اخر حد، حتى ولو كان ارائه و قراراته ضاربا المصلحة العامة بعرض الحائط ،والغريب في الامر ان بعضهم يعامل المواطن كقطيع من الاغنام معتمدا في اكثر الاحيان على مزاجه الشخصي لانعدام المؤسسات المحددة لسلطته و مدى مساحة صلاحياته . يمكننا ان نحدد الاسباب و العوامل الرئيسة لصدور هكذا افعال من قبل من كان له صفة و رتبة في السلطة، و اولها المستوى الثقافي العام للمجتمع و الفرد، بما فيه المسؤول و ماهيته الخلقية و العلمية او النفسية و فكره و ايمانه بعمله على وجه الخصوص، ومن ثم الطبيعة الاجتماعية و مكونات المجتمع الذي تربى فيه و مضامين حالته الاجتماعية و ما يسيطر عليها من العاداة و التقاليد و ما يجبر المسؤول على اتباعها مستندا على خلفيته الثقافية الاجتماعية و التناقضات المسيطرة على سلوكه استنادا على ما حلله الدكتور علي الوردي في بحوثه المتعددة عن الشخصية العراقية و ما يتطابق مع الشخصية الشرقية بشكل عام و بدقة متناهية . و اهم جوانب تحديد الشخصية هو الوضع الاقتصادي و امكانيات الفرد المسؤول لمداراة مريديه، اما مقدار او مساحة الخدمة التي يقدمها او امانة المسؤولية التي تقع على عاتقه ، لا تقع ضمن معايير تقييمه لمعرفة مستوى نجاحه في عمله و قدرته و كمية و كيفية انتاجه الا نادرا جدا . لذلك يمكننا بشكل عام ان نعلن صراحة ان نوعية السلطات و الحكومات و المسؤولين يمكن تقييمها بدراسة الوضع الاقتصادي الاجتماعي الثقافي للمجتمع ، ومن الايجابي الاعتماد على المتغيرات المنظورة و ما يواكبها في المنطقة من المؤثرات العالمية و الاعتماد الكلي على المؤسسات و العقول و الاراء الجماعية في تحديد مساحة السلطات و الصلاحيات عبر العملية الديموقراطية و القناعات المشتركة ، لا عن طريق الهيمنة و العنف و التهديد المفرزة و المنتجة اصلا للاساليب التسلطية البوليسية في اكثر الاحيان . ان القائد او المسؤول المتربى في خضم الصراعات الاجتماعية الاقتصادية الثقافية الشرقية يكون ذا ذهنية غير خالية من العصبية و الانانية و حب الذات و العنف، ولذلك يمكننا القول بان الحل ربما يكمن في تطبيق التزاوج و الاختلاط التام بين الثقافات و المباديء الغربية و الشرقية في عالم اليوم من خلال اتباع الديموقراطية و الحرية الكاملة كسلوك للفرد و المجتمع، وهو طريقا لبناء المؤسسات الديموقارطية و المدنية من اجل الخدمة العامة . عندئذ يمكن القول اننا نعمل من اجل تغيير الممارسات الفردية او الطائفية للنفوذ و السيطرة عند المسؤول و القائد بحيث نمنعه من السعي في ترجمة سلطته الى نفوذ اجتماعي و الاستفادة الفردية الذاتية للاستحواذ على مراكز مرموقة بين ابناء الشعب و ان كان غير مؤهلا لذلك معتمدا على امكانياته التي وفره له موقعه و مستغلا مكانته في السلطة و مستاثرا بالمسؤلية، وبه يتحول صفة الولاء و المريدية الى احترام القانون و حب الوطن بعيدا عن الفساد الاداري . كل ذلك يمكن ازالته و الغاؤه و العمل بشكل طبيعي مؤسساتي عصري لو بدانا بوضع الحجر الاساس لحكم القانون و احترام حقوق المواطن و الوطن و المصلحة العامة و تطبيق الصيغ التقدمية في الثواب و العقاب للمسؤول و المواطن على حد سواء استنادا على القيم الانسانية بعيدا عن التعصب و الانانية، وفي مقدمة الاعمال في هذا المجال هو توفير متطلبات الحياة للمسؤول صاحب الموقع الحساس و تحديد الصلاحيات و وضع عقاب رادع لكل سلوك مسيء لموقعه كشخصية عامة، وتطبيق القانون بشكل دقيق هو العامل الحاسم و هو الخط الاحمر امام اي تجاوز، و عليه كلما كان موقع القائد او المسؤول اعلى يجب ان يكون تضحياته و تحمله اكبر و عمله يكون بمقدار مسؤوليته و اسمى من محاولته الفردية لامنياته و يجب ان يكون عقابه على الجرائم و الاخطاء اشد وليس العكس كما يطبق الان لاعتبارات عدة ، والقانون هو السد المنيع للتسلط و الهيمنة بشكل قاطع، و بالقانون وحده يُحدد اطر تصرفات المسؤولية معتمدا على الصلاحيات التي يحددها لا على العصبية و الملك و المكانة الاجتماعية الاقتصادية . اول الواجبات المهمة لمرحلة ما بعد الدكتاتورية هو نزع عقدة السيطرة و التملك و التسلط و التكبر و الانانية و حب البروز و تكوين المنزلة الاجتماعية و السطوة الخاصة و الفردية في القرارات ، و من ثم الانطلاق بالمرحلة و الحياة التقدمية و الديموقراطية و حكم القانون، وفي هذه المرحلة البدائية تتطلب منا العمل على الاهتمام جديا بالخدمة العامة و مسحو استئصال الاساليب و السلوك المتراكمة من العهود السابقة و في مقدمتها منع المراسيم البذخة المتوارثة المستمرة لحد اليوم و التي تتنافس عليها الدوائر الرسمية و المسؤولين من اجل المصالح الخاصة و التملق للمسؤول الاعلى و بالاموال العامة و يكون الترف و التبذير على حساب المواطن الاعتيادي بعيدا عن الخدمة الحقيقية العامة للمجتمع، و للاسف تشارك الوسائل الاعلام في هذا المضمار و تعطي صفات الالوهية للشخصيات السياسية و الحكومية ، و عليه يجب قطع دابر هذه الاساليب المتوارثة الضارة ، لينطق القانون و العدالة و الديموقراطية و الصالح العام كلمتهم.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاعتراف بتقرير المصير للشعوب كحق من حقوق الانسان
-
ما بين مؤتمري نقابة صحفيي كوردستان و العراق
-
مجتمع مدني و فلسفة نظام حكم جديد في العراق
-
نحتاج الى الاشتراكية ام الليبرالية في العراق اليوم?
-
نعم انها انسانة حقا
-
الاحساس بالاغتراب رغم العيش بحرية في الوطن
-
الشعب العراقي بحاجة الى الحب و الحرية و الحماس و الحكمة في ا
...
-
من هم دعاة حقوق و حرية المراة؟
-
حذار..............مازال امامنا الكثير
-
التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان استنادا الى قرارات محكمة د
...
-
سالني استاذي عن جاويد باشا
-
ما دور اقليم كوردستان في دعم استتباب الامن و ترسيخ السلم الع
...
-
من اجل قطع دابر الدكتاتورية في العراق
-
المجتمع العراقي بحاجة ماسة الى ثقافة السلام
-
من اجل اجتثاث ظاهرة التهجير من جذورها
-
المجتمع العراقي بحاجة ماسة الى ثقافة الحوار
-
اين اليسار الكوردستاني في الوضع الراهن
-
العراق و ثقافة الخوف
-
الجوع يفتت وحدة الارض و يمزق اوصال الشعب
-
من يفوز في مرحلة مابعد الراسمالية
المزيد.....
-
لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار
...
-
حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب
...
-
جهاز كشف الكذب وإجابة -ولي عهد السعودية-.. رد أحد أشهر لاعبي
...
-
السعودية.. فيديو ادعاء فتاة تعرضها لتهديد وضرب في الرياض يثي
...
-
قيادي في حماس يوضح لـCNN موقف الحركة بشأن -نزع السلاح مقابل
...
-
-يسرقون بيوت الله-.. غضب في السعودية بعد اكتشاف اختلاسات في
...
-
-تايمز أوف إسرائيل-: تل أبيب مستعدة لتغيير مطلبها للإفراج عن
...
-
الحرب الإسرائيلية على غزة في يومها الـ203.. تحذيرات عربية ود
...
-
-بلومبيرغ-: السعودية تستعد لاستضافة اجتماع لمناقشة مستقبل غز
...
-
هل تشيخ المجتمعات وتصبح عرضة للانهيار بمرور الوقت؟
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|